مرسي يقيل رئيس المخابرات ومحافظ شمال سيناء على خلفية مجزرة رفح

عيّن رئيسا لديوانه وقادة جددا للحرس الجمهوري والأمن المركزي وأمن القاهرة والشرطة العسكرية

ترأس الرئيس المصري محمد مرسي بمقر رئاسة الجمهورية اجتماعا لمجلس الدفاع الوطني لبحث تداعيات حادث رفح والأوضاع الأمنية في سيناء أمس (أ.ف.ب)
TT

في خطوة مفاجئة، قرر الرئيس المصري محمد مرسي إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء مراد موافي وتعيين اللواء محمد رأفت عبد الواحد شحاتة قائما بأعمال رئيس جهاز المخابرات، وذلك على خلفية حادث رفح الإرهابي الذي خلف 16 قتيلا من رجال القوات المسلحة و7 جرحى يوم الأحد الماضي.

وكان موافي قد عين في منصبه في يناير (كانون الثاني) من عام 2011، بعد تعيين سلفه اللواء عمر سليمان نائبا للرئيس السابق حسني مبارك يوم 28 يناير 2011، وعمل موافي قبل ذلك مديرا للمخابرات الحربية ومحافظا لشمال سيناء.

وكان اللواء مراد موافي قد صرح قبل إقالته بأن جهاز المخابرات العامة كانت لديه معلومات مؤكدة عن وجود تهديدات بهجوم إرهابي يستهدف وحدات في سيناء قبيل وقوع حادث رفح، مشيرا إلى أن هذه المعلومات لم تُشِر إلى مكان أو توقيت الهجوم.

وأكد موافي أن المخابرات العامة أبلغت الجهات المعنية بهذه المعلومات، مشيرا إلى أن المخابرات العامة جهاز تجميع وتحليل معلومات وليس جهة تنفيذية أو قتالية، وأن مهمته تنتهي عند إبلاغ المعلومات للمعنيين بها من أجهزة الدولة.

من جهته قال الدكتور ياسر علي المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن الرئيس مرسي «قرر أيضا إقالة اللواء عبد الوهاب مبروك محافظ شمال سيناء»، في ما بدا أنه اعتراف رسمي بوجود تقصير من الأجهزة الأمنية والرسمية في حادث سيناء.

كما قرر تعيين اللواء محمد أحمد زكي قائدا للحرس الجمهوري خلفا للواء نجيب عبد السلام الذي عينه الرئيس السابق مبارك في هذا المنصب قبل أن تطيح ثورة 25 يناير 2011 بنظامه.

وتعد قوات الحرس الجمهوري إحدى فرق القوات المسلحة، وهي واحدة من قوات النخبة في الجيش، ويتلقى أعضاء هذا السلاح تعليماتهم من قائد السلاح فقط، وهو عادة ضابط برتبة لواء أو فريق، ويتلقى تعليماته من رئيس الجمهورية بشكل مباشر.

وأشار الدكتور ياسر علي إلى أن الرئيس مرسي أصدر تعليمات لوزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين بتعيين ماجد مصطفى كامل نوح مساعدا لوزير الداخلية للأمن المركزي خلفا للواء عماد الوكيل، واللواء أسامة محمد الصغير مساعدا لوزير الداخلية مديرا لأمن القاهرة خلفا للواء محسن مراد.

وأضاف الدكتور ياسر علي أن الرئيس مرسي كلف المشير حسين طنطاوي بتعيين قائد جديد للشرطة العسكرية خلفا للواء حمدي بدين.

ويتهم الثوار والنشطاء السياسيون قوات الشرطة العسكرية وقائدها اللواء بدين بتعذيبهم والقبض عليهم دون وجه حق وفض اعتصاماتهم بالقوة.

وينص الإعلان الدستوري المكمل في المادة 53 مكرر منه على أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة يختص بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الإعلان الدستوري بتقرير كل ما يتعلق بشؤون القوات المسلحة، وتعيين قادتها ومد خدمتهم، ويكون لرئيسه حتى إقرار الدستور الجديد جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع».

وتوقعت مصادر أمنية أن يكون سبب إقالة قائدي الشرطة العسكرية والحرس الجمهوري هو فشلهم في تأمين الرئيس مرسي، مما حال دون مشاركته في جنازة شهداء حادث رفح، الأمر الذي تسبب في توجيه انتقادات شديدة له من القوى الشعبية والسياسية، وهو السبب نفسه الذي أقيل بسببه مدير أمن القاهرة، بينما أقيل مدير المخابرات العامة ومحافظ شمال سيناء ومساعد وزير الداخلية للأمن المركزي على خلفية حادث سيناء.

