الشاعر السعودي محمد الحرز: أكتب عن العزلة والذاكرة لأن حياتنا اليومية فقيرة ومهمّشة

قال إنه يركن الى طفولته وطفولة الأماكن في مجموعته «أسماك لا تتذكر دم الفريسة»

الشاعر محمد الحرز («الشرق الاوسط»)
TT

يحاول الشاعر السعودي محمد الحرز في مجموعته (أسمال لا تتذكر دم الفريسة) الصادرة حديثا ضمن إصدارات «بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009» أن يركن إلى الذاكرة وإلى طفولته وطفولة الأماكن، وأن يتخلص قليلا من المأزق الفلسفي الذي صبغ كتاباته السابقة، فيراهن على الخروج بشاعرية أكثر خفة، حيث تأمل الطفولة بشتى جوانبها، والخوض في انزلاقاتها، وفي نصوص المجموعة يتوارى خلف المجازات وتكثيف الصور الشعرية كي يؤمن له مسافة كبيرة ليتكلم بلغة أكثر بساطة وسلاسة. حول هذه المجموعة وعن إشكالية علاقة المثقف بالمؤسسة الثقافية بصفته عضو مجلس نادي الأحساء الأدبي كان هذا الحوار في الأحساء.

* في مجموعتك الأخيرة (أسمال لا تتذكر دم الفريسة) تحاول أن تؤرخ لحياتك منذ لحظة الولادة: «القابلة وحدها تدير الصلوات/ الأمهات حولها من يفسحن المجال للوارث الجديد». إلى أي مدى تكون الطفولة والذاكرة مادة شعرية خصبة؟

ـ أعتقد أن هذه المجموعة تأتي كمحصلة للخروج من مآزق عديدة، مآزق شعرية بالدرجة الأولى، كانت في مرحلة سابقة في المجموعتين السابقتين: «رجل يشبهني» و«أخف من الريشة أعمق من الألم». فهذه المجموعة «أسمال لا تتذكر...» تقتات من الطفولة ولكن بشاعرية أكثر خفة من المجموعتين السابقتين، لا أخفيك بأن المغذي الحقيقي هو تأمل الطفولة بشتى جوانبها، ولكن تبقى الحصيلة النهائية أن تأمل هذه الطفولة والخوض في ردهاتها وانزلاقاتها هو الرهان الحقيقي بالنسبة لي على الأقل للخروج بشعرية مختلفة في سياق التجربة التي عشتها، في هذه المجموعة هناك تنويعات على ثيمة واحدة في بعض القصائد خصوصا في النصوص الأولى هناك خط منسجم تماما مع هذه الثيمة وهي محاولة استجداء طفولة المكان وتعالقها في فضاء رحب من الأمكنة ولذلك لم أسمِ الأمكنة كما هي وإنما هي تسمية فضفاضة نوعا ما ومن قرأ المجموعة أضفى عليها صبغة نشيد الأمكنة وهي بالتالي هي تجربة تحتمل من الذاكرة بقدر ما تحتمل من المواقف من الحياة اليومية، لأن المواقف التي في حياتنا اليومية هي جزء من تشكيل النصوص ولكن هذه المجموعة الحالية هي بوابة للدخول لفضاء أوسع وأرحب. بطبيعتي لا أميل للاختزال دائما أحاول أن أنفلت من التشكيلات الضيقة سواء على مستوى الجملة أو السياقات ولذلك حتى الأنا تحتمل رؤية جماعية أكثر منها أنا متذبذبة في الحياة اليومية، هذا جزء من النصوص، وأعتقد أن المجموعة تحتمل عدة سياقات مختلفة في نصوص مختزلة ومختلفة في سياقها ونصوص أخرى هي حالة سردية تنتمي إلى حالة نثرية بشكل كبير.

* وهل نجحت في الاتكاء على الذاكرة لتحويل تلك الحياة إلى مادة شعرية، أو أنك تخلصت من وطأة تلك الحياة، أم هي محاولة لإعادة صياغتها مرة أخرى في الذاكرة على الأقل؟.

