سكرتير الحزب الاشتراكي الكردستاني: أرفض الاستفتاء على مصير كركوك.. وطرد العرب منها

محمد الحاج محمود لـ «الشرق الأوسط»: التحالفات في بغداد ستتغير بعد الانتخابات

محمد الحاج محمود سكرتير الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني («الشرق الأوسط»)
TT

توقع محمد الحاج محمود سكرتير الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني أن تشهد الساحة السياسية العراقية بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة التي وصفها بـ«المصيرية» للشعب الكردي، تغييرا كبيرا في شكل التحالفات السياسية القادمة، بما فيها التحالف الكردي مع القوى العراقية، مؤكدا قناعته بدخول قائمتا «التغيير والاتحاد الإسلامي» في تحالفات بعيدة عن التحالف الكردي.

وأشار محمد الحاج محمود في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى «أن الزمن لم يعد لمصلحة الشعب الكردي، فقد فاتنا الكثير لجهة تثبيت حقوقنا القومية المشروعة في الدستور العراقي، وأن المستقبل لا يبشر بالخير لنا، حيث أضعنا على أنفسنا الكثير من الفرص، والانتخابات القادمة ستغير الكثير من المعادلات القائمة التي لن تكون في مصلحتنا».

واعتبر محمود «أن القيادة الكردية ارتكبت خطأ بموافقتها على تمرير قانون الانتخابات الذي لم يكن في مصلحة الشعب الكردي، فهناك إنقاص كبير لعدد المقاعد البرلمانية لشعبنا، بعد أن كنا في الدورة الأولى نمتلك أكثر من سبعين مقعدا، تناقص في الدورة السابقة إلى 58 والدورة القادمة سيكون العدد 41 مقعدا، وبهذه النسبة القليلة لا يمكننا مواجهة الكتل والقوائم والتحالفات المقبلة خصوصا في هذا الجو المشحون ضد الوجود الكردي ببغداد، وأيضا فإن قرارات البرلمان تتخذ عادة بالأكثرية، ونحن في كل الأحوال سنتحول إلى أقلية برلمانية صغيرة، خصوصا مع ظهور قوائم قوية كالمجلس الأعلى ودولة القانون وقائمة أياد علاوي، ولذلك أعتقد أننا سنتحول في الدورة القادمة إلى المرتبة الثالثة أو الرابعة بعد أن كنا في المرتبة الثانية».

وعزا محمود أسباب هذا التراجع في الدور الكردي إلى موقف القيادة الكردية من قانون الانتخابات وقال «كان يفترض بالقيادة الكردية ألا ترضى بتمرير القانون قبل إجراء الإحصاء السكاني، أو على الأقل الإصرار على اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة للكرد على غرار الإخوة المسيحيين». واعترف سكرتير الحزب الاشتراكي الكردستاني بأن الوضع الحالي في كردستان «لا يخدم مصلحة شعبنا، فالصراعات المحتدمة بين القوائم الانتخابية وسوء العلاقات بين أحزابها ستؤثران على الثقل الكردي في بغداد، فهناك قوائم متعددة ستخوض الانتخابات القادمة، والتحالف الكردستاني لم يعد كما كان، هناك قائمتا التغيير والاتحاد الإسلامي، وهما قائمتان قويتان تخوضان الانتخابات بمعزل عن التحالف الكردستاني، قد تكون هناك مواقف مشتركة في التعاطي مع المسائل القومية، مثل الثوابت القومية والحقوق الكردية المكتسبة في الدستور، ولكن خارج هذه الثوابت لا أعتقد أن تتفق هذه القوائم التي ستتمثل في البرلمان العراقي على أي شيء آخر، وأتوقع أن تتغير التحالفات الكردية مع القوى العربية الأخرى، سواء كانت شيعية أو سنية، ولكن مع ذلك أعتقد أنه لا تزال لدينا فرصة ولو ضئيلة لجمع الأحزاب الكردية على ميثاق أو اتفاق معين توحد الصفوف، وبهذا الصدد أشير إلى أهمية توزيع الامتيازات التي يحصل عليها الكرد في بغداد، فالنقد الأساسي للقوى المعارضة للحزبين الكرديين (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) ينصب على استئثارهما بتلك الامتيازات وحرمان الأحزاب الأخرى منها».

