وزير الإعمار العراقي لـ «الشرق الاوسط» : هدفنا توفير ملجأ لكل مواطن

قال إن 54 ألف آلية سرقت من وزارته بينها آلاف السيارات والناقلات

TT

من غرفتين صغيرتين وسط الانقاض، شقت وزارة الاعمار والاسكان العراقية طريقها لتسهم في اعادة بناء البلاد واعمارها بتضافر جهود كل الخيرين فيها من الذين آثروا المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية. واستطاعت الوزارة ان تنهض بشكل قياسي، مستعيدة كافة كوادرها وتشكيلاتها في قطاعات متنوعة. بهذه المقدمة بدأ المهندس الدكتور عمر الفاروق الدملوجي وزير الاعمار حديثه لـ«الشرق الأوسط»، وقال ان 54 ألف آلية تعرضت للنهب، وسرقت اغلب المخازن العائدة لها وكذلك المعدات والمعامل المتمثلة بالسيارات الصغيرة وسيارات الحمل والنقل والشفلات والكريدرات والفارشات والخباطات ومعامل الإسفلت.

واشار الى ان الوزارة استطاعت في زمن قياسي اعادة قدراتها الذاتية بتأهيل المباني لتشكيلاتها واصلاح المعامل والمعدات المتوفرة بالاعتماد على السوق المحلية، وأخذت على عاتقها واجب إعادة الاعمار والتأهيل الكامل للمباني الحكومية والطرق والجسور، والبدء في وضع الخطط لتوفير الوحدات السكنية اللائقة للمواطنين، بعد توقف في هذا القطاع لفترة زادت على العشرين عاما، بسبب انصراف موارد البلد الى الجهد الحربي مما ولد مشكلة ضخمة جدا في السكن.

* ما هي أولويات عملكم وحجم المشاريع في القطاعات التي تضطلع بها وزارتكم؟

ـ لقد استطاعت مؤسسات ودوائر الوزارة ان تنهض بالشكل الذي يدعو الى الفخر، إذ نرى اليوم مختلف الهيئات والمراكز والشركات تضطلع بمهامها المتزايدة، ورغم الوضع الأمني الذي انعكس سلبا على جدول سير العمل بدلالاته الزمنية، الا ان ذلك لم يوقف أي مشروع من مشاريعها العديدة. لقد استطاعت الوزارة خلال فترة انتقال السيادة ان تنجز وتباشر في خطط اعمار واسعة على طول خريطة العراق وعرضها، وشملت الخطة 259 مشروعا في قطاع الطرق والجسور بكلفة كلية قدرها 928 مليار دينار، بعضها منجز والآخر قيد الإنجاز، شملت صيانة طرق وتعريضها وتعبيد طرق جديدة ورفع اسيجة تقدر أطوالها بمئات الكيلومترات، وفي مجال الجسور ورثت الوزارة 60 جسرا متضررا، واستطاعت إنجاز صيانة 22 جسرا و11 جسرا حاليا قيد التنفيذ، فضلا عن 11 جسرا جديدا ضمن المجموع الكلي، منها جسرا الكوفة والشرقاط التي احيلت للتنفيذ.

* وماذا عن قطاع المباني؟ ـ في قطاع المباني كانت الحصيلة 66 مشروعا، بكلفة كلية قدرها 160 مليار دينار، ومنها مشاريع اعادة اعمار سبع وزارات و17 مشروعا للخطة الاستثمارية و42 مشروعا تنفذ للجهات الحكومية الاخرى التي تطلب من شركات الوزارة تنفيذها، وانجز العديد منها في ما يخص مقرات الوزارات والمشاريع الاستثمارية.

* مشكلة السكن من المواضيع الساخنة في العراق، وهنالك ممن استخدم الابنية الحكومية والمعسكرات لغرض الاستقرار. كيف تنظرون لهذه القضية؟ ـ نعم، قطاع الإسكان يعد الهاجس الأول والأكبر، والمعالجة الانسانية لهذه الحالة يتم من خلال توفير وحدات سكنية بسيطة للعوائل المجبرة على السكن في هذه الاماكن، سواء كانت ابنية حكومية او ابنية معسكرات الجيش وغيرها من المواقع، واسكانهم بالقرب من هذه المباني وزجهم في فرص عمل لحين ان يستعيد البلد عافيته، حتى يصبح قادرا على توفير وحدات سكنية للمواطنين عموما. وان غاية وزارتنا توفير ملجأ لكل مواطن عراقي بحاجة الى سكن، لكن حجم المشكلة حاليا في البلاد ضخم جدا، وانا على يقين بانه ان تمت معالجة الامور بالشكل الذي تتصوره الوزارة فسيتم حل المشكلة في غضون سنوات قليلة.

* ما هي مشاريعكم الاولية في قطاع الإسكان لحل المشكلة؟ ـ لقد وقعت عقود قبل الحرب بموجب مذكرة التفاهم لانشاء مجمعات سكنية، الا ان هذه المشاريع لم يباشر بتنفيذها من قبل الشركات الأجنبية بسبب الوضع الأمني، وهي عبارة عن ستة مجمعات سكنية بكلفة 74.5 مليار يورو، واردنا سحب التنفيذ من الشركات الأجنبية واحالتها الى الشركات العراقية من اجل استغلال الوقت في التنفيذ، ومن ثم إيجاد فرص عمل للعراقيين، الا ان الشروط القانونية منعتنا من تحويل المبالغ الى البنك المركزي العراقي لإنجاز المشاريع، لكن ذلك لم يثن من عزيمتنا في هذا المجال، إذ يوجد لدينا اليوم 24 مشروعا بكلفة 471 مليار دينار، منها ثلاثة مشاريع مستمر العمل فيها منذ عام 2003 في بغداد (سبع بكار) وكركوك (بنجه علي) والموصل (الحدباء) بواقع 1320 وحدة سكنية، من المؤمل ان تنجز قريبا، و13 مشروعا جديدا بسعة 6552 وحدة سكنية وبكلفة 438 مليار دينار، منها سبعة مشاريع احيلت الى النجف وكربلاء والبصرة وميسان وديالى والمثنى ونينوى، وستة مشاريع اخرى في كركوك وواسط وكربلاء والقادسية وصلاح الدين وذي قار، حيث تم الإعلان عنها والعروض حاليا قيد الدراسة والتحليل.

