قررت الحكومة الكويتية أمس رسميا إحالة قانون الدوائر الخمس إلى المحكمة الدستورية، وهو الإجراء الذي اعتبرته المعارضة إجراء يهدف لتطويقها. وأعلن وزير الإعلام الشيخ محمد العبدالله، في مؤتمر صحافي، عن إحالة الحكومة قانون الدوائر الخمس للمحكمة الدستورية.
وقالت الحكومة في بيان نقلته وكالة الأنباء الكويتية: «استكمالا للخطوات التي تقوم بها الحكومة تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 20 يونيو (حزيران) 2012 القاضي ببطلان صحة عضوية من تم انتخابهم في 2 فبراير (شباط) 2012، فقد اطلع مجلس الوزراء على نتائج الدراسات والأبحاث التي أجرتها اللجنة الوزارية للشؤون القانونية برئاسة وزير العدل والشؤون القانونية في عدد من جلساتها المتتالية حول مدى دستورية القانون رقم 12 لسنة 2006 بشأن الدوائر الانتخابية لمجلس الأمة، وما أجمعت عليه آراء الفقه والخبرة الدستورية، سواء من بعض الخبراء الدستوريين والمتخصصين من غير الجانب الحكومي أو من مستشاري إدارة الفتوى والتشريع والمكتب الفني بوزارة العدل والأمانة العامة لمجلس الوزراء وغيرهم، الذي انتهى إلى رجحان عدم دستورية القانون رقم 42 لسنة 2006، وأن مآل اللجوء إلى المحكمة الدستورية إن تم هو صدور حكم بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية، وبما يجعل إرادة الأمة ومصير أي انتخابات مقبلة مزعزعا وغير مستقر، الأمر الذي يستوجب أن تأخذ الحكومة زمام المبادرة لتجنب الدولة ومؤسساتها أي فوضى قانونية أو إرهاق سياسي ناجم عن وضع خاطئ قد يخلق فراغا تشريعيا».
ومضى البيان الحكومي يقول: «إزاء ما تقدم فإن مجلس الوزراء يؤكد على أن الحكومة هي الجهة الوحيدة فعليا في الوقت الراهن التي تملك المكنة والصفة القانونية لتقديم الطلب إلى المحكمة الدستورية حسما له ومنعا لأي تداعيات دستورية أو قانونية».
وأضاف: «إن قضاءنا العادل هو مرجعية الفصل في كل الاختلافات القانونية والدستورية على نحو يؤدي إلى إعلاء واحترام الدستور وتدعيم لكيان دولة القانون والمؤسسات».
وأكدت الحكومة: «التأكيد على الالتزام الكامل بأحكام الدستور، نصا وروحا، وبأن تكون جميع الإجراءات التي يقوم بها مجلس الوزراء لا تخرج عن إطاره وهو يباشر مسؤولياته المقررة دستوريا، انطلاقا من مسؤوليته الدستورية والاستجابة لمقتضيات المصلحة الوطنية العليا».
وقال بيان الحكومة: «إن اللجوء إلى المحكمة الدستورية ينبع من الحرص على تكريس مبادئ الدولة القانونية وشرعية أعمال السلطات فيها، وتحصين للنهج الديمقراطي حماية للنظام الانتخابي وصونا لإرادة الأمة من التعريض بها في نزاعات قضائية غير مأمونة لعوارض دستورية معلومة أو خافية آنية أو مستقبلية».
وأضاف: «اتخذ مجلس الوزراء قراره بتكليف إدارة الفتوى والتشريع بإعداد طلب الطعن بعدم دستورية القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة وإيداعه إدارة كتاب المحكمة الدستورية أملا بأن تتمكن المحكمة من إصدار حكمها المرتقب بالسرعة الممكنة».
وترفض المعارضة أي تغيير في الدوائر الانتخابية، كما تقاطع مجلس الأمة الذي عاد بحكم المحكمة الدستورية، وكان تجمع «نهج» الذي يضم الأكثرية النيابية في مجلس 2012 قد أعلن في بيان له (في وقت سابق) أنه في حال تم اللجوء إلى المحكمة الدستورية أو إصدار مرسوم ضرورة لتعديل الدوائر الانتخابية، أيا كانت صيغته، فإن شعار تجمعاته السابقة «ارحل يا ناصر» سيتحول إلى «ارحل يا جابر» (في إشارة لرئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك الصباح) انتصارا للأمة ودستورها وإرادتها.
وأضاف البيان أن تجمع «نهج» لا يعتبر رئيس الحكومة هو المسؤول الوحيد عن هذا الإجراء، بل يعتبر أي وزير في مجلس الوزراء الحالي مسؤولا مسؤولية سياسية وأدبية عن الانقلاب على الدستور وتزييف إرادة الأمة، ويعتبر مشاركا مشاركة مباشرة في هذا الأمر. ويتكون تجمع «نهج» من: كتلة التنمية والإصلاح، كتلة العمل الشعبي، حركة السور الخامس، حركة نريد، الحركة الدستورية الإسلامية، الحركة السلفية.
وكان مسلم البراك قال مساء أول من أمس: «إن قامت السلطة بإصدار قرارها بتحويل الدوائر الخمس إلى المحكمة الدستورية، فعليها أن تتحمل تبعات ذلك القرار، حيث ستبدأ ساعة الصفر، وستنطلق الإرادة الشعبية إلى ساحة الإرادة لقول كلمتها، مؤكدا أن معظم أبناء الشعب الكويتي بمختلف فئاتهم وشرائحهم، لن يصمتوا في حالة الاعتداء على الدستور».
وقال النائب عادل الدمخي (مبطل عضويته) أمس، في تعليق له: «إحالة الدوائر لـ(الدستورية) كشف نية الحكومة بأن المسألة ليست أخطاء إجرائية إنما تغيير النظام الانتخابي الذي لم يأت على (هواهم)».
من جهته قال المعلق السياسي الدكتور عايد المناع أمس معلقا على قرار الحكومة إحالة قانون الدوائر الخمس إلى المحكمة الدستورية: «إن إحالة مجلس الوزراء قانون الدوائر الانتخابية إلى المحكمة الدستورية هي خطوة شجاعة، فلا بد من تحصين العملية الانتخابية من الطعون و تكرار ما حدث»، لكنه لاحظ أن هذا القرار «هو قرار وجيه لكنه أيضا استفزازي؛ فالأغلبية النيابية 2012 تعارض هذه الإحالة وستقاومها».