تفاصيل الساعات الأخيرة للفنان السعودي الراحل محمد العلي

TT

رحل الفنان السعودي محمد العلي، فجأة وبدون مقدمات وهو لم يتخط العقد الخامس من عمره، وفي أوج عطائه، وبرحيله فقدت الساحة الفنية السعودية والخليجية، واحداً من أبرز فنانيها المخضرمين، حيث عمل بالفن ما يزيد عن ثلاثين عاماً، قدم خلالها العديد من الأعمال الفنية الإذاعية والمسرحية والتلفزيونية.

بدأ الفنان حياته الفنية في الستينات بسهرة تلفزيونية اسمها «الأستاذ حمد باللونين الأسود والأبيض» بعدها سافر للدراسة في بريطانيا، كمهندس إلكترونيات، وبعد عودته عمل مذيعاً في إذاعة الرياض للغة الانجليزية، وقدم مع رفيق دربه الفنان عبد العزيز الحماد برنامج «زين وشين»، وانطلقت اعماله الفنية المسرحية والتلفزيونية، حيث قدم أولى مسرحياته «المزيفون»، ثم «طبيب بالمشعاب» في بداية السبعينات، كما قدم مسرحية «آخر المشوار»، و«ثلاثي النكد»، و«تحت الكراسي»، «ديك البحر»، ومن اعماله التلفزيونية «حكايات حكيم الزمان»، «الدمعة الحمراء»، «أصايل»، «الوهم»، «القصر»، «الزمن والناس»، «السراب»، «عودة عصويد»، واعمال أخرى كثيرة أشهرها المسلسلة التلفزيوني الاجتماعي الناقد «خلك معي» الرمضاني والذي قدم الجزء السادس منه في رمضان الماضي، كما يعرض له حالياً في التلفزيون السعودي مسلسل «طعم الأيام»، وقد شارك الفنان محمد العلي في العديد من الأعمال التلفزيونية العربية في مصر وسورية ودول الخليج العربية.

أما عن الساعات الأخيرة من حياته، فحدثنا عنها نجله الأكبر عبد الإله قائلاً: في يوم الخميس الماضي 3/1/2002، وهو يوم وفاته، استيقظ الراحل كعادته ونزل الى مكتبه في المنزل، لمطالعة الصحف اليومية، إلا انه كان يهيئ نفسه لحدث هام وهو استقبال حفيدته التي تعيش بها والدتها آلام المخاض منذ الفجر في احد مستشفيات الرياض، وكنت بصحبت زوجتي، انتظر الولادة عندما طلبني الوالد الراحل للاطمئنان على زوجتي، وحوالي الساعة العاشرة طلبته على هاتفه الجوال للاستفسار عن موعد قدومه ووالدتي الى المستشفى، إلا انه لم يرد على الهاتف، عندها طلبت والدتي وتكلمت معها عن موعد قدومهما مع والدي، وبعد قليل أخبرني أخي فهد على الهاتف بأنه أرسل سيارة اسعاف الى المنزل فوراً لإسعاف الوالد الذي وجدوه ملقى على مكتبه بدون حراك، وهو في حالة إغماء، لم انتظر سيارة الاسعاف بل ذهبت بنفسي مسرعاً، وعند دخولي المنزل، شاهدت عددا من الرجال قد حملوا الراحل ويودون الذهاب به الى المستشفى، حملته بسيارتي، وأسرعت به الى المستشفى، فيما كان أخي فهد يحاول انعاش قلبه بالتدليك واعطائه تنفسا عن طريق الفم، وبعد وصولنا الى المستشفى، وبعد اجراء الكشف عليه، وقع خبر وفاته علينا كالصاعقة، و أفادوا بأنه متوفى منذ ما يقارب الساعة ونصف الساعة، حينها كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة صباحا، ولم يتمالك عبد الاله نفسه وأجهش بالبكاء وهو يقول: لقد ولدت ابنتي نجد من دون أن يراها وفي لحظات وفاته، وما يحز في النفس انه هو من أراد ان يطلق عليها هذا الاسم، لقد سماها من دون ان يراها.

وعن أمنيات الفنان محمد العلي، قال نجله، انه كان ينوي تقديم برامج دينية عن مكارم الأخلاق في الاسلام، حيث كلفني بأن أجمع له بعض الأحاديث وشيء من السيرة النبوية عن مكارم الأخلاق والفضائل، مثل الصدق وحسن التعامل والأمانة، وكان قد بدأ بقراءة كتب الأحاديث النبوية مثل كتاب صحيح البخاري ومسلم لانتقاء بعض من الأحاديث النبوية بهذا الخصوص.

اما عن امنياته الفنية، فكان كثير الحب للمسرح اكثر من التلفزيون، حيث كان يحضر لمشروع مسرحية تعيده الى المسرح الذي عشقه بقوة، إلا ان القدر لم يمهله، وكان الراحل قد اجرى في شهر رمضان المبارك بروفة على مسرحية «الضربة القاضية»، لكنه اعتذر عن عدم تقديمها لظرف سفره الى مدينة تبوك حيث شارك في مسرحية «غزوة تبوك» في ايام عيد الفطر المبارك.

واكثر ما كان يحز في نفس الفنان الراحل حسب قول نجله عبد الإله، هو عدم تكريم الفنانين في حياتهم، بل بعد موتهم، وكان عاتبا بهذا الخصوص، على المؤسسات الإعلامية السعودية، التي تؤجل تكريم الفنانين الى بعد مماتهم. ولقد تم تكريم محمد العلي، في اكثر من مناسبة، حيث تم تكريمه في مهرجان تلفزيون الخليج السادس الذي اقيم في البحرين عام 1998 كما تم تكريمه في مهرجان الجنادرية الرابع عشر، ومهرجان الرواد العرب في القاهرة. رحل الفنان محمد العلي وهو يعيش أحلامه المشروعة فهل تتحقق.