شقيق المبحوح لـ «الشرق الأوسط»: حماس سلمتنا تقريرا طبيا يؤكد مقتل شقيقي خنقا

قال إن القيادي في القسام تعرض لثلاث محاولات اغتيال سابقة في دمشق وبيروت ودبي > الزهار: مستعدون لنقل ساحة الصراع إلى خارج الأراضي المحتلة

محمود الزهار في مؤتمر صحافي أمس بعد زيارته للمستشفى العسكري الأردني في غزة (أ. ب)
TT

قال فايز المبحوح، شقيق محمود القيادي في كتائب القسام الذي اغتيل في دبي قبل أكثر من 10 أيام: إن حماس سلمت عائلته تقريرا طبيا يثبت أن شقيقه قتل عن طريق الخنق، بعد صعقه بالكهرباء في مؤخرة جمجمته. في وقت أكد فيه القيادي في حماس، محمود الزهار في مؤتمر صحافي أمس، أن إسرائيل تريد تغيير قواعد اللعبة، بفتح الساحة الدولية لصراعات، مشيرا إلى أن تل أبيب ستكون المسؤولة في هذه الحالة عن أي تداعيات شبيهة.

وحسب المبحوح الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» فإن التحقيقات والتقارير والصور تظهر آثار كدمات على وجه شقيقه الذي أعلن الأربعاء قبل الماضي، أنه توفي إثر مرض عضال. وكانت حماس آنذاك نعت المبحوح قائلة: إنه توفي إثر «عارض صحي مفاجئ ألم به»، وأكد المبحوح أن قضية وفات شقيقه إثر مرض لم تنطل على العائلة، لكن حماس طلبت منهم التزام الصمت لحين الانتهاء من التحقيقات. وأضاف «فجر الجمعة حين وصل جثمانه سورية اتصلوا بنا وقالوا إنه اغتيل بيد إسرائيل».

وقال فايز: إن شقيقه لم يكن يعاني أي مرض مطلقا، ولذا فإنه بدون شك كان في مهمة، لكن الشقيق أوضح أنه لا يعرف ما هي مهمة شقيقه، وأنه لم يكن يعرف ماذا يعمل بالضبط منذ غادر القطاع في 1989. وأكد فايز أن شقيقه تعرض لعدة محاولات اغتيال سابقة في سورية وبيروت ودبي، وأوضح «في دبي قبل 5 أشهر فقد الوعي 36 ساعة، وقالوا آنذاك إنه بسبب جلطة، لكن تحاليل لاحقة أظهرت بقايا سموم؛ لقد كانت محاولة اغتيال بالسم».

ويبدو أن هذه هي كل المعلومات المتوفرة لدى العائلة، مع يقينهم أن إسرائيل هي التي اغتالت ابنهم محمودا، الذي ولد في قطاع غزة لكنه كان يعيش في سورية منذ عام 1989 إذ فر من القطاع بعد أن اكتشفت إسرائيل أنه يقف وراء خطف جنديين إسرائيليين وقتلهما، فأخذت تطارده بقوة. ونفت حركة حماس في غزة أي علم لها بطبيعة المهمة التي كان المبحوح يقوم بها في دبي، وقال القيادي في يحيى موسى لـ«الشرق الأوسط»: إن «للشهيد أعمالا والتزامات كثيرة ولا نعلم بالضبط ماذا كان يعمل في دبي».

وأكد موسى أن حركته تعلم أنه لا أحد في مأمن في أي مكان في العالم، «لأننا نواجه دولة مارقة لا تلتزم بأي تعهدات سياسية، ولا تحترم سيادة الدول الأخرى». وأضاف «هذه ليست الجريمة الأولى، وإسرائيل ارتكبت مئات الجرائم في الخارج ضد قادة في منظمة التحرير».

لكن موسى أكد أن حركته الآن تدرس تغيير قواعد اللعبة، وقال: «حماس كانت حريصة على ألا تقوم بعمليات في الخارج، حتى لا تعرض أمن أي دولة للخطر، وهي تحترم سيادة الدول، لكن الآن مؤسسات الحركة ستدرس إمكانية العدول عن هذا القرار». وقال القيادي في حماس، محمود الزهار في مؤتمر صحافي أمس: «نحن حافظنا على ساحة المواجهة بيننا وبين العدو الإسرائيلي في الأرض المحتلة، وإذا أرادت إسرائيل - وقد أرادت الآن أن تغير قواعد اللعبة - وأن تفتح الساحة الدولية لصراعات، فستصبح إسرائيل هي المسؤولة في هذه الحالة عن تداعيات ذلك». وأضاف: «إسرائيل جربت ذلك، واكتوت بنارها في صراعها مع منظمة التحرير، وهي تعرف أن حماس لا تقل قدرة على الوصول لأهدافها في أي مكان». ومضى يقول: «كما تعوَّدنا لا نطلق كلمات في الهواء، ونحن نستطيع أن نؤلم العدو الصهيوني، وهذا أمر تعرفه قوات الاحتلال، سواء كان في هذه الساحة أو في غيرها، ولذلك فالأمر متروك للزمن ليجيب عن هذا الموضوع بصورة إيجابية». وتابع الزهار: «نرسل رسالة واضحة إلى الدول العربية ذات العلاقة بالجانب الصهيوني أن تتَّعظ من هذه الجريمة التي ارتُكبت.. لقد ارتكبت قبل ذلك جريمة محاولة اغتيال في الأردن، تمَّ على إثرها موقف حازم من جلالة الملك حسين وقتها، وبموجبه أطلق سراح الشيخ أحمد ياسين.. اليوم تكرَّرت التجربة في الإمارات، أعتقد أن الإمارات وغير الإمارات يجب أن تتعظ أن الجانب الصهيوني لا يحترم سيادة أي دولة عربية ولا أي دولة في العالم، وأن مصالحه مقدمة على كل مصالح الشعوب، ومن هنا يجب أن تتمَّ إعادة ترتيب العلاقات بين العدو الصهيوني والدول وتقييمها على خلفية الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني». وأشاد الزهار بالدور الذي لعبه المبحوح في الجهد الحربي لحركة حماس، مشيرا إلى أنه كان من مؤسسي كتائب عز الدين القسام، علاوة على دوره في اختطاف الجنود الإسرائيليين بغرض مبادلتهم بمعتقلين فلسطينيين. وكان رون بن يشاي كبير المعلقين العسكريين في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، قد ذكر أول من أمس أن المبحوح كان مسؤولا عن تنسيق العلاقات بين حماس وإيران.

