السعال المزمن.. ما أسبابه؟

الرشح الأنفي الارتجاعي وارتجاع الحمض المريئي من أهمها

TT

إن سعلت لدقيقة أو دقيقتين فربما ستفكر في أن «شيئا ما سلك سبيله نحو مجرى خاطئ»، وإن سعلت يوما كاملا أو يومين فربما ستفكر في أنك قد أصبت بنزلة برد، أو بعدوى أنفلونزا. وإن دام الأمر أسبوعا فلعل ذلك راجع إلى حدوث التهاب في القصبات الهوائية أو إلى الحساسية.. ولكن إن استمر السعال لثلاثة أو أربعة أسابيع، حينذاك ستزداد مخاوفك.

ولغالبية الرجال فإن السعال المزمن يثير احتمالات تعرضهم لطَيف من أمراض السرطان. ولكن هل السرطان حقا هو سبب شائع في حدوث السعال المتواصل؟ وإن كانت الإجابة بالنفي، فما الأمور الواجب اتباعها لتخفيف هذا السعال المستمر؟

* أصل السعال

* رغم معتقدات الناس الشائعة بأن السعال هو مدخل المرض فإنه في الحقيقة ليس سوى لاعب حيوي في دفاعات الجسم ضد الأمراض. فالسعال يطرد المخاط والميكروبات والدقائق الغريبة من الجهاز التنفسي للإنسان، الأمر الذي يدعم حماية الرئتين من العدوى والالتهابات.

يبدأ السعال أولا بشهيق يسحب الهواء عميقا إلى الرئتين، ثم تأخذ الزردمة (المزمار - glottis) بالعمل، واضعة غطاء مسدودا فوق الرغامى (القصبة الرئيسية). والخطوة الثالثة هي الانقباض القوي لعضلات القفص الصدري، والبطن، والحجاب الحاجز (انظر الصورة).

وفي حالة التنفس الاعتيادي تقوم هذه العضلات المذكورة بدفع الهواء برقة من الرئتين عبر الأنف والفم. ولكن عندما تغلق الزردمة فإن الهواء ينحصر، مما يولد ضغطا هائلا داخل القصبات الهوائية. وأخيرا فإن الزردمة تنفتح ليخرج الهواء مندفعا بقوة. وهذا الاندفاع يتسم بالقوة، إذ تصل سرعة الهواء في حالة السعال القوي إلى سرعة الصوت تقريبا، مما يسبب حدوث عواء أو صفير، نطلق عليه اسم «السعال».

ويمكن أن يحدث السعال بشكل واعٍ أو كحدث إرادي، أو نتيجة لرد فعل لا إرادي غير متحكم فيه. وفي الحالة الأخيرة فإن تحفيز أعصاب الحنجرة والجهاز التنفسي هو الذي يلعب دوره في بدء كل العملية. ويمكن أن تتهيج هذه الأعصاب نتيجة العدوى، والحساسية، والهواء البارد، ووجود أورام فيها، ومواد كيميائية كتلك الناتجة عن التدخين، وعوامل ميكانيكية مثل دخول دقائق الغبار، أو بسبب سوائل الجسم المعتادة مثل المخاط من الأنف، أو أحماض المعدة. ولذا فليس من المدهش القول إن هناك أسبابا مختلفة لحدوث السعال.

* السعال المزمن

* كل إنسان معرض للسعال، ولا أحد يتخوف من السعال بين حين وآخر. والكثير من الأمراض الحادة - التي تمتد ما بين حمى القش ونزلة البرد الشائعة إلى الإصابة بذات الرئة - تولد نوبات متكررة من السعال. إلا أن هذا السعال المصاحب بالأمراض الحادة يزول خلال عدة أيام أو أسابيع.

وعلى النقيض من ذلك هناك السعال المزمن الذي يعرف بأنه سعال يستمر لأكثر من ثمانية أسابيع، وأحيانا يستمر لشهور، بل وحتى لسنوات.

