الروايات عن أسباب سقوط الطائرة تتباين من جديد ووزير النقل اللبناني يستبعد فرضية الانفجار

مواطن أجل سفره على «الإثيوبية» ليموت على «الفرنسية»

وزير الأشغال اللبناني، غازي العريضي، يعرض صورا لأجزاء من حطام الطائرة الإثيوبية المنكوبة وذلك في مؤتمره الصحافي أمس في مطار بيروت الدولي (أ.ب)
TT

بعدما أصبحت المعلومات التي يلفظها البحر اللبناني منذ سقوط الطائرة الإثيوبية متشابهة لناحية نتائج عمليات البحث عن الجثث التي صارت أجزاء بشرية يعلن عن هوية أصحابها تباعا بعد ظهور نتائج فحوص الحمض النووي، فتح الباب واسعا أمام التحليلات وما وراءها من شائعات لاستنباط الأسباب الكامنة وراء وقوع الحادثة.

بداية كانت مع إيجاد الصندوق الأسود الأوّل نهاية الأسبوع الماضي ونقله إلى فرنسا برفقة أعضاء اللجنة المكلفة متابعة التحقيقات في حادث سقوط الطائرة، لتنقل وكالة «رويتر»ز، وبعد يوم واحد، عن مصدر له صلة بالتحقيق أن التحقيق الأولي أظهر أن خطأ ارتكبه كابتن الطائرة أدى إلى وقوعها. لكن مسؤولين لبنانيين أعلنوا، بعد ذلك، أنهم لم يتلقوا معلومات رسمية في هذا الصدد. وأول من أمس، توصّلت فرق مغاوير البحر في الجيش اللبناني إلى انتشال الصندوق الأسود الثاني، ليعلن وزير الأشغال العامة غازي العريض أن الصندوق تنقصه قطعة أساسية وهي الجزء المتعلق بذاكرة مسجل محادثات قمرة القيادة، لكن العمل مستمر لإيجاده. هذا الأمر فتح بدوره الباب للتحليلات وقد ذكرت معلومات إعلامية لبنانية أن خبراء شركة «بوينغ» للطيران استغربوا خبر انفصال جزء من الصندوق الأسود الثاني العائد للطائرة الإثيوبية المنكوبة عن القسم الآخر منه، على اعتبار أن الصندوق الأسود لا ينفصل عن بعضه إلا إذا ارتطم بشيء صلب جدا، وهذا نادر جدا في حوادث الطائرات. أما المفاجأة الكبرى التي فتحت السجال واسعا في لبنان، فهو ما أعلنته شركة «خطوط الطيران الإثيوبية» عن أنها لا تستبعد أي فرضية وراء حادث سقوط طائرتها في لبنان، بما في ذلك العمل التخريبي، واستدعت بالتالي سيلا من التحليلات ولا سيّما تلك المتعلّقة بمحاولة الشركة الهروب إلى الأمام للتنصّل من المسؤولية الملقاة على عاتقها أمام أهالي الضحايا. لكن، وبعد جلسة مجلس الوزراء اللبناني أول من أمس أوضح وزير الإعلام طارق متري حول ما يشاع عن احتمال حصول عمل تخريبي أدى لسقوط الطائرة الإثيوبية، «لا دليل على الإطلاق بأن هناك عملية تخريبية إرهابية أو غير إرهابية وراء حادث سقوط الطائرة. الإثيوبيون لهم الحق أن يقولوا ما يشاءون ولكن لا دليل يوحي بالعمل التخريبي». مؤكدا أن الحكومة بانتظار التحقيقات لكي تطلع الرأي العام على الحقيقية.

وفي حين لا يزال أهالي الضحايا المفجوعون ينتظرون تسلّم جثث أبنائهم الذين كانوا على متن الطائرة المنكوبة، كانت بلدة مجدليون الجنوبية تشيّع ابنها فؤاد حدّاد (57 عاما) الذي لم يكتب له القدر أن يعيش أكثر من هؤلاء الذين كان يفترض أن يسافر معهم، إلا 15 يوما. وكان فؤاد قد أجّل سفره إلى الكونغو في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي على متن الطائرة الإثيوبية لإنجاز عمله بعدما لم يتم إكمال الإجراءات اللازمة للسفر. لكن يبدو أن قدر فؤاد أن يموت في الجوّ على متن طائرة فرنسية وليس في البحر على متن الطائرة الإثيوبية، إذ قبل أن تطأ قدماه أرض بيروت عائدا من الكونغو التي وصل إليها في الأول من يناير (شباط) الحالي، فارق الحياة في الطائرة بعد إصابته بنوبة قلبية حادة. وفي مطار بيروت الدولي اختار وزير الأشغال والنقل اللبناني غازي العريضي أن يعقد في قاعته مؤتمرا صحافيا، بعدما عمد، في التفاتة من الدولة اللبنانية، إلى تسليم العاملين في برج المراقبة كتب تنويه تقديرا للعمل الذي قاموا به إثر وقوع هذه الحادثة.

ولفت العريضي إلى أن أجهزة الطائرة الإثيوبية المنكوبة كانت تعمل بشكل سليم حتى لحظة سقوطها، مشيرا إلى أن هذا الأمر يستبعد فرضية الانفجار أو العمل التفجيري ولا يمكن الإعلان عن نتائج حاسمة قبل الوصول إلى محتويات الصندوق الثاني.

ولفت إلى أنه «لا يمكن إعلان أي شيء رسمي قبل الوصول إلى الجزء الأساسي من الصندوق الأسود الثاني الذي لا يزال البحث جاريا عنه، وقد رصد من الصندوق الأول 1000 معلومة موثقة ثانية بثانية». ونوّه العريضي بجهود الفريق الذي كان يتابع العمل في الليلة التي وقعت فيها كارثة سقوط الطائرة الإثيوبية، مشيرا إلى أنه كان واثقا منذ اللحظات الأولى بكفاءة هؤلاء ومسؤوليتهم. وعرض العريضي بعض الصور عن حطام الطائرة، مشيرا إلى أن «العمل كان مضنيا من كل الجهات التي شاركت في مهمة البحث. وأشار إلى أن كل حركة رصدت في البحر موجودة لدى لجنة التحقيق، وأن بعض القطع تم سحبها والبعض الآخر لا يزال في مكانه حسب تعليمات اللجنة الدولية، والمنطقة لا تزال مقفلة بسبب استمرار عملية البحث».