أول أنطولوجيا للقصة القصيرة السعودية تترجم لـ191 كاتبا وكاتبة

«المجاهدون: تاريخ حديث للحروب الصليبية». المؤلف: جوناثان فيليبس. الناشر: «بودلي هيد»، لندن2010.
TT

يعتبر كتاب «أنطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية» الذي جمعه ووثقه الباحث السعودي المعروف خالد اليوسف، وصدر ضمن إصدارات مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث، واحدة من أهم التجارب في رصد مسيرة القصة القصيرة في المملكة. وهو أحد الجهود التي يشتغل عليها الباحث اليوسف منذ سنوات في تتبع ورصد مسيرة الأدب السعودي. يجمع الكتاب، وهو أول أنطولوجيا للقصة القصيرة في السعودية، تراجم لـ191 كاتبا وكاتبة، كما يشتمل على دراسة حول مفهوم الأنطولوجيا وقواعد البحث التي استخدمها الكتاب. وكان أبرز من ترجم لهم اليوسف: عبد العزيز مشري، سباعي عثمان، عبد الله بامحرز، عبد الله جفري، عبد الله السالمي، عبد الله سعيد جمعان، هديل الحضيف، ومن الكتاب المعاصرين: إبراهيم الناصر، عصام خوقير، طه الصافي، يحيى الساعاتي، محمد علي قدس، محمد الشقحاء، حسين علي حسين، جار الله الحميد، عبد الله العريني، جبير المليحان، ناصر الجاسم، منصور المهوس.

اليوسف اعتبر أن الصحافة كانت تعد النافذة الوحيدة للنشر، حيث صدرت أول مجموعة قصصية لأحمد عبد الغفور عطار بعنوان «أريد أن أرى الله»، وذلك عام 1946. ثم توالى صدور المجموعات القصصية ليصل عددها حتى عام 1964 إلى خمس عشرة مجموعة قصصية.

ويعد الكاتب الفترة حتى عام 1964 تاريخا مفصليا في الحياة الثقافية، حيث تحولت الصحافة من نظام الأفراد إلى نظام المؤسسات المتخصصة بالصحافة والطباعة والنشر، الأمر الذي انعكس على الأدب وفنونه، فتأثر الكـتّاب في نشر إبداعهم وإنتاجهم بالمشرفين على الملاحق والصفحات الثقافية في الصحف.

ويرى اليوسف أن دخول المرأة إلى الساحة القصصية أشعل فتيل الحماس، حيث بدأت المرأة تنافس الرجل في الكتابة القصصية، مما أحدث تغييرا شاملا في مفهوم الكتابة القصصية، والذي أثر بدوره على حركة النشر، فبعد خمس عشرة مجموعة قصصية في فترة التأسيس، وصل النتاج القصصي إلى خمس وثلاثين مجموعة، وهي الفترة الثانية للتطور الفني للقصة القصيرة السعودية التي انتهت في عام 1979.

وفي المرحلة الثالثة التي امتدت من عام 1980 حتى عام 1990، تجاوزت المجموعات القصصية التي صدرت لكتاب سعوديين مائة وعشر مجموعات قصصية، واستقبلت القصة القصيرة في المجتمع عامة من خلال الصحافة اليومية، فكانت الصفحات والملاحق الأدبية والأعداد الخاصة تتزايد يوما بعد يوم، كما اتسعت مساحة المنافسة بين الكتـّاب أنفسهم. وساهمت الأندية الأدبية في انتشار وتطور القصة القصيرة، وذلك عبر إقامة الأمسيات القصصية والندوات الأدبية والنقدية وإصدار المجموعات خلال مسيرتها، فقابل هذا الزخم زيادة في عدد النقاد والمهتمين بدراسة القصة القصيرة من داخل الوطن وخارجه.

في حين بدأ الفصل الرابع من قصة القصة القصيرة في السعودية مع بداية أحداث حرب الخليج الثانية، والتي أثرت على كتاب القصة القصيرة، فتوقف الكثير من روادها في فترة الثمانينات، وتحول بعضهم إلى مجالات الحياة الأخرى، كما أن هذه الفترة ساهمت بشكل أو بآخر في تجديد الخطاب القصصي، حيث ظهرت أسماء شابة تمارس كتابة القصة موظِفة تقنيات حديثة، مما ساهم في تنوع المضامين وازداد عدد الإصدارات.

ويرى اليوسف أن القصة السعودية اتكأت على ثلاثة أشكال أعطت الصورة العامة لها وهي «النصوص الطويلة» أو ما تسمى قصة دون وصف لها، ولعل أبرز نماذجها «العنقاء» لمحمد منصور الشقحاء، و«عنوان منال» لأميمة الخميس، و«جبل الشراشف» لعبد الله التعزي، و«خلود التي في بغداد» لفوزي البيتي، وهذا النوع يتسم بتعدد الأزمنة والأمكنة والشخصيات والحوار والوصف المتنقل، وعادة لا تقل صفحاتها عن عشر صفحات.

والشكل الثاني هو «القصة القصيرة» وهي القصة التي اعتاد عليها الكـتّاب والقراء والنقاد، وهي التي لا تتجاوز خمس صفحات، ومعظم ما في الكتاب من نصوص قصصية يمثل نماذج لها، وتتسم بالتركيز حول الشخصية وحدثها وتحركاتها الجسدية والنفسية، وحوارها، واللغة والوصف، وهي قصة واضحة المعالم والصفات والموضوع واللغة.

بينما يحمل الشكل الثالث مسمى «القصة القصيرة جدا» وهي الكتابة الأحدث بالنسبة للكتابة القصصية، وهي التي تتميز بتركيز الجملة، والتكثيف اللغوي، والحدث الواحد، والشخصية المحورية، والموضوع المقنن، وهي عادة لا تتجاوز بضعة أسطر وقد لا تتجاوز خمسين كلمة، وقد ازدهرت واتسع أفقها في الساحة القصصية السعودية، ومن أمثـلتها في هذا الكتاب قصص خيرية السقاف، قصص حسن البطران.