إن السعال المزمن حالة شائعة، وهو متكرر الحدوث بحيث يعتبر أكثر الأسباب الشائعة للتوجه إلى عيادة الطبيب. ورغم أن المرضى والأطباء على حد سواء يصبون اهتمامهم على تقصي أسباب السعال - وهو أمر هم محقون فيه - فإن السعال نفسه مسؤول عن حدوث مشكلات كبيرة.

وإضافة إلى مخاوف المريض من نتائج تشخيص حالته فإنه يعاني أيضا من الخيبة والقلق، خصوصا إن طالت مدة التشخيص والعلاج لعدة أسابيع، وهو ما يحدث في الغالب. كما أن السعال يؤدي إلى اضطراب النوم ويولد الإجهاد ويقود إلى اضطراب في تركيز الذهن وإلى تدني الأداء في العمل. وفي العصر الحديث المخيف في فيروساته الجديدة فإن الكثير من العلاقات الاجتماعية ستتأثر بسبب السعال.

كما قد يؤدي السعال إلى عواقب جسدية تتراوح بين حدوث حالة سلس البول إلى الإغماء وكسر عظام القفص الصدري. وأخيرا فإن السعال مشكلة باهظة التكاليف.

* أسباب السعال المزمن

* التدخين هو السبب الرئيسي، فعاجلا أم آجلا سيظهر «سعال المدخن» (moker›s couph») لدى غالبية مدخني السجائر. وفي هذه الحالة تقع مسؤولية السعال على التهيج الكيميائي، إلا أن نفس المواد السامة المسببة لسعال المدخن البسيط يمكنها أن تقود إلى مشكلات صحية أخطر مثل التهاب القصبات (bronchitis)، وانتفاخ الرئة (emphysema)، وذات الرئة (pneumonia)، وسرطان الرئة. ولذا فإن السعال المزمن هو أحد المخاوف التي تقلق المدخنين.

كما أن السعال المتواصل يثير المخاوف أيضا لدى غير المدخنين. ومن حسن الحظ أن المشكلات الصحية الحميدة تكون مسؤولة عن أغلب حالات السعال المزمن لدى غير المدخنين. ولكن، ومهما كان نوعه، حميدا أم خبيثا، فإن السعال المزمن يثير القلق والحرج والتعب، بل وأكثر من ذلك. ولهذا السبب فإنه يجب تشخيص السعال المزمن ومعالجته قبل أن يستمر لفترة طويلة.

وقد تتسبب عشرات الأمراض في حدوث نوبات متكررة من السعال أو السعال المتواصل، إلا أن خمسة منها تحتل حصة الأسد وهي: الرشح الأنفي الارتجاعي (postnasal drip)، الربو (asthma)، ارتجاع الحمض المريئي (gastroesophageal reflux disease (GERD))، والتهاب القصبات المزمن (chronic bronchitis) والعلاج بأدوية مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors) المستخدمة لعلاج ضغط الدم المرتفع. وتوجد عدة مسببات من هذه الحالات لدى الكثير من الناس إلا أن الحالات الثلاث الأولى تنتشر منفردة أو مجتمعة بين غير المدخنين أيضا، وهي تشكل كل حالات السعال المزمن لديهم.

وبمقدور الأطباء تنفيذ مختلف الاختبارات بهدف تشخيص المصابين بالسعال المزمن. ورغم أن تلك الاختبارات دقيقة وناجحة فإنه وفي ما عدا التصوير بأشعة إكس، فإنها غير ضرورية عادة. وهذا راجع إلى أن الأشخاص المصابين يتوصلون إلى الأسباب بأنفسهم. ولكن، وقبل أن تشرع في إجراء التشخيص بنفسك، فإن عليك التدقيق في علامات الخطر التي تناديك بالتوجه فورا لطلب المشورة الطبية بدلا من القيام بذلك بنفسك.

