تمدد الشريان الأورطى الباطني.. يهدد بمشكلات كبرى

تفجر انتفاخات «أم الدم» الداخلية قد يقود إلى الموت

TT

* كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية): «الشرق الأوسط»*

* الشريان الأورطى (الأبهر) هو أكبر الشرايين في الجسم، وأقواها أيضا. إلا أن الحجم والقوة ليسا كافيين لحماية هذا الوعاء الدموي الحيوي، ففي الواقع فإن الشريان الأورطى هو واحد من أكثر شرايين الجسم المهددة.

ورغم أن الكثير من الأمور السيئة قد تحدث للشريان الأورطى، فإن أكثرها شيوعا هو حالة «أم الدم» aneurysm (انتفاخ في الشريان)، وهو المصطلح المجهول الذي يأتي اسمه اللاتيني من الكلمة الإغريقية التي تعني «التمديد» أو «زيادة العرض». ويمكن لأي جزء من الشريان الأورطى التعرض للتمدد وزيادة عرضه، أي إلى حالة «أم الدم»، إلا أن أكثر تلك الحالات تحدث في الجانب الأسفل من الشريان عند مروره بمنطقة البطن، عند حمل الدم إلى الرجلين (انظر الرسم).

إن حالات «أم الدم الأورطي الباطني» (abdominal aortic aneurysms) AAAs نادرة لدى الرجال في أعمار الشباب، إلا أنها تزداد بشكل متواصل لدى الرجال الذين تزيد أعمارهم على 55 سنة، ولدى النساء من عمر 70 سنة فأكثر.

وإجمالا فإن الرجال يكونون معرضين لهذه الحالات أكثر بـ5 إلى 10 مرات من النساء. وبينما تكون الكثير من الحالات غير مؤذية فإن البعض الآخر منها يتفجر مؤديا في الأغلب إلى الوفاة. ولهذا فإن «أم الدم الأورطي الباطني» أو (AAA) مسؤولة عن 9000 وفاة في الولايات المتحدة سنويا، وبذلك تحتل المرتبة الـ13 في قائمة الأمراض القاتلة. وأغلب ضحاياها هم من الرجال من سن 65 سنة فأكثر. ولحسن الحظ فإن التطويرات الحديثة في التشخيص والعلاج قد حسنت بشكل كبير من التحكم في هذه المشكلة التي تخص كبار السن.

* الأورطى الطبيعي

* الشريان الأورطى هو الوعاء الدموي الرئيسي في جسم الإنسان، فهو يستقبل كل الدم الذين يضخه البطين الأيسر للقلب. ولأن موضع الأورطى يكون في الصدر فإن الجزء الأول من الشريان يسمى «الشريان الأورطى الصدري» (thoracic aorta). وعندما ينطلق من القلب فإن الشريان يصعد نحو العنق ثم يهبط باتجاه منطقة البطن. وعندما ينتهي من منطقة الصدر يتحول اسمه إلى «الشريان الأورطى الباطني» abdominal aorta. ثم وبعد مروره على طول الجانب الخلفي من منطقة البطن أمام العمود الفقري لمسافة تمتد نحو 7 بوصات (17.5 سم تقريبا) يتفرع الشريان الأورطى الباطني إلى فرعين أصغر يسميان الشريانان الحرقفيان (iliac arteries) وهما اللذان ينقلان الدم إلى منطقة الحوض والرجلين.

ويبلغ عرض الجزء العلوي من الأورطى لدى الرجال الأصحاء نحو 3 سنتمترات (1.2 بوصة)، وعند مروره بمناطق الجسم لتوزيع الدم على الرأس واليدين فإن عرضه يتدنى في منطقة البطن ليصبح نحو سنتيمترين (0.8 بوصة). وان حدث وازداد عرض مقطع من الشريان الأورطى الباطني بنحو 50 في المائة أو أكثر فإن هذه الحالة تسمى «أم الدم».