ـ لم أتخلص تماما من إرهاق الذاكرة، هي تشظي باتجاه أن تتحول الحياة إلى حالة من الديمومة من الكتابة وربما هذه إحدى التقنيات التي أستخدمها بصورة لا واعية، وأن مفردة الكتابة دائما تفتح لي أبوابا كثيرة جدا، الكتابة هي الهاجس الأكبر خلف كل النصوص بمعنى أنه منذ البداية كانت مفردة الكتابة هي قرينة للشاعرية بالنسبة لي، لم أتخلص منها تماما ربما السر في الخوض والانطلاق في كتابة النصوص هي الرغبة الشديدة في أن تكون الكتابة حاضرة بصورة يومية ودائمة، هذا المغذي للشريان الشعري في الكتابة، ولا زلت أؤمن بأن لكل شاعر مفردات تعيش معه منذ الطفولة وتكبر معه، وما هي إلا ثيمة ينوع عليها في كتاباتها، بعض المفردات هي موجودة في نصوص سابقة ولكنها هنا أكثر نضجا، لماذا لأني أعتقد أنني تخلصت كثيرا من علائق التجربة التي تجذب النصوص إلى النثرية الخالصة، في المجموعة السابقة كان الوعي الفلسفي أكثر طغيانا، ولكنها هنا أكثر خفة وأكثر تخلصا من هذا الوعي أو ما أسميه المأزق الفلسفي، هناك نصوص تسبح في فضاء الشعرية بخفة وأكثر شفافية وصفاءً مما كانت عليه في نصوص السابقة.

* الخطأ، الندم، السواد، الألم، الأوجاع هذه المفردات التي تعبّر عن حياة ما والتي هي شاهدة على تلك الحياة، كيف لهذه المفردات أن توثق لحياة الإنسان، وكيف تكون مادة خامة لمادة إبداعية؟

ـ هناك مقولة لا أتذكر قائلها: «من يريد أن يغذي شاعريته بصدق عليه أن يمر عبر وحل الحياة»، لا بد من المرور على هذا الوحل للتخلص من الحياة نفسها، للوصول إلى ما يسمى بالخلاص عند الصوفيين، الخلاص الذي هو مثل السراب، عندما تصل إليه لن تجده إلا سرابا، هذه الديناميكية هي التي تحرك الشاعرية عند الفرد، بالإضافة على أن الحياة التي نعيشها عموما، حياة غير مهيأة لأن تكون أكثر حيوية وديناميكية، نحن نكتب في منطقة مهمشة، هامشية للحياة دائما وأبدا، العزلة والذاكرة هي التي تسعفك كثيرا في الكتابة، عدا ذلك أعتقد أننا لم نصل إلى درجة لأن تكون الحياة هي الشعر والشعر هو الحياة، كما يقول بولدرن ونوفاليس وغيرهما، هذه الحالة هي التي أحاول أن أصل إليها بتقريب اللغة الشعرية إلى الحياة اليومية دون السقوط في النثرية المفرطة، هذا الرهان الذي وصلتُ إليه في هذه النصوص.

* يحضر ضمير الجماعة بشكل أساسي، فمرة أنت صوتهم ومرة أنت شاهد عليهم، ومرة أنت مرشدهم وآمرهم، الضمير الجمعي أو الحياة المشتركة مع الآخرين «الإخوة والأصدقاء» كيف وجدتها كمادة شعرية؟.

