الرئيس الإيراني: ساعدنا أميركا في إعادة الهدوء للعراق.. وفي هذه القضية تبدو الآراء متفقة

نجاد في حديث تنشره «الشرق الأوسط»: شعبنا يحب حكومته.. وسترون ذلك في الانتخابات المقبلة

نجاد مع مستشاريه خلال المقابلة في نيويورك أمس («نيويورك تايمز»)
TT

في مقابلة أجريت معه في نيويورك على هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدث الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد عن القضايا الداخلية في بلاده والمشاكل الاقتصادية والعلاقات مع الولايات المتحدة واسرائيل، وقال لقد قدمنا يد العون فيما يتعلق بأفغانستان، وكانت نتيجة هذه المساعدة توجيه السيد بوش تهديدات مباشرة بشن هجوم عسكري ضدنا. كما أكد أن بلاده ساعدت في إعادة الهدوء الى العراق، مشيرا الى انه «في جميع القطاعات التي تم تسليم مسؤولية الأمن فيها إلى الحكومة العراقية، باتت الأوضاع أكثر هدوءا وتمت إدارتها على نحو أفضل. لذلك نعتقد أنه حال تسليم كامل المسؤولية ـ في إطار عمل معقول ومنطقي للغاية ـ إلى الحكومة العراقية، فإن الوضع بأكمله ستجري إدارته على نحو أفضل بكثير. ويبدو أنه فيما يخص هذه القضية تحديداً تتفق آراؤنا. وعليه، فإنني آمل بالتأكيد في ألا تخلق الظروف الملحة القائمة هنا داخل الولايات المتحدة ظروفاً جديدة تقرر الولايات المتحدة بمقتضاها تغيير التوجه الحالي» وفي ما يلي أهم أسئلة وأجوبة المقابلة > بعد مرور سبعة أشهر ستكون هناك انتخابات في إيران، فما هي الإنجازات الأساسية التي قمت بها ويمكنك تقديمها للشعب الإيراني؟ وهل تعتقد أنهم سوف يصوتون ضدك لأنه يشعرون بالضيق بسبب الوضع الاقتصادي والزيادة في معدلات التضخم والبطالة؟ هناك بعض التساؤلات التي طرحت في المجلس (البرلمان الإيراني) وأماكن أخرى حول انفاق عوائد البترول التي تصل إلى نحو 120 مليار دولار؟

ـ بسم الله الرحمن الرحيم.. أنا سعيد أنه يمكننا مناقشة تلك القضايا مع بعضنا بعضا. لقد حققت حكومتنا العديد من الإنجازات في مختلف القطاعات الثقافية والاقتصادية والسياسية. صحيح أن العالم بأسره يواجه مشاكل اقتصادية في الوقت الحالي، وطبيعي أن يتأثر الاقتصادي الإيراني، ولكن إيران شهدت نموا اقتصاديا سريعا في بعض المجالات. وفي حقيقة الأمر، نحن نمر بفترة نشهد فيها معدلات نمو اقتصادية مرتفعة بصورة ثابتة. نعم هناك تضخم، ولكننا مستعدون لمواجهته. يمكن أن نجد في مختلف أنحاء العالم معدلات التضخم تتضاعف. لدي علاقة جيدة مع المجلس (البرلمان الإيراني)، وهو مجلس حر، فهم يعبرون عن آرائهم في كل القضايا. وبالنسبة لسؤالك عن أين تذهب عوائد البترول، فأنا لم أسمع هذا السؤال من قبل.. ربما أنت تقرأ مقالات لبعض المجموعات التي تنتقد الحكومة في إيران، يمكن أن تجد الكثير من تلك المقالات، ويمكن لهم أن يقولوا أشياء، ولكن في الواقع فإن عوائدنا اكبر من الرقم الذي ذكرت، وعوائد البترول هي جزء من العوائد الإيرانية، فلدينا أوجه أخرى للعوائد، لدينا عوائد من الضرائب وعوائد من الجمارك وعوائد من الموارد المعدنية ومن الحقول والأراضي ومن الصادرات غير البترولية، ووفق القانون الإيراني، فإن كل العوائد التي تتحصل عليها إيران يجب أن تودع في الخزانة العامة، ويجب أن يوافق البرلمان على كل النفقات، كما أنه يراقبها، ويجهزون تقارير واضحة حول ذلك تنشر سنويا. إذا هذه هي العملية القانونية. > ألم ينشر السيد (حسن) روحاني خطابا يتساءل فيه أين تذهب عوائد البترول؟ وألم يقوم الرئيس باستبدال محافظ البنك المركزي مرتين؟ وعلى الرغم من أن كل الدول المنتجة للبترول شهدت طفرة اقتصادية غير مسبوقة، ما زالت إيران بها معدلات بطالة مرتفعة، وأعتقد أن هناك الكثير من الأسئلة التي تطرح داخل إيران حول كيفية إدارة الاقتصاد؟