ومثله مثل كل الشرايين فإن جدران الشريان الأورطى تتألف من ثلاث طبقات: طبقة داخلية رقيقة تتكون من الخلايا المبطنة للشرايين، ثم الطبقة الوسطى التي تتكون من خلايا العضلات الملساء والأنسجة المرنة، والطبقة الخارجية التي تتكون من الأنسجة الداعمة. إلا أن الطبقة الوسطى للشريان الأورطى تميزه عن سواه من الشرايين الأخرى لأنها تتكون من شرائح فوق بعضها بعضا من الأنسجة المرنة، الأمر الذي يحولها إلى طبقة سميكة وقوية. وتحتاج هذه الطبقة إلى هذه القوة لكي تعزز قوة الشريان، ومدى تحمله لقوة الدم الهائلة لدى تدفقه من القلب مباشرة. ثم وبعد تحملها لهذه القوة بعد ضخ القلب للدم، فإن الشريان الأورطى يمنح جزءا من قوته إلى القلب عند انبساطه، وذلك بهدف ملء القلب بالدم في الفترة ما بين نبضتين، وهذا ما تقوم به الأنسجة المرنة في الأورطى التي تدفع الدم نحو القلب كما تدفعه إلى أنحاء الجسم الأخرى.

ويتوسع الشريان الأورطى مع كل نبضة للقلب، ثم ينقبض في الفترة ما بين نبضتين. وهذا الروتين مجهد، وقد يجلب المتاعب بمرور السنين. ولدى الكثير من الأشخاص الأكبر سنا تتصلب الأنسجة المرنة للشريان الأورطى مما يجعله أقل مرونة، وهو الأمر الذي يسهم في ارتفاع ضغط الدم الانقباضي وكل مضاعفاته المحتملة. ومع الزمن يمكن للشريان الأورطى أن يتوسع ويضعف مؤديا إلى حدوث حالة «أم الدم».

* عوامل خطر أم الدم

* العمر: هو أهم عامل للخطر، إذ إن حالة «أم الدم الأورطي الباطني» نادرة الحدوث قبل عمر 55 سنة، لكنها تصبح أكثر احتمالا بعد ذلك العمر لتؤثر على ما بين 4 و8 في المائة من الرجال من أعمار 65 سنة فأكثر. وليس من المدهش أن تكون هذه الحالة مرضا ناجما عن تقدم السن لأن الأنسجة المرنة في جدران الشرايين تضعف مع الزمن، ولا يتمكن الشريان الأورطى من تعويض أو إصلاح هذه المادة الحيوية. إلا أن العمر لا يمثل الجانب الوحيد لهذه المشكلة ما دام الشريان الأورطى يظل طبيعيا لدى غالبية كبار السن.

* الجنس: الذكور أكثر تعرضا من الإناث لحالة «أم الدم الأورطي الباطني» التي تظهر لدى الرجال قبل 10 سنوات من ظهورها لدى النساء. ومع هذا فإن خطر تفجر أم الدم يكون أكثر لدى النساء عند وجود نفس حجم الانتفاخات في الشرايين لدى كلا الجنسين.

* التاريخ العائلي: يسهم في بعض الحالات، إذ تزداد احتمالية ظهور حالة «أم الدم الأورطى الباطني» لدى قريب أو أب أو ابن مصاب بالحالة بنسبة 1 من 4.

* عوامل أخرى:

- التدخين، هو من العوامل الأخرى التي يمكن الحد منها، وهو يضاعف أربع مرات احتمال الإصابة بحالة أم الدم.

- ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع مستوى الكولسترول، اللذان يؤديان إلى تصلب الشرايين.

وفي الواقع فإن الكثير من الأشخاص المصابين بحالة «أم الدم الأورطي الباطني» لديهم أيضا تصلب في الشرايين الأصغر التي تنقل الدم إلى عضلة القلب وإلى عضلات الرجل. وفي الحقيقة فإن أكثر من ثلث المصابين بحالة «أم الدم الأورطي الباطني» لديهم أيضا أمراض في الشرايين التاجية، وهذا ما يفسر أيضا صعوبة إصلاح هذه المشكلة وخطورتها.

