اليمن: لا وقف للحرب إلا بالتزام الحوثيين بالشروط الستة.. ومقتل 20 متمردا في اشتباكات

بين القتلى أحد القادة الميدانيين > أحزاب «اللقاء» ترحب بمبادرة الحوثي > مسؤول أميركي يبحث مكافحة الإرهاب في صنعاء

وزير الدفاع اليمني محمد ناصر أحمد (الثاني من اليسار) أثناء زيارته قوات الجيش في مواقع القتال بمحافظة صعدة (إ.ب.أ)
TT

شهدت عدة مناطق في شمال اليمن، أمس، اشتباكات هي الأعنف بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين منذ عدة أيام، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، في الوقت الذي أعلنت فيه صنعاء أنها لن توقف العمليات العسكرية إلا إذا بدأ الحوثيون بتطبيق الشروط الستة التي طرحتها.

وقال شهود عيان ومصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات عنيفة شهدها عدد من جبهات القتال، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 مسلحا حوثيا، يعتقد أن بينهم أحد القادة الميدانيين يكنى «أبو مالك». وتقول وزارة الدفاع إنه قتل في مواجهات بمنطقة الصافية في صعدة، وذكرت الوزارة أن الجيش وبالتعاون مع المواطنين صد محاولات «تسلل يائسة للعناصر الإرهابية قرب مواقع القرن الأسود وكبدهم خسائر كبيرة»، وأن وحدات عسكرية وأمنية في محور صعدة دمرت «أوكارا إرهابية في جبل كوزان وبني معاذ وخلف الجبل الأبيض وأوقعت إصابات كبيرة وموجعة في صفوف العناصر الإرهابية، ولقي ثلاثة من تلك العناصر مصرعهم أثناء محاولتهم التسلل إلى مزارع قرب آل عقاب»، إضافة إلى تدمير سيارة كانت «تحمل أسلحة وذخائر للعناصر الإرهابية في سوق الليل»، مشيرة إلى «تضييق الخناق» على المتمردين في مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران ومنطقة الملاحيظ في صعدة.

وأعلن مجلس الدفاع الوطني الذي انعقد، أمس، في صنعاء برئاسة الرئيس علي عبد الله صالح، استعداد الحكومة لوقف العمليات العسكرية ضد المتمردين الحوثيين ولكن في حال التزام الحوثيين بالنقاط أو الشروط الستة التي وضعتها اللجنة الأمنية اليمنية العليا بعيد اندلاع النسخة السادسة من الحرب. وقال المجلس الذي يشرف على الحرب مع المتمردين في شمال البلاد إن الحكومة «لا ترى مانعا من إيقاف العمليات العسكرية وفق آليات محددة وواضحة وبما يضمن عدم تكرار المواجهات وإحلال السلام وعودة النازحين إلى قراهم وإعادة إعمار ما خلفته فتنة التمرد والتخريب في صعدة».

وذكر البيان أن الحكومة ستوقف الحرب التي اندلع آخر فصولها في أغسطس (آب) الماضي «إذا التزم الحوثيون بالبدء بتنفيذ النقاط الست التي أعلنت عنها الحكومة سابقا، ومنها الالتزام بعدم الاعتداء على الأراضي السعودية وتسليم المخطوفين لديهم من اليمنيين والسعوديين من دون تسويف». وخلا بيان المجلس من أي عبارات «ترحيب» بمبادرة الحوثي. وكان مصدر يمني مسؤول قال لوكالة الصحافة الفرنسية أمس إن «الحكومة ترفض مبادرة الحوثيين القبول بالنقاط الخمس وذلك لعدم تضمنها (الموافقة على) النقطة السادسة التي تنص على أن يلتزم الحوثيون بعدم الاعتداء على الأراضي السعودية». وكان زعيم التمرد عبد الملك الحوثي أعلن أول من أمس أنه يقبل بشروط «خمسة» وضعتها الحكومة شريطة «وقف العدوان» على المتمردين. وقال المتحدث باسم المتمردين محمد عبد السلام في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية يوم السبت: «عندما تتوقف الحرب فنحن مستعدون للحوار».