إن كنت من الأشخاص المصابين بالسعال المتواصل، فعليك التفكير بالأسباب الرئيسية التالية له:

* الرشح الأنفي الارتجاعي

* الرشح الأنفي الارتجاعي (الذي يطلق عليه أيضا متلازمة السعال في القصبة العليا): لا يقتصر عمل الأنف البشري على وظيفة الشم فقط، فهو البوابة نحو الجهاز التنفسي السفلي. وفي دوره هذا فإن عليه أن يكيف الهواء المار عبره نحو الرئتين، فهو يدفئ الهواء البارد، ويضيف الرطوبة إلى الهواء الجاف، ويزيل الدقائق العالقة بالهواء غير النقي. وتنفذ الأغشية المخاطية للأنف كل هذه الوظائف الثلاث المذكورة بإفرازها للمخاط الدافئ، والرطب، واللزج.

ورغم أن الأنف هو حامي الرئتين الرقيقتين فإنه قد يتعرض بنفسه للمشكلات. فالفيروسات، والحساسية، والتهاب الجيوب الأنفية، ودقائق الغبار، والمواد الكيميائية المتطايرة، كلها بمقدورها أن تهيج الأغشية المخاطية للأنف. وتستجيب الأغشية لكل تلك المهيجات بإفرازها لكميات أكثر من المخاط، إلا أن هذا المخاط يختلف عن المخاط الاعتيادي بأنه رقيق، ومائي، وسائل.

وعلى المخاط أن يتسرب إلى مكان ما، ولذا فإنه قد يخرج من الأنف مثيرا للإزعاج، إلا أنه قد يتسرب نحو البلعوم مما يهيج الأعصاب في البلعوم الأنفي (nasopharynx)، مسببا السعال. وفي بعض الحالات يعود السبب في ذلك إلى الأنف نفسه (حساسية الأنف - rhinitis)، ولكن في الحالات الأخرى يحدث السعال بسبب الرشح الأنفي الارتجاعي الذي يستمر لزمن طويل بعد إصابة الجهاز التنفسي العلوي بعدوى فيروسية، ولذا فإن السعال الناتج عنه يسمى هنا أحيانا بـ«سعال ما بعد العدوى».

وفي الحالات القياسية فإن المرضى المصابين بالرشح الأنفي الارتجاعي يعانون أكثر من السعال ليلا، كما أنهم يشعرون في الغالب بإحساس مزعج في الجزء الخلفي من البلعوم. إلا أنهم يعانون من السعال نهارا أيضا وقد يكون بلعومهم متهيجا أو طبيعيا.

وأفضل الوسائل لاكتشاف أن السعال المزمن ناجم فعلا عن الرشح الأنفي الارتجاعي هو اللجوء إلى العلاج. وتعتبر الأدوية التي تباع من دون وصفة طبية لإزالة الاحتقان أو مضادة للهستامين أولى الخطوات. إذ إن أكثرها يحتوي على مواد مزيلة للاحتقان مثل «سودوإفيدرين» (pseudoephedrine)، أو «فينيليفرين» (phenylephrine)، أو مواد مضادة للهستامين مثل «كلورفينيرامين» (chlorpheniramine) أو «ديفينيدرامين» (diphenhydramine) أو كليهما. وهذه الأدوية فعالة وآمنة في أي من أشكالها، إلا أن بعض الأشخاص يشكون من تسارع دقات القلب، أو القوة (بسبب مزيلات الاحتقان) أو النعاس (بسبب مضادات الهستامين). وقد يجد المصابون بتضخم البروستاتا الحميد صعوبة أكبر في التبول لدى تناولهم مزيلات الاحتقان، بينما قد يؤدي تناول مضادات الهستامين إلى تحفيز حدوث الغلوكوما (الماء الأسود). ولذا يجب عليك قراءة ملصقات التعريف بالأدوية جيدا.

