بلير يتعرض لانتقادات واسعة بسبب عدم إبدائه الندم على غزو العراق.. وتحريضه على مهاجمة إيران

دبلوماسي بريطاني طالب الأحزاب بالتعهد بعدم تكرار نظرته حول طهران قبل الانتخابات العامة

TT

تعرض رئيس الوزراء البريطاني السباق توني بلير لانتقادات واسعة، أمس، بعد يوم على إدلائه بشهادة منتظرة علنية حول الحرب على العراق، أمام لجنة شيلكوت المستقلة. ووجهت الصحافة البريطانية انتقادات حادة لبلير، بسبب عدم إبدائه أي ندم على قرار المشاركة في حرب العراق، على الرغم من أنه سئل عن ذلك مرتين خلال الجلسة، بل وأكد أنه سيعيد اتخاذ القرار نفسه لو عاد به الزمن.

وقد تسبب القرار الذي اتخذه بلير بالمشاركة في غزو العراق إلى جانب الولايات المتحدة، في إنهاء حياته السياسية في بريطانيا، واضطر إلى التنحي من منصبه في منتصف العام 2007، لصالح غوردن براون.

كما تعرض بلير لانتقادات بسبب تحذيره من مخاطر إيران وتشبيهه الخطر الذي تشكله إيران اليوم بالخطر الذي كان يشكله العراق قبل الإطاحة بصدام حسين. واتُّهم بلير بأنه يحرض على شن حرب على إيران، كما حصل مع العراق. واتهم سير ريتشارد دالتون، السفير البريطاني السابق لدى إيران، بلير بأنه يحاول أن يجعل قضية المواجهة مع إيران قضية انتخابية، قبل أسابيع على انتخابات عامة في بريطانيا.

وقال دالتون، الذي شغل منصبه في طهران من عام 2002 حتى عام 2006، إنه من الضروري أن تتعهد الأحزاب البريطانية كلها بوضوح تام قبل الانتخابات بأنها لن تكرر تصريحات بلير حول إيران. وقال في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية: «إحدى نتائج ذكر بلير لإيران - والتي ذكرها 58 مرة في جلسة الاستماع أمس - أن يطرح هذا الموضوع قيد التداول قبل الانتخابات»، وأضاف: «يجب أن نكون أكثر وضوحا كناخبين، مع السياسيين، وأن نقول لهم إننا نتوقع تصرفا مختلفا، ودرجة عالية من النزاهة في نظامنا الديمقراطي».

وكان بلير حذر المجتمع الدولي من أن عليه أن يكون مستعدا لأخذ قرارات «صعبة جدا» مع إيران، مذكرا بأن هذا البلد «له ارتباطات بجماعات إرهابية»، وذلك لمنعه من تطوير أسلحة نووية. واتهم بلير إيران أيضا بالتدخل في العراق عبر تغذية جماعات مسلحة، وقال إنها كادت تؤدي بالعراق إلى حرب أهلية. إلا أن دالتون رفض تصريحات بلير حول تدخل إيران في العراق، وقال: «القول بأن إيران كان السبب الرئيسي للفوضى بعد الغزو، يبدو لي جزءا من حجة أوسع كان يحاول أن يجادل بها، خصوصا أنها تجعل ما فعل في العراق يبدو أفضل!».

أما الصحافة البريطانية، فقد انتقدت بلير بسبب عدم إبدائه أي ندم على قراره إدخال بريطانيا حرب العراق، ورفضه الاعتراف بارتكاب أخطاء هناك أدت إلى العنف الذي تولد بعد الغزو. وكتبت صحيفة «إندبتدنت»: «حول الآثار الكارثية لما بعد الغزو، كان بلير غير مستعد قط لتحمل المسؤولية، وكأن سوء إدارة الغزو لم يكن له علاقة به.. ولكن أكثر ما يثير القلق، ترجمة بلير للوضع بشكل أوسع. ففي رأيه، العنف ما بعد الحرب كان كله بسبب تحريض خارجي من إيران و«القاعدة» - حليف محتمل - كما حذر، من دون أدلة ملحوظة.. لم يكن للأمر أي علاقة بأن عدم الاستقرار هذا نتيجة لغزو أرض أخرى».

وأضافت الصحيفة: «هدف هذا التحقيق هو إيجاد دروس لنتعلمها. الدرس الأساسي أن الإطاحة برئيس دولة ذات سيادة من دون قرار من مجلس الأمن، قد يكون له عواقب كبيرة ووخيمة، يبدو أنه فات توني بلير حتى الآن».

وفي جلسة الاستماع إليه، قدم السير جون شيلكوت فرصتين لبلير للاعتذار أو التعبير عن ندمه، إلا أن بلير لم يعتذر إلا مرة، ولكن ليس على الحرب، بل على الانقسام في بريطانيا، الذي تسببت فيه الحرب. وبقي الحضور، الذي كان مع بلير داخل القاعة، هادئا ومستمعا طوال فترة جلسات الاستماع التي استمرت 6 ساعات، إلا في النهاية. وكتبت صحيفة «تايمز» أن «امرأة داخل القاعدة كانت تبكي في نهاية الجلسة، وأن من حولها كان يحاول تهدئتها. وكان رد بلير على السؤال حول إذا كان نادما: (أشعر بالمسؤولية، ولكن ليس الندم للإطاحة بصدام حسين. أعتقد أنه كان وحشا، وهدد ليس فقط منطقة، بل العالم بأسره). وسمع عندها صرخة من بين الحضور: (ماذا؟ لا ندم؟!) وجاء بعدها هتافان: (أنت مجرم!) و(أنت كاذب!). والاعتذار الوحيد الذي قاله بلير طوال استجوابه، أمس، جاء كالتالي: (قراري تسبب في انقسامات، وأنا آسف لذلك، ولكني حاولت بذل جهدي لكي أعيد توحيد الناس حوله)».