الفتق عند السيدات.. حالة صعبة التشخيص

يكون صغيرا وباطنيا وغير ظاهر ومؤلما

TT

كانت لورا سويت (42 عاما) سيدة نشيطة تعمل في مجال المبيعات تقيم في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا عندما شعرت بآلام مبرحة للمرة الأولى في عظام الحوض استمرت لأيام وبشكل دوري. ودفعها الشعور بعدم الراحة إلى زيارة قسم الطوارئ لمرات كثيرة وإحالتها إلى عدة اختصاصيين وتم تشخيص حالتها على نحو غير صحيح عدة مرات وكانت تتناول مجموعة متنوعة من المسكنات يوميا.

وتحول مزاجها المتفائل إلى مزاج كئيب وتراجع نشاطها بحيث أصبحت تمشي يوميا لمدة 20 دقيقة فقط. عندما لم توضح التحاليل التي أجرتها سبب هذه الحالة، قال لها الطبيب إنها تعاني من ألم مزمن في الحوض وعليها التعايش معه.

* فتق غير ظاهر

* هذه القصة المحزنة ما هي إلا قصة من بين قصص كثيرة مماثلة لعدد كبير من السيدات اللاتي يعانين من فتق بطني غير ظاهر والتي لا يكتشفها أكثر أطباء النساء والتوليد والجراحين.

وعلى عكس الفتق لدى الرجال الذي يعد أكثر شيوعا، عادة ما يكون الفتق لدى النساء صغيرا وباطنيا، ونادرا ما يكون واضحا. ويمكن أن تشير تلك الأعراض المصاحبة له إلى الإصابة بأمراض أخرى مثل حويصلات المبيض أو الورم الليفي أو داء بطانة الرحم أو التصاقات ناتجة عن عمليات جراحية سابقة، لكن علاج تلك الحالات جراحيا لا يزيل الألم.

تقول ديبورا ميتزيغار، طبيبة النساء والتوليد في لوس ألتوس بولاية كاليفورنيا، المتخصصة في الآلام المزمنة في الحوض: «بشكل عام تخضع السيدات لأربع عمليات جراحية وربما أكثر قبل اكتشاف السبب الحقيقي للألم».

* مشكلات التشخيص

* عندما تتمدد المرأة عند فحصها من قبل الطبيب تختفي أعراض الفتق. ونادرا ما توضح الأشعة بالموجات فوق الصوتية المشكلة الحقيقية. ونظرا لعدم التوصل إلى تشخيص دقيق للحالة، كثيرا ما يتم إحالة المرضى إلى اختصاصيين في الآلام وأطباء نفسيين.

يمكن أن يستغرق اكتشاف المرض وعلاجه في كثير من الحالات سنوات. وأوضحت ديبورا في مقابلة أنه يتم تشخيص حالات 8 في المائة من السيدات فقط بأنه فتق، حيث لا يخطر الفتق ببال الأطباء الذين يفحصون سيدات يعانين من آلام في الحوض.

لكن بعد 18 شهرا من العذاب، حالف لورا الحظ أخيرا، حيث دفع حدس طبيبة في الأمراض البولية والتناسلية في مركز «سيدارز سيناي» بلوس أنجليس إلى اكتشاف أنها تعاني من فتق وأحالتها إلى زميلتها شيرين توفيق، اختصاصية الفتق في الولاية.

* علاج ناجح

* أوضحت أشعة الرنين المغناطيسي وجود فتقين أربيين (قرب الفخذ) inguinal hernias وهما عبارة عن ثقوب صغيرة في طبقة من العضلات يمكن أن تتسرب من خلالها الدهون الموجودة في منطقة البطن وتضغط على الأعصاب مسببة ألما شديدا. وعالجت الطبيبة شيرين توفيق الفتقين في عملية بالمنظار استغرقت أربع ساعات. وقالت لورا في مقابلة: «عدت إلى ممارسة التمرينات الرياضية في غضون أسبوع والمشي السريع بعد ذلك بعشرة أيام. كل شيء على ما يرام الآن وكأن شيئا لم يكن».

والفتق هو بروز النسيج من جدار الجزء الذي يحتويه وهو ما يكون بسبب وجود ثقب أو ضعف في جدار عضلات البطن. أوضحت شيرين توفيق، المتخصصة في الجراحة العامة التي تدرب أطباء آخرين في جراحة المناظير، أنه غالبا ما يكون البروز واضحا في الفتق لدى الرجال. وفي حالات نادرة قد يشمل الفتق جزءا من الأمعاء مما يؤدي إلى الغنغرينا وربما إلى الوفاة.

لكن يكون الفتق لدى النساء أحيانا باطنيا خفيا ويمكنه أن يشمل دهون البطن ويضغط على الأعصاب مسببا آلام مبرحة.

