الإمارات ترفض مشاركة حماس في تحقيقات اغتيال المبحوح.. وتقول إن المسألة «سيادة دولة»

قائد شرطة دبي لـ «الشرق الأوسط» : نتعامل مع السلطة الفلسطينية ولا نتعامل مع أفراد

TT

رفضت السلطات الإماراتية مشاركة حركة حماس في التحقيقات التي تجرى في قضية اغتيال القيادي في الحركة محمود المبحوح، الذي تقول حماس إن إسرائيل اغتالته في دبي الشهر الماضي، وأكد مسؤول إماراتي أمني أن بلاده لا تتعامل إلا مع السلطة الفلسطينية «ولا نتعامل مع أفراد أو جهات كل على حدة».

وأكد القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن حكومة دبي تتعامل مع الجانب الرسمي الفلسطيني فيما يتعلق بقضية اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس محمود عبد الرؤوف المبحوح الذي اغتيل في أحد فنادق دبي على يد سبعة أشخاص من حملة الجوازات الأوروبية. ومضى خلفان بالقول: «نحن نتعامل مع السفارة الفلسطينية ولدينا سفارة وقنصلية (فلسطينية) ولا نتعامل مع أفراد وجهات كل على حدة، أما إذا طلبت حماس المشاركة في التحقيق فسيكون الرد أن المسالة هي سيادة دولة ولا يجوز لأي فريق أن يشارك معنا. وفي عرف القضاء، للدول الحق في إدارة أمورها الداخلية من دون تدخلات.. لدينا سفير يمثل الشعب الفلسطيني ولن يتم التعامل إلا معه كما هو الحال في جريمة مقتل القائد الشيشاني».

وكان أيمن طه الناطق الرسمي باسم حركة حماس قال في وقت سابق إن الحركة سترسل وفدا أمنيا إلى دبي للمشاركة في التحقيق بجانب السلطات المعنية للوقوف على كيفية اغتيال القيادي محمود عبد الرؤوف المبحوح. ودعا طه المسؤولين في إمارة دبي إلى التعاون مع الفريق الأمني للوقوف على ملابسات عملية الاغتيال، ومن ثم أخذ الدروس والعبر منها، مؤكدا أن «العدو الصهيوني سيدفع ثمن هذه الجريمة النكراء».

إلى ذلك، نفى خلفان وجود أي معلومات عن أن يكون المبحوح قد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في دبي قبل أشهر، مشيرا إلى أنه إذا كان المبحوح تعرض لشيء من هذا القبيل «فلماذا لم تعلن الجهة التي تقول ذلك عن وقوع مثل هذه المحاولة؟ لم يعلمونا بذلك ولم يخبرنا أحد ولم يبلغ أحد عن ذلك».

وكان شقيق المبحوح قال لـ«لشرق الأوسط» أول من أمس إن شقيقه تعرض لعدة محاولات اغتيال سابقة في سورية وبيروت ودبي قبل خمسة أشهر فقد الوعي خلالها لـ36 ساعة، و«قالوا آنذاك إنه بسبب جلطة، لكن تحاليل أظهرت بقايا سموم.. كانت محاولة اغتيال بالسم» وفقا لما يقوله فايز المبحوح شقيق القيادي المستهدف.

وتساءل خلفان: «إذا كانت حماس تعلم أن المبحوح قيادي على هذه الدرجة من الأهمية فكيف يتركونه لوحده من دون أي مرافقة، في حين أن قادة حماس محاطون دائما بالمرافقين». مشيرا إلى أن المبحوح وصل إلى دبي حاملا جواز سفر لا يظهر اسم عائلته كما أن حماس لم تبلغ السلطات الإماراتية بحضوره إلى البلاد.

إلى ذلك، قال خلفان تميم إنه لا يستبعد ضلوع الموساد الإسرائيلي في مقتل محمود المبحوح القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في أحد فنادق الإمارة. وقال خلفان: «شخصيا، لا أستبعد، أي طرف له مصلحة في قتل (المبحوح)، قد يكون الموساد وقد يكون غير الموساد».