الأعراض أغلب حالات «أم الدم الأورطي الباطني» تكون صامتة وخالية من أي أعراض على الإطلاق. لكن، ومع توسع أم الدم وانتفاخها فإنها ستسبب الألم في منطقة البطن وفي الظهر. وعندما يظهر مثل هذا الألم فإنه يكون غير محدد ويؤدي إلى إحساس بنبضات أو ألم حاد في عمق منطقة البطن أو في أواسط الظهر.

ولسوء الحظ فإن الحدث المميت يقع مؤكدا مخاوف الناس. إذ يتسبب تفجر «أم الدم الأورطي الباطني» في ألم حاد في أسفل الظهر، وإلى انخفاض حاد في ضغط الدم، وانهيار المصاب. وهذا الحدث قاتل، إذ يتوفى 75 في المائة من الضحايا قبل أن يصلوا إلى قاعة العمليات، أما الآخرون فلا ينجو سوى نصفهم بعد إجراء العملية الجراحية.

وغالبا ما يطلق الأطباء اسم «القنبلة الموقوتة» على حالة «أم الدم الأورطي الباطني»، لأنها تكون صامتة قبل أن تتفجر. إلا أنه أصبح من الواضح الآن أن هناك أكثر من فتيلة لهذه الحالة يمكن للأطباء رصدها قبل أن تنفجر.

التشخيص إن أبسط الوسائل التي يستخدمها الطبيب لتشخيص حالة «أم الدم الأورطي الباطني» هي تحسسه لتضخم نابض في منطقة البطن لدى المصاب، غالبا إلى اليسار من موقع السرة. لكن هذه الطريقة الأسهل ليست الأفضل لأن الأطباء لا يستطيعون رصد انتفاخات أم الدم إلا الكبيرة منها. كما أن احتواء انتفاخات أم الدم على القليل من الكالسيوم في جدرانها لا يتيح كشفها بوضوح في أشعة إكس.

ومن حسن الحظ فإن هناك وسيلة بسيطة وغير غالية الثمن نسبيا وآمنة لتشخيص الحالة وهي التصوير بالموجات فوق الصوتية التي تتمكن من رصد 95 في المائة من حالات «أم الدم الأورطي الباطني». ولأنها وسيلة سريعة وسهلة ودقيقة فإن التصوير بالموجات فوق الصوتية يمكن تكراره بهدف مراقبة حجم انتفاخ أم الدم، وبهذا يمكن الكشف عن الانتفاخات المهددة بالانفجار. وفي الواقع فإن الموجات فوق الصوتية يمكنها رصد زيادة 3 مليمترات فقط في قطر أم الدم.

أما الوسائل الحديثة للتصوير مثل تصوير الأوعية الدموية بالأشعة المقطعية (computed tomography angiography) CTA وتصوير الأوعية الدموية بجهاز الرنين المغناطيسي (magnetic resonance angiography) MRA فهي دقيقة للغاية، إلا أنها غالية التكاليف وتستغرق وقتا طويلا مقارنة بالموجات فوق الصوتية. ولذا يلجأ الأطباء عموما إلى تلك الوسيلتين المتقدمتين قبل إجراء العمليات الجراحية.

وتطرح التساؤلات حول ما إذا كان من الواجب إجراء مسح بالموجات فوق الصوتية عند إجراء الفحوص الدورية السنوية. إلا أن أغلب الخبراء يرون حاليا أنه لا توجد حاجة لذلك، لأن المشكلة ليست شائعة الانتشار. وتوصي «قوة مهمات خدمات الوقاية في الولايات المتحدة» بإجراء مسح منفرد واحد من هذا القبيل على الأشخاص بين سن 65 و75 سنة من المدخنين سابقا.

ما العمل؟

يتم رصد أكثر حالات «أم الدم الأورطي الباطني» مصادفة أثناء إجراء تصوير لمنطقة البطن بهدف تشخيص مشاكل صحية أخرى. كما يمكن رصد بعضها أثناء الفحص الجسدي أو نتيجة لفحوص دورية.

