أفغانستان من الداخل (الحلقة السادسة ) ـ كريم خليلي لـ«الشرق الاوسط»: طالبان شرذمة قليلة وإلى زوال وهي المستفيد الأول من زراعة الخشخاش

نائب الرئيس الأفغاني: نواجه بضراوة قاتلا ثلاثيا.. الأفيون والفساد وطالبان

محمد كريم خليلي نائب الرئيس حميد كرزاي
TT

قال محمد كريم خليلي نائب الرئيس حميد كرزاي، ان «الشعب الافغاني يواجه بضراوة قاتلا ثلاثيا يجب هزيمته على الأرض، وهو الافيون والفساد وطالبان»، واكد ان «طالبان الحركة الاصولية، التي سقطت نهاية عام 2001 الى زوال ولو طال الزمن».

واضاف هناك صلة أكبر في هلمند بين تجارة المخدرات وحركة طالبان والإرهاب. واوضح ان حركة طالبان التي منعت المخدرات قبل سقوطها هي المستفيد الاول من زراعة وتهريب المخدرات اليوم. وأكد نائب كرزاي إعادة بناء أفغانستان جديدة، وقال ان بلدنا طالما عانى الأمرين من الحروب والجرائم، في ظل وجود حركة طالبان وتنظيم «القاعدة»، الذي قتل الالاف من البشر ودمر المساجد والمباني، داعياً أبناء الشعب الأفغاني إلى التكاتف والتعاون في البناء وإعادة الإعمار. وتحدث عن حاجة أفغانستان اليوم إلى كافة أبنائها للمساهمة في البناء، مؤكداً أن الأفغان يريدون بناء وطنهم ويطمحون إلى علاقات قوية وحميمة مع العالمين العربي والإسلامي. وجاء لقاء «الشرق الاوسط» مع نائب رئيس الدولة الافغانية في قصر الحكم الذي كان من قبل مقرا لرئيس الوزراء، وهو قصر على الطراز الايطالي بناه الامير عبد الرحمن خان قبل اكثر من مائة عام. ويبلغ خليلي، رئيس منظمة الوحدة الشيعية، 57 عاما من العمر، وحزب الوحدة عبارة عن اتحاد توصلت إليه ثمانية أحزاب من الشيعة في مدينة باميان يوم 18 يوليو (تموز) 1989، وخليلي من قدامى المجاهدين ووزير مالية سابق، وكان من اشد المعارضين لحكومة طالبان. وهناك نائب آخر لرئيس الدولة هو احمد ضياء مسعود شقيق القائد احمد شاه مسعود قائد قوات التحالف الشمالي، الذي اغتالته عناصر «القاعدة» قبل يومين من هجمات سبتمبر (ايلول) 2001». وجاء لقاء «الشرق الاوسط» مع خليلي في قاعة فخمة تزدان بالثريات وخريطة ضخمة لافغانستان، بوساطة خاصة من الشيخ صديق تشاكري وزير الاعلام في حكومة المجاهدين والمستشار الاسبق للرئيس كرزاي، الذي قام ايضا بدور الترجمة من الداري الى العربية، وهو خريج الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة. وجاء الحوار على النحو التالي:

* هل انتخابات الرئاسة المقبلة عام 2009 ستكون في موعدها؟ ـ نسعى جميعا، ان شاء الله، الى ان تكون في موعدها ولو حدث تعطيل او تأجيل ربما يكون في حدود الشهرين او الثلاثة أشهر، ولكن اذا خلصت النية فستكون في موعدها.

* هل ستقف في الانتخابات المقبلة مع الرئيس كرزاي، أم سيكون لك خيار آخر؟ ـ حتى الان لم اقرر، وكل شيء سيكون في حينه، والقضية المهمة هي اجراء الانتخابات في موعدها العام المقبل.

