أكد علي أصغر سلطانية، المندوب الإيراني لدى وكالة الطاقة الذرية في فيينا في تصريحات، صباح أمس، أنه قد سلم الوكالة رسالة رسمية مكتوبة تتضمن قرار بلاده رفع نسبة تخصيبها لليورانيوم من 5% إلى 20%، بدءا من اليوم، وأنها ترغب في أن تتم هذه العملية تحت إشراف الوكالة وبمراقبة مفتشيها. ويأتي ذلك بعد يوم من إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، قرار بلاده زيادة نسبة التخصيب إلى 20%.
وأكد في الوقت ذاته أن هذا القرار الإيراني لا يعني إلغاء مسودة الاتفاق موضع النقاش لتوفير وقود نووي لمفاعل طهران الطبي في حال تم أخذ شروط إيران بعين الاعتبار، وذلك في إشارة لمسودة الاتفاق التي وزعتها الوكالة بتاريخ 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتنص على أن توفر قوى دولية وقودا نوويا لمفاعل طهران النووي مقابل أن توافق إيران على شحن 1200 كيلوغرام مما خصبته من يورانيوم بنسبة 3.5% إلى روسيا، لرفع درجة تخصيبه إلى نسبة 20% المطلوبة، ومن ثم يصل إلى فرنسا لمعالجته كقضبان نووية يعود بعدها إلى إيران، لاستخدامه كوقود نووي لمفاعل طهران الطبي، الذي يوفر علاجات مشعة لأكثر من 200 مستشفى ومركز طبي أوشك وقوده على النفاد، بينما لا يسمح لإيران بموجب العقوبات المفروضة عليها بشراء هذا الوقود من السوق أو بإنتاجه.
أما الشروط التي تصر عليها طهران حتى تقبل بمسودة الاتفاق فتنص على أن تحدد طهران كمية اليورانيوم التي تشحنها للخارج، وأن تتم العملية بمجملها من تسليم لليورانيوم وتسلم للوقود النووي بالتزامن، وداخل الأراضي الإيرانية. هذا بالإضافة إلى إعطاء طهران حق تحديد الموعد الذي يتم فيه التنفيذ.
وكان المدير الأسبق للوكالة الدكتور محمد البرادعي، قد اقترح مسودة الاتفاق هذه كحل بموجبه يتوفر لإيران ما تحتاجه من وقود نووي، وفق اتفاق دولي يخرجها من العزلة المفروضة عليها بسبب رفض نشاطها النووي.
وكانت مسودة الاتفاق قد حظيت بقبول دولي بما في ذلك قبول أميركي، إذ أعلنت الولايات المتحدة عن استعدادها للمشاركة في توفير معدات أحدث وأكثر أمانا لمفاعل طهران الطبي في حال وافقت إيران على مسودة الاتفاق كما صدرت في شكلها الرسمي من الوكالة دون تعديلات أو شروط إيرانية.
فيما كان السفير غلين ديفيز، مندوب الولايات المتحدة الأميركية لدى الوكالة، قد أكد في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» أن حكومته والحكومتين الفرنسية والروسية وافقوا على مقترح الوكالة، أساسا، لما يوفره من فرصة لتجريد إيران مما بحوزتها من يورانيوم مما سيساعد في توفير الثقة المفقودة بين إيران والمجتمع الدولي لشكوكه في إمكانية أن تعمد إيران لاستخدام ما تمتلكه من يورانيوم منخفض التخصيب في صنع أسلحة نووية متى ما قررت ذلك.
من جانب آخر، أكد أكثر من مصدر بالوكالة لـ«الشرق الأوسط» أن سلطانية سلم يوكيا أمانو مدير الوكالة الرسالة، وأن الوكالة تدرس هل تخطر الدول أعضاء مجلس أمنائها بالرسالة أم تنتظر لتضمينها ما يستجد في التقرير الذي سيرفعه مديرها العام للمجلس عن آخر تطورات الملف النووي الإيراني في موعد قد لا يتجاوز منتصف الأسبوع القادم، وسيناقشه مجلس الأمناء في اجتماعه الشهر القادم.
في سياق آخر، وردا على أسئلة طرحتها «الشرق الأوسط» على بعض المصادر المتابعة للملف النووي الإيراني حول ما يتردد أن الإعلان الإيراني لأغراض إعلامية للاستهلاك المحلي ولتوفير مساحات قبول أوسع للرئيس أحمدي نجاد في مواجهة من يعارضونه، لم تنف تلك المصادر أبعادا كهذه، مع التأكيد على أن إقدام إيران على إرسال رسالة إلى الوكالة وطلب مفتشين للمراقبة يعني ويؤكد رغبة إيران ومقدرتها على زيادة درجة التخصيب فعليا، رغم ما يتردد أن إيران لا تمتلك الأجهزة الحديثة والإمكانات.
وردا على سؤال عن مدى فاعلية اتخاذ إيران لقرار بزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم الإيراني إلى 20% آخذين في الاعتبار أن صنع قنبلة نووية يحتاج إلى تخصيب بنسبة 80%، اعتبرت مصادر أن قرار إيران برفع درجة التخصيب والإعلان عن ذلك رسميا بمثابة تحد صريح وإشارة إلى مقدرة أن تمضي إيران قدما في زيادة معدلات التخصيب متى ما قررت ذلك. مضيفة أن هذا مؤشر خطير في حد ذاته.
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن دور الوكالة في المرحلة القادمة خاصة وأن الإعلان الإيراني بزيادة درجات التخصيب يحظى بمعارضة غربية شديدة ودعوة أميركية وجهها وزير الدفاع الأميركي، بضرورة توحيد الجهود، والاتفاق لفرض مزيد من الضغوط ضد إيران، أوضح مصدر أن الوكالة ليس بإمكانها اتخاذ أي موقف سياسي، إذ يقتصر دورها على المراقبة والتقصي تقنيا. مشيرا إلى أن المفتشين سيتوجهون إلى إيران على وجه السرعة ما إن تكتمل إجراءاتهم لمراقبة عمليات التخصيب المزمعة.