بعد 20 عاما من الملاحقة، لقي محمود عبد الرؤوف محمد المبحوح «أبو العبد»، 50 عاما، مصرعه، في دبي بالإمارات العربية المتحدة، وحسب روايات كثيرة فإن الموساد الإسرائيلي كان يلاحق الرجل في عدد من العواصم العربية، بينها دمشق وبيروت، وكاد أن يظفر به في دبي قبل 5 أشهر، كما أنه فر في اللحظة الأخيرة قبل قتله في أحد المطارات.
ولد المبحوح في 14 فبراير (شباط) 1960، في مخيم جباليا بمحافظة شمال قطاع غزة لأسرة تنحدر من قرية بيت طيما التي احتلتها إسرائيل عام 1948. وشهد مخيم جباليا للاجئين طفولة محمود الذي ترعرع وسط 15 من أشقائه وشقيقاته، (13 شقيقا إضافة إليه وشقيقتين) وكان ترتيبه الخامس بين إخوته. درس المرحلة الابتدائية فقط في «مدرسة الأيوبية» بمخيم جباليا، ثم حصل لاحقا على دبلوم في الميكانيكا وتفوق في هذا المجال، وافتتح ورشة في شارع صلاح الدين في غزة. كان يحب ممارسة الرياضة، ويفضل رياضة كمال الأجسام، وفي إحدى البطولات حاز على المرتبة الأولى في بطولة محلية لكمال الأجسام على مستوى قطاع غزة.
تزوج في عام 1983، وأنجب أربعة أطفال، ابنا واحدا، وثلاث بنات، وهم على الترتيب: عبد الرؤوف (21 عاما)، وهو طالب جامعي يدرس في اليمن، ومنى (20 عاما)، ومجد (11 عاما)، ورنيم (8 أعوام). انضم مبكرا في نهاية السبعينات إلى طلاب العلم في المساجد، وأخذ يتدرب على السلاح، واعتقل على يد إسرائيل عدة مرات، وأولها كان عام 6198 في سجن غزة المركزي «السرايا»، ووجهت إليه «تهمة» حيازة الأسلحة، وبعد خروجه من المعتقل، توطدت علاقته بالشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس وقائد «كتائب القسام» صلاح شحادة.
عمل في المجموعة الأولى لـ«القسام»، وكان المسؤول عن خطف جنديين إسرائيليين وقتلهما. وفي 11/5/1989م قامت قوات خاصة إسرائيلية في ساعات الفجر الأولى، بتطويق منزله، واقتحموه وسط إطلاق نار وقنابل، بعدما اكتشف أنه يقف وراء قتل الجنديين، لكنه لم يكن في بيته.
أخطأت القوات الخاصة الإسرائيلية وأصابت اثنين من أشقائه في محاولة أخرى لاعتقاله، ومع تضييق الخناق عليه تمكن من مغادرة قطاع غزة عام 1989، إلى جمهورية مصر العربية، وطلبت إسرائيل من مصر تسليمه إلا أنه تم الاتفاق مع مصر على ترحيله إلى ليبيا، ومن هناك غادر إلى سورية. وفي عام 1990م قررت المحكمة الإسرائيلية هدم بيته ومصادرة أرضه، وكانت «التهمة» الموجهة إليه خطف جنديين وقتلهما. عاش في سورية، وتعلم عدة لغات، وتتهمه إسرائيل بأنه مسؤول عن تهريب أسلحة من إيران إلى غزة. قال شقيقه إنه تعرض لعدة محاولات اغتيال في دمشق وبيروت وآخرها في دبي قبل 5 أشهر، حتى اغتيل فعلا الأربعاء قبل الماضي في دبي خنقا بعد صعقه بالكهرباء. أعلن في حينه أنه توفي نتيجة مرض، وبعد 10 أيام قالت حماس إنه اغتيل على يد إسرائيل. وصل جثمانه في ساعة متأخرة من مساء الخميس إلى العاصمة السورية دمشق؛ ودفن الجمعة.
قالت حماس إنه كان من مؤسسي «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري للحركة، وإنه نفذ عملية أسر الجنديين الإسرائيليين: إيلان سعدون، وآفي سبورتس، لمحاولة مبادلة أسرى فلسطينيين بهما، لكنه قتلهما لصعوبة الاحتفاظ بهما أحياء. تعهدت حماس بالثأر في الزمان والمكان المناسبين، مؤكدة أن إسرائيل لن تفلت من العقاب، وقالت إنها ستنشر بعض تفاصيل ما كشفته التحقيقات في الوقت المناسب، ومن بين ما ستنشره طبيعة مهمته في دبي التي تحفظت الحركة عن كشف تفاصيلها.