كما يمكن للوسائل المنزلية المساعدة أيضا، فاستنشاق البخار من مرشاش الحمام أو من إبريق غلي الماء وسيلة سهلة، وكذلك ري الأنف الذي قد يساعد في تنظيف الإفرازات المهيجة. ويمكن شراء مرشاشات الماء المالح، أو صنع هذا الماء محليا. ولأجل صنع الماء المالح منزليا، خذ قطعة قماش نظيفة، وضعها في حوض من الماء يحتوي على ثُمن (1/8) ملعقة من الملح لكل كوب واحد من الماء. ثم قرّب القطعة المبللة من منخار الأنف، وخذ باستنشاق المحلول المالح. وإن كان ري الماء المالح يبدو مفيدا، كرره مرة إلى 3 مرات في اليوم.

وإن لم تنجح مزيلات الاحتقان ووسائل ري الأنف في إيقاف السعال، فإنك قد لا تكون مصابا بالرشح الأنفي الارتجاعي. وعلى أية حال، عليك أن لا تستسلم، ويمكنك تجربة مرشاشات الأنف. ولكن تجنب شراء المرشاشات من دون وصفة طبية مثل تلك التي تحتوي على «فينيليفرين» (phenylephrine) و«أوكسيميتازولين» (oxymetazoline)، لأنها تفيد ليوم أو يومين إلا أنها مزعجة عند استخدامها لفترة طويلة.

وبدلا منها اطلب وصفة طبية لمرشاشات حاوية على أدوية ستيرويدية مثل «بيكلوميثاسون» (beclomethasone)، («بيكونيس إيه كيو - Beconase AQ) أو «ترايمسينولون» (triamcinolone)، («ناساكورت إيه كيو - Nasacort AQ). والمرشاشات الستيرويدبة آمنة وفعالة، ولكنها إن عجزت عن تأدية مهمتها فقد يصف لك الطبيب نوعا مختلفا من المرشاشات مثل «آيبراتروبيوم» (ipratropium)، (أتروفينت - Atrovent) أو «كرومولين» (cromolyn)، (ناسالكروم - Nasalcrom).

ورغم أنه يمكن وصف المضادات الحيوية للسعال المتواصل الناجم عن الرشح الأنفي الارتجاعي، فإنها غير مفيدة. وبينما تستجيب أغلب حالات التهاب الجيوب الأنفية إلى مزيلات الاحتقان ولمرطبات الأنف، فإن بعض الحالات تحتاج إلى المضادات الحيوية. إلا أن من السهل رصد حالة الرشح الأنفي الارتجاعي الناجمة عن التهاب الجيوب الأنفية. وهذا الرشح يكون على شكل سائل ثخين لزج ذي طعم كريه في الغالب. وإضافة إلى ذلك فإن الكثير من المصابين بالتهاب الجيوب الأنفية يشعرون بآلام خلف أعينهم أو جبهاتهم أو وجناتهم بينما يعاني بعضهم من الحمى.

ويعتبر الرشح الأنفي الارتجاعي السبب الرئيسي للسعال المتواصل، إلا أنه ليس السبب الوحيد له.

* الربو

* الربو: يعتبر الصفير وانقطاع النفس من أعراضه المعتادة. إلا أن الصفير لا يعتبر عرضا لكل المصابين بالربو، وفعلا فإن بعضهم يسعل فقط.

وينتج الربو عن تقلص القصبات، وهو حالة مؤقتة، يمكن عكسها، تتضيق فيها القصبات المتوسطة الحجم التي تنقل الهواء إلى الرئتين. وفي أغلب الحالات يصدر الهواء الصفير أثناء حركته عبر القصبات المتضيقة. وتشمل الأعراض التقليدية الأخرى للربو إفراز المخاط بغزارة، وضيق النفس، والسعال.

ولكن، وفي حالة السعال المصاحب للربو، فإن هذا السعال يكون العرض الوحيد للمرض. وهو حالة ليست نادرة، إذ إن الربو يتسبب في نحو ربع كل حالات السعال المزمن.

