تقنيات «الحضور المرئي».. مؤتمرات افتراضية بين أرجاء العالم

«تيليبرزينز» توفر مشاهد تفصيلية تندمج بشكل مدهش مع بيئة العمل

TT

مع تردي الوضع الاقتصادي الحالي، فليس من العجب أن يقوم كثير من الشركات بتقليص ميزانيات السفر. لكن المسؤولين في شركة «ميتلايف» للتأمين يقولون إنهم يركزون جهودهم أيضا على تأمين «جودة الحياة» لموظفيها مع إبقائهم في منازلهم بالقدر المستطاع. ونتيجة لذلك، فإن هذه الشركة خطت خطوة كبيرة في اتجاه استخدام تقنية «اجتماعات الفيديو»، أو الحضور المرئي (تيليبرزينز). وتقدم هذه التقنية تجربة فيديوية كبيرة، إذ إنها تؤمن إجراء اتصالات مرئية وصوتية عالية الوضوح والتحديد في بيئة متكاملة تماما. والهدف من وراء ذلك جعل جميع المشتركين في هذه الاجتماعات من جميع الأطراف يشعرون كما لو أنهم في قاعة واحدة، بغض النظر عن مكان وجودهم الحقيقي.

ولتحقيق ذلك تستخدم «ميتلايف» نظام «تيليبرزينز» TelePresence من «سيسكو» في ثلاث قاعات للمؤتمرات مكرسة لذلك في شيكاغو ونيويورك ونيوجيرسي، كما ترمي هذا العام إلى توسيع هذه الخدمات إلى مكاتب أخرى داخل الولايات المتحدة وخارجها، وإن كانت غير متأكدة من عدد المكاتب التي ستستخدم هذه التقنية.

ويقول أنطوني نيوجينت نائب الرئيس التنفيذي لـ«ميتلايف»: «بدلا من إبعاد الموظفين عن عائلاتهم، يمكن اصطحابهم إلى القاعة وإضاءتها وعقد اجتماع مدته ثلاث ساعات تقريبا ليكون فعالا جدا»، وهو يقوم بشكل منتظم باستخدام «تيليبرزينز» للتواصل مباشرة مع موظفيه الآخرين في شيكاغو وسومرسيت في ولاية نيوجيرسي، بحيث يكون الوضوح على درجة عالية جدا «حتى إنه»، يقول ضاحكا «إنه يخيل لك إمكانية تمرير زجاجة الكولا عبر الطاولة من جهة إلى أخرى».

* أبعاد تقنية ومالية

* وقد اكتشفت «ميتلايف» أنها تمكنت من توفير كثير من النفقات مع كفاءة أكثر على صعيد استغلال وقت الموظفين، وبالتالي مساعدة الشركة على مواجهة أهدافها الخضراء الصديقة للبيئة، عن طريق تقليل انبعاثات الكربون بنسبة 20 في المائة في العام الحالي، استنادا إلى نيوجينت. ووفقا للأسلوب الذي يجري فيه تسويق النظام، هناك خط فاصل غير واضح بين مؤتمرات الفيديو عالية التحديد والوضوح، وخدمة «تيليبرزينز» المباشرة. فبعضهم يدعو الشاشة المفردة على أنها نظام «تيليبرزينز» عالي الوضوح للمؤتمرات الفيديوية، كما تقول روبام جاين المحللة في «فروست آند سوليفان»، الشركة الاستشارية في شيكاغو، في حديث لها لمجلة «كومبيوتر وورلد» الإلكترونية. في حين يعرف الآخرون «تيليبرزينز» على أنها نظام بشاشات متعددة بتنظيم وفقا للطلب.

وفي الواقع تستخدم «تيليبرزينز» التقنية الأساسية ذاتها مثل تقنيات مؤتمرات الفيديو، كما يقول إيرا وينشتاين كبير المحللين في «واينهاوس ريسيرتش» التي مقرها ولاية أتلنتا. والفرق بين الاثنتين كما يقول، هو أن الفيديو في «تيليبرزينز» قد رفع إلى مستوى أعلى من الخبرة، مع توفير اهتمام أكثر بالتفاصيل والبيئة وأسلوب الاستخدام. ونظام «تيليبرزينز» في حده الأدنى ينبغي أن يشتمل على شرائح إلكترونية لتحويل المعلومات (تسمى codecs)، فضلا عن أجهزة ومعدات لضغط البيانات ثم إعادتها، وكاميرات، وشاشات، والأمر الآخر هو الذي يدعوه وينشتاين واجهة استخدام «تيليبرزينز»، أو المحرك. وأضاف أن الشاشة الواحدة تعمل جيدا، وفقا لخبرة الشركة التي تديرها.

