أبناء القذافي يسيطرون على المشهد الإعلامي والسياسي.. وطرابلس تنفي مقتل خميس أصغرهم

مسؤول ليبي يتنصل من تصريحات سيف الإسلام عن التحالف مع الإسلاميين ضد العلمانيين ويعتبرها شخصية

TT

احتل أبناء العقيد الليبي معمر القذافي صدارة المشهد السياسي والإعلامي، أمس، في ليبيا بامتياز، مرة حينما تنصلت الحكومة الليبية من حديث سيف الإسلام، النجل الثاني، عن اتفاق بين نظام القذافي والإسلاميين ضد العلمانيين، ومرة ثانية عندما كسرت طرابلس بسرعة حاجز الصمت لتنفي نبأ مقتل خميس، النجل الأصغر للقذافي، وأحد أهم قادة الوحدات العسكرية والقتالية الموالية له.

وسارع أمس نظام القذافي إلى نفي نبأ مقتل ابنه الرائد خميس الذي يقود اللواء 23، الذي يعتبر من أكثر وحدات الجيش حرفية وولاء، في غارة جوية لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقال مصدر ليبي رسمي في تصريح مقتضب بثه التلفزيون الرسمي الموالي للقذافي، إن ليبيا تكذب ما تناقلته بعض القنوات الإعلامية ووكالات الأنباء بخصوص الرائد ركن، خميس معمر القذافي، معتبرا أن هذا الخبر هو محاولة من الناتو لصرف الانتباه عن الغارة التي شنها على منزل عائلة مواطن ليبي، قالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية لاحقا إنه يدعى مصطفى المرابط، بمدينة زليتن.

واعتاد نظام القذافي تجاهل بعض الشائعات التي يرددها الثوار المناهضون للقذافي، كما اعتاد أن يسرب الشائعات ويمتنع عن نفيها حتى تتناقلها بعض الوسائل الإعلامية، قبل أن يخرج النظام رسميا لنفيها، في توقيت يختاره، لتحقيق أهداف سياسية ودعائية مكشوفة.

لكن مصادر دبلوماسية غربية في العاصمة الليبية، طرابلس، قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن حرص نظام القذافي على نفي نبأ مقتل ابنه خميس على وجه السرعة، هو الرغبة في الاحتفاظ بولاء القوات العسكرية التي يقودها خميس، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين، في محاولة لكبح جماح الثورة الشعبية، بهدف حماية نظام القذافي من السقوط.

ومنذ اندلاع موجة الاحتجاجات الشعبية ضده في السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي، يعهد القذافي إلى أبنائه الذكور محمد وسيف الإسلام وهانيبال ومعتصم وخميس بأدوار سياسية وعسكرية وأمنية لافتة للانتباه، بينما تراجع إلى حد كبير دور معظم المسؤولين الحكوميين والرسميين في الحكومة التي يقودها الدكتور البغدادي المحمودي.

ولا يشغل أبناء القذافي أي مناصب رسمية، وليس لديهم أي صلاحيات دستورية أو تنفيذية، لكنهم مع ذلك يحظون بوضع أقرب ما يكون إلى المحرك الفعلي للدولة الليبية.

وقال مسؤول حكومي ليبي طلب عدم تعريفه لـ«الشرق الأوسط»، في رسالة مقتضبة عبر البريد الإلكتروني: «لا يمكنك تجاهل نفوذهم. إنهم بمثابة امتداد للنظام، وهم بالتالي يخوضون نفس المعركة المصيرية والمحتومة، حتى النهاية، لا مفر آخر».

ولاحقا اعتبر موسى إبراهيم القذافي، الناطق باسم الحكومة الليبية، أن التقارير التي تحدثت عن مقتل خميس هي حيلة للتستر على مقتل أسرة مدنية في زليتن، الواقعة على خط الجبهة، حيث تحاول قوات القذافي منع تقدم مقاتلي الثوار صوب العاصمة طرابلس.

وكان ناطق باسم الثوار المناوئين للقذافي، قد أعلن في وقت سابق عن مقتل خميس خلال غارة جوية شنها حلف الناتو، وتسببت في مقتل 32 شخصا من بينهم نجل القذافي، مشيرا إلى أن الضربة الجوية للحلف استهدفت زليتن بغرب ليبيا، وهي بلدة على خط الجبهة، حيث تعمل وحدات من أفضل قوات القذافي تسليحا وولاء للدفاع عن مشارف العاصمة طرابلس، الواقعة على بعد 160 كيلومترا.