وفي معظم الحالات يولد شكل السعال الناجم عن الربو سعالا جافا طيلة اليوم، إلا أنه قد يبدأ في الليل. وغالبا ما يؤدي التعرض لمثيرات الحساسية، والغبار، والهواء البارد، وكذلك التمارين الرياضية، إلى تحفيز السعال.

وإن شك الطبيب في أن الربو هو المسؤول عن السعال المزمن، فإن بمقدوره طلب إجراء اختبار على وظيفة الرئتين لتأكيد التشخيص، وإن كانت نتائج الاختبار غير حاسمة فقد يطلب استنشاق كميات صغيرة من دواء «ميثاكولين» (methacholine) الذي يولد الصفير لدى المصابين بالربو.

المنطلق الآخر لتشخيص السعال الناجم عن الربو هو رؤية استجابة السعال للعلاج المضاد للربو. وفي أغلب الحالات فإن استنشاق الستيرويدات مثل «ترايمسنولون» (triamcinolone)، (أزماكورت - Azmacort) أو «باديسونيد» (budesonide)، (بالميكورت - Pulmicort) ستؤدي المهمة. وإلا فيجب التوجه إلى تجربة المرشاشات الموسعة للقصبات مثل «ألباتيرول» (albuterol)، (بروفنتيل - Proventil، فنتولين - Ventolin).

* الارتجاع الحمضي المريئي * مرض الارتجاع الحمضي المريئي. يدهش الكثير من الناس حينما يعلمون أن الربو قد يتسبب في حدوث السعال من دون صفير، إلا أن الكثير منهم يصدمون حينما يعلمون أن الارتجاع الحمضي المريئي بمقدوره التسبب في حدوث السعال من دون حدوث حرقة الفؤاد.

يحدث الارتجاع الحمضي المريئي عندما تتجه محتويات المعدة نحو المريء بدلا من توجهها إلى الأمعاء. والعرَض المعتاد هنا هو حرقة الفؤاد (الحموضة)، كما أن التجشؤ، الطعم الحامض في الفم، ورائحة الفم الكريهة هي من الأعراض الشائعة له. كما أن الحمض الراجع يهيج أيضا الأعصاب في أسفل المريء، يمكنه تحفيز السعال حتى من دون ظهور أية إشارة للألم. وفي الواقع فإن ثلث المصابين بالارتجاع الحمضي المريئي لا يشعرون بأي ألم، إلا أنهم يشكون بدلا من ذلك من السعال وتهيج في الحنجرة، أو التهاب الحلق الذي لا يمكن تفسيره.

ويصعب تشخيص الارتجاع الحمضي المريئي إن لم يكن مصاحبا بآلام. وقد يساعد هنا التصوير أشعة إكس بعد بلع الباريوم، وكذلك تنظير المريء، إلا أن المعيار الذهبي هو مراقبة معامل الحموضة (pH) المريئي، وهي عملية يقوم فيها المريض ببلع مسبار يظل في أسفل المريء لفترة 24 ساعة بهدف رصد الحمض إن كان موجودا. وهذه العملية ليست مزعجة كما يبدو، إلا أنها باهظة التكاليف وغير مريحة.

وكما هو الحال مع الأسباب الأخرى للسعال المتواصل، فإن أبسط المنطلقات نحو تشخيص السعال هو محاولة علاجه. ويمكنك أن تشرع بذلك بنفسك: تجنب الكحول والأطعمة التي غالبا ما تحفز على الارتجاع الحمضي المريئي، ومنها تلك الحاوية على الشوكولاته، النعناع، القهوة، الثوم، البصل، فواكه الحمضيات، صلصة الطماطم، أو كميات كبيرة من الدهون. تناول وجبات صغيرة ولا تستلقِ على الفراش بعد الأكل. تناول مضادات الحموضة السائلة، خصوصا في أوقات النوم، وفكر في رفع الوسائد لكي تتدفق محتويات معدتك إلى الأسفل خلال الليل.