وذكر قائد شرطة دبي أن المشتبه في ارتكابهم الجريمة «سبعة أشخاص على الأقل يحملون جنسيات عدة دول أوروبية» لم يكشف عنها. وقال في هذا السياق: «نحن على اتصال مع هذه الدول لنتأكد من صحة جوازات السفر» التي استخدمها المشتبه بهم. موضحا أن المبحوح «قتل بكتم الأنفاس» داخل غرفته و«يبدو أنه فتح الباب» مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تقرير الطبيب الشرعي رجح أن المبحوح شلت حركته وكتم نفسه وأنه إذا كانت هناك أشياء أخرى فهذا يخضع لمتابعات فنية تحتاج إلى وقت.

في هذا الإطار، استقبل الفريق ضاحي خلفان صباح أمس، حسين عبد الخالق القنصل العام لدولة فلسطين في دبي، وتم خلال اللقاء الوقوف على سير التحقيقات في مقتل القائد الفلسطيني بحركة حماس محمود المبحوح في دبي، «وبحث سبل التعاون بين شرطة دبي والأطراف المحلية والدولية ذات العلاقة بالقضية، إلى جانب مناقشة آخر المستجدات المتعلقة بالمتابعات والاتصالات مع الجهات الأمنية في الدول المعنية»، بحسب الخبر الرسمي الصادر من وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.

وفي الإمارات العربية المتحدة تتمثل السلطة الفلسطينية بسفارة في العاصمة أبوظبي، وبقنصلية في إمارة دبي، شأنها شأن غالبية السفارات الأخرى لدى الإمارات.

وأكد الفريق ضاحي خلفان للقنصل الفلسطيني أن شرطة دبي «ستعمل ليل نهار من أجل ملاحقة الجناة مهما طال الزمن ولن تتوانى أبدا في حق المجرمين الذين يرتكبون أي جرم يعاقب عليه القانون سواء في الإمارات أو خارجها وذلك لأن رجل الأمن العام يتعامل مع الجناة، محليين أو دوليين، على اعتبارهم مطلوبين للعدالة».

وكانت حماس اتهمت الجمعة إسرائيل بقتل المبحوح أحد مؤسسي الذراع المسلحة للحركة، وتوعدت بالثأر لقتله في أحد فنادق دبي في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكانت هيئات ومؤسسات فلسطينية شعبية ومدنية في الداخل والخارج طالبت دولة الإمارات العربية المتحدة «بالعمل الجاد من أجل تقديم قتلة المبحوح للمحاكمة في الإمارات» وذلك في بيان وقعت عليه 500 مؤسسة فلسطينية، وفي هذا الصدد، علق قائد شرطة دبي على هذا البيان بالقول: «نحن نعتبر كل فلسطيني أخا لنا وعلى كل فلسطيني أن لا يشكك إطلاقا في حرصنا على الوصول إلى الجناة.. ولا يعتقد أحد أن جريمة تقع على أرضنا لن نكون مهتمين بالوصول إلى الضالعين فيها».

ولا توجد علاقات أو اتصالات بين الإمارات وإسرائيل، وإن كانت أبوظبي تستقبل مسؤولين إسرائيليين للمشاركة في مؤتمرات دولية.