لكن، ما هي الخطوة المقبلة؟ لأن «أم الدم الأورطي الباطني» تشبه قنبلة موقوتة فإن حالة من العصبية تنتاب الأطباء والمرضى على حد سواء. ومن المفهوم قلق المريض من هذه الحالة خوفا من تفجر أم الدم، ولذا فإنه يرغب في إصلاحها. إلا أن العملية الجراحية لإصلاحها صعبة وخطيرة حتى إن كان انتفاخ أم الدم مستقرا ومحافظا على حجمه. وفي أكثر المستشفيات يتوفى ما بين 4 و6 في المائة من الذين خضعوا لمثل هذه العمليات.. وهذه معضلة حقيقية.

إلا أن الأطباء يتمكنون الآن من رصد حالات «أم الدم الأورطي الباطني» الخطرة التي تشارف على التفجر. وهم يعتمدون في ذلك على الحجم كقاعدة أساسية (انظر الجدول). فكلما ازداد حجم (أو عرض) انتفاخ أم الدم تصبح جدران الشريان أرق وأضعف كما يحدث للبالون أثناء نفخه أكثر. وقد أظهرت دراسة مهمة الدور الرئيسي لمقدار قطر انتفاخ أم الدم.

* عرض أم الدم.. وأخطار تفجرها العرض الأخطار السنوية للتفجر 3 - 3.9 سم.. أقل من 1 في المائة 4 - 4.9 سم.. 1 في المائة 5 - 5.9 سم.. 11 في المائة 6 سم فأكثر.. 25 في المائة

* ورغم أن أحجام أم الدم الصغيرة تحمل بعض أخطار تفجرها، فإن دراسة مراجعة لسبع تجارب شملت أكثر من 4100 مريض توصلت إلى استنتاج بأن إصلاح انتفاخات أم الدم التي يقل قطرها عن 5.5 سم لن يؤدي إلى تحسين احتمالات النجاة.

لكن، إن كانت انتفاخات «أم الدم الأورطي الباطني» الصغيرة لا تتطلب إجراء العمليات الجراحية فإنها تتطلب الاهتمام. ولذا ينبغي إعادة إجراء عملية التصوير بالموجات فوق الصوتية كل 6 إلى 12 شهرا للانتفاخات الصغيرة وكل 3 أشهر للانتفاخات بحجم 5 سم. أما الانتفاخات التي تتمدد بمقدار 0.5 سم في غضون 6 أشهر فمن الواجب إخضاعها لعملية جراحية، وذلك يشمل أيضا الانتفاخات المسببة للألم.

وعلى كل شخص مصاب بحالة «أم الدم الأورطي الباطني»، الامتناع عن التدخين وتقليل ضغط الدم المرتفع والكولسترول، إن كانت مستوياتهما عالية.

* إصلاح أم الدم

* يتفجر انتفاخ أم الدم بسبب رقة وضعف جدران الشريان. وتصبح العملية الجراحية العلاج الوحيد لانتفاخ أم الدم المتفجر. لكن وحتى مع التشخيص السريع والجراحة المتمرسة فإن نصف المرضى ينجون من الموت. وبهدف درء حدوث التفجر ووقوع الكارثة يقوم الأطباء بعملية زرع صناعية داخل انتفاخ أم الدم. وهناك طريقتان مختلفتان لذلك:

• الإصلاح الجراحي التقليدي: وهو ما يشمل التخدير العام مع إحداث شق كبير في منطقة البطن. ويقفل الجراح الشريان الأورطى فوق منطقة انتفاخ أم الدم مباشرة، مانعا الدم من التدفق. وما دامت غالبية حالات أم الدم تظهر تحت الشرايين الكلوية فإن تدفق الدم نحو الكليتين يكون مضمونا. ثم يقوم الجراح بفتح الأورطى ووضع أنبوب «داكرون» (Dacron tube) في داخله. وبعد غرز وخياطة الأنبوب في موقعه يغلق الجراح الشريان ويزيل منطقة الإقفال، ويخيط شق البطن.

