لبنان يستعين بالغواصة «أوديسي إكسبلورر».. ومحاولات العثور على الصندوق الأسود تتواصل

والد أحد ضحايا الطائرة الإثيوبية يقضي حزنا على ابنه

TT

لم يطرأ أمس جديد يذكر على عمليات البحث الجارية بغية العثور على هيكل الطائرة الإثيوبية التي سقطت فجر الاثنين الماضي قبالة الشاطئ اللبناني بعد دقائق من إقلاعها من مطار بيروت. إلا أن وزير الإعلام طارق متري قال إن «مجلس الوزراء الذي انعقد أول من أمس طلب من الشركة التي تملك الغواصة «أوديسي إكسبلورر» المتخصّصة في انتشال حطام الطائرات من أعماق البحار إرسال الغواصة إلى لبنان، لتسريع آلية البحث. وأشار إلى أن «مسح المنطقة الممتدة على مساحة 49 كلم مربع ليس أمرا سهلا». وقال: «عندما تنتهي عمليّة المسح ويتم العثور على الصندوق الأسود، سيتم تصوير الموقع لمزيد من الدقة، وبعد ذلك، يبدأ عمل الغواصة الذي هو انتشال ما تمّ العثور عليه». ولم يتم العثور بعد على الصندوق الأسود للطائرة رغم أن السفينتين الأميركية «يو إس إس راميج» والبريطانية «أوشن ألرت» التقطتا ذبذبات صادرة عنه على بعد ثمانية كيلومترات من الشاطئ قبالة المنطقة الممتدة من الرملة البيضاء إلى الأوزاعي جنوب بيروت. ويرجح احتمال وجود هيكل الطائرة على عمق يصل إلى نحو 1500 متر في منطقة بحرية أشبه بالأخدود قبالة المدرج الغربي لمطار بيروت. وقد أوضح مصدر عسكري متابع للقضية لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل يجري لمعرفة مكان وجود الصندوق الأسود، وإذا كان منفصلا عن هيكل الطائرة، يمكن الاستعانة بغواصة تستطيع رفع ما بين مائة وخمسين ومائتي كلغ من قعر البحر لانتشاله. أما إذا كان الصندوق داخل الهيكل، فإن الأمر يستوجب الاستعانة بأدوات أكثر تطورا للعمل على رفع الهيكل بعد إلصاقه ببالونات هوائية تسحب هذه الأجسام إلى سطح الماء حتى يتم انتشاله، أو الدخول إليه لانتشال الصندوق. ومثل هذه العملية تستغرق أسبوعين على أقل تقدير، إذا لم تبرز معوقات أكبر». وأضاف: «يشمل مسح القعر صوتيا على مساحة طولها ستة كيلومترات بحرا بعرض أربعة كيلومترات. كما أن لا فترة زمنية لإنجاز المهمة». من جهته، تمنى وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي «عدم إخضاع الأخبار لكثير من التحليل حتى لا نتجاوز الحقائق ونتلاعب بشعور أهالي الضحايا والمفقودين في حادثة الطائرة المنكوبة بل توخي الحقائق كما هي». وأوضح أن «التعاطي من قبل الدولة مع حادثة الطائرة المنكوبة كان ممتازا بكل مؤسساتها ومن دون استثناء». وأكد أن «غواصات متطورة في طريقها إلى لبنان للمشاركة في عمليات البحث عن ضحايا الطائرة المنكوبة».

ووسّعت فرق البحث نطاق عملها على سطح الماء جنوبا وصولا حتى حدود مدينة صيدا وشمالا حتى البترون، وعثر أمس الدفاع المدني على المزيد من حطام الطائرة. وتم انتشال بعض أجزاء الطائرة الإثيوبية المنكوبة من المنطقة البحرية المحاذية لمطار بيروت الدولي.

ووصل إلى بيروت الخبيران الفرنسيان جان كلود فيتال وجان فيليب بوييون من باريس، وهما من مكتب التحقيق الفرنسي في حوادث الطيران BEA لينضما إلى فريق عمل هذا المكتب الموجود في بيروت. وهما سيعملان على تجميع المعلومات على الأرض حول الكارثة التي حلت بطائرة البوينغ الإثيوبية نتيجة سقوطها قبالة السواحل اللبنانية. يذكر أن بين ضحايا الطائرة زوجة السفير الفرنسي في لبنان.

كما توالت الاجتماعات في المديرية العامة للطيران المدني للجنة التحقيق المولجة بمواكبة مسار كل ما له علاقة بسقوط هذه الطائرة، واجتمع أعضاؤها بالخبراء الأميركيين والفرنسيين والإثيوبيين للاطلاع على آخر التفاصيل المتوفرة حتى الآن والمعلومات المتعلقة بالطائرة، وذلك لتحليلها وتجميعها في إطار الآلية الموضوعة للعمل وفقا للأنظمة والقوانين الدولية المتبعة من قبل المنظمة الدولية للطيران المدني «إيكاو».

وتم وضع خطة عمل موحدة للأيام المقبلة إن لجهة حفظ الأدلة أو لجهة التحاليل المخبرية للحمض النووي، أو لجهة التشريح بالنسبة لجثث طاقم الطائرة فقط. وفي سياق متصل تم الاتفاق بين قيادة الأمن الداخلي اللبناني وفريق عمل إثيوبي على إيفاد بعثة من المباحث العلمية في الشرطة القضائية إلى إثيوبيا لأخذ 30 عينة دم من أهالي الضحايا لاستخراج الـ«دي إن إيه». وكانت الجثث التي تم العثور عليها والتأكد من هويتها قد سلمت إلى ذوي أصحابها باستثناء جثة الطفل محمد كريك بعد أن رفض ذووه استلامها قبل العثور على جثة والده، كذلك بقيت جثة رجح أنها لمسافر عراقي وينتظر وصول أحد أفراد عائلته ليتم تسليمها، إضافة إلى جثث الضحايا الإثيوبيين والذين ينتظر وصول عينات دم أهالي أصحابها ليتم تحديد هويتهم. وكأن المأساة لا تريد أن تكتفي بما حصدت من ضحايا لقوا حتفهم على متن الطائرة. فقد عجز جرجي عسال والد ألبير عسال، وهو أحد الضحايا، عن تحمل خسارته ابنه، فتوفي إثر نوبة قلبية ألمت به. وقال شقيق ألبير في مقابلة تلفزيونية إن «والده كان يردد دائما أن الأب الذي يفقد ابنه يدفن على قيد الحياة. ويبدو أن قلب والدي لم يتحمل الكارثة فانطفأ، وكأنه يريد أن يلحق ألبير». وكان جرجي عسال وهو من منطقة البترون (شمال لبنان) قد أصيب بأزمة قلبية حادة نقل على أثرها إلى المستشفى، وما لبث أن فارق الحياة، أول من أمس، من دون أن يتمكن من إلقاء نظرة أخيرة على جثمان ابنه أو ما بقي منه.