إسرائيليا، أثنى عدد من الوزراء الإسرائيليين على جهاز الموساد وعلى رئيسه مئير دغان لما سموه نجاح الجهاز في تصفية المبحوح. وفي تصريحات للصحافيين قبيل مشاركتهم في الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء الإسرائيلي صباح أمس الأحد، اعتبر الوزراء الذين تجنبوا الحديث بشكل مباشر عن عملية الاغتيال أن دغان يستحق الثناء والتقدير بسبب جهوده في الحفاظ على أمن إسرائيل. ونقلت النسخة العبرية لصحيفة «يديعوت أحرونوت» على شبكة الإنترنت عن وزير الدولة داني هورشكفيتش قوله: «مئير دغان من رؤساء الموساد الأكثر جدارة في تاريخ إسرائيل، لا شك أنه يؤدي عمله بشكل رائع وفوق كل التوقعات، ولدي انطباع شخصي أن الموساد يعرف كيف يتصدى لأعداء إسرائيل، وكل شخص يمد يده على اليهود يخاطر بروحه». أما وزير الأقليات في الحكومة أبيشاي بروفمان فقد قال: «يجب علينا أن نعمل وفق المبدأ الذي يقول: من قام لقتلك بادر واقتله». من ناحيته نفى وزير البنى التحتية عوزي لاندو أن يكون الأشخاص الذين شاركوا في تصفية المبحوح من أعضاء الوفد الذي كان يرافقه في زيارته لدولة الإمارات ومشاركته في مؤتمر دولي للطاقة في أبوظبي. يذكر أن المبحوح قد اغتيل في اليوم نفسه الذي شارك فيه لاندو في المؤتمر. وأبدت الصحف الإسرائيلية حماسا شديدا لعملية اغتيال المبحوح. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا في عددها الصادر أمس الأحد عن مصدر أمني إسرائيلي قوله: «لو فتح ملف المبحوح في الاستخبارات الإسرائيلية لأمكن إثبات أنه يمكن تعريفه كخطر محدق وفوري على الأمن الإسرائيلي». وزعمت الصحيفة أن المبحوح كان مسؤولا عن جمع الأموال لحركة حماس، وإبرام صفقات سلاح مع جهات مختلفة وإيصالها إلى وجهتها. وادعت الصحيفة أن المبحوح كان الذراع اليمنى لعز الدين خليل الذي كان مسؤولا ماليا، حيث عملا معا على توثيق العلاقات مع إيران ومع مسؤولين في حزب الله في لبنان وتركيا، ونجحا في بناء علاقات مع جاليات مسلمة غنية في عدد من دول العالم. يذكر أن الشيخ خليل قد قتل في عملية اغتيال عام 2004 في دمشق. وتدعي الصحيفة أن المبحوح تولى جزءا من صلاحيات الشيخ خليل بعد مقتله. وأشارت إلى أن المبحوح اعتاد على التوقف في دبي في طريقه إلى إيران التي كان يزورها بشكل دائم، حيث كان يكثر من زياراته لإيران ودول الخليج. وادعت أنه كان يشارك في تجارب ومعارض لأسلحة جديدة في إيران، منوهة إلى أن قسما من الأسلحة يتم تطويرها في إيران وإنتاجها في سورية وتجد طرقها بعد ذلك لقطاع غزة.

ويعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي هو المسؤول المباشر عن إصدار التعليمات بتنفيذ عمليات الاغتيال على اعتبار أن جهاز الموساد يتبعه مباشرة، حيث تقوم ما تعرف بـ«لجنة قادة الأجهزة» بتحديد المرشحين للتصفية، وتضم هذه اللجنة كلا من رئيس هيئة أركان الجيش ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، ورئيس «الموساد» ورئيس جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك)، والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء. ومنذ مطلع السبعينات وحتى محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الفاشلة في عمان عام 1997 تولى الجيش الإسرائيلي ممثلا في وحدة «سرية الأركان»، المعروفة بالعبرية بـ«سييرت متكال» التابعة مباشرة للاستخبارات العسكرية مسؤولية تنفيذ عمليات الاغتيال في الدول العربية، في حين تولى «الموساد» تنفيذ عمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين والعرب في الدول الأوروبية. وقد مثلت محاولة اغتيال مشعل الفاشلة نقطة تحول في سياسة الاغتيالات الإسرائيلية، إذ إنها كانت أول محاولة اغتيال على أرض عربية تنفذ بأيدي «الموساد»، حيث إن وحدة «كيدون» التابعة لشعبة العمليات في «الموساد» والمعروفة بـ«كيساريا»، هي التي نفذت المحاولة.