* هل ترون ان ذلك كفيل بحل مشكلة السكن؟ ـ ان وزارتنا لها تصورات شاملة عن المشكلة، وساهمت في توصيات لحل الازمة، ويعد انشاء صندوق الاسكان واحدا من اهم منجزات الحكومة المؤقتة، الذي يهدف الى اقراض المبالغ الى المواطنين للاستفادة في بناء وحداتهم السكنية، وان رأسمال الصندوق 300 مليار دينار تمت المصادقة عليه، وهيأت الوزارة الملاكات والكوادر، وعقد مجلس امناء الصندوق اجتماعات عدة لرسم سياسة الصرف ووضع المعايير للمستفيدين منه، وقد بدأ الصندوق بتوزيع الاستمارات في بداية الامر الى موظفي الدولة، ممـن لديهم اربعة اطفال فأكثر، وتم تحويل 100 مليار الى الصندوق للبدء في عمله والتوزيع خلال فترة زمنية قريبة.

* كوادر الوزارة من الفنيين كيف يتم اعدادهم لمواكبة التطور والسعة في المشاريع؟ ـ بعد مرور اكثر من 13 عاما، رزح العراق خلالها تحت حصار اقتصادي، فان اعداد كوادر الوزارة بعد هذه الفترة تم من خلال زجهم في نشاطات وفعاليات تدريبية داخل العراق وخارجه، كما دأبت الوزارة الى اعداد كوادرها للدراسة من اجل الحصول على شهادات علمية من الجامعات العراقية لاسناد متطلباتها العلمية، كما ان الوزارة خططت لانشاء مركز تدريب الملاكات وانجزت العديد من الدراسات في المجالات البنائية وادخلت نظم ادارة الجودة في اعمالها.

* مراكز البحوث من مقومات العمل التقني ما مدى اهتمامكم بها؟

ـ تولي وزارتنا المراكز البحثية اهتماما خاصا، فقد تم ضم مركز بحوث البناء تحت مظلة الاعمار والاسكان، بعد ان كان مرتبطا بوزارة الصناعة، وكذلك توحيد الجهد البحثي من خلال دمج مركز الادريسي للدراسات مع المركز الوطني للمختبرات الانشائية التابع للوزارة ودعمهما لانجاز المهام الموكلة اليهما.

* تصاميم المشاريع هل تحمل خصوصية ذات طابع فني مميز؟

ـ ان وزارتنا ادت دورا مهما في اعطاء فكرة وتصور للبلدان المانحة حول الطريقة التي يتم بها انجاز العمل، وفي مجال التصميم والاحالة الى المقاولين تباحثنا مع البلدان المانحة على ان تكون جميعا تحت الرقابة العراقية، وفعلا تم توقيع مذكرة تفاهم حول آلية اجراء التصاميم والاحالات، وان هناك العديد من المشاريع التي ترى النور بموجب هذه الطريقة الاشرافية والرقابية الحكومية. نعم هناك خصوصيات تصميمية تقوم مراكزنا الاستشارية في الوزارة بوضع الخطط اللازمة بموجب التصورات التي نرى مدننا بها من حيث التميز والتنوع.

* كثر الحديث عن الخصخصة ما هو نصيب شركات وزارتكم من هذا التوجه؟

ـ قرار الخصخصة يتخذه برلمان منتخب وبواسطة لجان مختصة تدرس واقع الشركات الحكومية، وانا رؤيتي الخاصة حول هذا الموضوع تتجه نحو بناء قدرات هذه الشركات وزجها في سوق العمل لتصبح ذات جدوى ربحية وتستطيع منافسة غيرها في السوق، وبعد هذه المرحلة يتم بيعها في سوق الاوراق المالية مع وضع ضوابط في ان منتسبيها تكون لهم حصص ويصبحون مالكي نسب معينة فيها.

* كيف تنظرون الى عامل المنافسة بين شركات الوزارة والشركات العربية والاجنبية في السوق العراقية؟

ـ الشركات العربية والاجنبية لها دور مهم في اعادة اعمار العراق، لان وجودها في العراق يضمن نقل التكنولوجيا، الذي نحن بأمس الحاجة اليه، ومن هذا المنطلق فقد اكدت باستمرار على ضرورة ان تكون الكوادر العاملة في هذه الشركات من العراقيين، لاكتساب الخبرة اولا ومن ثم السيطرة على حجم البطالة في داخل المجتمع العراقي. ثانيا لان العراق دولة غنية ومتنوعة بمواردها البشرية، وتوجد شركات عربية تعمل حاليا في العراق وفق المبدأ الذي ذكرناه، اما الشركات الاجنبية فهذا مرتبط بالوضع الامني الذي يقف عائقا امام دخولها للسوق العراقية، وانا على ثقة، من خلال ما شاهدته في زياراتي الى الدول الاجنبية، من ان كبريات الشركات العالمية تواقة ولها الرغبة في الدخول الى السوق العراقية.