مواجهات تلفزيون «الكيبل» تهدد تكاليف المشاهدة وخياراتها

اتفاق فوكس - تايم وارنر يعني حصول الشبكات التلفزيونية على مليارات الدولارات

تحظى المسلسلات والبرامج التي تنتجها شركة «تايم وارنر» على مشاهدة عالية بين الأميركيين (نيويورك تايمز)
TT

فتح الاتفاق، الذي ستدفع بمقتضاه شركة «تايم وارنر كيبل» لشركة «نيوز كورب» مقابل البث التلفزيوني، الباب أمام الشبكات التلفزيونية للمطالبة بنحو 5 مليارات دولار سنويا من مقدمي الخدمي التلفزيونية ومشتركيهم.

وكانت الشركتان قد توصلتا إلى اتفاق توزيع في الأول من يناير (كانون الثاني) دون الكشف عن بنود الاتفاق. وقالت الشبكات الإعلامية الأخرى إنها قد تسعى إلى فرض رسوم على البث الذي تقدمه بصورة مجانية في الوقت الحالي، حيث ترتبط شبكة «سي بي إس» باتفاق مع «كومكاست»، أضخم شركة كيبلية في الولايات المتحدة، ينتهي بنهاية العام القادم، لكنها تتقاضى الآن رسوما من «تايم ورانر كيبل» و«دش نت وورك».

وقد سعت شركة «نيوز كورب» إلى الحصول على دولار شهريا مقابل كل مشترك في «تايم وارنر كيبل» مقابل حقوق بث قناة «فوكس» التي تنتج مسلسل «ذا سيمبسون» وبرنامج «أميركان أيدول».

وأشار كريغ موفت، المحلل في شركة «سانفورد سي برينستين» في نيويورك إلى أنه إذا ما سعت الشبكات الأخرى إلى الحصول على شروط مماثلة فستضطر الشركات الكيبلية إلى دفع ما يقرب من 5 مليارات دولار سنويا، ومن المتوقع أن يتحمل مشتركوها تلك التكلفة.

وقال موفت: «الشبكات التلفزيونية قالت إن محطاتها تستحق أن تعوض عن البرامج ذات الجماهيرية الكبيرة مثل مسلسل «إن سي آي إس» و«صنداي نايت فوتبول» و«زوجات يائسات». وكانت الشبكات تقدم هذه الحقوق لترويج القنوات الكيبلية الجديدة مثل قناة «إي إي بي إن 2» التي تبثها «والت ديزني»، أو رسوما أعلى من أجل القنوات الموجودة بالفعل.

وقال ليزلي مونفيز، المدير التنفيذي في شبكة «سي بي إس»، في مؤتمر صحافي في نيويورك، إن الشبكة، مالكة أكثر الشبكات التلفزيونية مشاهدة، تسعى إلى تحقيق 250 مليون دولار سنويا مقابل حقوق إعادة البث، حيث ستتعاون الشبكة مع الشركات التابعة لها للضغط على الشركات المزودة للخدمة الكيبلية.

وإذا ما حصلت «فوكس» على دولار شهريا مقابل كل مشترك من شركات الكيبل وحذت شبكة «إن بي سي» وشبكة «إيه بي سي» وشبكة «سي بي إس» حذوها فسيؤدي ذلك إلى رسوم إضافية تقدر بخمسة مليارات دولار.

وقال روبين فلين، المستشار في شركة «إس إن إل كاغان»، التي تتخذ من مونتيري في كاليفورنيا مقرا لها: «من المتوقع أن تحصل (سي بي إس) على 50 سنتا شهريا من شركات الكيبل عن كل مشترك في بعض الأسواق، حيث سعت الشبكة إلى الحصول على المال بعد انفصالها عن (فياكوم)».

من جانبه أوضح روبرت إيغر، المدير التنفيذي في شركة «والت ديزني»، الذي تمتلك شركته شبكة «إيه بي سي»، في مؤتمر صحافي أيضا أنه يتوقع أن تبدأ محادثات إعادة البث المتعلقة بمحطات «إيه بي سي» العام المقبل. ورفض التعليق عن تحديد الشركات الكيبلية التي سيجري التفاوض معها.

وقال: «أعتقد أنه سيكون هناك تركيز أكبر حول الخروج بقيمة محددة من اتفاق إعادة البث، الذي يبدو توجها في السوق». وقد دعمت شركتي «ديزني» و«مونفيز» جهود «فوكس».

من جانبها قالت شركة «كومكاست» التي تسيطر على شبكة «إن بي سي» التابعة لشركة «جنرال إليكتريك» إنها تتوقع أن تدفع رسوم إعادة البث، لكنها لم تتطرق إلى تقديم المزيد من التفاصيل.

