دمشق تمنع أحد أقرباء الأسد ومحافظا سابقا من مغادرة الأراضي السورية

بعد تأكيد أن عاطف نجيب لم يسجن.. لجنة التحقيق: لا حصانة لأحد مهما كان.. فالقانون فوق الجميع

فيصل كلثوم
TT

منع النظام السوري ابن خالة الرئيس السوري بشار الأسد والمحافظ السابق لمحافظة درعا (جنوب) من مغادرة البلاد، حسب ما أعلنته لجنة تحقيق حول أعمال العنف المرتكبة في البلاد.

ومنعت لجنة التحقيق التي شكلت في أواخر مارس (آذار) بأمر من الأسد ابن خالته رئيس جهاز الأمن السياسي في درعا عاطف نجيب، إضافة إلى محافظها السابق فيصل كلثوم، من مغادرة سوريا. واللجنة مكلفة بالتحقيق في حوادث درعا ومدينتي اللاذقية وبانياس الساحليتين (شمال) ومدينة دوما في ريف دمشق. وأكدت اللجنة أن «لا حصانة لأحد مهما كان، فالقانون فوق الجميع»، على ما نقلت عنها وسائل الإعلام.

وانطلقت حركة الاحتجاجات في درعا في 15 مارس (آذار) بعد اعتقال 15 تلميذا اشتبه بكتابتهم شعارات مناهضة للنظام على جدران المدينة. وتعرض التلامذة للتعذيب واقتلعت أظافرهم على ما أفاد السكان آنذاك. ويعتبر التحرك الشعبي في درعا مهد حركة الاحتجاج التي تشهدها سوريا منذ منتصف مارس. وقالت لجنة التحقيق في الأحداث أنه تم منع سفر محافظ درعا السابق فيصل كلثوم ورئيس فرع الأمن السياسي في درعا العميد عاطف نجيب ابن خالة الرئيس السوري، مشيرة إلى أنه «لا توجد حصانة لمن قام بجرم مشهود»، مؤكدة على أن «إجراءات اللجنة أكثر من كافية لتطبيق القانون على الجرائم المرتكبة».

وتجيء الخطوة بعد يوم على تأكيد ناشطين في مدينة جبلة الساحلية على إقامة عاطف نجيب في منزل والدته خالة الرئيس في مدينة جبلة، وأنه لم يسجن ولم يعاقب على ما ارتكبه بحق أطفال درعا الذين قام باعتقالهم في مارس الماضي، على خلفية الكتابة على جداران مدرستهم عبارات مناهضة للنظام، وتعرض الأطفال لعملية تعذيب وحشية، ليس أشدها اقتلاع أظافرهم، هذا عدا قيام عاطف نجيب بإهانة أمهات الأطفال المعتقلين وشتم كل أهالي درعا، حسب ما أكده ناشطون معارضون. الأمر الذي أشعل نار الاحتجاج في درعا لتنطلق من هناك ولتصل إلى كل أنحاء البلاد.

وكانت وسائل إعلام سورية نشرت تصريحات للرئيس الأسد قال فيها لوفد من بلدة جوبر (ريف دمشق) التقاه الأسبوع الماضي، أكد فيها أن ابن خالته ليس مسجونا.. وقال أحد أعضاء الوفد إن الرئيس الأسد رد على سؤال يتعلق بمحاسبة نجيب على ما ارتكبه من فظائع بحق أهالي درعا، قائلا: «إنه ليس في السجن»، وقال: «عاطف نجيب ابن خالتي، وهو ليس في السجن ولا يشغل أي منصب بعد إقالته. ولا يوجد حتى الآن أي ادعاء شخصي عليه، وهذا أمر ضروري لمحاكمته».

