دمج العشرات من «الصحوة» في بغداد بصفوف الأمن.. وتأجيل آخرين إلى ما بعد الانتخابات

مسؤول عراقي: نحتاجهم لحماية الأحياء أثناء الاقتراع

TT

حارب منير أحمد خليفة كآلاف غيره من أبناء وطنه لحساب أكثر من طرف في حرب العراق.. لكنه في النهاية وقف في مواجهة مقاتلي تنظيم القاعدة ويجني الآن مكافأة ذلك.. وظيفة في الحكومة.

والتحق خليفة، عامل البناء السابق المسلم السني، بصفوف المسلحين في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003. ولكن عندما قتل شقيقه على يد تنظيم «القاعدة» أصبح أحد أعضاء «أبناء العراق» أي مجالس الصحوة التي تضم آلاف المقاتلين والمزارعين وكثيرين غيرهم بدلوا ولاءهم. والآن يعمل خليفة (32 عاما) موظفا في وزارة البيئة.

وقال خليفة «إيجاد فرص عمل لأبناء العراق هو واجب على الحكومة العراقية لرد الدين للناس الذين حملوا حياتهم بأيديهم وقاتلوا أقوى تنظيم إرهابي في العالم وانتصروا عليه». وبحسب تقرير لوكالة «رويترز» فإن الجيش الأميركي يصف أعضاء مجالس الصحوة بأنهم «أبطال» ويدين لهم بالفضل في المساعدة في تغيير المد ضد أعنف هجمات مسلحة أودت بحياة عشرات الآلاف.

وفي إطار الاستعدادات للانتخابات التي ستجرى في مارس (آذار) القادم جعل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الأمن حجر الزاوية في حملته الانتخابية، بينما يسعى العراق لتعزيز المكاسب ضد أعمال القتل الطائفية التي بلغت ذروتها في 2006 - 2007.

وسعت الحكومة العراقية إلى الوفاء بوعدها بتعيين أولئك الذين غيروا ولاءهم وكونوا قوات شرطة إضافية لتأمين الأحياء. ولكن المنتقدين يقولون إن الحكومة بطيئة في الوفاء بتعهداتها.

وحصل حسين حامد (23 عاما)، وهو شخص متعدد الوظائف، على وعد بالحصول على إحدى الوظائف التي تطرحها الحكومة ويعتقد - كعراقيين كثيرين غيره - أنها ستوفر له تأمينا مدى الحياة بينما تحرره من الدوريات الليلية. وقال «أنا سعيد جدا لحصولي على وظيفة حكومية لأضمن مستقبلي في هذا الوقت الذي من الصعب الحصول فيه على عمل... لن أسهر في العمل وسوف أرجع للحياة الاعتيادية». وفي البداية رحب الجيش الأميركي بالصحوة بتقديم راتب قدره 300 دولار شهريا في بلد مزقته الحرب ويعاني من مستوى مرتفع من البطالة. وعندما سلم البرنامج للعراق في عام 2008 لم تدفع بغداد رواتب بعض أبناء الصحوات على مدى شهور.

وشكا البعض من أن دمج أبناء الصحوات بطيء للغاية ومن أن محاولات الحكومة القبض على بعض زعماء الصحوة بسبب جرائم مزعومة قد يدفعهم للعودة للهجمات المسلحة مرة أخرى.

ولكن المسؤولين العراقيين يقولون إن ما يقرب من 50 ألفا من أبناء الصحوات، الذين يقدر عددهم بحوالي 83 ألفا، يجري دمجهم الآن في وظائف حكومية.

ومن بين هؤلاء 15 ألفا جرى تعيينهم في وزارة الداخلية التي تسيطر على قوة شرطة العراق التي يبلغ قوامها 300 ألف. ولا يتم تعيين أبناء الصحوات في الجيش بموجب اتفاق سياسي على الحفاظ على التوازن الطائفي هناك.

وقال زهير الجلبي، وهو مسؤول حكومي يعمل في برنامج الدمج، إنه جرى نقل 9500 من أعضاء مجالس الصحوة في بغداد إلى وزارة الداخلية لكن لم يتم نقل أي منهم في المحافظات.

وأضاف أن العراق عطل عن عمد الدمج خارج بغداد إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السابع من مارس (آذار) بطلب من مسؤولي الأمن الذين يقولون إن الصحوة مطالبة بالاستمرار في حراسة الأحياء. وتابع «بعد الانتخابات إذا استقر الوضع الأمني.. سوف ننقل المتبقي من أبناء العراق إلى الوزارات بفترة لا تتجاوز عشرة أيام». ويرأس الجلبي برنامج الصحوة في لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية.

ويقول مسؤولون إن الحكومة تعتزم توفير 115 ألف وظيفة في القطاع العام في عام 2010 وسيذهب جزء منها لأبناء العراق. ولكن بينما يقترب موعد الانتخابات في مارس (آذار) يشعر بعض السنة أنهم معرضون لضغوط متزايدة. وتثير محاولات منع مرشحين سنة والحملات الأمنية وإطلاق سراح بعض المسلحين السنة المتشددين من السجون المخاوف من أن بعض عناصر الصحوة قد تعود للقتال من جديد.

وقال مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى «لا أعتقد أننا سنرى تشققا كبيرا ولكن قد يكون هناك مستوى للنزعة الانتكاسية أعلى مما شاهدناه إلى الآن».