ـ الوعي المترسب في داخلي هو وعي جماعي، لن أتخلص منه تماما ربما هذه هي الحقيقة التي نتكئ عليها للكتابة الشعرية، «ينبغي» التخلص من هذه الحالة للوصول إلى الحالة الفردية، الفردانية بتعدد صورها لكن هذا لا يمنع أن هذا خيار شعري، تصل إلى حدود ربما تستنفذ هذا الخيار إلى خيار آخر، أريد أن أقول إن للشاعر خيارات وطرق متعددة في كتابته الشعرية سواء بالأنا الجماعية أو الأنا الفردية، ولكن في اللحظة الراهنة، الخيار الأمثل بالنسبة لي هو الأنا الجمعية التي لم تستنفد طاقتها بعد لأسباب كثيرة من أهمها نحن كجماعة ذاكرتنا محملة بطقوس جماعية وكان ذلك أسلوب تربيتنا، هذه الذاكرة أنظر إليها الآن أنها غنية بالموروث الأسطوري وبكل ما يؤدي إلى شعرنة الحياة، وفي هذه المجموعة حاولت أن أستلهم وأتقاطع مع نصوص تراثية وأدبية وهناك استحضار إلى شعراء جاهليين، كل هذه الأنا الجماعية هي الضاغطة، وهذا خيار للشاعر يجب عليه أن يستلهم هذه اللحظة بصورة أكثر شاعرية وأكثر حداثية، ولكن في النصوص الأخيرة من المجموعة حاولتُ أن أخرج من هذه الحالة الجمعية، لتكوين صورة فردانية عن الشاعر نفسه.

* من يقرأ نصوص المجموعة يلاحظ كأنما كتبت مرة واحدة أو في وقت متقارب، هناك خيط واحد يجمعها.. أليس كذلك؟

ـ هي تجربة جاءت سريعة كتبت خلال شهرين وهي حصيلة تجاذبات بيني وبين الصديق الشاعر أحمد الملا، كنا في حالة شعرية واحدة، وتجربة أحمد الملا الشعرية الأخيرة التي ستصدر تحت عنوان «كتبتنا النساء» هي عبارة عن تجاذبات، من تبادل قراءة النصوص بيننا التي كانت محفزة لكلينا، هذه التجربة ولّدت حالة من الجو الشعري المنسجم تماما، ربما هذه تعتبر طريقة أكثر جنونا في كتابة الشعر لأنها تجعلك في حالة مستمرة لتلقي نصوص مختلفة، أنا من الأشخاص الذين يكتبون الشعر بعد أن يستنفدوا طاقتهم في تأمل الشعر نفسه، لا أتصور أني أكتب هكذا من دون محفزات، فكانت نصوص أحمد الملا محفزة كثيرا لكتابة نصوص مجموعتي، دون التأثر بالآخر فقد كان لكل منّا تجربته الحياتية الخاصة.

* غياب الحياة اليومية في نصوص الحرز أو ندرتها، والعودة إلى الكتابة عن الطفولة أو من الذاكرة أو اللغة، هل هو دلالة على افتقار الحياة اليومية عن كونها مرجعية للإبداع؟

ـ أعتقد أنّ هذه العبارة نصف الحقيقة، أما الحقيقة الأخرى فإن الشاعر هو الذي يستطيع أن يخلق حياته الخاصة، أن يتخلّص من كل شعوره بالمدن التي يعيش فيها بصورة هامشية، كثير من الشعراء لم يستطيعوا أن يعيشوا في مدنهم، خرجوا من هذه المدن وتحولوا إلى سياح وإلى مشائين، يستلهمون الحياة من مدن مختلفة كثيرة، ومن أمثلة ذلك بعض الشعراء العراقيين ومنهم الشاعر سركون بولص الذي كتب كتابات جميلة عن مدن أوروبية مختلفة ومنها نيويورك، هذه المحفزات والخاصية نحن لا نملكها، ويبقى الشعر مرتبطا بالأنا وليس باللغة نفسها أو الشعر نفسه، نحن دائما نتعالق مع اللغة ومع الذاكرة ولكننا لا نتعالق مع الأمكنة، الأمكنة التي بوصفها محفزا حقيقيا لكتابة شعر بصري.

* يلاحظ بصورة واضحة أن نصوص المجموعة كتبها ناقد، أو أن الشاعر كان يعيش بروح ونظرة نقدية للحياة نفسها.