كما أصدر الرئيس مرسي قرارا جمهوريا بتعيين السفير محمد فتحي رفاعة الطهطاوي رئيسا لديوان رئيس الجمهورية. وكان الدكتور زكريا عزمي هو آخر من شغل هذا المنصب، وهو أحد أبرز رموز نظام الرئيس السابق مبارك، ويقضي حاليا عقوبة السجن بعد إدانته في تهم فساد وكسب غير مشروع. ومعروف عن السفير طهطاوي مساندته ومشاركته في ثورة 25 يناير، حيث استقال من منصب المتحدث الرسمي باسم الأزهر الذي كان يشغله وقت الثورة حتى يرفع الحرج عن مشيخة الأزهر.

وابدت شخصيات سياسية ترحيبها ودعمها للقرارات التي اتخذها الرئيس محمد مرسي بإقالة عدد من القيادات الأمنية، وعلى رأسهم مدير المخابرات العامة اللواء مراد موافي، واعتبرتها بداية حقيقية لتسلمه أجهزة الدولة وفرض سيطرته عليها، في مواجهة بقايا النظام السابق، كما دعا عدد من الحركات إلى وقفة أمام منزل مرسي لدعم قراره ومطالبته بتطهير الدولة.

وقال الدكتور عصام العريان، القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، «قرارات عاجلة تتبعها سياسات جديدة برؤية وطنية لسيناء وأهلها، وفلسطين وشعبها».

ودعما لقرارات الرئيس مرسي، وتعضيدا له في معركته الحالية والمقبلة ضد ما سمتها «الدولة العميقة»، قررت حركة شباب 6 أبريل أمس «التجمع أمام منزل الرئيس في القاهرة الجديدة وأمام قصر الاتحادية بمصر الجديدة ومنزل العائلة بمحافظة الشرقية لإظهار الدعم والتأييد لقراراته وانتظار قرارات أكثر جذرية وأشد وطأة على دولتهم العميقة».

وطالبت الحركة الرئيس بالمزيد من حركات التطهير ومزيد من التوضيح إعمالا لمبدأ الشفافية وإعلان أسباب العزل والإقالة.

وعلى موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قال الناشط السياسي الشهير جورج إسحق «قرارات الرئيس مرسي‏ في محلها تماما، وفي انتظار قرارات تخص تنمية سيناء ورفع مظالم المواطن السيناوي وشعوره بالتهميش والانتقاص من حقوقه».

وشددت حركة «الاشتراكيون الثوريون» في مصر على أن «الإقالة وحدها لا تكفي»، وأكدت أنه «يجب المحاسبة والمحاكمة والقصاص».

فيما اعتبر أستاذ العلوم السياسية الدكتور معتز بالله عبد الفتاح أن «قرارات اليوم بداية تسلم الرئيس جهزة الدولة وتفعيل صلاحياته السيادية كرئيس للجمهورية». ومن جهته قال الإعلامي الشهير حمدي قنديل إن «اليوم تسلم الرئيس رئاسة الجمهورية».

من جانبه، قال الدكتور عبد الغفار شكر، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن قرار الرئيس مرسي هو أمر طبيعي لحجم التقصير والإخفاق الواضح الذي تم كشفه في مذبحة «رفح»، خاصة من رئيس جهاز المخابرات العامة، الذي صرح بعد العملية بأنه كانت لديه معلومات عن تهديدات إرهابية، فمن الطبيعي أن يتم تسريح هؤلاء القادة.

لكن شكر أضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «المسؤولية أيضا تطال شخص الرئيس محمد مرسي نفسه، وكان عليه أن يستقيل بعد هذه الفاجعة، خاصة بعد تأخره في الذهاب لمكان الحادث يوما كاملا، ثم رفضه حضور جنازة الشهداء، حتى ولو كان هناك خطر على حياته، فهو يتحمل هذه المسؤولية».

وأعلن حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، تأييده للقرارات الأخيرة الصادرة عن الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية. وأكد الحزب في بيان رسمي له أمس أن هذه القرارات من صميم صلاحيات رئيس الجمهورية، وأنها تأتي في ضوء تعديلات إدارية تسهل نجاح مشروع الرئيس الذي انتخب من أجله، معتبرا أن هذه القرارات جاءت في مواجهة تحركات مريبة من قوى الثورة المضادة.

وطالب الحزب كل المسؤولين في الدولة المحسوبين على النظام القديم أن يستجيبوا لتعليمات الرئيس، وإلا فليتوقعوا إقالات مماثلة، مشيرا إلى أن مدير أمن القاهرة رفض تنفيذ حكم قضائي على الإعلامي توفيق عكاشة، وأطلق له العنان في جنازة شهداء رفح لكي يهين الثورة والثوار، معتبرا أن القوى المعنية تراخت بتأمين الجنازة وتأمين رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل مما عرضه لتطاول السفهاء.

واعتبر محمود عفيفي المتحدث الرسمي لحركة 6 أبريل أن قرارات الرئيس مرسي ليست كافية، وفي حاجة لإجراءات أكبر للتطهير الحقيقي، حيث قال: «لو بالفعل الرئيس مرسي قرر أن يقوم بحركة تطهير، فهذه الأسماء غير كافية على الإطلاق، هناك الكثير من القتلة والفاسدين، وقائمة أسماء طويلة في الانتظار».