تطبيق «خرائط غوغل» الجديد لـ«آي فون».. مزايا مدهشة

أداة فعالة دقيقة ورائعة

TT

لقد كان حدثا تقنيا كبيرا للعام الحالي. ففي سبتمبر (أيلول) الماضي قررت «أبل» أن تتخلى عن عقدها مع «غوغل» التي كانت تقوم دائما بتوفير المعلومات والبيانات لتطبيق الخرائط في هاتف «آي فون». فلأسباب استراتيجية متعددة قررت «أبل» كتابة تطبيق جديد يعتمد على قاعدة بيانات جديدة للعالم، كانت «أبل» تنوي أن تجمعها بنفسها.

والكل بات يدرك الآن أن «أبل» أضاعت طريقها، مما دفع تيموثي كوك كبير مديري «أبل» إلى القيام بالتفاتة سريعة اعتذر علانية خلالها، بحيث طرد المدير المسؤول عن ذلك، متعهدا إصلاح الأمر. وبالنسبة إلى شركة تفتخر بأنها خالية من الأخطاء كان هذا الأمر تراجعا كبيرا.

وراجت الشائعات بأن «غوغل» ستقوم بإنتاج تطبيق لـ«آي فون» خاص بها، مستخدمة بياناتها القديمة التي مضى عليها سبع سنوات، لكن بحلة جديدة مهذبة مصقولة تشمل العالم برمته. وكان الأمر صحيحا، فقد وصلت اليوم «خرائط غوغل» الخاصة بـ«آي فون»، وهي مجانية وسريعة ورائعة.

وحاليا هناك جزآن لتطبيق الخرائط الكبير. فهناك التطبيق ذاته وكيف يبدو، وكيف يعمل، وما هي مزاياه. وعلى هذا الصعيد اشتكى القليلون حول هذا التطبيق. فقد بدا جميلا، كما بدا نمط الملاحة به الخاص بسائقي السيارات، واضحا جليا، لا يشتت الفكر والتركيز.

* خرائط متميزة

* وهناك أيضا الجزء المهم، وهو البيانات الضمنية الأساسية، فقد قامت كل من «أبل» و«غوغل» بتأسيس قاعدة بيانات مذهلة ومعقدة للعالم وطرقاته.

وضمت الوصفة السحرية لكلتا الشركتين بيانات للخرائط من «توم توم»، وصورا من الأقمار الصناعية من مصدر مختلف، وبيانات لحركة المرور في الزمن الحقيقي، مع قوائم للمطاعم والمحلات وهكذا. وفي نهاية المطاف تقول «أبل» إنها جمعت معلوماتها من 24 مصدرا مختلفا على الأقل.

ومثل هذه المصادر تتضمن دائما أخطاء، لكون العالم يتغير باستمرار. والأسوأ من ذلك، فإن المصادر هذه لا تتفق فيما بينها أحيانا. فقد تستغرق الأخطاء سنوات لإصلاحها، وبالتالي جمع مصادرها سوية.

لذا فإن الأمر الأول الكبير حول خرائط «غوغل» الجديدة هذه هي البيانات الضمنية الأساسية. فقد قضى مئات من موظفي «غوغل» سنوات في تحرير هذه الخرائط يدويا، وفي إصلاح آلاف الأخطاء التي يصرح الناس عنها يوميا (في التطبيق الجديد تجري الإفادة عن الأخطاء عن طريق رج الهاتف). ومنذ عام 2006 قامت مركبات «غوغلس ستريت فيو» لتصوير الشوارع والطرق بتغطية 3000 مدينة، وتصوير خمسة ملايين ميل من الطرق، وتأكيد دقتها الجيوغرافية.

ويمكن تحسس التهذيب والصقل الجديد للتطبيق والشعور به في اللحظة التي تدخل فيها العنوان الأول. فهو متفهم لأبعد الحدود. فلدى طباعتي العنوان، قامت «خرائط غوغل» (غوغل مابس Google Maps) بإسقاط دبوس في المكان الذي أقطن فيه، على عكس ما كان يحدث سابقا مع تطبيق «خرائط أبل» (أبلس مابس) الذي كان يتصرف أحيانا من دون وعي.

وجاءت بعد ذلك عملية الملاحة. فقد أفاد الكثيرون من مالكي «آي فون» أن لا مشكلة لهم مع تعليمات وإرشادات القيادة في «أبل». وكان هذا شيئا جيدا، لكنني وجهت إلى الاتجاه الخاطئ مرات عدة. والمشكلة هنا أنك لا تدرك ذلك سلفا. كما وأن توجيهات «غوغل» لم تكن جيدة هي الأخرى في الأيام الأولى من التطبيق. وهي لا تزال أحيانا ينقصها الكمال. لكن بعد سنوات من الصقل والتهذيب والتصليح، باتت صحيحة في غالبية الحالات.

والمميزات الضرورية متوفرة كلها هنا، مثل توجيهات القيادة الناطقة، وأوضاع حركة السير بالرموز الملونة في الزمن الحقيقي، والخرائط بأسهم توجيه. لكن التطبيق الجديد يقدم أيضا بعض الميزات القوية والمفيدة أيضا التي تنقص تطبيقات «أبل».