وأبلغ مسؤول في المجلس الانتقالي المناهض للقذافي «الشرق الأوسط» أن المجلس تلقى مبكرا مثل هذه المعلومات، لكن لا تأكيد رسمي بشأنها، بينما شدد مصدر عسكري في جيش تحرير ليبيا الوطني على ضرورة التأني قبل الترويج لمعلومات غير دقيقة لا تخدم سوى نظام القذافي نفسه، على حد قوله.

وقال مسؤول في مقر عمليات حلف الأطلسي في نابولي إنه علم بالتقرير لكنه لا يستطيع تأكيده. متابعا: «لا نستطيع أن نؤكد أي شيء الآن، لأننا لا نملك أفرادا على الأرض ونحاول أن نعرف كل ما يمكننا معرفته».

وكان الثوار يأملون في حال تأكيد وفاة خميس أن يمثل ذلك ضربة قوية لمساعي والده القذافي للصمود في وجه الانتفاضة المستمرة ضد حكمه، والمندلعة منذ ستة أشهر، التي يدعمها الناتو.

ويعتبر خميس أصغر أبناء القذافي وأقلهم حظوة إعلامية، حيث لا يظهر إلا نادرا، ولا يعرف عنه الكثير، باستثناء كونه قائد اللواء الثاني والثلاثين، الذي يتكون من نحو عشرة آلاف مقاتل، ويرابط في مدينة زليتن التي تقع بين مصراتة التي يسيطر عليها الثوار والعاصمة طرابلس.

ووصفت إحدى برقيات السفارة الأميركية التي سربها موقع «ويكيليكس» الإلكتروني، «لواء خميس، بأنه الأفضل تسليحا والأقدر على حماية النظام».

وهذه ليست المرة الأولى التي يشاع فيها نبأ مقتل خميس خلال الصراع، حيث ردد المعارضون أنه قتل خلال شهر مارس (آذار) الماضي، في حادث طائرة أسقطها عمدا قائدها المتذمر، وهو من السلاح الجوي الليبي. لكن التلفزيون الليبي عرض لاحقا صورا ولقطات مقتضبة لخميس، وهو يرتدي زيه العسكري ويعتلي سيارة، وسط مرافقين من الحراس الأمنيين والعسكريين لتحية الجماهير، التي احتشدت على مقربة من ثكنة باب العزيزية في العاصمة الليبية طرابلس.

يشار إلى أن القذافي أعلن أنه فقد خلال غارة نفذتها مقاتلات الناتو، قبل بضعة أسابيع على حي مدني في طرابلس، قبل بضعة أسابيع، ابنه الأصغر سيف العرب، الذي لا يقوم بأي دور قيادي، ووجوده في المحافل العامة أقل.

وفي حين أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أنها نفذت ضربات جوية يومي الثلاثاء والأربعاء، استهدفت مباني ومواقع إطلاق ودبابة تستخدمها قوات القذافي قرب زليتن، الواقعة على الطريق بين مصراتة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة والعاصمة الليبية طرابلس، نقلت وسائل الإعلام الليبية الرسمية عن مصدر عسكري قوله إن الناتو قصف مواقع مدنية في مدينة زليتن، لافتا إلى أن القصف استهدف مجددا مؤسسة تعليمية جامعية.

وظل القذافي مسيطرا على العاصمة طرابلس على الرغم من نقص الوقود والتقدم الذي تحرزه المعارضة، التي تدعمها ضربات الناتو منذ شهر مارس (آذار) الماضي.

من جهة أخرى، سعت الحكومة الليبية إلى التنصل من تصريحات لسيف الإسلام، النجل الثاني للقذافي، أعلن خلالها عن تشكيل تحالف مع معارضين إسلاميين ضد حلفائهم من الليبراليين.

وقال خالد كعيم، نائب وزير الخارجية الليبي، في تصريحات له، مساء أول من أمس، في العاصمة طرابلس، لممثلي الصحافة ووسائل الإعلام الأجنبية، إن هذه التعليقات لا تعبر عن موقف الحكومة الليبية.

واعتبر أن سيف الإسلام كان يتحدث عن نفسه وليس باسم الحكومة في تعليقاته بشان الإسلاميين، مضيفا بقوله: «أعتقد أن سيف الإسلام كان يعبر عن نفسه ولم يكن يعبر عن موقف الحكومة».

وتحدث سيف الإسلام لصحيفة «نيويورك تايمز» عن أنه أجرى اتصالات مع إسلاميين من المعارضة يقودهم الوسيط الإسلامي، علي الصلابي، وأنه سيشكل تحالفا معهم، مشيرا إلى أن الإسلاميين والحكومة سيصدران بيانا بشأن تحالفهما المشترك خلال أيام.