وهذه العملية فعالة إلا أنها تعتبر من العمليات الكبرى. وحتى وإن كان المريض يعالج على يد أمهر الجراحين فإن جراحة «أم الدم الأورطي الباطني» التقليدية تتسم بخطر كبير لحدوث المضاعفات ومنها العدوى والنزف بل وحتى الموت خصوصا لدى المرضى من كبار السن المصابين بتصلب الشرايين.

• زرع الدعامة الشريانية: في عام 1991 ظهر خيار جديد هو الدعامة الشريانية (endovascular stent graft). وبعد أن راكم الأطباء خبراتهم بدأوا في توظيفها أكثر فأكثر إلى حد أنها أصبحت منتشرة أكثر من العمليات الجراحية في الولايات المتحدة. ومثلها مثل الجراحة التقليدية فإن هذه الدعامة، وهي شبكة معدنية مغطاة بنسيج صناعي، توضع داخل انتفاخ أم الدم. ويقوم الجراحون بخياطة الشبكة داخل الشريان الأورطى عبر قسطرة رقيقة جدا يتم إدخالها عبر شق في الشريان الفخذي عند منطقة الفخذ.

وتوظف أشعة اكس في هذه العملية لمراقبة مسار القسطرة وتقدمها نحو موقعها على الشاشة. وعندما تصل القسطرة إلى موقع الانتفاخ يقوم الأطباء بتوسيعها ثم يسحبونها نهائيا. ومع مرور الزمن يتقلص انتفاخ أم الدم حول موضع الدعامة. ويمكن إجراء هذه العملية تحت التخدير العام أو الموضعي ويخرج المريض من المستشفى خلال عدة أيام.

وهذا الخيار العلاجي مهم إلا أنه يتطلب الخبرة الطبية. وللعملية مضاعفات خاصة بها ومنها العدوى، النزف من موضع الدعامة في الشريان، تغير موضع الدعامة المزروعة.

* أفضل الطرق العلاجية

* أي الطريقتين أفضل للعلاج؟ سؤال مهم، له جواب بسيط: إن قارنت النتيجة في الأسابيع والأشهر الأولى فإن طريقة زرع الدعامة الشريانية تبدو الأفضل. فهنا تقل المضاعفات والوفيات. ورغم أنها غالية التكاليف فإن مدة التنويم في المتشفى أقل، ويحصل الشفاء أسرع.

ولكن ومع مرور زمن أطول فإن الفوارق بين نتائج الطريقتين تضمحل. فبعد مرور سنتين تكون احتمالات النجاة متماثلة وتظل نفسها على مدى ست سنوات على الأقل. ومع مرور سنين أكثر فأكثر فإن الأشخاص الذين عولجوا بوضع الدعامة الشريانية يبدأون في المعاناة من مشاكل تتطلب إجراء عمليات لهم أكثر من الذين عولجوا بزرع أنبوب جراحي لهم.

وبينما يحتاج الذين خضعوا لزراعة الأنبوب إلى مراقبة مستمرة فإن الذين خضعوا إلى زرع الدعامة الشريانية يحتاجون أيضا إلى إعادة تصويرهم بطرق المسح ومنها التصوير المقطعي الطبقي. وتجرى 60 في المائة من عمليات إصلاح «أم الدم الأورطي الباطني» في الولايات المتحدة بوضع الدعامة الشريانية.

* الوقاية والمراقبة

* تسهل وسائل التصوير الحديثة تشخيص حالات «أم الدم الأورطى الباطني»، بينما تساعد الإرشادات الأطباء على إجراء الفحص الدوري لأشخاص دون سواهم، وإجراء عمليات آمنة عليهم. إلا أن الوقاية خير علاج، وخصوصا مع توعية الرجال بكيفية خفض خطر حدوث «أم الدم الأورطي الباطني» ومنع ازدياد حجم انتفاخ صغير لأم الدم لدرجة تتطلب علاجه جراحيا.