ـ إيران بلد حر، وللمواطنين أن يعبروا عن آرائهم، وأنا مندهش من أنك تبدي تلك الحساسية تجاه القضايا المحلية. السيد روحاني فرد حر في إيران، له الحرية في عرض آرائه، وكل شخص له الحرية في التعبير عما يريد سواء كان ذلك ضد الحكومة أم في صالحها، وفي الواقع هناك المئات من الآراء التي تتحدث مؤيدة لسياساتنا. وفي حقيقة الأمر، تشهد معدلات البطالة تراجعا مضطردا في إيران، وبالطبع بسبب النمو السكاني الكبير في إيران، يمكن في وقت معين أن يمثل جيل البطالة تحديا. ويمكن أن أقول أن المشاكل التي تواجهها هنا في أميركا أكبر عشر مرات من التي يواجه أي شخص داخل إيران، فمشاكلنا ليست كبيرة لتحتاج ضخ 700 مليار دولار في الاقتصاد، ولا حتى 70 مليار دولار ولا 5 مليارات دولار. كما أنه من الطبيعي أن يتغير المديرون في وقت ما، وهذا أيضا يحدث في أي مكان في العالم، نحن على وشك إطلاق خطة اقتصادية جديدة، ولذا نحن في حاجة إلى إقامة فريق اقتصادي يتسم بالتناسق بصورة كبيرة، وهذا هو ما حدث في الوقت الحالي، هذا كله عبارة عن جزء طبيعي من إدارة الاقتصاد. هل تعتقد أنه من الضروري مناقشة هذا الأمر معك؟

> كثيرا ما ذهبت إلى إيران، وأعلم ان هناك أناسا يشتغلون في وظيفتين حتى يتسنى لهم كسب قوت يومهم، وهم يشعرون بالغضب بسبب الاقتصاد، وعندما تتحدث إلى الإيرانيين، فإن ذلك هو الشيء الوحيد الذي ينتقدون الحكومة من أجله طوال الوقت.

ـ دعنا ننتظر لأشهر قليلة وننظر كيف سيصوت المواطنون في الانتخابات، نحن على صلة بالمواطنين بصورة مستمرة، نعيش سويا جنبا إلى جنب، وأنا أدعوك كي تقوم بزيارة معي إلى إيران، أن تزور إيران حتى يمكنك أن تسمع ما يقوله المواطنون، هناك الكثير من الحرية في إيران، كما أنهم يعبرون عن آرائهم، ويشاركون في الانتخابات، ويقيمون التجمعات، نحن لا نشعر بالقلق بصورة كبيرة، ويجب ألا تشعر أنت الآخر بالقلق. > النقطة الاقتصادية الأخرى، هي قضية البترول، نعرف أن إيران إحدى أكبر الدول المصدرة للبترول في العالم، ومع ذلك فهي تستورد 40 في المائة من الوقود الذي تحتاجه، وهذا شيء آخر يشعر المواطنون بالضيق تجاهه، لماذا تلك النسبة الكبيرة، ولماذا لا تستثمر أموالك في معامل تكرير، على سبيل المثال؟

ـ هل حقا يشعر المواطنون بالغضب تجاه ذلك؟

> نعم، وفي بعض الأحيان يقومون بأعمال شغب ويحرقون محطات بنزين؟ ـ ليس هذا هو السبب في إحراقهم إياها (محطات البنزين)، وفي واقع الأمر فإننا على وشك بناء سبعة معامل تكرير إضافية. بالطبع، يستخدم البنزين بمعدلات مرتفعة جدا في إيران، لأنه رخيص للغاية، والحكومة تدفع الكثير من المال كي تتحمل ذلك. > تقول إن حقوق الإنسان وحرية التعبير مكفولة في إيران وان المواطنين ينعمون بالحرية، ومع ذلك فهنا انتقادات كثيرة لسجل حقوق الإنسان لديكم، وإيران في المقدمة في إعدام صغار السن، اعتقد انهم 30 اخيرا، كما أنها تأتي الثانية بعد الصين في أحكام الإعدام في المجمل. فلماذا تشعر بالحاجة إلى هذا القمع المتزايد؟