ـ النقد محفز كبير لأن أتطرق إلى جوانب الحياة بصورة كبيرة، ولكن بالنسبة لي النظرة الثاقبة للشعر لا بد أن تمر عبر رأي نقدي لا يرتكز على اللغة الفلسفية وإنما باللغة المحملة بالمجازات المكثفة، ربما هذه حالة استخدمها لأتوارى خلف هذه المجازات وهذه الصور الشعرية المتلاحقة، بعض الأحيان أرى أن هذا التواري يؤمن لي مسافة كبيرة حتى أتكلم بكل أريحية، ومرة أخرى أجد أن هذه الصور الشعرية المكثفة هي تحمّل النص فوق طاقته، ولذا أحيانا أتردد كثيرا عندما أكتب الشعر بصورة أكثر تخلصا من هذه الكثافة المجازية، أجد نفسي بأني متعرٍ تماما وأشعر بخوف ورهبة شديدة من هذا التخلص لا أعلم هل لأنني تربيتُ لأن أتكلم بالسر ولا أفصح عن كل ما يجوس في خاطري بلغة أكثر بساطة وسلاسة، هذا الخوف هو نابع من التربية الاجتماعية والتربية الثقافية، هذه التربية التي اعتمدت على الطقوس وعلى الموروث الأكثر سرية، وكأنما عندما نكتب نجازف بأن يفهمنا الآخرون بما نحن عليه، ومن الصعب أن نتخلص من كل الطبقات التاريخية المتراكمة، ولذلك سر هذه الكثافة الشعرية والمجازية للتخلص من هذا التعري؛ ربما تأتي تجربة لاحقة ننفلت ونتكلم بكل أريحية سواء في هذا العالم المصغر الذي نعيشه في البيت وما بين الأصدقاء وما بين المجتمع.

* في مجموعتك تجمع عناصر الشّعر إلى قوام النثر في غير ما قصيدة أو أنك تبدأ من النثر وتطعمّه بقليل من «الشحنات» الشعريّة، هل ترى أنك استطعت أن تدخل في تجربة كتابية جديدة؟

ـ هي محاولة لوضع الكلمة في المكان المناسب والوقت المناسب والجمل الشعرية كذلك هذه المحاولة ربما استطعت أن أتقنها بحذافيرها في هذه النصوص، ولذلك أتصور أنه لا توجد فجوات في النص، لأنه منصب مرة واحدة، مع مراعاة الغنائية التي هي انسجام في الجمل الشعرية والسياقات وتفرد المفردة، كل ذلك طوعته في الكتابة النثرية سواء على مستوى الاقتصاد في الكلمات أو التكثيف والمجاز.

* عندما تنتهي من كتابة النص هل ترجع إليه مرة أخرى، وهذا الرجوع أليس فيه إرهاق نفسي من خلال استدعاء الحالة الماضية.

ـ هناك نص يكتب في حالة واحدة دون الرجوع، وهناك نصوص احتجت إلى الرجوع إليها وإعادة صياغتها، وهذه احترافية في كتابة النصوص، بعض النصوص أخذت فترة زمنية حتى نضجت، والرجوع إلى النص فيه إرهاق نفسي من خلال استدعاء الحالة، وهذا الاستدعاء يأتي من إعادة قراءة النص، أؤمن تماما أن الإبداع هو لحظة تقاطع في الزمان والمكان، هذه اللحظة هي التي تجعلك تعيد قراءة النص بشكل مختلف أو بعينين مختلفتين، وهذا يؤدي إلى الشعور بالاختلاف في الذائقة.

* بعد عامين من وجودك في نادي الأحساء الأدبي كيف تقيم تجربة المثقف في المؤسسة الثقافية وما وجه الاختلاف بين نظرتك السابقة والحالية بعد خوضك تجربة دخولك للمؤسسة الثقافية؟

ـ لا زلت أؤمن بأن على المثقف أن يجرب سواء داخل المؤسسة أو خارجها، في وقت ما كنا ننتقد المؤسسة الثقافية من الخارج، وبعد أن انخرطنا فيها كان لزاما علينا أن ننقد المؤسسة من الداخل، هاتان الوجهتان ينبغي أن نفرق ما بينهما حتى نستطيع أن نكون أكثر موضوعية.