وأعرب القيادي الكردي عن استغرابه من نجاح قوى عراقية أخرى بتشكيل تحالفات قبل الانتخابات، وفشل القيادة الكردية من تحقيق ذلك، وقال «لماذا يستطيع المالكي أن يجمع 55 حزبا في تحالف انتخابي، وينجح علاوي بجمع عشرات الأحزاب والقوى السنية والشيعية والتركمانية في قائمة واحدة، ولا تستطيع القيادة الكردية أن تجمع 15 حزبا لديها مئات القواسم المشتركة معها؟». وأضاف «القيادة الكردية ليست لها استراتيجيات واضحة، وانسحب ذلك على عدد من المواقف، ففي الشأن العراقي هناك تأكيد دائم على مبدأ التوافق، ولكن هذا التوافق بقي في إطار توافقات حزبية، ولم تتحول إلى توافق كردي عربي، وهناك مسألة كركوك والمادة 140، هذه المادة أنا لا أعتبرها شيئا مهما، ولا أعتقد أنها ستحل مشكلة كركوك، كان من المفترض أن نطالب بتحديد الحدود الكردستانية، وأن نصر على تحديدها وفقا للحقائق التاريخية، فإذا كانت تلك الحدود تمتد إلى جبل حمرين مثلا، عندها كانت كركوك ستقع ضمن حدودنا الجغرافية، حينذاك حتى لو سكن بها ثلاثة ملايين عربي وتركماني، كانت ستبقى كردستانية الهوية، أما الآن حتى لو سكن فيها ثلاثة ملايين كردي فإنها ستبقى محافظة عراقية فقط».

وأبدى محمد الحاج محمود موقفا رافضا من الفقرة المتعلقة بإجراء الاستفتاء الشعبي لتقرير مصير محافظة كركوك وقال «نحن نناضل من أجل استرجاع كركوك وبقية المناطق المنزوعة من حدود كردستان الجغرافية منذ ثمانين سنة، وهناك عدد من الوثائق التاريخية التي تؤكد كردستانية كركوك، فكيف يمكن طرح هذه المسألة التي تدعهما الوثائق التاريخية على الاستفتاء؟». وتابع «لقد استغربت كثيرا من تصريحات ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق الذي تحدث عن إعادة قضاء عقرة الكردي المرتبط حاليا بمحافظة الموصل إلى إقليم كردستان، فمن يتنازع على قضاء عقرة حتى يتدخل ممثل الأمين العام لإعادته إلى الإقليم؟ إذا جرى الاستفتاء مثلا على تبعية قضاء مندلي أو كركوك واختار سكانها لظروف معينة الانضمام للعراق، فإن هذه المناطق ستضيع منا إلى الأبد، فكيف يمكننا المساومة على الحقائق التاريخية التي تؤكد تبعية هذه المناطق لكردستان؟» وأشار إلى «أن طرح مصير هذه المناطق على الاستفتاء يعني أنك تشكك في الحقائق التاريخية والجغرافية، وأنا أستغرب في الحقيقة موقف البعض حول مسألة كركوك تحديدا، فأي مواطن كركوكي يعيش في إحدى الدول الأوروبية يحق له الحصول على جنسية البلد الذي يعيش فيه بعد خمس سنوات من إقامته فيها، فكيف يمكن منع المواطن العربي العراقي الذي عاش في كركوك لخمس وثلاثين سنة حتى لو كان صدام قد أتى به، أن نمنعه من حق الإقامة في المحافظة؟ علينا أن نكون واقعيين عندما نتفاوض مع الآخرين لحل مشكلاتنا، فما دمنا قد قررنا أن نكون جزءا من العراق، يفترض أن نسمح للعراقي العربي والتركماني أن يعيشا في كركوك حالهما حال الكرد، وبذلك لن تبقى هناك أهمية للاستفتاء حول تحديد هوية كركوك إذا ما استطعنا أن نحدد حدودنا القومية بالتفاوض مع بغداد، وثبتنا ذلك في الدستور».

وحول المخاوف الكردية المستقبلية من وصول قوى عربية «معادية» إلى مراكز القرار السياسي في بغداد قال سكرتير الحزب الاشتراكي الكردستاني «هناك بعض العرب الذين لا يزالون ينظرون إلى الشعب الكردي بنظرة معادية وشوفينية، ويعتقدون أن ظروفا استثنائية فرضت وجودهم على مركز القرار العراقي، وأن هذه الظروف ستزول فور خروج الأمريكان من العراق، وأن الحال سيعود كما كان في السابق، حيث إن الكرد يحتمون اليوم بأمريكا، وعند خروجهم لن يبقى لهم ظهير، ونحن كقيادة كردية نتحمل فعلا جانبا من هذه المسؤولية، ولقد طرحنا هذه المسائل في اجتماعات المجلس السياسي الأعلى، وطلبنا وضع استراتيجية محددة للعمل وللعلاقات».