ـ لقد وجهت سؤالا جيدا جدا، حول إعدام صغار السن؟ أين يتم إعدامهم؟ في الواقع فإن القانون لدينا ينص على الثامنة عشر، كسن يسمح فيه بالحكم بالإعدام جنائيا، ولذا أن لا أعرف من أين أحضرت رقم ثلاثين.

> كان ذلك في تقرير لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»، بهنام زار؟

ـ آه، في بعض الأحيان تختلط تلك الأرقام بأحكام الإعدام التي تصدر في حق مهربي المخدرات. تم بالفعل إعدام عصابة كبيرة من مهربي المخدرات في إيران، هذا صحيح. لدينا قوانين في إيران، وان المواطنين الذين يحملون كمية معينة من المخدرات عرضة للإعدام، وذلك إجراء جيد جدا. نحن ننفق من أجل أن يحيون حياة أفضل هنا، وفضلا، تذكر عشرات الآلاف من قوات الأمن الذين قضوا نحبهم في معارك مع مهربي المخدرات، يصل الرقم إلى 4000. ولا يعد مهربو المخدرات صغار سن عاديين. نحن لدينا قانون عقوبات قوي جدا ومتقدم جدا، وفي إجراءاتنا القانونية، يكون لكل شخص الحق في طلب الاستئناف خمس مرات، وهذا أمر فريد في العالم. كما علينا أن نتذكر أن الكثير من الأمور التي تحدث في إيران يتم تسييسها، ولذا نحن لا نلتفت إلى ذلك كثيرا، هناك من يحب أن يستخدم ذلك سببا لممارسة المزيد من الضغوط على إيران. عليك أن تعرف أن المواطنين في إيران يحبون بلدهم وحكومتهم، وعلى مدى 30 عاما، سمعنا مثل تلك التصريحات حول الحكومة الإيرانية، ولكن في نفس الوقت، تم عقد 30 انتخابات كبرى في البلاد. وكل عام، تجري تظاهرتان ضخمتان على الأقل في إيران، وخلالهما يجتمع قرابة 30 مليون شخص للتأييد. وغدا يوم الجمعة (أمس) ستقام تظاهرة من تلك، والثانية تكون في ذكرى انتصار الثورة في فبراير (شباط). العلاقة بين المواطنين والحكومة في إيران لديها طبيعتها الخاصة، فنحن نعيش وسط المواطنين، ومع المواطنين بكافة طوائف المجتمع، الطلاب وطلاب الجامعة والموظفين الحكوميين والمزارعين ورجال الأعمال، ولا توجد أية قيود على علاقتنا مع المواطنين. كما يعقد قائدنا (المرشد) اجتماعات يأتي فيها المواطنون ويصطفون لسؤاله مباشرة، ويمكن لأي شخص أن يأتي ويوجه تلك الأسئلة مباشرة، لا توجد قيود. كل المواطنين يدعمون حكومتهم. وبالطبع هناك مواطنون ينتقدونها ويقفون ضدها، ولكن يمكن أن ترى ذلك في أي مكان. ولكن هؤلاء أقلية مطلقة، وليس لدينا مشكلة كبرى مع إيران مع شعبنا، نحن نعيش معهم جنبا إلى جنب، والحكومة يقوم الشعب بانتخابها بالكامل، القيادة والحكومة والبرلمان، الجميع ينتخب بطريقة أو بأخرى. ولذا فإن النقاط التي أثرتها هي قضايا مُسيسة بصورة كبيرة تهم في الأغلب الخارج. ولكن في الداخل، ليست تلك هي القضية التي نتكلم حولها في كل الأوقات. > فيما يتعلق بموضوع آخر، أنت فارسي، ولست عربيا، ولم تدخل بلدك بصورة مباشرة على الأقل في حرب مع إسرائيل، ومع ذلك يبدو أنه تنتابك الكثير من الهواجس تجاه اليهود، فلماذا ذلك؟