* مشهد عمل مندمج

* ولدى الدخول إلى استوديو «تيليبرزينز» ستجد هناك طاولة عادية نموذجية للمؤتمرات، إلى جانب شاشتين كبيرتين مسطحتين تملآن المحيط الطرفي لنظرك، مما يجعل دماغك يرى ذلك، أو المشهد الظاهر عليها، كما لو أنه جزء من القاعة ذاتها. كل هذا للاحتيال على دماغك، وجعله يعتقد أنه في اجتماع شخصي. و«كل هذه الحلول خاصة بالاجتماعات التي تعقد وجها لوجه، من دون الحاجة إلى ركوب الطائرة خلال فترة تبليغ لا تتعدى أحيانا الخمس دقائق»، وفقا لوينشتاين.

ويزداد استخدام كل من «تيليبرزينز» ومؤتمرات الفيديو عالية التحديد والوضوح بشكل مضطرد، على الرغم من التكلفة العالية. إذ قد تتراوح أسعار «تيليبرزينز» بين 100 ألف و400 ألف دولار لتأسيس استوديو كامل. وهناك أيضا رسوم شهرية زيادة على ذلك، تتراوح بين عدة آلاف من الدولارات، و18 ألف دولار وفقا لمستوى الخدمة وكمية النطاق العريض المطلوبين. وعلى سبيل المقارنة، حتى نظم مؤتمرات الفيديو عالية الوضوح والتحديد تكلف أقل من ذلك بنحو ستة آلاف دولار ليس أكثر. ونظرا للاختلاف الكبير في التكلفة بين النظامين، فإن نظم «تيليبرزينز»، بما فيها «سيسكو سي بي إس 3000» و«هالو» من «هيوليت – باكرد»، و«وتيليريس 6 جي» و«إتش دي إيكس 7000» و«9004» من «بوليكوم»، موجهة إلى الشركات الكبيرة التي تعاني من نفقات سفر عالية جدا. أما الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم وفروع المصارف، فهي تنزع أكثر إلى نظم مؤتمرات الفيديو.

ولكن كيف تعقد مثل هذه المؤتمرات الافتراضية المنتجة؟

قد يراودك الاعتقاد بأن مجرد رؤيتك لشخص آخر بعيد عنك بوضوح تام، قد يجعلك تسترعي انتباهه تماما لأنه لا يستطيع هنا الحديث مع الآخرين، أو إرسال البريد الإلكتروني أثناء الحديث معه. ولكن هذا غير صحيح أحيانا. لذلك يقدم مايك سونغ المدير التنفيذي لموقع «إنفوإكسيلنس دوت كوم»، الذي هو شركة إنتاج تجارية مقرها غيلفورد في ولاية كونتيكيت، بعض النصائح لضمان أن تكون الاجتماعات مثمرة وفعالة.

وأول هذه الإرشادات هو أن عليك محاولة التفاعل مع الذين تجتمع إليهم كل خمس دقائق عن طريق طرح سؤال عليهم، مع إيجاد دور لكل منهم. وحاول أن تحول الاجتماع إلى فعالية نشيطة عن طريق تنفيذ أحد الأمور الإدارية فورا، التي يجرى بحثها عن طريق استخدام كومبيوترات «لابتوب» أثناء الاجتماع، بدلا من الرجوع إلى تلك الأمور بعد ذلك.

وكن حاسما لدى اتخاذ القرارات ليصبح المجتمعون أكثر انخراطا في العمل عن طريق وضع جدول أعمال للحصول على زخم أفضل. وقم بتسجيل القرارات والتوصيات التي تتوصلون إليها على الورق للتأكد من ملاحقتها وتنفيذها فورا بعيد الاجتماع. وتقول المحللة جاين إن سوق «تيليبرزينز» بلغت 350 مليون دولار في عام 2008. وتتوقع أن ينمو هذا القطاع إلى ما يفوق 1.7 مليار في عام 2014. وفي المقابل بلغت سوق مؤتمرات الفيديو وخدماتها في عام 2008 نحو 1.9 مليار دولار. وحاليا فإن أكثر من 60 في المائة من نظم مؤتمرات الفيديو المباعة هي تلك المصممة بتقنيات الوضوح والتحديد العاليين.

