القضاء العراقي يسدل الستار اليوم على محاكمة الأنفال بالحكم على المتهمين

الدفاع يناشد الأمين العام للأمم المتحدة التدخل لمنع الإعدام

TT

تسدل الأحكام التي ينتظر أن تصدر اليوم في قضية الانفال الستار على ابرز محاكمات عراق ما بعد صدام حسين، بعدما مثل أمام القضاء كبار المسؤولين السابقين في نظام حكمه حزب البعث عقودا عدة.

ويمثل ستة من أعوان الرئيس السابق امام المحكمة الجنائية العليا التي تنظر في القضية بتهم ارتكاب «إبادة جماعية» و«جرائم حرب» في حق الاكراد بين العامين 1987 و1988. والقضية هي الثانية التي يحاكم فيها كبار المسؤولين في النظام السابق منذ الاطاحة به في ربيع عام 2003 بعد قضية الدجيل. وأبرز المتهمين في القضية علي حسن المجيد الملقب بـ«علي كيمياوي» وزير الدفاع سابقا وابن عم صدام حسين. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، كان المدعي العام منقذ الفرعون قد طلب في الثاني من ابريل (نيسان) الماضي الاعدام لخمسة منهم بتهمتي ارتكاب «ابادة جماعية» و«جرائم حرب»، كما طلب الافراج عن محافظ الموصل السابق طاهر توفيق العاني «لعدم كفاية الأدلة». لكن المحكمة لم تطلق سراح العاني الذي كان محافظ الموصل ابان الحملة.

وأضاف الفرعون «طلبت من المحكمة وعلى صعيد شخصي فقط، الرأفة بصابر عبد العزيز الدوري نظرا للخدمات التي قدمها لابناء كربلاء عندما كان محافظا لها. تلقينا العديد من الطلبات من مجموعات من المحافظة وغيرهم تناشد الرأفة». وتولى صابر الدوري كذلك قيادة المنطقة العسكرية الشمالية وإدارة الاستخبارات العسكرية، وهو متهم بأنه أحد أبرز المحرضين على حملة الانفال وأحد منفذيها الرئيسيين. والمجيد متهم بارتكاب «إبادة جماعية» بينما وجهت الى الآخرين تهمة ارتكاب «جرائم حرب».

ويحاكم في القضية ايضا سلطان هاشم احمد الطائي وزير الدفاع سابقا، قائد الحملة ميدانيا وكان يتلقى الاوامر مباشرة من علي المجيد. ويحاكم كذلك حسين رشيد التكريتي عضو القيادة العامة للقوات المسلحة والمقرب من صدام حسين، وفرحان مطلك الجبوري مدير الاستخبارات العسكرية في المناطق الشرقية.

وبدأت أولى جلسات المحاكمة في 21 اغسطس (آب) 2006 بحضور الرئيس السابق الذي أسقطت المحكمة التهم الموجهة اليه بعد اعدامه فجر 30 ديسمبر (كانون الاول) الماضي في قضية الدجيل. وأسفرت حملات الأنفال عام 1988 عن مقتل حوالي مائة ألف شخص وتدمير ثلاثة آلاف قرية وتهجير الآلاف.

الى ذلك، دعا رئيس فريق الدفاع عن صدام وبقية أعوانه أمس الامين العام للامم المتحدة الى التدخل لمنع اعدام المتهمين في قضية الانفال والتي حددت المحكمة الاحد موعدا للنطق بالحكم فيها. ونقل بيان عن المحامي خليل الدليمي، قوله في رسالة موجهة الى بان كي مون «اننا (...) وبصفتنا هيئة دفاع قانونية عن جميع هؤلاء الاسرى المعتقلين الماثلين امام ما يسمى المحكمة الجنائية العراقية وغيرهم من المعتقلين، نطالب بالضغط لإطلاق سراحهم جميعا وان تعذر ذلك، وبالحد الأدنى نقلهم خارج العراق الى دولة محايدة ليتمكن محاموهم وذووهم من زيارتهم». وأضاف «نأمل ان تتكلل جهودكم السريعة لكون العدة اعدت لقسم من هؤلاء القادة المعتقلين يوم الاحد يوم النطق بالحكم».

وأوضح الدليمي ان «هؤلاء المعتقلين هم اسرى حرب بالاساس لا تجوز محاكمتهم»، موضحا ان هذه المحاكمات «خرق فاضح وواضح لأبسط المعايير والمبادئ الدولية لحقوق الانسان». وأضاف ان «جميع المحاكمات والمحاكم التي تجري في العراق غير شرعية، لأنها انشئت وتجري في ظل احتلال غير مشروع ينتهك فيه حق الدفاع بشكل سافر وغير مقبول». ووصف عقوبة الاعدام بأنها «عمل غير قانوني وغير اخلاقي». وخلص الدليمي الى القول «اننا (..) نطالبكم وبالحاح بالضغط وعلى وجه السرعة لإنهاء وإيقاف كل هذه المحاكمات غير المشروعة وإلغاء عقوبة الاعدام في العراق».

وفي نيويورك اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش الاميركية في بيان، ان المحكمة الجنائية العليا العراقية، ارتكبت أخطاء كبيرة خلال الحكم على صدام بالإعدام.

وأكد تقرير المنظمة الذي استند الى نص الحكم الواقع في 300 صفحة وتحليل المحاكمة، أن الحكم على الرئيس العراقي السابق وأخيه غير الشقيق برزان التكريتي وطه ياسين رمضان وعواد البندر بالإعدام في قضية الدجيل التي قتل فيها 148 من سكان هذه البلدة الشيعية في ثمانينات القرن الماضي «يظهر أخطاء عملية وقضائية كبيرة ارتكبتها المحكمة الجنائية العليا» العراقية.

واعتبر ريتشارد ديكر مدير برنامج العدالة الدولية في المنظمة أن الحكم في قضية الدجيل «استند اكثر الى الافتراضات منه على الوقائع». وقال ان هذا الامر «يثير قلقا من احتمال ان تتكرر هذه الأخطاء في الاحكام التي ستصدر في قضية الأنفال».