وتشدد السلطات اليمنية على ضرورة التزام المتمردين الحوثيين بشروطها وهي: الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام والنزول من المرتفعات وإنهاء التمترس في المواقع وعلى جوانب الطرق، والانسحاب من المديريات وعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية، وإعادة المنهوبات من المعدات المدنية والعسكرية، وإطلاق المحتجزين لديها من المدنيين والعسكريين، والالتزام بالدستور والنظام والقانون، والالتزام بعدم الاعتداء على أراضي المملكة العربية السعودية.

من جهتها، رحبت المعارضة اليمنية المعروفة بـ«أحزاب اللقاء المشترك» بإعلان عبد الملك الحوثي قبوله بالنقاط الـ5 التي اشترطتها الحكومة لإيقاف الحرب، وقالت هذه الأحزاب في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «الوقت قد حان لأن تعلن الحكومة إيقاف العمليات العسكرية.. إذ لم يعد من مبرر لاستمرار الحرب التي خلفت أوضاعا مأساوية سيظل اليمن يعاني منها لسنوات قادمة». وأكد البيان على حل مشكلات صعدة والمناطق التي شملتها الحرب في الإطار الوطني بعيدا عن الأساليب التي اتبعتها الحكومة في إيقاف وإعلان الحروب الخمس السابقة التي شهدتها صعدة. واعتبر البيان أن «الإطار الوطني للحل إطار ضامن لأن تضع الحرب أوزارها وعدم اندلاعها مجددا والالتفاف على إعادة الإعمار والتنمية في صعدة».

وقال التكتل المشترك المعارض الذي يتصدره حزبا «الإصلاح» و«الاشتراكي» إن التجاوب مع أي مبادرة من كل الأطراف في الأزمة والحرب يمثل خطوة متقدمة ليس لإيقاف الحرب بل يمثل خطوة لتحصين القرار الوطني في إحلال سلام دائم وقطع الطريق أمام الانفراد بقرار إعلان الحرب وإيقافها، لكن البيان جاء خاليا من تبني الشرط السادس الذي أكدت عليه الحكومة وهو عدم الاعتداء على الأراضي السعودية.

وقالت مصادر محلية إن السلطات الأمنية اعتقلت حسين حسين أحمد، وهو من تجار السلاح المشتبه بهم في صعدة، مشيرة إلى أنه قد نقل بطائرة مروحية من صعدة إلى صنعاء واعتقل معه أحد أنجاله. وكانت السلطات قد اعتقلت الأسبوع الماضي فارس مناع رئيس لجنة الوساطة في إحلال السلام وهو من ضمن قائمة تجار السلاح في صعدة. وقالت المصادر إن مدينة صعدة شهدت انتشارا أمنية مكثفا تحسبا لحركة احتجاج قد يقوم بها أتباع الشيخ فارس مناع. وكانت السلطات اليمنية قد أعلنت عن قائمة من تجار السلاح وضعتهم الحكومة في إطار المساءلة القانونية. إلى ذلك، أجرى، أمس، مسؤول أميركي مباحثات في صنعاء. وقالت مصادر رسمية إن وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي، بحث مع دانييل بنجامين، منسق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، التعاون اليمني - الأميركي في مجال محاربة الإرهاب، من دون إيراد مزيد من التفاصيل، غير أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن مباحثات المسؤول الأميركي تأتي في إطار الاهتمام الدولي الكبير باليمن ومخاوف المجتمع الدولي من تنامي أنشطة تنظيم القاعدة في اليمن وسبل محاربة تنظيم القاعدة في ضوء التزامات اليمن خلال مؤتمر لندن.

وقال مسؤول حكومي يمني أمس إن اليمن رفض عرض وقف إطلاق النار الذي تقدم به المتمردون الحوثيون، مشيرا إلى عدم تضمنه تعهدا بوقف الهجمات على السعودية. وأضاف أن العرض الذي تقدم به زعيم الحوثيين أمس رفض أيضا بسبب مطالبة المتمردين للحكومة بإنهاء عملياتها العسكرية أولا. وتقول الحكومة إنه يتعين على المتمردين أيضا إعادة العتاد العسكري والمدني الذي استولوا عليه والامتناع عن التدخل في الشؤون المحلية للسلطة. وقال طارق أحمد الشامي المتحدث باسم الحزب الحاكم في اليمن لـ«رويترز» إن هذا مطلب أساسي لا يمكن تقديم تنازلات بشأنه.