ترددت هديل، 21 عاما، كثيرا، لكن لم يكن أمامها بد سوى الاتصال بخالها عيد لتطلب منه أن يشغل مولد الكهرباء الذي بحوزته لكي يتسنى لها المطالعة والدراسة في بيته ليلة أول من أمس، حيث إنه من المفترض أن تكون قد أدت صباح أمس أحد الامتحانات النهائية في ختام الفصل الأول من العام الدراسي الحالي.
لم يمكن أمام هديل الطالبة في السنة الثالثة في الجامعة، التي تقطن منطقة بركة الوز في المنطقة الوسطى من القطاع، إلا التوجه لخالها للاستعانة بمولد الكهرباء الذي يملكه بعد أن قطع التيار الكهربائي عن المنطقة دون سابق إنذار، حيث إن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي بإمكانها مطالعة دروسها عن طريقها قبل أداء الامتحان المصيري.
وهديل هي واحدة من عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات الفلسطينيين الذين تضيق عليهم الدنيا بما رحبت بسبب انقطاع التيار الكهربائي، الذي يستمر أحيانا لأكثر من 12 ساعة متواصلة، في الوقت الذي يؤدي فيه هؤلاء الطلاب والطالبات امتحانات نهاية الفصل الدراسي. وجاء انقطاع التيار الكهربائي على هذا النحو بعد أن باتت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع تعمل بثلث كفاءتها، وذلك بسبب عدم وجود الوقود اللازمة لتشغيلها، علما بأن هناك احتمالا أن تتوقف غدا عن العمل نهائيا، إثر إعلان الاتحاد الأوروبي توقفه عن تسديد فاتورة الوقود لشركات الوقود الإسرائيلية التي تورد الوقود للمحطة.
ويمثل هذا الاحتمال كابوسا يقض مضاجع مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة. فالكثير منهم بات يوائم ظروف حياته مع انقطاع التيار الكهربائي، فهناك إقبال على الحطب والفحم للتدفئة في الشتاء بدلا من المدفئات التي تعمل بالكهرباء، وتملك قلة قليلة من الناس في غزة مولدات لتوليد الكهرباء، مما جعلهم يعتمدون أكثر على الشموع في الإضاءة. ومن صور المواءمة مع انقطاع التيار الكهربائي حرص أولياء الأمور على أن ينام أفراد أسرهم مبكرا، حيث يكون من المتعذر السهر أمام شاشات التلفاز في صالونات البيوت.
وقال غسان إبراهيم، المدرس في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، لـ «الشرق الأوسط»: إنه يحرص على أن يخلد أبناؤه للنوم بعيد أدائهم صلاة العشاء حول الساعة السابعة والنصف مساء.
في الوقت نفسه تبذل جهود كبيرة حاليا لتجاوز المشكلة وتوفير تغطية مالية تسمح بتدفق الوقود لمحطة الوقود في غزة. فقد قال أمين بشير رئيس الهيئة العامة للبترول: إن وزارة المالية في حكومة سلام فياض ستعمل على تمويل كلفة شراء السولار الصناعي اللازم لتشغيل محطة كهرباء غزة، وذلك وفقا للإمكانات المتاحة لدى الخزينة، على الرغم من الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها السلطة. وأشار إلى أن خزينة السلطة ستخصص مبلغا لتمويل كلفة شراء كميات من السولار الصناعي لتشغيل المحطة خلال الشهر المقبل. واعتبر بشير أن توقف الاتحاد الأوروبي منذ 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن تمويل كلفة الوقود شكل السبب الرئيس لأزمة انقطاع التيار الكهربائي لفترات زمنية طويلة يوميا في قطاع غزة.