«جبهة إنقاذ مصر» : تمويلنا ذاتي .. وقادرون على التأثير وليس التغيير

مشادات وانتقادات واتهامات بالعمالة في مؤتمرها الصحافي الأول

TT

7 في قاعة اجتماعات متواضعة بفندق أربع نجوم بوسط لندن ، كان في استقبال الصحافيين المدعوين شباب في العشرينات من العمر يرتدون سترات سوداء وعلى آذانهم سماعات توحي للقادمين بأن المكان مستهدف ولا بد من تأمينه، وتأمين منظمي الحدث من شيء ما. وقبل أن يأخذ الصحافيون، مصريون وعرب وبريطانيون، مقاعدهم ، نشط كمال الهلباوي، الأمين العام السابق للتنظيم العالمي للأخوان المسلمين في الغرب، في التعرف على الحاضرين مقدماً نفسه على أنه مستشار «جبهة إنقاذ مصر» في الخارج . ثم جلس أعضاء المكتب التنفيذي للجبهة، كما سموا أنفسهم في منشورات الجبهة وبطاقاتهم الشخصية، على المنصة . وهم المؤسسون: رجل الأعمال أشرف السعد صاحب شركات توظيف الأموال المعروف، والدكتور أحمد صابر أستاذ الاقتصاد السياسي، وأسامة رشدي القيادي الأصولي المتحدث السابق باسم «الجماعة الإسلامية» المحظورة واللاجئ السياسي في أوروبا، ثم ممثلان عن العمال والشباب. وعلى الجانبين وقف شخصان يعلقان على صدريهما «بطاقات أمن» تحمل شعار الجبهة الذي يشبه كثيرا شعارات الأحزاب البريطانية.

وعلى غير المتوقع ، افتتح الهلباوي مستشار«الجبهة» المؤتمر الصحافي الأول للجبهة معلنا أن لها أعضاء في العواصم الأوروبية وأميركا. واشار إلى أن تجمعهم « ليس حزبا سياسيا أو تنظيما مثل الإخوان أو الجماعة الإسلامية أو الأحزاب المصرية الأخرى» . وأكد الهلباوي، الذي حرص مرة أخرى على التأكيد أنه مستشار وليس عضوا بالمكتب التنفيذي، أنه «لو شئنا لحشدنا الآلاف ولكن ذلك سيأتي لاحقا». وأعلن أنه سيتم قريبا «تنظيم مؤتمر شعبي حاشد في استاد ويمبلي» الشهير بلندن.

ووجه الهلباوي انتقادات حادة لسجل مصر في مجال حقوق الإنسان وقال «نسعى لتحرير مصر مما آلت إليه» إلا أنه قال انه لا يمكن مقارنة (الرئيس المصري حسني ) مبارك بالرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في هذا المجال ، واشار إلى أنه لا بد من الإصلاح في مصر حتى تضطلع بدورها العالمي». وطالب الرئيس مبارك بالرحيل مشيرا إلى أن « المشكلة (في مصر) ليست محلية بل ان العالم كله أحس بها». وقال «نحن ضد الديكتاتورية والإرهاب السياسي والعنف وقانون الطوارئ» واضاف «الجبهة ليست شيطانا من الغرب بل مجموعة من المفكرين والمثقفين المصريين يؤمنون في عدد من الدول الاوروبية واميركا بتعديل الدستور والاصلاح والتداول السلمي للسلطة» ودعا المواطنين المصريين في الخارج إلى «دعم جهود القوى السياسية والشعبية المطالبة بالحرية في الداخل». وخلال المؤتمر استحوذت قضية التمويل حيزا كبيرا بإصرار الصحافيين على معرفة مصادره ، مما أثار مشادات كلامية ساخنة. وأوضح الهلباوي أن «تمويل الجبهة ذاتي ولم يتلق احدا تمويلا من الخارج رغم بعض العروض المالية»، واضاف ان « رجل الاعمال الحاج اشرف السعد تحديدا لم يدفع قرشا واحدا حتى الان». وأكد «نعتمد على تبرعات أعضاء ومؤسسي الجبهة من الشخصيات الاقتصادية والأكاديمية والفكرية المصرية المقيمة في بريطانيا وأوروبا». وأوضح «انهم مستعدون لتقديم كافة أشكال الدعم المادي من أجل نقل وطنهم العزيز إلى مرحلة جديدة يتم فيها بناء دولة حديثة على أسس ديمقراطية».

ومن جهته قال أحمد صابر، الذي قدم على أنه المتحدث الرسمي وعضو المكتب التنفيذي لـ« الجبهة»: «إن كل نشاطنا حتى الآن لا يكلف مبالغ كبيرة حتى تثار قضية التمويل»، وأضاف انهم يسعون الى «نظام جمهوري برلماني يفرز الاحداث بشكل صحيح». وقال ردا على سؤال حول تفضيلهم العمل من الخارج وعدم دفع تكلفة العمل من إجل الإصلاح من الداخل «ما العيب جغرافياً ان نكون في الخارج ونشارك في عملية الاصلاح داخل مصر». وأوضح «إن من بيننا من هو ممنوع من دخول مصر». وأوضح قائلا: «الجبهة لها هدف رئيسي هو التصدي لنظام الحكم الحالي في مصر، وتكثيف كل الجهود لمنع انتخاب الرئيس مبارك لفترة رئاسية خامسة، والتنسيق مع كل القوى الداخلية التي تسعى إلى تحقيق نفس الهدف». واعترف صابر «قد لا نكون قادرين على التغيير ولكننا قادرون على التأثير».