* سياحة ونقل

* ويتيح لك مشهد أو منظر الشارع أن ترى صورة المكان، وحتى السير فيه نزولا وصعودا بأي اتجاه. وهذا مفيد جدا في الكشف عن الجوار، قبل الشروع بالسير، مستكشفا أيضا مواقف السيارات، أو تشغيل «أنت هناك» you are there لدى الاطلاع على مقالة إخبارية. وإلى جانب توجيهات القيادة، تشدد «خرائط غوغل» على توجيهات السير على الأقدام، وخيارات النقل العام.

وهذه الميزة معدة بشكل جيد جدا. إذ تقوم «غوغل مابس» بعرض جدول زمني خطوة خطوة لمغامرتك مع النقل العام، مبينة وقت تحرك كل وسيلة من وسائل النقل وتوقيتها مع المحطات التي ستمر بها وهكذا. ويرافق كل ذلك هو أن تطبيق «خرائط غوغل» هو من أفضل التطبيقات إطلاقا.

كما أن من الأمور الممتازة في التطبيق هذا المناطق السياحية المثيرة للاهتمام. ومثال على ذلك، إذا رغبت في العثور على مطعم يمكنك قراءة التوصيات بهذا الشأن، وتعليقات الزبائن عليه، والاطلاع على قائمة الطعام، وحتى حجز مائدة للعشاء، كل ذلك على شاشة المعلومات. وحتى هناك 100 مطعم يمكن رؤية صور داخلية لها. وعن طريق النقر على زر واحد يمكن الشروع برحلة الملاحة إليه. ويتيح نمط البوصلة إمساك الهاتف أمامك، وأنت تسير يسارا ويمينا، صعودا ونزولا، بحيث تتغير المشاهد المعروضة عليك وفقا لذلك، مما ييسر النظر حولك.

وتمكنت «غوغل» حتى من إدخال «غوغل إيرث» بنموذجها الفوتوغرافي التكبيري والتقريبي للعالم كله ومحيطاته وقاراته. فقد ترغب مثلا معرفة موقع عمارة ما في دبي بالنسبة إلى مدينة أو عاصمة مثل بيروت وهكذا.

نعم هناك الكثير من المميزات والخاصيات التي استطاعت «غوغل» حشرها، من دون جعل التطبيق يغرق في التفاصيل. وتبين لاحقا أن هذا الأمر كان الأفضل على صعيد إعادة التصميم الجديد كليا في إطار من النحافة والصغر والتماسك. إذ تقر «غوغل» أن هذا الإنجاز كان أفضل من «خرائط غوغل» الخاص بهواتف «أندرويد».

ومبدأ البرنامج الجديد هذا يعمل عن طريق مسح الإصبع أفقيا. فإذا رغبت في التخطيط إلى رحلة تقوم الخرائط بعرض الطرق الممكنة على الخريطة، مع بيرق في الأسفل يقوم باختصار حركة السير الحالية، والوقت اللازم لبلوغ الوجهة المطلوبة. قم بمسح البيرق هذا لرؤية الطريق المقترح التالي.

فإذا بحثت عن مطاعم إيطالية مثلا يقوم البيرق بعرض أسعاره وتقييمات زبائنه، ومسحة الإصبع التالية ترينا تفاصيل المطعم التالي، وهكذا. كذلك لدى القيام بالملاحة، تظهر التعليمات والإرشادات على شاكلة بيرق أخضر. قم بمسحه بالأصبع للاطلاع على التعليمات التالية.

والخرائط تلف صعودا ونزولا بسرعة وسلاسة، وبمشهد ثلاثي الأبعاد، مما تجعلك تشعر أنك تنظر إلى العالم من الطائرة، كما أن أسماء الأماكن وحجم الأحرف المكتوبة بها تسهم أيضا بزيادة الشعور بالمنظور، فهي تتحول إلى الصغر كلما ابتعدت عن ناظريك.

* مآخذ على الخرائط

* لكن مع كل ذلك هناك بعض الملاحظات، وأولها التكامل مع «سيري». فإذا أمرت «آي فون» بالقول: «وجهني إلى المطار» يقوم تطبيق «خرائط أبل» أوتوماتيكيا بالانفتاح أوتوماتيكيا على شكل مخطط خرائطي. لكن في «خرائط غوغل» ينطوي الأمر هذا على أكثر من خطوة. فرغم كل التصميم المتفوق لنسخة «آي فون» من «خرائط غوغل» ومرونتها، إلا أنها تنقصها جميع مميزات نسخة «أندرويد». ومع ذلك لا تتيح لك تنزيل الخرائط وحفظها لاستخدامها، عندما لا يتوفر لك تواصل مع الإنترنت. كما تنقصها الخرائط الداخلية للمتاجر الكبرى والمطارات على سبيل المثال. وأخيرا فإنه على الرغم من أن «خرائط غوغل» تعمل جيدا على «آي باد»، فإنها مجرد نسخة مكبرة منفوشة عن نسخة «آي فون»، فلا يوجد حتى الآن تطبيق مخصص لـ«آي باد».

وتقول «غوغل» إن المميزات هذه ستتوفر قريبا، لكنه مع وجود تطبيق 1.0 الذي أنتج خلال شهور قليلة فقط، فإن «خرائط غوغل» الخاصة بـ«آي فون» هي أداة فعالة للغاية، ودقيقة، ومدهشة، وهي بالنسبة إلى الملايين من مالكي «آي فون»، تعتبر دفعا بالاتجاه الصحيح.

* خدمة «نيويورك تايمز»