وتمضي جاين قائلة إن «التوقعات كانت تشير إلى أن (تيليبرزينز) كانت ستتلقى ضربة نظرا للركود الاقتصادي والانكماش في الميزانيات، لكننا ما زلنا نرى نموا في أرقام مبيعات (تيليبرزينز)». والشركات والهيئات تنظر إلى التقنيات التي تساعدها في الوقت الراهن على تقليص ميزانيات السفر، وبالتالي ترغب في تقنيات فعالة للتواصل مع الفرق والجماعات عبر البحار. والمبادرات الخضراء الصديقة للبيئة تدخل في هذا القطاع أيضا. من هنا فإن «تيليبرزينز» شرعت تنمو بسرعة بعدما بدأت صغيرة، وهي لم تحتل بعد حصة الأسد في السوق، كما يقول وينشتاين.

* استخدام متزايد

* واستنادا إلى بول غالفن نائب رئيس الخدمات الدولية في «ميتلايف» فإن نظم «سيسكو» الثلاثة من «تيليبرزينز» كلفت أقل من مليون دولار لتركيبها. ويقول نيوجينت إنه يستخدم كلا من مؤتمرات الفيديو و«تيليبرزينز» وفقا لحاجاته. والأولى هي اختيار أفضل بالنسبة لاجتماعات الفرد بالفرد الآخر وتقديم العروض، لكن الثاني مثالي عندما يكون الموظفون موزعين في مكاتب متعددة ومختلفة. و«(تيليبرزينز) تتيح لي التواصل وجها لوجه مع مجموعة أوسع، بحيث يمكنني التعرف على الأشخاص بصورة أفضل» وفقا لنيوجينت. فهو يدير مؤسسة موزعة على طول البلاد وعرضها، بحيث يمكن للموظفين البقاء في مكاتبهم والتواصل مع بعضهم بعضا في الوقت ذاته. وتدرس «ميتلايف» مسألة وضع نظام «تيليبرزينز» في مصنعها في الهند لتفادي سفر الموظفين إلى هناك. كما تدرس الانتفاع من هذا النظام أيضا بالنسبة لموظفي المبيعات الموزعين هنا وهناك. كما أن مثل هذا النظام يوفر في الزمن الذي تستغرقه الرحلات التي تكون عادة مرهقة خاصة في الليل حتى لا تتعارض مع دوام الموظفين. فهي توفر لهم فعالية عقد الاجتماعات مع الآخرين، والرجوع إلى منازلهم وأسرهم في الوقت ذاته.

وتستخدم «لاثروب آند غايج» وهي مؤسسة قانونية نظامي مؤتمرات الفيديو عالي الوضوح و«تيليبرزينز» في الوقت ذاته، بحيث يعقد الموظفون أكثر من 300 اجتماع شهريا في مقرها في كنزاس سيتي. ويستخدم الموظفون البالغ عددهم 600 شخص نظامي «إتش دي إكس 7000» و«9004» من إنتاج شركة «بوليكوم»، وجهاز «وان» من «ريفربيد تكنولوجي» المركبة كلها في ست غرف مخصصة لذلك. وهناك أيضا نظام واحد على الأقل في مكاتبها العشرة الأخرى الموزعة في أنحاء البلاد. وعن طريق استخدام مزية «هالو مالتبيل بوينت» متعددة المراكز من إنتاج شركة «هيوليت باكرد» يمكن للمشتركين في الاجتماعات التواصل من أمكنة متعددة حول العالم في الوقت ذاته. وهذا أفضل بكثير من استخدام الهاتف طبعا، كما يقول المدير التنفيذي لـ«ميتلايف» جويل فوران الذي يستخدم النظام ثلات مرات أسبوعيا. وهو معجب جدا بوضوح الصورة والصوت بحيث يمكن حتى رؤية العلامات التجارية للمنتجات المختلفة التي يحملها المجتمعون ويعرضونها.

ويمكن التمييز بوضوح بين مؤتمرات الفيديو و«تيليبرزينز» عن طريق حجم الشاشات. فالقاعات المزودة بشاشات 50 بوصة فما فوق، التي تستخدم كاميرات عالية الجودة والوضوح، هي من النوع الأخير. وشركة «تاج» للفنادق والمنتجعات والقصور التي تمتلك 77 فندقا حول القارات الخمس، التي مقرها مومباي بالهند، تلجأ إلى هذه الوسيلة للتواصل إداريا بين هذه الفنادق، خاصة أنها في طور التوسع حاليا.