الأمم المتحدة: استمرار الانتهاكات بحق النساء في العراق

رئيسة لجنة المرأة بالبرلمان لـ «الشرق الأوسط»: المرشحات للانتخابات هن الأكثر عرضة للاستهداف

سميرة الموسوي
TT

فيما أكد التقرير العالمي لحقوق الإنسان لعام 2010 الصادر عن الأمم المتحدة استمرار الانتهاكات الموجهة ضد المرأة والطفل في العراق، قالت سميرة الموسوي، رئيسة لجنة المرأة والطفولة في البرلمان العراقي، إن بعض معلومات الأمم المتحدة «تعتمد على تقارير منظمات إنسانية عراقية وغالبا ما تكون وراءها مصالح وأجندات مختلفة لإيصال معلومات مشوهة عن الواقع العراقي».

وجاء في التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه «يستمر العنف ضد النساء الذي يمارسه أحيانا أعضاء في الميليشيات والجنود والشرطة، وغالبا ما يتمكنون من الإفلات من المحاسبة والعقاب والقانون، وغالبا ما يوجه العنف بشكل خاص للنساء اللواتي يشغلن مناصب سياسية والموظفات والصحافيات وناشطات حقوق المرأة، كما شهد العراق هجمات ضد النساء في الشوارع بسبب لباسهن وعدم ارتداء الحجاب». كما أشار التقرير إلى «استمرار جرائم الشرف في كل أنحاء العراق، خاصة في المناطق الكردية، فضلا عن استمرار ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية للنساء أو ما يسمى بالختان، خاصة في المناطق الكردية (60% تقريبا من النساء الكرديات تعرضن للختان)». وذكر التقرير ذاته أن البرلمان الكردستاني سبق أن أصدر قانونا يجرم الختان عام 2008، لكن «القرار الوزاري اللازم لتنفيذ القانون المتوقع صدوره في فبراير (شباط) 2009، تم إلغاؤه بشكل غير معلن»، مما يعني أن القانون غير موجود.

رئيسة لجنة المرأة والطفولة في البرلمان العراقي أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن أغلب المعلومات التي استند عليها هذا التقرير «لم تكن عبر أرقام وقياسات وبيانات حكومية عراقية رسمية، وإنما اعتمدوا على معلومات وأرقام زودتها بهم منظمات إنسانية عراقية معنية بهذه الشرائح، لكن وللأسف ورغم أهمية عمل المنظمات غير الحكومية في العراق، فإن قسما كبيرا منها يدار من قبل جهات دينية أو سياسية أو تقف وراءها أجندات خارجية وممولة من قبلهم أو لتحقيق مكاسب مادية على حساب هذه المعلومات بأن يصار إلى تكليفهم ببرامج للحد من ظاهرة، لكن تبقى التطبيقات حبرا على ورق، أي فقط لغرض التمويل، وبعض المنظمات لديها أهداف سياسية».

وأكدت سميرة الموسوي أن لجنة المرأة وأيضا لجنة حقوق الإنسان متابعة لمثل هذه التفاصيل، واعترفت بأن «هناك فعلا انتهاكات حدثت داخل معتقلات وسجون من قبل القائمين عليها، وتحركنا واستدعينا وزير حقوق الإنسان، وفعلا قام بإجراءات داخل هذه الأماكن للحد أو إنهاء هذه الانتهاكات، ونحن نتابع أيضا إجراءات السلطة التنفيذية وأخطاءها والتجاوزات بحق المرأة، وحتى الآن لم تؤشر لدينا شكاوى من أي جهة حتى من منظمات نسوية إلى وجود انتهاكات بهذا الحجم، ولم تثبت حالات كالتي ذكرها التقرير لتتخذ بصددها إجراءات، وكما أسلفت حدثت بعض الانتهاكات ضد المعتقلات، وتمت معالجة الأمر عبر فتح حضانات لأطفالهن، وتلقينا شكاواهن ضد إدارات السجن واتخذنا إجراءات حولها وعولجت بشكل طبيعي».