تقول دكتورة شيرين إنه رغم الخطأ في التشخيص، فنادرا ما تتشابه أعراض الفتق لدى المرأة مع أمراض نسائية أكثر شيوعا. وأشارت إلى أن لورا قالت إنها تشعر بألم ووخز وحرقة في منطقة التصاق الفخذ بالبطن ورجليها وظهرها. وكانت الحالة تزداد سوءا مع ممارسة التمرينات الرياضية والوقوف لفترات طويلة وحمل الأشياء والانحناء والسعال والضحك وصعود ونزول الدرج والتمدد على مقعد بلا ظهر وأثناء الدورة الشهرية.

بمعنى أن أي شيء قد يزيد الضغط على البطن أو حتى الجلوس لفترات طويلة يمكن أن يسبب ألم خلال أوقات غير محددة من اليوم على حد قول شيرين توفيق.

وتقول: «لا تستطيع السيدات اللاتي لديهن أطفال الانحناء لحملهم. وتؤثر تلك الحالة على علاقتهن الزوجية أيضا حيث تجعل المعاشرة عملية مؤلمة للغاية. كذلك تؤثر على قدرتهن على العمل. بمكن أن تبلغ شدة الألم الحد الذي يسبب فقدان الوعي مما يجعل من الضروري على السيدات تعاطي حقن في العمود الفقاري ومحفزات للعمود الفقاري وعقاقير لتخفيف الألم فضلا عن العقاقير التي تستخدم في العلاج النفسي. عندما تضيق بالسيدات السبل، تلجأ بعضهن إلى الاستلقاء على السرير لتخفيف الألم».

* فتق سيء

* أوضحت شيرين أن الفتق الصغير هو أسوأ أنواع الفتق، حيث تقول: «كلما صغر حجم الثقب، ازداد الألم». لكن أثناء الفحص الطبي للمرأة أو من خلال أشعة الرنين المغناطيسي لا ترى الثقب إلا عندما يكون هناك شيء ما يخرج منها. وقد يتطلب هذا جعل المريض في الوضع الذي يظهر الأعراض. وتقول ديبورا إن الفحص الباطني في موضع الوقوف يكشف أحيانا عن بروز محدود. لكن في كثير من الأحيان لا يتم اكتشاف هذا الفتق والتشخيص السليم يقوم بالأساس على الفحص المهبلي. وتوضح أنه كثيرا ما تكون عضلات منطقة الحوض مشدودة ورقيقة، لذا يمكن أن يشعر المريض بالألم عند الضغط على المنطقة الأريبية الباطنية.

عندما يتم تشخيص المرض على أنه فتق ويتم علاجه جراحيا بشكل سليم عادة من خلال وضع شبكة فوق الثقب خلال عملية المنظار، فيختفي الألم تماما. تقول شيرين: «إن علاجه سهل للغاية، فعندما تفيق السيدة تشعر بأنها أصبحت أفضل».

يمكن للتمرينات الرياضية، التي تساعد في الحفاظ على قوة عضلات البطن، الوقاية من الإصابة بالفتق، لكن تضيف شيرين: «بمجرد أن تصاب به، فالتمرينات الرياضية لن تعالجه وإن كانت تستطيع أن تمنع الحالة من التدهور».

* التعرض للمرض

* السيدات أكثر عرضة لمرض الفتق السري من الرجال خاصة إذا كن يعانين من زيادة في الوزن بسبب الحمل لعدة مرات أو طول مدة عملية الولادة. قالت جميلة نيلا ديفيس، نجمة فريق «بريتيش آر آند بي»، إنها لاحظت أنها عندما تضحك تضع يديها على معدتها دون وعي وكانت تشعر ببروز غريب. ورغم أنها لم تكن تشعر في البداية بأي ألم، هاجمتها في يوم ما آلام مبرحة وكأن أحدهم يمسك بأمعائها ويعتصرها. أخبرها الجراح الذي استشارته أن جزءا من النسيج الدهني في بطنها انحشر في جدار السرة وأن الوضع سوف يزداد سوءا خاصة عند الغناء والرقص إذا لم تخضع لعملية جراحية.

يمكن للفتق السري أن يمتد إلى الأمعاء وعندها يصبح خطيرا ويمكن للألم أن يزداد بحيث يؤدي إلى فقدان الوعي. لكن تشخيص الفتق السري أسهل من الفتق الباطني لدى النساء.

وتضيف شيرين: «يجب أن تكون السرة متماثلة، فإذا نظرت جيدا يمكن رؤية عدم التماثل الذي يسببه الفتق السري نتيجة بروز جزء دهني صغير من خلال ثقب صغير».

* خدمة «نيويورك تايمز»