الخطوات بسيطة: تجنب التدخين، حافظ على مقادير ضغط الدم والكولسترول الطبيعية. وتظل هذه الأمور حيوية. ومع هذا فإن الباحثين يدققون في بعض الجوانب التي تتحكم بظهور هذه المشكلة.

وقد ظهر أن حفاظ الطبقة الوسطى من جدران الشريان الأورطى على قوتها ودرجة مقاومتها يعتمد على مادتي الإيلاستين elastin، والكولاجين collagen، وكذلك البروتينات الأخرى الشبيهة - بالألياف. ويؤثر العمر المتقدم والتدخين وارتفاع ضغط الدم على هذه البروتينات إلا أنها لا تؤثر على الألياف مباشرة، بل انها تحفز الانزيمات التي تهاجم ألياف الشريان الاورطي. ويطلق على أكبر المجموعات الضارة منها اسم أنزيم «ماتركس ميتالوبروتينيز» (matrix metalloproteinases) MMPs، التي تنشط لتحلل الايلاستين والكولاجين وتحفز على ظهور الالتهابات التي تضفي مشاكل إضافية. ومع مجريات هذه العملية تأخذ خلايا عضلات جدران الشريان الأورطي في التضرر، الأمر الذي يقود إلى إضعاف الشريان أكثر، مما يؤدي إلى توسعه وانتفاخ، أي ظهور لأم الدم. وتبشر الأبحاث باحتمال التوصل إلى طرق لمنع حدوث هذه العمليات والحفاظ على استقرار جدران الشريان الأورطى.

ويمثل وقف التدخين أهم مطلب لدرء حدوث أم الدم، والحفاظ على ضغط الدم كذلك. وقد اعتقد العلماء أن أدوية حاصرات بيتا beta blockers تساعد خصوصا في تقليل الإجهاد على الشريان الأورطى إلا أنه لم يثبت أنها أوقفت نمو «أم الدم الأورطي الباطني». وفي الفترة الأخيرة توجه الانتباه إلى مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين ACE inhibitors، التي تشير الدراسات على الحيوانات إلى أنها تقلل من نمو انتفاخات أم الدم، فيما ربطت دراسة كندية بين تناولها وتناول «حاصرات بيتا» والأدوية الخافضة الأخرى لضغط الدم وبين تدني خطر تفجر أم الدم. ورغم الحاجة إلى دراسات أكثر، فإن على الأطباء وصف مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين للمرضى الذين يعانون أيضا من ارتفاع ضغط الدم.

كما ينبغي على الأطباء وصف أدوية الستاتين «statins» للمصابين بحالات «أم الدم الأورطي الباطني» حتى وإن لم تكن مستويات الكولسترول مرتفعة لديهم، وذلك لان الكثير من هؤلاء المرضى يعانون أيضا من أمراض في الشرايين التاجية ومعرضون لخطر أكبر في حدوث النوبة القلبية. ويبدو أن أدوية الستاتين تقلل من ازدياد انتفاخ أم الدم ومن حدوث الوفيات بسببه سواء لدى المرضى الذين خضعوا أو لم يخضعوا لعمليات إصلاح جراحية.

ولا تزال بعض الأدوية الأخرى في طور الاختبار، إذ يبدو أن المضاد الحيوي «دوكسيسيكلين» doxycycline يمنع نشاط إنزيم «ماتركس ميتالوبروتينيز MMP الضار. وقد أدى في التجارب على الحيوانات إلى درء حدوث انتفاخات «أم الدم الأورطي الباطني». وأظهرت دراسة واحدة أنه أدى إلى إخماد الالتهابات لدى البشر. كما أن المضاد الحيوي «روكسيثرومايسين» roxithromycin ودواء «روسيغليتازون» rosiglitazone لعلاج السكري، يخضعان للاختبارات في هذا المجال.

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».