ـ ليس لدينا أية علاقة بشؤونهم على الإطلاق، فالمواطنون اليهود يعيشون في إيران، وقد عاشوا هناك تاريخيا، ولديهم نائب في برلماننا، على الرغم من أنهم 20.000 مواطن فقط، ولكن لديهم نائب في البرلمان. ولكن بالنسبة لباقي السكان، فيجب أن يكون هناك 150.000 على الأقل كي يكون لديك نائب في البرلمان. وعليه، فإن المواطنين اليهود يعاملون مثل أي شخص، مثل المسيحيين والمسلمين والزرادشتيين، يعاملون باحترام، كما هو الحال مع أي شخص. السؤال في حقيقته حول الصهيونية وليست اليهودية، إنها حزب سياسي، حزب سياسي سري للغاية، وهو السبب الأصلي في انعدام الأمن والحروب. وقد تعرض أناس للقتل على مدى 60 عاما في منطقتنا، وهم مهددون بنفس الأمر على مدى 60 عاما، يُعتدى عليهم منذ 60 عاما. وقعت العديد من الحروب الكبرى، وهناك عدد كبير من المناطق تحت الاحتلال، كما نزح أكثر من خمسة ملايين مواطن وأصبحوا لاجئين. وتتعرض النساء والأطفال للهجوم على منازلهم، إنهم يهدمون المنازل فوق رؤوس النساء والأطفال، في منازلهم وفي وطنهم. تلك جرائم لا يمكن للمرء أن يتغافلها، ونحن لا نوافق على الأعمال الإجرامية، ونعلن ذلك بصوت مرتفع وبوضوح، وغضب حكومة الولايات المتحدة لن يمنعنا من القول بوضوح وبصوت مرتفع كيف ننظر إلى تلك التصرفات، وطالما أنه لم يتم استئصال تلك الأعمال من جذورها، سوف نستمر في التعبير عن مخاوفنا. كما أنني مندهش من أنه في وسائل الإعلام الخاصة بكم، أنتم بالكاد ما تهتمون بجرائم حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام الصهيوني، ولا الجرائم التي تحدث في أفغانستان والعراق. ذهبت قوات الناتو الى أفغانستان كي تقيم الأمن، ولكنهم تسببوا في انتشار عدم الأمن، زادت نسبة الإرهاب، وتزايد إنتاج المخدرات المحظورة، وفي بعض الأيام يقتل 10 مواطنين، وفي أيام يقتل 100. وفي بعض الأحيان تتعرض حفلات الزفاف للقذف، وقد نال انعدام الأمن من باكستان هي الأخرى. وفي عملية احتلال العراق، قتل أكثر من مليون مواطن، بينهم الكثير من النساء والأطفال، بالإضافة إلى نزوح عدة ملايين. هل هناك قوى كافية في أميركا كي تمثل هؤلاء الأبرياء الذين حرموا من حقوقهم؟ هناك سبعة مليارات يعيشون على سطح الأرض، في 200 دولة، فلماذا يقوم السياسيون هنا في الولايات المتحدة بالنهوض للدفاع عن الصهاينة؟ ما الذي يدفع الحكومة الأميركية إلى التضحية بنفسها من خلال دعمها لنظام يعد نظاما مجرما بالأساس؟ لا نستطيع فهم ذلك. وعندما تنتهك حقوق الإنسان في أبو غريب وغوانتانامو، لماذا لا يكون هناك اهتمام كاف بذلك؟ في الكثير من الدول التي تعد دولا صديقة للولايات المتحدة هناك انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان. وفي الواقع، فإن حقوق الإنسان قد تعرض للتسييس، وهناك عدة معايير تطبق على أجزاء مختلفة من العالم. أحب أن أؤكد ما قلته: الشعب في إيران يحب حكومته، وسوف ترى ذلك في الانتخابات. > هل بمقدورنا الاستفسار بشأن طبيعة العلاقات مع الحكومة الأميركية، خاصة إذا ما كان مجيء إدارة أميركية جديدة سيحمل معه أي إمكانية لإبرام صفقة كبرى بين الجانبين؟ ـ لقد قلت مراراً إننا نرغب في إقامة علاقات طيبة مع الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة. لكن هذه العلاقات يجب أن تقوم على العدل والإنصاف والاحترام المتبادل. وحينما تعلن الحكومة الأميركية التزامها بهذه المبادئ الرئيسة، سنصبح على استعداد للدخول معها في محادثات، رغم شعورنا بالحزن العميق حيال سلوك الحكومة الأميركية. لقد أساءت الحكومات الأميركية بالفعل في تصرفاتها إزاء شعبنا. وقد تصرفت بأسلوب مُضلل مع شعبنا على امتداد الأعوام الخمسين السابقة أو ما يناهز ذلك. وهناك قائمة طويلة بتلك السياسات المُضللة.. لكن بمجرد إعلان الحكومة الأميركية التزامها بمبادئ الإنصاف والاحترام المتبادل، لا نرى أي ضير في الحديث إليها حينذاك. ومن الممكن للمرء الشروع في حقبة جديدة من المحادثات. ولقد سبق وأن قلت إن المبادئ المطلقة التي ينبغي أن تقوم عليها هذه المحادثات الإنصاف والاحترام المتبادل. من جانبنا، قدمنا يد العون فيما يتعلق بأفغانستان. وكانت نتيجة هذه المساعدة توجيه السيد بوش تهديدات مباشرة بشن هجوم عسكري ضدنا. وعلى مدار ست سنوات، أطلق تصريحات مشابهة ضدنا. وفي المرة المقبلة، يتعين علينا اتخاذ إجراءات أكثر تناسباً وقوة. بطبيعة الحال، أينما كان باستطاعتنا تخفيف آلام البشر، سوف نستمر في التعاون في مثل هذه المجالات. > تدرس إدارة بوش مقترحاً لفتح مكتب لتمثيل المصالح في طهران، فهل ستوافقون على ذلك؟ ـ سبق وأن أعلنت أننا ندرس المقترح من منظور إيجابي. > هل ناقشوا معكم هذا المقترح بأي صورة من الصور؟ ـ لم يتم تقديم أي طلب رسمي بهذا الشأن. > هل يمكنكم الحديث بشأن كيف ترون الانتخابات الأميركية؟ هل ترى أي اختلاف بين المرشحين؟ ـ ماذا تعتقد أنت؟