وأقيم في غزة بيت عزاء للمرة الثانية في أقل من أسبوعين للمبحوح، وقال شقيقه: «مرة ثانية عدنا نتقبل التعازي بعد إعلان سبب استشهاده». وادعى موقع إسرائيلي أمس، «أن أربعة أعضاء في فريق اغتيال تابع للموساد وصلوا دبي مزودين بمعلومات دقيقة تتعلق بمكان وجود الضحية غير المحروسة التي وصلت دبي تحت اسم مستعار، ونفذوا مهمتهم ومن ثم اختفوا من دون أثر». وقال موقع «قضايا مركزية» الناطق بالعبرية: إن رجال الموساد أخضعوا المبحوح لتحقيق قاس وعنيف داخل غرفته في الفندق حيث وجدت الجثة. وقال الموقع: إن التحقيق تركز حول مشتريات الأسلحة من إيران، وطرق تهريبها إلى غزة والضفة الغربية، وزعم الموقع أن القتلة عادوا بغنيمة كبيرة وثمينة جدا من المعلومات الاستخبارية. ولم تعقب إسرائيل بشكل رسمي على اتهامها باغتيال المبحوح، لكن وسائل إعلامها المختلفة نسبت له أنه كان يقف وراء تهريب صواريخ ووسائل قتالية من إيران إلى قطاع غزة عبر السودان.

وتوعدت حماس بالرد على اغتيال المبحوح، وقالت كتائب القسام: إنها سوف ترد على هذه «الجريمة» في الزمان والمكان المناسبين، وإن إسرائيل لن تفلت من العقاب. وقال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي تقدم مسيرة تشييعه: «تؤلموننا ولكننا نؤلمكم.. هذه حرب مفتوحة، لن تتوقف حتى ترحلوا عن أرضنا، نحن واثقون وجازمون أننا سنهزمكم، الحرب طويلة، ولكننا مطمئنون لنتيجتها». وأضاف: «إن ظننتم أن الضغوط علينا وأن الاغتيال والملاحقة سوف تجبرنا على ترك خيار المقاومة فأنتم واهمون.. نحن وأبناؤنا وأحفادنا سنواصل المقاومة، والمقاومة لن يضعفها احتلال ولا اغتيال ولا قتل ولا حصار ولا جدار.. لا تغيير في سياسة حماس ولا في سياسة المقاومة الفلسطينية، ولا تغيير في برنامجنا الوطني». وتعهد مشعل «بالانتقام لدماء محمود المبحوح»، وقال: «والأيام بيننا سجال، واليوم الأخير لنا بإذن الله». وتابع: «إن سُررتم أنكم اغتلتم رجلا عظيما اغتال بعض جنودكم بشجاعة وليس بغدركم، فهي فرحة عابرة استثنائية، فلا تفرحوا فرحة عابرة لن تتوقفوا عندها كثيرا سننتقم لدماء المبحوح».

وطالبت هيئات ومؤسسات فلسطينية شعبية ومدنية في الداخل والخارج دولة الإمارات العربية المتحدة, بالعمل الجاد من أجل تقديم قتلة المبحوح للمحاكمة في الإمارات حيث وقعت عملية الاغتيال. وناشدت المؤسسات التي يقارب عددها الـ 500 في بيان، رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد ورئيس حكومة دبي الشيخ محمد بن راشد، بالعمل الحازم من أجل إحقاق الحق, «وحتى لا تكون الإمارات الآمنة وكرا لعملاء الموساد». وطالبت الهيئات الفلسطينية الدول العربية والإسلامية, بالعمل على تحري من يدخلها خصوصا حملة الجوازات الأجنبية ووضعهم تحت المراقبة الدائمة, وكذلك منع أي مسؤول أو شخص إسرائيلي من زيارة بلداننا تحت أي مسمى، متهمة جميع الإسرائيليين بأنهم «موساد» بطريقة أو أخرى.