السعودية والهند ستوقعان اتفاقية لتسليم وتبادل المحكومين والمتهمين

سفير الرياض لـ «الشرق الأوسط» : العمالة الهندية الأقل مخالفة للأنظمة والتعليمات

TT

كشف مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» عن عزم السعودية والهند توقيع عدة اتفاقيات على رأسها اتفاقية لتسليم وتبادل المحكومين، وأخرى لتسليم المتهمين بين وزارتي داخلية البلدين، مبينا أن العمل جار بين البلدين على إعداد تلك الاتفاقيات لتوقيعها خلال الشهرين المقبلين. وأوضح فيصل بن حسن طراد، سفير السعودية لدى الهند، لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الهندي الدكتور مانموهان سينغ إلى المملكة قبل نهاية الربع الأول من العام الجاري، ستشهد إبرام تلك الاتفاقيات التي يجري العمل على إعداد الترتيبات واستكمال المفاوضات بين الجهات المختصة للاتفاق على آلياتها وبنودها، لافتا إلى وجود مباحثات يجريها الجانبان في الوقت الراهن لتوسيع المشاركة السعودية في قطاع الطاقة التكريرية والأسمدة وبعض المنتجات البتروكيماوية.

وزاد فيصل طراد، أن من أهم هذه الاتفاقيات: مذكرة للتفاهم بين جامعة نايف للعلوم الأمنية بالرياض ومعهد الدراسات الدفاعية والتحليل بالهند، ومذكرة للتعاون بين وكالة الأنباء السعودية ونظيرتها الهندية، ومذكرة للتفاهم بين جامعة الملك سعود بالرياض والمعهد الهندي للعلوم في بنغالور، وأخرى للتعاون بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا وإدارة العلوم والتكنولوجيا بالحكومة الهندية للتعاون في مجال أبحاث الفضاء، بجانب مذكرة للتفاهم بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا ومركز تطوير علوم الحاسب الآلي، إضافة إلى اتفاق لإنشاء صندوق استثماري مشترك بين القطاع الخاص والحكومي في كلا البلدين.

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن عدد المحكومين وقضاياهم، قال «يعمل في المملكة حوالي 1.6 مليون مواطن هندي في وظائف إدارية وصحية وفنية بالإضافة إلى العمالة المنزلية، ويتمتعون بكافة حقوقهم، ويعتبرون الأقل فيما يتعلق بمخالفتهم للأنظمة والتعليمات، ونسبة الذين عليهم قضايا أو يقضون فترة العقوبة بالسجن لا تتجاوز واحدا في الألف» وأضاف طراد أن اتفاقيتي تسليم وتبادل المحكومين وتسليم المتهمين تتأتى من حرص الحكومتين على راحة مواطني البلدين، بحيث يتمكن المحكومون من قضاء فترة عقوبتهم داخل موطنهم، مؤكدا عدم وجود أي مواطن سعودي محتجز أو عليه قضية في الهند طبقا لسجلات السفارة والقنصلية العامة في مومباي.

وذكر السفير السعودي، أن حجم التبادل التجاري بين بلاده والهند بلغ في عام 2008م نحو 27 مليار دولار أميركي، مشيرا إلى أن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الهند والمملكة شهدت نموا ملحوظا منذ عام 2000م، وطفرة وزيادة كبيرة بعد الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين للهند في عام 2006م.

وأتبع فيصل طراد ذلك بأن الهند أصبحت على قائمة أهم عشر دول تصدر وتستورد منها السعودية، بينما أصبحت السعودية رابع دولة تستورد منها الهند، كما أصبحت المملكة مصدرا رئيسيا يؤمن نحو 30 في المائة من حاجة الهند للبترول الخام، مضيفا أن حجم الاستثمارات الهندية في المملكة بلغت نحو 2.5 مليار دولار. ورأى السفير فيصل أن علاقات الشراكة بين البلدين مؤهلة للتطور والتعزيز كونهما يمثلان مستقبلا أفضل لقارة آسيا والعالم أجمع، معتبرا بلاده والهند من كبريات دول مجموعة العشرين وتتمتعان باحترام وتقدير دولي لانتهاجهما سياسية معتدلة وحرصهما على إشاعة السلام والأمان والاستقرار في العالم.

وذهب السفير السعودي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى انعقاد اجتماعات الدورة الثامنة للجنة السعودية الهندية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني، في الرياض في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، الذي ترأس فيه الجانبين عبد الله زينل وزير التجارة والصناعة السعودي، وموخابري وزير المالية الهندي، وهو ما نتج عنه الإنفاق على استمرار العمل على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصحية والعلمية والثقافية والفنية.

يذكر أن العلاقات السعودية الهندية تعود إلى قرون طويلة ماضية عندما كانت طرق الحرير تمتد من شبه الجزيرة العربية إلى الهند، ولكن العلاقات السياسية انطلقت رسميا على مستوى قنصلية عامة في عام 1948م وأصبحت على مستوى سفارة في عام 1955م بعد زيارة الملك سعود بن عبد العزيز عام 1955م.

وفي عام 1956م قام رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو بزيارة إلى المملكة، ثم رئيسة الوزراء أنديرا غاندي عام 1981م. ويمكن القول بأن العلاقات السعودية الهندية شهدت مرحلة جديدة منذ بداية عام 2000م بعد الزيارة الناجحة التي قام بها الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ودخلت مرحلة الشراكة الاستراتيجية بعد الزيارة التاريخية التي قام بها إلى الهند خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في يناير (كانون الثاني) عام 2006م ضيفا رسميا على الهند في يوم الجمهورية، حيث وقع خادم الحرمين الشريفين مع رئيس وزراء الهند إعلان نيودلهي والعديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات والتي من أهمها مذكرة تفاهم للتشاور بين وزارتي خارجية البلدين، واتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمار المتبادل، واتفاقية لمنع الازدواج الضريبي، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال الصحي، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال التعليمي، ومذكرة تفاهم للتعاون في مكافحة الجريمة.