> أنا أكثر اهتماماً بما تعتقدونه أنتم. ـ العكس صحيح... نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية هنا في الولايات المتحدة. ونعتقد أن الانتخابات شأن من حق الشعب هنا داخل الولايات المتحدة. الشعب هنا يجب أن يقرر لنفسه. لكننا نأمل في أن يشرع أي شخص سيتم انتخابه في اتباع نهج جديد في تعاملاته مع الآخرين. ونعتقد أنه أياً ما كان الشخص الذي سيتم انتخابه، فإنه يتعين عليه الاهتمام بأمر قضيتين. أولاهما: تقليص حجم التدخلات الأميركية في الخارج وقصرها على المساحة الجغرافية لهذا البلد وحده. لقد تسببت هذه التدخلات في إثارة زعزعة الاستقرار وانعدام الأمن بمختلف أنحاء العالم، وخلق ضغوط مالية هائلة على عاتق الشعب الأميركي والشعوب الأخرى بمختلف أنحاء العالم. إن أحداً لم يدع الولايات المتحدة لأن تكون زعيمة القرية العالمية. وقد ردد المؤسسون الأوائل للولايات المتحدة شعارات أوضحت رغبتهم الوحيدة في مساعدة الأفراد داخل أميركا. عليك أن تحل مشكلات أبناء هذا البلد داخل الحدود الجغرافية لهذه الدولة ذاتها. انظر إلى هذا التجاهل للقضايا الأميركية ذات الشأن والتي حل محلها اهتمام مفرط بما يدور في الخارج، في وقت تزداد الميزانية العسكرية للبلاد عاماً بعد عام. ربما لو لم تكن الحكومة الأميركية تورطت بهذا الشكل فيما يجري بالخارج، كان العالم سيتمتع بقدر أكبر من السلام والأمن ويحظى الشعب الأميركي بالمزيد من الرفاهية عما عليه الحال اليوم. إن الأزمة الاقتصادية القائمة هنا اليوم تضر بالعالم بأسره. وربما كان سيصبح من الأفضل تحسين مستوى رفاهية الشعب، وتوفير المزيد من الرعاية الصحية والتعليم للأفراد داخل هذه البلاد. لو كان ذلك حدث، كان ما يزيد على 100.000 أفغاني وما يتجاوز مليون عراقي بقوا على قيد الحياة. ولم يكن الناس داخل أميركا عانوا من تلك المشكلات، ولم تكن المصارف قد أفلست. ولم تكن الحكومة ستُقدم على التفكير في ضخ 700 مليار دولار في تلك الشركات الكبرى. إننا نعتقد أنه من الممكن بالفعل إدارة العالم على نحو أفضل. وعليه نؤمن بأن على أي شخص يتولى الرئاسة التركيز على التخلص من هذه المشكلات هنا في الداخل وعلى تحقيق الرفاهية للشعب الأميركي. أما القضية الثانية التي يجب أن يهتم بها من يتولى الرئاسة فهي إصلاح العلاقات مع إيران. وهذا يجيب عن تساؤلك. نحن نأمل في أن يقوم من سيتم انتخابه أياً ما كان بإحداث تغييرات جوهرية. > بخصوص مسألة إصلاح المشكلات في الداخل بدلا من العمل بالخارج، في بعض الأحيان يسمع المرء انتقادات في إيران ـ خاصة عندما كنت هناك بعد زلزال عام 1990 وفي بام بعد الزلزال، حيث يقول الإيرانيون دوماً، «لماذا نرسل بالأموال إلى فلسطين، ولماذا نرسل المال إلى حماس وحزب الله؟ ينبغي أن نقوم بإعادة بناء منازلنا في الداخل». إذاً، هل ما ينطبق على الولايات المتحدة ينطبق أيضاً على إيران؟ ‌ـ أود فعلا أن أشكرك على اهتمامك الشديد بالشعب الإيراني.. أنا إيراني. وأعيش مع الشعب الإيراني. ويعلم الإيرانيون السبيل الأمثل لحل مشكلاتهم. > أنتم تتحدثون عن إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة. في لب العلاقات المعطلة تكمن القضية النووية. الهند وباكستان وكوريا الشمالية تمتلك جميعها برامج نووية، وجميعها تمكنت بطريقة ما من التوصل إلى تسوية مع الولايات المتحدة واستفادت من ذلك الأمر. إذاً، لماذا لا تقومون بتجميد التخصيب فحسب، فليس لزاماً عليكم أن تنهوا برنامجكم النووي، لقد أحرزتم تقدماً كبيراً بالفعل فيه، وتحصلون على الحوافز التي عرضتها عليكم القوى الست؟ ـ أعتقد أني أجبت على سؤالك قبلا. من الذي خول الولايات المتحدة وحلفاءها تحديد كيف ينبغي أن يعيش الآخرون أو أن يسعى الآخرون للحصول على تصريح منهم أولا إذا ما رغبوا في القيام بأمر ما؟ > لكن، هناك قرار من الأمم المتحدة يقضي بضرورة أن تتوقف إيران عن التخصيب؟ ـ تقع الأمم المتحدة بشكل كامل تحت ضغوط الإدارة الأميركية. وقد أخبرني رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية شخصياً بأنه يتعرض لضغوط. > لكن الصينيين والروس، وهم حلفاء لكم، مضوا مع هذا الأمر؟