وقال جيمس غوس، المحلل في «بارينغتون ريسيرش أسوشيتس» في شيكاغو: «يبدو ذلك صحيحا من وجهة نظر الشبكة بضرورة تقديم بعض التعويض على تقديم البرامج التي تجذب جمهورا ضخما. بيد أنها من وجهة نظر شركات الكيبل لا ترغب في دفع رسوم أعلى في شيء غير مؤثر».

وكانت الكثير من أسئلة مشاهدي تلفزيون الكيبل في جميع أنحاء البلاد عالقة دون إجابة، حتى بعدما قامت شبكة «فوكس» التلفزيونية وشركة «تايم وارنر» كيبل بتسوية الجدل الصاخب بينهما بالتوصل إلى اتفاق مع بداية العام الجديد.

ويعد ذلك الاتفاق خبرا سارة بالنسبة لأكثر من 6 ملايين عميل لدى «تايم وارنر» على المدى القريب، حيث سيستطيعون كالعادة مشاهدة مسابقات «كوليدج بول» ومباريات دوري كرة القدم الأميركية وبرنامج «أميركان أيدول»، بالإضافة إلى مجموعة من البرامج الرائجة الأخرى التي تقدمها شبكة «فوكس» في نيويورك، ولوس أنجليس، ودالاس، وأورلاندو، وفلوريدا، وغيرها من الأسواق.

وكانت شاري جينينز، من روديندو بيتش، في ولاية كاليفورنيا، من بين عملاء «تايم وارنر» الذين شعروا بالراحة بعد ذلك الاتفاق، حيث قالت إنها شعرت بالانزعاج البالغ عندما نما إلى علمها أنها قد لا تستطيع مشاهدة قنوات شبكة «فوكس».

وقالت جينينز (39 عاما)، «كنت سألغي خدمة الكيبل كلية إذا فعلوا ذلك». وتابعت: «كنت سأضطر إلى الذهاب إلى أي شخص آخر وأدفع المزيد من المال، فقد كنت سأفعل أي شيء يتوجب علي فعله لمشاهدة برامجي المفضلة»، بما في ذلك كرة القدم.

يذكر أن شبكة «فوكس» كانت قد هددت بإرغام شركة «تايم وارنر كيبل» وشركة «برايت هاوس» على إلغاء إشارتهما من 14 محطة تلفزيونية من محطاتها وست قنوات من قنوات الكيبل الخاصة بها إذا لم ترفع «تايم وارنر» المبالغ المالية التي تدفعها إلى «فوكس» في العقد الذي دخل حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضي. وتؤثر تلك الصفقة الجديدة على ما يقارب نصف عملائها. وتعد «تايم وارنر» ثاني أكبر مقدم لخدمة تلفزيون الكيبل في البلاد بعد شركة «كوم كاست كورب».

بيد أن هذه الشركات لم تذكر حتى الآن تأثيرات تلك الاتفاقية الجديدة على الاشتراكات التي يدفعها العملاء، كما أن العلاقة بين مقدمي خدمات الكيبل ومحطات البث ومنتجي المحتوى الآخرين ما زالت لم تتحسن.

وأظهرت النهاية الأقل سلمية لنزاع آخر بشأن البرامج، الجانب السلبي لذلك الصراع المحموم، حيث كان رد فعل عملاء «كيبل فيجين سيستمز كورب» في نيويورك، ونيوجيرسي، وكونيتيكت، غاضبا من خلال أكثر من مائة مشاركة يومي الجمعة والسبت على موقع الأخبار الإعلامية والترفيهية «deadline.com» بعدما تعذر على نحو 3.1 مليون مشترك يوم الجمعة الوصول إلى قنوات «إتش جي تي في» و«فوود نت وورك فرايدي».

واتهمت التعليقات شركتي «كيبل فيجين» و«سكريبس نت وورك إنترأكتيف» بالطمع والغطرسة عندما فشلتا في التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة الرسوم التي طالبت بها «سكريبس»، إلا أن أغلب هذه الاتهامات ذهبت إلى «كيبل فيجين».

وقال الكثير من العملاء الذين أرسلوا تعليقاتهم على الموقع الإلكتروني إنهم كانوا يعتزمون الانتقال إلى قنوات الشركات المتنافسة أو القنوات الفضائية أو الانتقال إلى المشاهدة عبر شبكة الإنترنت. وكان البعض غاضبا على نحو خاص بشأن احتمالية عدم القدرة على مشاهدة حلقة برنامج الطهي «أيرن شيف» الذي يذاع في الساعة الثامنة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة على مدار ساعتين، والذي سوف يقدم ميشيل أوباما وطاهي البيت الأبيض.