وإن كنت تسعل بعد أسبوع أو نحوه، فعليك إضافة أدوية مضادة للحموضة من دون وصفة طبية مثل «رانيتيدين» (ranitidine)، (زنتاك - Zantac)، «سيميتيدين» (cimetidine)، (تاغاميت - Tagamet)، أو «فاموتيدين» (famotidine)، (بيبسيد - Pepcid) وفي أغلب الحالات يمكن للأطباء وصف مضادات أقوى للحموضة مثل «لانسوبرازول» (lansoprazole)، (بريفاسيد - Prevacid)، «رابيبرازول» (rabeprazole) (أسيفيكس - Aciphex)، أو «أوميبرازول» (omeprazole)، (بريلوسيك - Prilosec)، أو الدواء الجنيس.

وقد تكون هناك حاجة إلى فترة بين 3 و4 أسابيع لزيادة العلاج تدريجيا بهدف السيطرة على ارتجاع الحمض المريئي. وإن لم يؤدِّ العلاج مهمته فربما يكون السعال ناجما عن أسباب أخرى.

* عدوى القصبات

* التهاب القصبات المزمن. وهو عدوى ملازمة للقصبات الهوائية تنجم في العادة عن استخدام التبغ والتعرض لفترة طويلة إلى الملوثات الجوية الصناعية. أما توسع القصبات فهو عدوى مزمنة تؤدي إلى الضرر في جدران القصبات الهوائية، وقد قل شيوعها منذ ظهور أدوية المضادات الحيوية.

وقد تقود العدوى المزمنة في كلا هذين المرضين إلى ظهور السعال المزمن. إلا أنه وبخلاف الأسباب الرئيسية الأخرى للسعال المتواصل فإن من السهل اكتشاف هذا السعال لأنه يؤدي إلى إفراز كميات وفيرة من البلغم الثخين الغامق اللون. وبخلاف الحالات الأخرى فعليك التوجه لاستشارة الطبيب منذ البداية بدلا من البدء بالعلاج الشخصي، لأن المرضين يتطلبان تناول المضادات الحيوية.

* أدوية علاجية

* العلاج بأدوية مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين. ويصبح دور الطبيب المعالج هنا مهمّا، لأن الدواء يؤدي إلى السعال. وقد أجيز استخدام هذه الأدوية منذ ثمانينات القرن الماضي، ومنها أدوية «إينالابريل» enalapril (فازوتك - Vasotec، الدواء الجنيس)، «ليسينوبريل» lisinopril (برينيفيل - Prinivil، زيستريل - Zestril، الدواء الجنيس)، إضافة إلى أدوية أخرى لعبت دورا مشهودا في علاج ارتفاع ضغط الدم، وتحولت في التسعينات إلى علاج حالات عجز القلب والنوبات القلبية.

ورغم أنها غالية الثمن فإن الأطباء يحبذون وصف أدوية مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين لأنها تقدم نتائج جيدة مع عدد قليل من الآثار الجانبية. ومن سوء الحظ أن يكون السعال واحدا من تلك الأعراض التي تظهر لدى ما بين 3 و20 في المائة من المرضى. ويكون السعال جافا وقد يظهر بعد 3 أسابيع أو سنة من تناول الأدوية. ولسوء الحظ أيضا فإن السعال يستمر متواصلا منذ ظهوره.

وإن كان السعال خفيفا فقد يختار المرضى الاستمرار في تناول الأدوية أو قد يقل لديهم السعال عند تحولهم إلى نوع آخر من هذه الفئة من الأدوية. إلا أن الوسيلة الوحيدة للتخلص من السعال الحاد هي التخلي عن تلك الأدوية وإبدال عقاقير أخرى بها، ومنها حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين، مثل «لوسارتان» losartan (كوزار - Cozaar) و«فالساتران» valsartan (دايوفان - Diovan)، التي تؤدي مهمتها مثل المثبطات من دون تسببها في حدوث السعال.