ـ ذلك لا يهم، فليس له شأن بالعلاقة التي أقامتها الولايات المتحدة مع الوكالة. نحن نعتقد أن أنماط السلوك ينبغي أن تتغير. وحال عدم حدوث ذلك، لن تتم تسوية المشكلات. إذا ما رغبت الولايات المتحدة في أمر وراق لها، ينبغي أن ترضاه لنا أيضاً. في الواقع، إن التساؤل الذي يشغل بالنا هو أن الولايات المتحدة ترتبط بعلاقات طيبة مع دول تملك القنبلة الذرية، وبعلاقات سيئة مع دول مثلنا تسعى لمجرد امتلاك طاقة نووية سلمية. لقد كان من أكبر أخطاء الحكومة الأميركية قطع العلاقات مع إيران. وأتذكر جيداً أنه عندما أعلن الرئيس الأميركي آنذاك على شاشات التلفزيون قطع علاقات الولايات المتحدة مع إيران، بدا أن الولايات المتحدة راودها الاعتقاد بأن الحكومة الإيرانية ستختفي سريعاً. لكن ذلك لم يحدث. إن إيران دولة كبيرة للغاية، وبها شعب كبير للغاية وتتمتع بثقافة عظيمة للغاية. لذا، ليس من السهل إسقاط إيران من خلال مثل هذا النمط من الإجراءات. إن الاقتصاد الإيراني أكبر الآن 100 ضعف عما كان عليه آنذاك. ومن الناحية العلمية، تقدمت عما كانت عليه بمقدار 100 ضعف على الأقل. لذا نعتقد أن الحكومة الأميركية كانت مخطئة في قطع هذه الروابط، مثل الكثير من الأخطاء الأخرى التي اقترفتها. هل يمكنك ذكر قرار واحد صحيح اتخذته الحكومة الأميركية على الصعيد الدولي على مدار الأعوام الثلاثين أو الخمسين السابقة. إنها خطأ يعقبها خطأ. إن الأوضاع التي يمر بها العالم اليوم هي نتاج للإدارة الأميركية للعالم. فهل يروق لك ما تراه؟ سباق تسلح، تهديدات، تفاقم في الفجوة بين الدخول، فقر مدقع وحروب مستمرة. ونحن لا نرغب في كل ذلك. نحن نود إقامة صداقات. ولا أعتقد أن الشعب الأميركي يروق له ما يراه أيضاً. وإذا ما أتيحت للشعب الأميركي الفرصة للتعبير بصدق عن نفسه، سيعرب بالتأكيد عن معارضته لأسلوب إدارة العالم. لا أحد يحب الحروب أو أعمال الإرهاب أو الاحتلال أو التهديدات. إن الناس جميعهم سواسية. والشعبان الأميركي والإيراني متشابهان أيضاً، فهما لا يحبان العدوان او أن يتعرضا للإذلال. > في أفغانستان، تعاونتم من قبل مع الولايات المتحدة. وقد عاودت طالبان الظهور وهي جماعة أبدت عنفاً بالغاً حيال الشيعة، هل يثير ذلك قلقكم وهل يشكل هذا سبيلا محتملا للتعاون مع الولايات المتحدة من جديد؟ ـ أعتقد أني أجبت على هذا بالفعل. إن الولايات المتحدة وحلف الناتو لا يدركان طبيعة أوضاع أفغانستان جيداً ولا يديران الأوضاع هناك على نحو ملائم. لقد قلت بنفسك إن التطرف تفاقم. فمن المسؤول عن ذلك؟ إدارة من تتحمل هذه المسؤولية وينبغي محاسبتها عليها؟ من الواضح أن المسؤولية تقع على عاتق من ترابط قواتهم العسكرية داخل أفغانستان اليوم. وهم غير مستعدين للاستماع إلى نصائح الآخرين، وإنما يعتقدون ببساطة أن كافة المشكلات يمكن حلها بالقوة العسكرية والقنابل والمدافع. وهذا خطأ في حد ذاته. في أفغانستان وبالنظر إلى الفاجعة الإنسانية القائمة هناك، يجب اتباع نهج إنساني. وإلا سيزداد التطرف وفي المرة القادمة سيعجز الناتو عن وقفه. ولدينا معلومات محددة للغاية حول أن بعض أعضاء الناتو على اتصال بهؤلاء المتطرفين، وهو ما يزيد الأمور تعقيداً. > فيما يخص حدودكم بمنطقة القوقاز، ما رأيكم فيما جرى في جورجيا، وهل يثير قلقكم؟ ـ لقد وقعت أموراً متداخلة فيما يخص الأزمة الجورجية. ونعتقد أن الناتو لم يتوصل إلى تحليل جيد للموقف القائم على الأرض في جورجيا. وبعض العناصر والجماعات الصهيونية ـ لقد تم تشجيع الرئيس الجورجي، ميخائيل ساكاشفيلي، على شن الهجوم، وارتكب بذلك خطأً. إن الخلافات الحدودية مع الجيران لا يمكن تسويتها من خلال الحروب. كان عليهم إدارة النزاع، لذا فإننا غير راضين عما حدث. يجمع بيننا وبين الشعب الجورجي روابط تاريخية، ولدينا روابط تاريخية مع الروس. وإذا توقف الناتو عن التدخل، سيصبح من الممكن تسوية المشكلات على أسس إقليمية. إن المشكلة تنشأ عندما تحاول جماعات خارجية التدخل؛ إن جهود وحسابات فرض حصار على روسيا، أو غيرها، خاطئة بأكملها. إن هذا النمط من السلوك ينتمي إلى الماضي. وهذه الأيام ولت. يجب حل المشكلات عبر التعاون البناء، والحوار مع جميع الأطراف. أما أن تحاول الولايات المتحدة من خلال ثورات ملونة تغيير المشهد السياسي لدول هذه المنطقة، فذلك يشكل حسابات خاطئة. حتى الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم خمس سنوات يدركون الخطط الأميركية هنا. وبالنسبة لشعوب المنطقة، تعد هذه الخطط بمثابة أضحوكة. أعتقد لو توقفوا عن التدخل، فإن شعوب القوقاز يدركون جيداً السبيل لإقرار الأمن من جديد اعتمادا على أنفسهم. > هل تؤيد قرار روسيا إرسال قوات إلى داخل جورجيا؟ ـ إننا لا نؤيد الصراعات قط. إننا نفضل دوماً الحوار والتفاوض. ونحن غير سعداء بما حدث هناك. ونؤمن تماماً بأن الحكومة الجورجية كان باستطاعتها إدارة الموقف هناك بما يحول دون اندلاع هذا الصراع. لكن للأسف تم تحريضها. وهي حكومة حديثة العهد، وتفتقر إلى خبرة سياسية طويلة، لذا تم تحريضها. لذا فإن الأمور الآن باتت معقدة، ونحن غير سعداء بذلك. لقد ذكرت الأنباء أن حوالي 6.000 شخص فقدوا أرواحهم. إن ستة آلاف شخص لم يعد لهم وجود. وتحطمت عائلاتهم. وفقد الكثير من الأطفال آباءهم أو أمهاتهم. أو فقد أفراد أطفالهم. وهذا أمر بشع. من سيتحمل مسؤولية ذلك؟ إننا غير راضين. > مثلما تعلمون، فإن مستوى العنف تراجع في العراق قليلا. هل تعتقدون أن ذلك يشكل تقدماً أم أنكم تعتقدون ان ذلك لن يستمر؟ ـ نعتقد أن المشكلات والقضايا الداخلية للعراق تخص الشعب العراقي. إن العراق دولة ذات تاريخ طويل. ولدى الشعب العراقي القدرة على تسوية مشكلاته. وأياً ما كان اختيارهم سنحترمه.. وأنت على صواب تماماً، فقد أصبح الموقف هناك أكثر هدوءا بشكل بالغ، لحسن الحظ. وقد ساعدنا كثيراً في ذلك. وأعتقد أنه كي يستمر الوضع على هذا الحال، سيتعين بذل الكثير من الجهود وستعتمد الكثير من الأمور على القوات الأميركية العاملة هناك. في جميع القطاعات التي تم تسليم مسؤولية الأمن فيها إلى الحكومة العراقية، باتت الأوضاع أكثر هدوءا وتمت إدارتها على نحو أفضل. لذلك نعتقد أنه حال تسليم كامل المسؤولية ـ في إطار عمل معقول ومنطقي للغاية ـ إلى الحكومة العراقية فإن الوضع بأكمله ستجري إدارته على نحو أفضل بكثير. ويبدو أنه فيما يخص هذه القضية تحديداً تتفق آراؤنا. وعليه، فإنني آمل بالتأكيد في ألا تخلق الظروف الملحة القائمة هنا داخل الولايات المتحدة ظروفاً جديدة تقرر الولايات المتحدة بمقتضاها تغيير التوجه الحالي. وسوف نشهد قريباً إقرار الأمن بصورة كاملة، إن شاء الله. ومن ذلك الوضع، ستخرج جميع الأطراف فائزة. > تعرفون أنكم قلتم آنفاً إن الناس لم يكونوا غاضبين من الحكومة الإيرانية عندما أضرموا النيران بمحطات البنزين، لكنك لم تذكر لم أضرموا النيران بها؟ الرئيس أحمدي نجاد: أدين لك بهذه الإجابة لاحقاً.

* خدمة «نيويورك تايمز»