أنا أعيب كثيرا على الذين لم يستجيبوا للمؤسسة كي ينخرطوا ضمن أنشطتها، أعيب عليهم في أنهم لم يجربوا الدخول في المؤسسة الثقافية ويصلحوها من الداخل، بالنسبة لي لا زلت أؤمن بأننا سواء كنا في داخل المؤسسة أو خارجها نحن ضحايا المؤسسة نفسها، ورغم ذلك فإننا مجبرون في أن نتعامل مع المؤسسة، وهذا قدر نتعامل معها على الأقل بشروطنا وليس بشروطها مطلقا، نحاول أن نرتب أوضاعنا كما نريد وليس كما تريد المؤسسة، ربما في هذا نوع من المجاملة ولكن أعتقد أن التجربة التي خضناها في نادي الأحساء الأدبي وجدنا أن هناك مساحة هامشية نستطيع أن نتحرك من خلالها لنصنع شيئا ما، في الحقيقة استطعنا أن ننجز على قدر المستطاع وأن نسهم في تحريك الفعل الثقافي في المنطقة، هذا يؤدي إلى قناعة تامة علينا أن ننجز ما نستطيع ونترك ما لا نستطيع لأجيال لاحقة بصورة أو بأخرى، وتبقى المؤسسة الثقافية مؤسسة رسمية لا يمكن أن تتجاوزها بمطلق شروطك، هناك نوع من التحايل ينبغي على المثقف أن يكون ذكيا في كيفية التعامل مع المؤسسة كي لا يذوب فيها وألا يترك مسافة بينه وبين هذه المؤسسة.

* ألا يمكن لهذا المثقف أن يتحول إلى متسلط عندما يدخل هذه المؤسسة، فيبدأ في اختيار ذلك الشاعر واستبعاد ذلك الشاعر أو الكاتب أو المؤلف، ويستغل وجوده في المؤسسة، في الوقت الذي كان فيه ينتقد ذلك عندما كان خارجها؟

ـ كل مؤسسة هي سلطة، وكل مثقف يمتلك رأيا هو سلطة، ولكن كيف نشذب هذه السلطة، كيف نسيطر على الأقل على تجاذباتها وعلى انفلاتها، المثقف بإمكانه أن يسيطر بوعيه، الفهم الحقيقي بمهمة المثقف بأن يكون مجرد داعية للثقافة، وليس مصنفا للآخرين، أعتقد أن التصنيف للأشخاص ووضعهم في خانة معينة هو نوع من السلطة الكبيرة عندما نمارسها، وهنا الخطورة تكمن، ينبغي على المثقف أن يراعي هذا الجانب بصورة كبيرة، نحن وظيفتنا الأساسية في المؤسسات أن نحفز الآخرين على الكتابة وهذا في تصوري هو الوظيفة الأهم، وكذلك ألا يضع المثقف نفسه كأب للآخرين، لأن الأبوة نوع من السلطة، لا بد من إتاحة الفرصة للآخرين كي يمارسوا تجاربهم، والزمن كفيل بأن يجعل من الشخص أن يكون ناضجا، هذا تصوري المبدئي تجاه المثقف داخل المؤسسة، وبالتأكيد هناك نماذج أخرى مختلفة، هي تسلطية حد النخاع ولكن هذه طبيعة التفاعل المجتمعي والثقافي، والمؤسسة لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا بهؤلاء النماذج، النماذج التي تتوافق مع رؤيتها، ولكن من طبيعة الحياة أن يكون هناك صراع ما بين أطراف مختلفة، وإلا لن يوجد هناك فعل ثقافي، الصراع هو إيجابي بالدرجة الأولى، صراع في الأفكار وفي الحياة وفي المجتمع وهذا هو الحراك الطبيعي، والذي لا يحمل هذه الفكرة هو الذي يسقط في النهاية في فخ المؤسسة، بأن المؤسسة تستفيد منه وهو لن يستفيد منها إطلاقا.