* أسباب السعال الأخرى

* ولدى غير المدخنين فإن هذه الأسباب الخمسة الرئيسية تشكل 90 في المائة من حدوث حالات السعال المزمن، إلا أن هناك مشكلات أخرى قد تتسبب - بل وتتسبب فعلا - في حدوث السعال المتواصل.

* العدوى الرئوية تقود إلى السعال. وتتطلب أغلب حالات ذات الرئة (pneumonia) التي تنجم عن عدوى حادة، تشخيصا وعلاجا طبيا سريعا. أما العدوى الرئوية الناجمة عن الإصابة بالمايكوبلازما (mycoplasma) أو الكلاميديا (Chlamydia) أو التدرن الرئوي (السل - tuberculosis) بمقدورها أن تتسبب في حدوث السعال المتواصل. وتكون الحمى علامة مهمة جدا للتعرف على السعال المتواصل الناجم عن العدوى. كما يظهر لدى المرضى بالعدوى البكتيرية بصاق ثخين غامق اللون يكون ممزوجا أحيانا مع الدم.

* السعال الديكي. وهو عدوى في الجهاز التنفسي يمكنها أن تتسبب حدوث مشكلات خطيرة لدى الأطفال الذين لم يطعموا بشكل مناسب بلقاح ضد الدفتريا - السعال الديكي - الكزاز. وقد أخذ السعال الديكي بالظهور بين صفوف المراهقين والبالغين الكبار لأن الحقن المعززة اللاحقة للقاح الكزاز - الدفتريا الأصلي لم تضم لقاحا مضادا للسعال الديكي.

* أمراض القلب. بمقدورها أن تكون مموهة على شكل مرض رئوي إن كانت أعراضها الرئيسية السعال وصعوبة التنفس. وهي أعراض شائعة لدى المرضى بعجز القلب. وهؤلاء المرضى لهم عادة تاريخ طويل في أمراض القلب. ويظهر سعالهم بشكل واضح جدا عندما يستلقون على ظهورهم من دون وسادة، ولذا فإنهم غالبا ما يلجأون إلى استخدام ثلاث أو أربع وسادات. وقد يكون سعال المصابين بعجز القلب جافا، ويكون البصاق رغويا أبيض. كما أن تورم الرجل، والإجهاد، وعدم تحمل التمارين الرياضية، هي من أعراض عجز القلب.

* البلع غير الطبيعي. يمكن أن يقود إلى السعال المتواصل، إن أدى الطعام إلى تحفيز السعال بعد دخوله إلى القصبة الهوائية بدلا من المريء. ويحدث هذا بالدرجة الرئيسية لدى المعانين من سكتة دماغية أو أمراض عصبية أخرى تعيق البلع الصحيح.

* المهيجات البيئية. بمقدورها التحفيز على حدوث السعال مع كل شهقة نفس يأخذها الإنسان أحيانا من الهواء الملوث بالكيميائيات أو الدقائق العالقة تتراوح ما بين مركبات ثاني أوكسيد الكبريت وأوكسيد النتريك إلى دقائق الغبار، بل وحتى دقائق العفن. وحتى الهواء النقي يمكنه تحفيز السعال إن كان باردا.

* سرطان الرئة. يقع بالتأكيد ضمن قائمة مسببات السعال المتواصل، إلا أنه لا يحتل المراتب الأولى منها خصوصا لغير المدخنين. ولذا فإنه ينبغي مراقبة ظهور البصاق المصاحب بالدم أو آلام الصدر التي ترتبط بوجود ورم في الرئة.

* التوتر. وهو من العوامل النفسية التي قد تقود إلى ظهور أعراض جسدية، ومنها السعال. ويزداد السعال الناجم عن أسباب نفسية خلال فترات التوتر ثم يختفي أثناء النوم. وهذا النوع من السعال غير مؤذٍ، إلا أنه قد يشير إلى وجود مشكلات عاطفية خطيرة.

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».