واشنطن لا تأبه باستياء بلير من تأجيل إعلان «خريطة الطريق»

TT

تبدي لندن استياءها للمماطلة في نشر خطة «خريطة الطريق» التي ينتظرها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بفارغ الصبر لتهدئة الاعداد المتزايدة من اعضاء حزبه (العمال) المناهضين للحرب الوشيكة ضد العراق. بيد أن واشنطن تبدو عازمة على الاستجابة لرغبة إسرائيل بتأجيل اعلان الخطة ولو أدى ذلك الى إزعاج حلفائها البريطانيين.

وأشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية الى أن لندن اعربت لواشنطن عن قلقها لتأخر اعلان «خريطة الطريق». وقالت إن بلير يأمل ان يساعده نشر هذه الوثيقة في إقناع بعض اعضاء حكومته وحزبه فضلاً عن الرأي العام، بأن الاستعدادات للحرب على العراق لا تمنعه من العمل على معالجة القضية الفلسطينية.

وكان الزعيم البريطاني قد اتصل شخصياً بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لإقناعه بالموافقة على إنشاء منصب رئيس وزراء، واعداً إياه بالإسراع بنشر الخريطة التي من شأنها ان تضع حداً لاستمرار اسرائيل في بناء وتوسيع مستوطناتها غير الشرعية. ولذلك فان تأجيل إعلان الخطة يجعل تعهدات بلير أقل صدقية ويسبب له مزيداً من الحرج امام السلطة الوطنية.

وللعلم، فإن ثمة من يقول في كواليس صناعة القرار البريطاني ان واشنطن لا تتحدث بصوت واحد، خصوصاً حين يتعلق الامر بالصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني. وتبدي لندن حرصاً شديداً على إعلان «خريطة الطريق» بالسرعة الممكنة لاسيما انها لا تأخذ بالذرائع التي تعمد اليها اسرائيل للمماطلة في اعلان الوثيقة. وكان وزير الخارجية جاك سترو قد شدد مراراً على ضرورة اعلان الخريطة المؤجلة منذ 20 ديسمبر (كانون الاول) الماضي.

واعتذر متحدث باسم رئاسة الحكومة البريطانية عن عدم التعليق على الانباء التي تقول إن الاميركيين لا يصغون الى بلير بشأن خريطة الطريق. وفي رد على سؤال لـ«الشرق الاوسط» حول تجاهل واشنطن لتوسلات بلير وإصرارها على الاستجابة لطلب شارون بالتأجيل، اكتفى المتحدث بالتاكيد على ان رئيس الوزراء البريطاني لا يزال حريصاً على اعلان الخريطة «في وقت مبكر». ولدى سؤاله عن التاريخ التقريبي الذي تحبذه لندن موعداً للاعلان، كرر المتحدث الاشارة الى رغبة بلير في إعلانها باكراً. وتكهن بأن التأخير في الاعلان عنها عائد الى أن المباحثات المتواصلة بين اعضاء المجموعة الرباعية لم تنتهِ بعد الى نتيجة محددة.

الى ذلك اعرب سترو عن قلقه ازاء مقتل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين خلال الاسبوعين الماضيين وقال في بيان مكتوب: «قتل 36 فلسطينياً، معظمهم من المدنيين في الضفة الغربية وغزة منذ يوم 20 فبراير (شباط) الماضي، ويساورني القلق العميق تجاه هذا العدد من الوفيات بين صفوف المدنيين، وبينهم امرأة حامل في مخيم البريج للاجئين سقطت في عطلة نهاية الاسبوع عندما هدم بيت جيرانها». واضاف «ان هذا الاستخدام العشوائي للقوة من قبل قوات الدفاع الاسرائيلي انما يؤجج دائرة العنف وينكر على الاسرائيليين والفلسطينيين الامن الذي يستحقونه. لقد ناديت مراراً بحق اسرائيل في اتخاذ خطوات لتأمين الأمن لمواطنيها، لكن ذلك يجب ان يتم ضمن نطاق القانون الدولي».

واشار سترو الى ان «سفيرنا لدى اسرائيل سيطرح مخاوفنا امام السلطات الاسرائيلية اليوم (اول من امس)، وإني ادعوهم لبذل كل ما بوسعهم لمنع وقوع المزيد من القتلى بين المدنيين».

وحث سترو الحكومة الاسرائيلية الجديدة والسلطة الفلسطينية على «اتخاذ خطوات فورية لاستئناف العملية السلمية اللازمة للتوصل الى تسوية عن طريق المفاوضات بحلول 2005. وعلى قادة الجانبين اظهار روح قيادية وإحياء الآمال في السلام».

وأدان جاك سترو وزير الخارجية البريطلاني العملية وقال: «أدين هذا الهجوم الارهابي الوحشي على الحافلة رقم 37 في حيفا». واضاف «ليس هناك مبرر لهذا الهجوم على المدنيين الابرياء. ان مثل هذه الاعمال لن تساعد القضية الفلسطينية».

وتابع سترو القول «مرة اخرى احث جميع الاطراف على القيام بما في وسعهم للحيلولة دون مزيد من سفك الدماء من الجانبين».

وكان الرئيس عرفات قد اتصل بسترو امس مستغلاً هذه العملية وطلب منه العمل مع اسرائيل، لاعادتها الى طاولة المفاوضات حقنا لمزيد من الدماء.