واشار صابر الى ان «الجبهة على طريق إنشاء محطة فضائية تقف في مواجهة القلعة الاعلامية المصرية»، مشيرا إلى أن الأمر لن يكلف الكثير. واشار الى ان آليات عمل الجبهة ستكون عبر المؤتمرات السياسية والجماهيرية. وقال: «الحكومة المصرية احتكرت كل وسائل التعبير، وخصصت التلفزيون للدعاية عن نشاطات الرئيس، ولم يتبق أمامنا سوى البحث عن وسيلة للوصول إلى المواطن المصري، وانشاء فضائية أسهل كثيرا من انشاء اذاعة تتحدث باسم الجبهة». وأعلن عن النية لتنظيم مظاهرات أمام السفارة المصرية بلندن احتجاجا على النظام في مصر .

وقال ردا على سؤال حول معارضتهم من الخارج ان الرسول الكريم هاجر من مكة الى المدينة قبل 1400 عاما عندما ضاقت به السبل في طريق الدعوة الى دين الله. وقال «اذا كانت الدولة لها سفارات في الخارج فنحن سفارة حركة التغيير خارج مصر».

وردا على سؤال حول أن مسمى «جبهة» يعطي الطابع الهجومي العسكري مثل «جبهة الانقاذ» في الجزائر و«جبهة الترابي» في السودان قال صابر «نحن قطاعات مختلفة من الشعب المصري في الخارج يمثلنا ليبراليون واسلاميون وأقباط». وتحدث الاسلامي المصري اسامة رشدي عن تأثير استمرار حالة الطوارئ ومزاعم انتهاكات حقوق الانسان وتلفيق الاتهامات وتعذيب السجناء السياسيين، ودعا الفعاليات السياسية في الشارع المصري الى مقاطعة الاستفتاء والانتخابات الرئاسية». وقال ان يوم غد (الأربعاء) الذي يشهد الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور «يعتبر تاريخيا بمقاطعة خمسة آلاف قاض للانتخابات في مصر، واصرارهم على اصدار قانون يضمن استقلال السلطة القضائية». وزعم ان «الانتخابات المقبلة تتجاهل ابسط المبادئ الدولية لانها لا تقبل الرقابة من الخارج». وقال الاصولي المصري :« لسنا دعاة فوضى او عنف او تغيير من الخارج او دعاة سلطة، نحن فقط نريد اصلاحات تعيد للشعب حقوقه السياسية حتى تتعافى مصر». الى ذلك قال اشرف السعد صاحب شركات توظيف الاموال والعضو المؤسس للجبهة انه يعيش في انجلترا منذ 11 عاما، ورغم ان مرجعيته دينية في الاساس ، الا انه عرف الاسلام الحقيقي في بريطانيا من خلال مبادئ الحق والعدل. ونفى بشدة أن يكون الغرب ضد الإسلام والمسلمين. واستغرب الاتهامات بالعمالة الموجهة الى اعضاء الجبهة من داخل الوطن. وقال انه «شيء مشين ولا اساس له من الصحة ولا يقبله العقل». وقال انه شخصيا يريد أن تطبق «حقوق البط» و«الحيوانات الاليفة» المحترمة في بريطانيا عليه، عندما يعود الى ارض الوطن. وتحدث عن حماية الشرطة البريطانية وتوقف المرور لحماية اربع بطات من الدهس في عرض الشارع أمام مسجد ريجنت بارك؟ وقال لو حدثت انتخابات في لندن بين شيخ الازهر وعمدة لندن فانه بلا تردد سيعطي صوته لعمدة لندن. وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الاوسط» انه سدد كامل مديونيته ووفق أوضاعه مع المودعين بشهادة النائب العام المصري. واوضح ان سبب وجوده على المنصة الرئيسية للجبهة هو انه مواطن مصري من حقه انه يستشعر ان هناك مستقبلا افضل لبلاده.

وقد أعلن أعضاء المكتب التنفيذي لـ«الجبهة» عن اتصالات سابقة مع الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية». وأعربوا عن اعتقادهم بأن أعضاء الحركة خائفون من مجرد الارتباط بأي شكل بـ«الجبهة» حتى لا يوصموا بالعمالة». واشاروا إلى أن بعض نشطاء «كفاية»، « نبهوا إلى أن تهمة العمالة للخارج أصبحت هينة، وأن ما تتعرض له الحركة في الداخل لا يوصف». وفي المقابل انتقد الدكتور عصام عبد الصمد، رئيس اتحاد المصريين في بريطانيا، «جبهة إنقاذ مصر»، وقال خلال المؤتمر الصحافي إنه لو استمر أعضاؤها في نشاطهم فإن الاتحاد «سوف يشكل جبهة إنقاذ لإنقاذ مصر من جبهة إنقاذ مصر» . ورد عليه الهلباوي مرحبا بأن من حق الجميع أن يكون له رأيه .