القبائل.. مصدر أمل جديد داخل أفغانستان

حركة التمرد ستتلقى ضربة قوية إذا تم تحويل قبائل البشتون ضد حركة طالبان

الاضواء تركزت على مشايخ القبائل بعد انضمام قبيلة الشينواري البشتونية الى جانب الحكومة («نيويورك تايمز»)
TT

منذ ثلاثة عقود، وحتى الآن، تحكم الشيوعية والحرب الأهلية والأصولية الإسلامية سيطرتها على القبائل الأفغانية، وفي كثير من النواحي، تعد البنية القبلية الحالية داخل أفغانستان الأضعف في تاريخ البلاد. ومع ذلك، يتجه قادة عسكريون ومدنيون أميركيون إلى بعض هذه القبائل التي يرون فيها الأمل في تحقيق النجاح ضد حركة طالبان التي تستعيد نشاطها، بعد أن ضاقوا ذرعا بالقيادة المركزية الهشة للرئيس حميد كرزاي. وتوجد هذه القبائل داخل تلك المنطقة التي تشكل الدولة الأفغانية الحالية منذ ألف عام، وقد ظهرت على مدار القرون في مناطق متعددة من البلاد. كما قامت هذه القبائل، التي تتزعمها مجالس لشيوخ القبيلة، بتوفير الحماية لأفرادها، مع الدعم المالي، ووسائل لحل الخلاف، وعقاب من يرتكبون الجرائم أو ينتهكون الآداب القبلية. وبالنسبة للبشتون، وهي المجموعة العرقية الأكبر داخل البلاد ومصدر الدعم الرئيس لحركة طالبان، تكتسب القبائل أهمية خاصة، وستكون حركة التمرد قد تلقت ضربة قوية شديدة إذا تم تحويل قبائل البشتون ضد حركة طالبان، وربما يساعد على ذلك إيجاد وسيلة لتحقيق الاستقرار داخل هذا القطر الذي يعاني منذ وقت طويل. ومع ذلك، يحذر بعض الأفغان من أن النظام القبلي ليس الدواء الشافي لجميع الأسقام، ويخشون من أن الولايات المتحدة تستخدم طريقة لتحقيق علاج مؤقت لا يثمر استقرارا على المدى الطويل، ويرون أن القبائل عبارة عن أشياء عفا عليها الزمن، وتعاني من الفساد، وأنها عبارة عن منظومة تقوض إلى حد كبير من المهمة الصعبة التي تهدف إلى تشكيل مؤسسات وطنية، متعددة الأعراق، تعتمد على التميز، ويحذرون من سقوط البلاد في يد حفنة من الميليشيات القبلية التي لن يتسنى للحكومة المركزية السيطرة عليها في يوم من الأيام. وخلال الأسبوع الماضي، اتضحت أهمية القبائل بالنسبة للاستراتيجية الأميركية عندما وافقت قيادات قبيلة الشينواري (شرق أفغانستان) على العمل مع الحكومة، وحظر التعاون مع حركة طالبان، وقد تم الإعلان عن الاتفاق كخطوة أولى مهمة في إطار الجهود الأميركية التي تهدف إلى كسب تأييد القبائل، ولا تعد هذه المرة الأولى التي يتحول فيها أجانب إلى القبائل الأفغانية لاتخاذهم حلفاء ومعاونين، حيث جلب البريطانيون، الذين حاربوا روسيا من أجل السيطرة على المنطقة في القرن التاسع عشر، معهم فكرة استخدام قادة محليين، وبعد رحيل البريطانيين، اعتمد الملوك الأفغان داخل كابل على الهيكلة القبلية، لضمان الاستقرار والنظام داخل المناطق النائية، ولكن بعد ذلك جاءت الشيوعية في منتصف السبعينات من القرن التاسع عشر، وكانت تنظر إلى القبائل على أنها تمثل عوائق أمام التقدم الاجتماعي، واعتبرتها أيضا تهديدا محتملا للقيادات التي تتولى مقاليد الأمور، وكان هذا هو الشيء الأكثر أهمية، لذا أخذ المئات من الشيوخ القبليين من منازلهم، وقتلوا في سلسلة من الحملات الوحشية.

وفي الوقت نفسه، بدأت الولايات المتحدة، تدعمها باكستان، هجومها على القبائل الأفغانية. كانت التيارات الأصولية قد تسببت في ظهور مئات الآلاف من المجاهدين الذين نفذوا هجمات استهدفت القوات السوفيتية داخل أفغانستان، وكان المقاتلون الأفغان الشباب، الذين تلقوا تعليما دينيا، ولديهم وفرة من الأموال الأميركية، ينظرون إلى رجال الدين المسلمين وقادة المجاهدين على أنهم القيادة الحقيقية، وليس القادة القبليين. وبمجرد أن رحل السوفيت، وبعدهم الأميركيون، تحول قادة المجاهدين بعضهم ضد بعض، وظهرت حركة طالبان كقوة تمكنت من بسط النظام وفرض سلطة القانون على الرغم من أسلوبها القمعي، وأكدت على أن الإسلام هو المبدأ الذي ينظم المجتمع والحكومة، وليس النظام القبلي. وفي مختلف أنحاء البلاد، تولى رجال دين غير مشهورين الإشراف على إدارة الوزارات الحكومية والأقاليم والمدن، وتعرض الشيوخ القبليون للإهمال من جديد. ومنذ الإطاحة بهم في 2001، تقوم حركة طالبان باستهداف القيادات القبلية التي دعمت حكومة كرزاي، من دون رحمة ولا شفقة، وواضح أنهم ينظرون إليهم على أنهم المنافسون المحتملون الأبرز. وفي الوقت نفسه، كافحت حكومة الرئيس كرزاي، التي تعاني من الضعف، لحماية وتعزيز القيادات القبلية، الذين قتل المئات منهم خلال عمليات اغتيال أو في تفجيرات. هذا ويوجد عنصر مهم في الاتفاق الأميركي مع قبيلة الشينواري؛ وهو أن مليون دولار، في صورة مساعدات تنموية أميركية، سوف تذهب مباشرة إلى قيادات الشينواري، من دون أن تمر هذه الأموال على مسؤولي حكومة كرزاي، حيث يعتبر شيوخ الشينواري هؤلاء المسؤولين فاسدين، ويفتقرون الكفاءة. كانت هذه نظرة تقريبية على الهيكلة القبلية التقليدية في أفغانستان، وقبائلها البارزة، بالإضافة إلى وصف نظري للعمل المثمر الذي يمكن أن تنتجه منظومة قبلية فعالة.

* خدمة «نيويورك تايمز»