* ماذا قدمت للمناطق المركزية التي يوجد فيها الشيعة، وانت ممثلهم في رئاسة الدولة؟ ـ افغانستان دولة فقيرة للغاية خاضت نحو ثلاثة عقود من الحروب المتواصلة، وهي من الدول الأكثر فقراً في العالم الإسلامي، ثم إن أفغانستان تم تدميرها على مدى ثلاثين عاماً الماضية، وهي تفتقر إلى مؤسساتٍ حكومية قوية، كما تحتاج إلى عملية إعادة بناء كبيرة وهذه الأمور سوف تستغرق وقتاً، المناطق التي يوجد فيها الشيعة، مثل مزار شريف وباميان تعاني من الفقر والتهميش منذ سنوات، وهناك حسب الاحصائيات الرسمية نحو 6 ملايين افغاني تحت خط الفقر، ونحن نسعى الى رفع المعاناة عن كاهل الجميع، ولكن، الحمد لله، فان هذا الشعب نجح، على الرغم من الضغوط المفروضة عليه، في طرد الروس واسقاط الاتحاد السوفياتي السابق، ونجح ايضا في القضاء على طالبان. والشيعة لهم الان اسهم سياسية لم يمتلكوها من قبل، والان انا نائب رئيس الدولة. وهناك كثير من الجهود بذلت للتخفيف عن الشيعة، فهناك طريق من كابل الى باميان وآخر من مزار شريف الى باميان سيبدأ العمل فيهما قريبا، وقد اقمنا مدارس ومستشفيات ومصحات علاجية في القرى والمدن التي تعاني من الفقر والتهميش، ونتمنى المزيد والافضل لابناء هذا الشعب وليس الشيعة فحسب.

* هل انت راض عن الاوضاع في الشارع الافغاني؟

ـ لست راضيا تماما، ولكن هناك جهود تبذل بفضل مساعدات المجتمع الدولي الذي لم يتخل عن افغانستان.

* بعض الاحصائيات تقول ان المجتمع الدولي انفق 45 مليار دولار على الأمن والاستقرار في افغانستان خلال الاعوام الخمسة الماضية، ولكن ما نراه على ارض الواقع يشير الى غير ذلك؟ ـ حسبما اعرف معظم الاموال التي جاءت من دول التحالف لم تتسلمها الحكومة، بل تسلمنا شيئا يسيرا، لسنا مسؤولين عن مصادر الانفاق، ولا نعرف كيف انفقت تلك الاموال.

* مما تستمد طالبان عافيتها؟ ـ لقد شاركت في حرب «الجهاد» ضد الروس، وكان من الصعب على الروس، وهم قوة عظمى خلال 14 عاما هزيمة المجاهدين، لاننا كنا نشن ضدهم حرب عصابات، وتمكن المجاهدون في نهاية الامر من قهر الروس، وطردهم من الاراضي الافغانية، وطالبان اليوم شرذمة قليلة والى زوال باذن الله، وهم يحتمون بالمدنيين العزل ويسببون الخراب والدمار، أما سبب عافيتهم فيرجع الى ان طالبان تتلقى التمويل والتدريب من خارج افغانستان، ليس من دول، ولكن من حلقات من دول الجوار.

* هل تعتقد ان القوات الاجنبية ستخرج من افغانستان يوما ما؟

ـ القوى الخارجية بعد ان يستتب الامن والاستقرار وتخمد نار الحروب والفتن من قبل الارهابيين، لن يكون لها عذر في البقاء على اراضينا.

* ما تعليقكم على ما تقوله الاحصائيات من ان افغانستان تشهد اليوم اكبر حالة من الفساد الاداري؟ ـ الفساد الاداري موجود في كل دول العالم، ولكنني اعترف بان درجة الفساد الاداري في افغانستان مرتفعة ايضا، واعتقد ان الذي يعطي طالبان مزيدا من الحياة والاستمرارية هو الفساد الاداري المستشري في اروقة الحكومة، لكن الدولة صممت على مكافحة هذه الآفة بكل السبل، وقد يستغرق الامر بعض الوقت للقضاء على المفسدين في الارض، لان بعضهم يحتل مناصب عالية في الدولة.

* ما تعليقكم على تقرير استخباراتي اميركي يقول ان حكومة الرئيس كرزاي تسيطر فقط على 30 في المائة من اراضي الدولة؟ ـ سمعت بهذا التقرير، ولكني اعتقد انه غير حقيقي.

* اذا رشح الرئيس كرزاي نفسه في الانتخابات المقبلة لولاية ثانية هل تعتقد انه سيفوز؟ ـ اعتقد ان الرئيس كرزاي سيفوز لان له شعبية والناس تحبه.