وقد أثار هذا التصريح عاصفة من الاستياء والاستنكار لدى الشارع السوري، وهناك من تساءل: «إذا افترضنا أن أحدا لم يرفع دعوة أمام القضاء، ألا يوجد حق عام؟ وماذا عن مئات القتلى الذين اعتقلوا وعذبوا وقتلوا في درعا؟». وكان واضحا أن التلفزيون السوري سارع إلى بث لقاء مع لجنة التحقيق القضائية لتلافي الأثر السلبي لتصريحات الرئيس السوري بعد يوم من نشرها في المواقع الإلكترونية المعارضة، فهذه اللجنة شكلت في شهر مارس لإجراء تحقيقات «فورية» في جميع القضايا التي أودت بحياة مواطنين مدنيين وعسكريين في محافظتي درعا واللاذقية، وذلك بتوجيه من رئيس مجلس القضاء الأعلى الرئيس بشار الأسد. إلا أنه لم يأتِ أحد على ذكر ما توصلت إليه التحقيقات سوى يوم أول من أمس، إذ أعلنت عن قرار منع سفر عاطف نجيب وفيصل كلثوم، والوعد بأنه ستتم محاسبة كل من «قام بجرم مشهود». ولم تأت اللجنة بجديد، فهذا القرار سبق وأعلن عنه لدى إقالتهما وإحالتهما إلى التحقيق، مع أن اللجنة بإمكانها إصدار قرار بالتوقيف، وهو ما لم يحدث.

وخلال لقاء تلفزيوني قال رئيس اللجنة إن لجنته سعت لشرح آليات عملها، والإطار القانوني له، ودورها الذي قد يشمل دور النيابة العامة وقاضي التحقيق خلال إجراء التحقيقات، لتبرير التقاعس في محاسبة هؤلاء رغم مرور ثلاثة أشهر على إقالتهما. كما لم تذكر اللجنة شيئا بخصوص المسؤولين الأمنيين الذين تمت إقالتهم لاحقا في بانياس وحماة، واكتفى رئيس اللجنة القاضي محمد ديب المقطرن بالقول: «إن اللجنة باشرت أعمالها منذ نهاية شهر مارس الماضي وانطلقت عمليا إلى محافظة درعا ثم إلى اللاذقية ثم انتقلت مرة ثانية إلى درعا وبانياس. والتقت بذوي المغدورين واستمعت للشهود الذين حضروا، وما زالت اللجنة تمارس أعمالها من خلال اللجان الفرعية في المحافظات ومن خلال اللجنة المركزية في دمشق».

وأضاف القاضي: «اللجنة استمعت لأكثر من مائة شخص في محافظة درعا.. واللجان الفرعية تتابع أعمالها وأصبح لديها أكثر من مائتي ملف في اللاذقية، وإن اللجنة المركزية أصبح لديها نحو ستين ملفا وفي بانياس لدينا أكثر من خمسين ملفا»، موضحا أن «اللجنة لا تستطيع أن تحكم على أي شخص قبل أن تنتهي أعمال التحقيق اللجنة.. ولا بد أن تكون هناك أدلة قاطعة تثبت ارتكاب أي شخص لأي فعل إجرامي حتى يحال إلى القضاء ويحاكم».

كما أشار إلى أن «اللجنة ستتخذ الإجراءات اللازمة إذا تبين أن شخصا ارتكب فعلا ما وبعد ثبات الجرم نقوم بإصدار مذكرة توقيف بحقه أو نستدعيه أو نمنع سفره، وهذه الإجراءات حدثت». واعتبر المقطرن أن «منع السفر هو إجراء احترازي حتى لا يغادر الشخص من أجل أن تستطيع اللجنة استدعاءه في أي لحظة وتكمل تحقيقاتها أو في حال ثبت أمام اللجنة أنه ارتكب أي جرم مخالف للقانون»، لافتا إلى أن «تحقيقات اللجنة مختلفة عن التحقيقات التي يجريها رجال الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى، فالتحقيقات القضائية هي تحقيقات ثابتة يقينا وقانونا ما لم تنقض بادعاء بالتزوير، وإن أي متضرر يحق له النقض».