ولم تقدم «كيبل فيجين» أو «سكريبس» إجابات فورية يوم السبت عن الأسئلة المتعلقة بوضع المباحثات بينهما. والتزم ممثلو «تايم وارنر» وشبكة «فوكس» الصمت حيال الأسئلة المتعلقة بشروط صفقتهما الجديدة، رافضين الإدلاء بأي تعليقات.

وكانت «فوكس» قد طالبت برسوم قدرها دولار واحد عن كل مشترك شهريا مقابل البرامج التي تذيعها، قائلة إنها لم تعد قادرة على تقديم برامجها مجانا، فيما تحصل قنوات الكيبل على اشتراكات من المشتركين. وحتى تسعينات القرن الماضي، كانت الإعلانات والرسوم من الشركات المحلية التابعة هي التي تدعم شبكات الإذاعة الرئيسية الأربع في البلاد وهي «إيه بي سي»، و«إن بي سي»، و«سي بي إس»، و«فوكس».

ولكن العائدات التي تحققها الإعلانات انخفضت، ولم تعد الشركات التي تقدم خدمات الكيبل فقط تحصل سوى على 39 في المائة من عائدات إعلانات التلفزيون بحلول عام 2008، التي كانت شركات البث قد اعتادت الحصول عليها. وعليه، ازداد اعتماد تلك الشبكات على رسوم الترخيص التي فرضوها على مقدمي خدمات الكيبل في عام 1994. ولم تحصل «فوكس» على كل ما أرادت، لكن تشيس كاري، كبير مسؤولي التشغيل في «نيوز كورب»، صرح يوم الجمعة الماضي بأن الاتفاقية «تقر بقيمة البرامج التي نقدمها».

وواصلت «تايم وارنر» بث قنوات «فوود نت وورك» و«غريت أميركان كانتري»، فيما كانت المباحثات مع «سكريبس» مستمرة. وستواصل شركة تلفزيون الكيبل «ميديا كوم كوميونيكيشين» عرض قنوات «فوكس» و«سي بي إس» من محطات «سينكلير برودكاستيج غروب» في أسواق مثل دي موين، وسيدار رابديز، بالإضافة إلى آيوا، بموجب اتفاقية مؤقتة تمتد حتى يوم الجمعة القادم.

ولم يجر الرد على الفور على الرسائل التليفونية التي وصلت إلى «سينكلير» و«ميديا كوم» يوم السبت.

وأعادت المواجهات لفت الانتباه إلى القانون الذي سمح لشركات البث بالحصول على رسوم من مشغلي قنوات الكيبل والقنوات الفضائية مقابل بث البرامج الخاصة بهم.

يذكر أن جماعات الضغط وبعض السياسيين كانوا يعارضون قانون 1994 نظرا لأنه يسمح لمشغلي قنوات الكيبل ومنتجي المحتوى بمطالبة العملاء بتكلفة البرامج التي كان يمكن لهم أن يشاهدوها مجانا عندما سيطر البث على سوق التلفزيون.

وقالت ميندي سبات، المتحدثة باسم «شبكة إصلاح المرافق»، وهي جماعة للدفاع عن حقوق المستهلك، يقع مقرها في سان فرانسيسكو، يوم السبت الماضي: «أعتقد أن هناك حاجة إلى نوع من الإشراف الحكومي على صناعة الكيبل». وتابعت: «يوجد خطر على المستهلكين يتمثل في أن السعر في اتجاهه إلى الارتفاع بلا نهاية واضحة تلوح في الأفق».

ومن جهته، قال السيناتور جون كيري، النائب الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، في بيان، إنه ينبغي على شركات البث ومشغلي قنوات الكيبل أن يكونوا قادرين على التوصل إلى شروط دون «وضع المستهلكين في مرمى الهدف».

وربما يكون احتمال تدخل المشرعين واتخاذهم إجراءات محددة هو ما أقنع «فوكس» في نهاية المطاف بالوصول إلى التسوية، وذلك بحسب ما ذكرته شركة «تايم وارنر كيبل». وقالت المتحدثة باسم الشركة، ماورين هوف، إن «تدخل صانعي السياسة البارزين... (والذي) ركز على حماية المستهلكين كان له دور أساسي في منع إحداث اختلال غير ضروري للمستهلك».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»

** شارك في الموضوع ريان ناكاشيما، المحررة في قسم المال والأعمال بوكالة «أسوشييتد برس» في لوس أنجليس