* ما تعليقكم على امتناع الافغان عن زراعة المخدرات بعد فتوى من الملا عمر حاكم الحركة الاصولية تحرم زراعة الخشخاش، واليوم تبلغ نسبة الهيروين المنتج من ولاية هلمند بنحو 50 في المائة من الانتاج العالمي؟ ـ انها قضية معقدة للغاية، فهناك الفلاحون الذين لم يجدوا الزراعات البديلة، والارهاب ومافيا المخدرات وكلاهما يساعد على ازدهار تهريب المخدرات، وهناك مصالح وقواسم مشتركة بين كل هؤلاء، وطالبان على الطرف الآخر تستفيد من المناطق الموجودة فيها زراعة مخدرات، وتتاجر بالهيروين. نعم منعوا الناس من زراعة المخدرات ابان وجودهم في السلطة، ولكنهم اليوم هم المستفيد الاول من تهريب الهيروين. واصدقك القول اذا قلت ان الحرب على المخدرات والحرب على الارهاب وجهان لعملة واحدة، وما دام الارهاب موجودا ويهدد حياتنا فان زراعة الخشخاش ستظل موجودة ايضا. وعلى مدى مئات السنين كانت شبكات القنوات تأتي بالمياه الى الحقول والبساتين وهو ما كان يؤدي الى انتاج محاصيل زراعية مربحة، غير أن نظام الري انهار بسبب الصراع.

* هل انتم راضون عن اداء قوات التحالف فوق الاراضي الافغانية؟

ـ هناك عمل مشترك بين القوات الافغانية والتحالف من اجل اعادة الأمن والاستقرار الى هذا البلد، والشعب ايام طالبان كان يعاني من القسوة والحياة صعبة بسبب منع تعليم البنات ومنع سبل الحياة الكريمة، ولا بد ان نعترف بان القوات الاجنبية تشارك في اعادة التعمير واعادة الأمن والاستقرار في الشارع الافغاني، وهناك اليوم 6 ملايين طالب في المدارس، وهناك تطور ايضا، وهناك عمل مشترك من اجل اعادة الامن الى بلدنا وهي قضية محورية نركز عليها. ومهمة القوات الاجنبية هي ابراز قيمة الاستقرار والامن والمساعدة في إعادة الاعمار على المدى الطويل واحتواء تجارة الافيون بالعمل مع القوات الافغانية التي تتم المساعدة على تطويرها، وكذلك تدريب قوات الشرطة الافغانية.

* قبل الدخول اليكم لاجراء هذا الحوار عرفت ان وزير المعارف كان لديكم.. هل يمكن أن تذكر لنا كم مدرسة احرقتها طالبان؟ ـ طالبان احرقت المئات من المدارس في قرى وولايات جنوب وشرق افغانستان، انه نوع من الضغوط التي يمارسونها ضد المدنيين العزل، انهم يريدون اعادة عقارب الساعة الى الوراء.

* هل من رسالة توجهونها الى العالم الاسلامي؟ ـ العالم الاسلامي ونحن منه مشغول بالقضايا والنكبات، ندعوه الى لم الشمل وتوحيد الكلمة تجاه ما يمر به من ظروف، واذا وحدنا كلمتنا فاننا نستطيع ازالة الكثير من المشاكل التي تواجهنا على الساحة الدولية، ولكن بالنسبة للدول العربية ادعوها الى ان تنتبه لما يجري في افغانستان، نحن راضون عما يقدمونه لاخوتهم في الدين، ولكن ما زلنا في حاجة الى المزيد في المجالات الصحية والاقتصادية والتعليم. وهناك كثير من الفقر في اغلب الولايات.

وفي مجلس الوزراء تقرير يتحدث عن معاناة 13 ولاية من مشاكل في الحياة العامة وارتفاع نسبة الفقر بها، مثل ارزوجان وبادخشان وباميان فاريا وبادغيش وزابل وسميخان. ونحن في الوقت ذاته نرغب بشكل كبير في علاقات أقوى مع إخواننا العرب لكثير من الأسباب، أحدها أن ديننا واحد وقيمنا واحدة ونحن اخوة وتطلعاتنا وآمالنا هي نفسها، فهناك تقدير خاص في أفغانستان للعرب وللعربية السعودية بالذات، باعتبارها قلب الإسلام، لذا فإن المحبة والتراحم وعاطفة الأفغان تجاه إخوانهم المسلمين والعرب، وخاصةً لإخواننا في السعودية هو شعور ناتج عن قرون من الإيمان والعقيدة الواحدة.