متحدث حكومي مصري يرفض انتقادات منظمات حقوقية دولية تعتبر الأقباط أقلية

راضي: نحن ملتزمون بالإصلاح لكن بالإيقاع الذي يناسبنا

TT

رفضت الحكومة المصرية بشدة الانتقادات الحقوقية التي اعتبرت الأقباط «أقلية» في البلاد، وقال الدكتور مجدي راضي، المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري: «نحن لا نتعامل مع الأقباط بوصفهم أقلية، وعليه فإن كل محاولة لحشر قضية الأقليات في مصر من قبل بعض المنظمات لا تعنينا» وأضاف أن الحكومة المصرية لا تقبل هذه الاتهامات أصلا، وترفض الرد عليها. وكانت حادثة نجع حمادي بصعيد مصر، التي راح ضحيتها 6 مسيحيين ومسلم واحد عشية احتفالهم بعيد الميلاد، قد أثار موجة من الانتقادات الحقوقية المحلية والدولية، وطالبت عدد من المنظمات الدولية بما قالت إنه «حقوق ضائعة» للأقباط، لكن المنظمات المحلية ركزت على استمرار العمل بقانون الطوارئ في البلاد، باعتبار أن وجود هذا القانون، أصلا، يمس سلبيا بحالة حقوق الإنسان، لكن الدكتور مجدي راضي علق على تلك الانتقادات قائلا «نحن ملتزمون بالإصلاح، لكن بالإيقاع الذي نراه مناسبا، والحكومة المصرية لا تسمح لأي كان بفرض إيقاع لا يناسبها» وأشار راضي إلى أن «مصر دولة مستهدفة سياسيا»، وتابع موضحا: «لذلك نحن حريصون على أن يكون الاستقرار هو المعيار الأول لكل عملية تغيير مقبلة».

واعتبر راضي انتقاد المنظمات الحقوقية لمحاكمة المتهمين في حادث نجع حمادي أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ «ازدواجية للمعايير الحقوقية لديهم، ورغبة من البعض في توجيه الانتقاد بغض النظر عن الحدث». وأضاف: «النائب العام رأى أن حادثة نجع حمادي شكلت تهديدا للأمن الاجتماعي، وفتح تحقيقا فيها مازال جاريا». وشكل تزامن صدور عدد من التقارير الحقوقية الدولية، تناولت بالنقد ملف الحريات وحقوق الأقليات في مصر، خلال الأيام القليلة الماضية، «ضغطا كبيرا على الحكومة المصرية» بحسب حقوقيين مصريين، خاصة أن مصر تستعد في 17 من الشهر المقبل، لعرض تقريرها السنوي، في جنيف.

وأكد ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاة والمحاماة، «ربما تمثل هذه اللحظة إزعاجا أو قلقا من جانب الطرفين المصري والأوروبي، خاصة وأن اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية تتضمن في مادتها الثالثة حق أوروبا طلب تحسين الأوضاع الحقوقية في مصر، لكن الأمر ليست له أبعاد أكثر من ذلك». ويوضح أمين «هذا ما حدث على سبيل المثال مع القرار الأخير الذي صدر من البرلمان الأوروبي، فالدبلوماسية المصرية استطاعت احتواء الموقف وتجنب صدور قرار قوي». ما صدر عن الاتحاد الأوروبي، وصفه الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري بـ«الهش والفشنك». فبينما طالبت مسودة قرار البرلمان الأوروبي بـ«إدانة قوية للهجمات الأخيرة وتذكير الحكومة المصرية بأن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، ومن بينها حق الاعتقاد الديني، يشكل عاملا أساسيا في اتفاقية الشراكة الأورمتوسطية»، أدان القرار أوجه العنف والتمييز وعدم التسامح المبني على الدين بشكل عام، دون أن يذكر مصر، لكن البرلمان الأوروبي عبر عن «قلقه» حيال هجمات نجع حمادي والتضامن مع أهالي الضحايا، مرحبا بـ«الجهود التي بذلتها مصر لتحديد هوية الجناة».

انتقد أمين هذا الترحيب، معتبرا أن الضغط الذي مارسته بعض الدول الأوروبية على الحكومة المصرية أدى إلى انتهاك حق أصيل من حقوق الإنسان، وقال: «هذا الضغط دفع الحكومة المصرية إلى محاكمة الجناة في هذا العمل، الذي ندينه بشدة ونرفضه بطبيعة الحال، أمام محكمة أمن الدولة العليا وليس أمام قاضيهم الطبيعي».

من جانبه أكد حافظ أبو سعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان المقبل سيشهد اهتماما خاصا بالملفين الإيراني والمصري، وشدد على أن الضغط الذي شكله صدور عدد من التقارير الدولية قبل انعقاد المؤتمر سيكون فرصة لإجراء مناقشات جادة وصدور توصيات هامة. وقال أبو سعدة إن «حادث نجع حمادي ربما يؤثر سلبا على نظرة شاملة لملف الحريات في مصر، فنحن نعاني من قضية أخرى ربما أكثر إلحاحا من ملف الأقليات الدينية، خاصة وأن الحكومة رغم مسؤوليتها عنه، إلا أنها لا تمارس هذا التمييز أو حتى الاضطهاد، في حين أنها مسؤولة بشكل مباشر عن قانون الطوارئ والتشريعات التي تتناقض والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومسؤولة بشكل مباشر عن التضييق على حرية التعبير».

ورافق صدور تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» هجوم أميركي على الحكومة المصرية، قاده «المعهد الأميركي للسلام» التابع للكونغرس، و«مشروع دعم الديمقراطية» المستقل في واشنطن، حيث قالت دراسة حديثة لمعهد السلام إن المادة 76 من الدستور المصري تضع قيودا على المرشحين، تضمن عدم وصول أي مرشح للرئاسة إلا من أعضاء الحزب الحاكم، ورسخت سيطرة الدولة على المشاركة السياسية، بدليل قلة الأصوات المشاركة في الانتخابات الرئاسية عام 2005، إذ لم تزد نسبة المشاركة على 23%.

وأوضحت الدراسة أن صناع القرار في الولايات المتحدة ومصر لم يتوقعوا أن التحرك السياسي سيأتي بالجماعات الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان المسلمين، التي تعد المعارض الرئيسي في مصر.