وبينت سميرة الموسوي أيضا أن الأمم المتحدة «تنظر لموضوع تفتيش النساء من قبل الأجهزة الأمنية على أنه انتهاك لحقوقهن، لكن أنا مع هكذا إجراءات بسبب تجنيد الانتحاريات اللاتي تسببت أعمالهن الإرهابية في قتل مئات الأبرياء، لأن النساء في العراق استخدمن من قبل الجماعات الإرهابية عبر ابتزازهن أو تهديدهن أو تخديرهن أو تغرر بالمال وغيرها، كما استخدمت الجماعات الإرهابية الأطفال والمختلين عقليا للغرض ذاته، وهنا أنا مع تفتيش النساء لحماية المجتمع ككل بما في ذلك النساء والأطفال، بل أدعو لتكثيف تفتيش النساء أكثر حالها حال الرجل ولا نريد التمييز بهذا الأمر».

وبشأن العنف الموجه ضد النساء اللاتي يشغلن مناصب سياسية وصحافيات وناشطات، قالت النائبة «نعم هناك حوادث عنف موجهة ضد السياسيات، كان آخرها مقتل مرشحة عن (العراقية) في مدينة الموصل، وهذا لا يعني أنها مستهدفة كونها امرأة، بل استهدفت كونها تعمل في السياسة أو استهدفت القائمة التي تعمل معها، أي لم تستهدف لجنسها، كما أن التهجير لم يكن يوجه ضد المرأة، بل كان ضمن استهداف مجتمع كامل أو عشيرة أو عائلة، وقد تستهدف المرأة لسهولة ذلك لكون الرجل يعلم بأمور الجيش والحماية وخدم في الجيش، أما المرأة فتجهل مثل هذه الإجراءات الاحترازية ولهذا استهدافها يكون أسهل»، مشيرة إلى أنها دعت الحكومة «لتكثيف الحماية للمرشحات خاصة ممن لم يشغلن مناصب سابقة، أي مرشحة لأول مرة، فهي لا تملك حمايات خاصة كنائبات البرلمان أو ممن يشغلن مناصب رفيعة، والاستهداف الآن أوسع بسبب القائمة المفتوحة، فعندما كانت مغلقة لم يكن المجتمع يعلم أسماء المرشحين، الآن على المرشحة أن تظهر للإعلام والمجتمع وندوات واجتماعات وستكون معرفة للجميع».

وحول استهداف النساء بسبب الزي والحجاب، قالت سميرة الموسوي «هذا يحدث لكن في مناطق مغلقة متشددة دينيا، لكن في أغلب مدن العراق والجامعات والأسواق لا توجد هكذا مضايقات، وهناك حرية الآن لموضوع ارتداء الحجاب من عدمه أو نوعية الملبس والزي، وكانت الظاهرة موجودة في بداية الأمرن أي بعد عام 2003، لكن الآن انتهت كظاهرة، كما نرى أن بعض المجتمعات ترفض أن تقود المرأة مركبة، لكني مع فسح المجال لأنه لم يعد الأمر شيئا كماليا بل أصبح ضروريا، حتى في مناطق شعبية هناك نساء يقدن مركبات مثل مدينة الصدر وغيرها».

أما عن جرائم الشرف فبينت النائبة أنها لم تسمع بشكل مستمر عن هكذا جرائم، مضيفة أنه «حتى تقارير مجلس القضاء الأعلى المتعلق بالمحاكم العراقية ولمدة عام كامل أوضحت أن مثل هذه الجرائم لم تتعد سوى ثلاثا أو أربعا، وهذا يعني أنها لم تكن ظاهرة في عموم العراق». وتابعت «نعم توجد في إقليم كردستان بسبب الانفتاح الذي شهده الإقليم على العالم الخارجي، فيما لا يزال المجتمع الكردي مجتمعا محافظا ورافضا لبعض القضايا التي قد يحسبها على أنها مهددة لشرفه». وأضافت أنه في البصرة «حدثت جرائم شرف قبل سنتين أو ثلاث لكنها اختفت». وأشارت إلى أن إقليم كردستان «وضع عقوبات رادعة بشأن قضايا الشرف، ولم يعد الحكم مخففا بالقانون، ونحن نسعى في القانون العراقي إلى أن يعتمد القانون ذاته الرادع، واعتبارها جريمة يحكم فيها الجاني بتهمة القتل العمد».