اتهم ناشطون سوريون قوات الأمن السورية بارتكاب مجزرة في مدينة دوما، الواقعة في ريف دمشق، راح ضحيتها بحسب مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، 30 شخصا، بينهم 9 نساء و4 أطفال قتلوا «رميا بالرصاص» أو «ذبحا» داخل شققهم الواقعة في مبنيين مجاورين، في حين اتهم النظام السوري من خلال وسائل إعلامه، ما سماهم بـ«مجموعات إرهابية مسلحة بارتكاب المجزرة»، قبل أن تؤكد وزارة الخارجية والمغتربين السورية أن «المجزرة التي ارتكبتها إحدى المجموعات الإرهابية المسلحة في دوما جرت في منطقة لا وجود فيها لقوات الجيش السوري أو قوات حفظ النظام، التي تنشط فيها العصابات الإرهابية المسلحة، إضافة إلى التوقيت الذي حصلت فيه، حيث يثبتان مرة أخرى مسؤولية العصابات الإرهابية المسلحة وداعميها عن هذا النوع من المجازر التي ترتكب في كل مرة بدم بارد وبشكل متعمد».
وقالت الخارجية السورية في رسائل وجهتها إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيسة مجلس حقوق الإنسان، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، إن «المجموعات الإرهابية المسلحة وداعميها لا تزال تسفك الدم السوري بشكل مناف لكل قيم الإنسانية وفي توقيت أصبح متكررا ومعروفا يسبق الجلسات التي يعقدها مجلس الأمن لمناقشة الأوضاع في سوريا». وطالبت الخارجية «مجلس الأمن الدولي والأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بفضح ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة ومحاسبتها وإدانة جرائمها».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان نقل في بيان عن ناشطين في المدينة قولهم إن «الضحايا قتلوا على أيدي القوات النظامية فجر أمس»، في حين ذكرت شبكة «شام» الإخبارية أن «قوات الأمن السورية مدعومة بميليشيات الشبيحة أعدمت صباح أمس أكثر من 20 مدنيا بينهم أطفال ونساء في مدينة دوما»، لافتة إلى أن «الضحايا أعدموا في بناية سكنية في حي المساكن».
وفي سياق متصل، قال عضو المكتب الإعلامي في مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق محمد السعيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عناصر من حاجز الشهداء الواقع على مستديرة الشهداء قاموا عند السابعة من صباح أمس برمي قنبلتين على حي سكني يبعد قرابة 50 مترا عن الحاجز، ثم اقتحموا بعدها الحي وقاموا بحملة مداهمات عشوائية، شملت بشكل خاص مبنيين اثنين». وأوضح أن «قوات الأمن عمدت إلى جمع قاطني كل شقة في المبنيين السكنيين في الحمام، ثم أطلقت النار عليهم مباشرة، بينما قتلت آخرين ذبحا»، مشيرا إلى أنه «تم لاحقا العثور على الرصاص الفارغ في الشقق بعد انسحاب القوات النظامية منها».
وأكد السعيد «مقتل قرابة 30 شخصا، بينهم ممرضة تدعى رشا العابد، كانت تعمل كمسعفة في المشافي الميدانية في دوما»، لافتا إلى أن «قوات الأمن عمدت بعد خروجها إلى إطلاق النار على كل من يقترب من المبنيين، ولم يتمكن أهالي الحي من الدخول إلى المبنيين إلا بعد استحداث فجوة في خلفيتهما».
وبينما أظهر شريط فيديو بثه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت جثث نساء وأطفال ملفوفة بالقماش خلال «مجزرة دوما»، ذكر التلفزيون السوري الرسمي أن «عدد الضحايا بلغ 25»، بينما وصفت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ما حصل بأنه «مجزرة». وأفادت بأن «مجموعات إرهابية مسلحة ارتكبت مجزرة بشعة»، ونقلت عن مصدر في المحافظة قوله إن «المنطقة التي وقعت فيها المجزرة ينتشر فيها إرهابيو ما يسمى بـ(لواء الإسلام) الذي يتزعمه الإرهابي زهران علوش».
لكن قائد «لواء الإسلام» الشيخ زهران علوش نفى أن يكون لعناصر اللواء «أي علاقة بمجزرة دوما»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بتنا معتادين من النظام على هذه الأكاذيب والمسرحيات القذرة للإيقاع بين المقاتلين والشعب السوري وبهدف تمرير مآربه من ارتكاب المجازر لإعادة السوريين إلى زمن الذل والخضوع للنظام».
وجزم علوش أنه «لا علاقة لـ(لواء الإسلام) بالمجزرة لأسباب عدة، أبرزها أن المجزرة ارتكبت على بعد 50 مترا من حاجز دوار الشهداء»، لافتا إلى أن «النظام يكذب بادعائه أن (لواء الإسلام) يسيطر على المنطقة، في حين أن في قلبها حاجزا نظاميا قذرا يمارس منذ أشهر طويلة القنص وقتل المدنيين الأبرياء». وشدد على أن «النظام بدأ في الأيام الأخيرة الأعمال التمهيدية لاجتياح دوما، فأغلق جميع الطرق المؤدية إليها وهو يستعد لاقتحامها»، مؤكدا التخوف من «حصول مجازر أخرى على غرار ما حصل في داريا، باعتبار أن دوما لا تزال تشكل قلب الثورة النابض في ريف دمشق، وتحديدا في الغوطة الشرقية، فضلا عن استضافتها لمئات العائلات النازحة من مناطق الريف من حرستا وزملكا وكفربطنا وعربين».
وختم علوش بالتأكيد على أن «اتهامات النظام السوري وفبركاته لن تمر على أهالينا في ريف دمشق، الذين يدركون أن (لواء الإسلام) يعمل على الدفاع عنهم وحمايتهم». وكان ناشطون سوريون قد أفادوا بأن الجيش السوري الحر تمكن من تدمير حاجز الشهداء في دوما ردا على مجزرة النظام.