مخاوف من عودة «التكميم الإعلامي» إلى العراق

قواعد جديدة تُفرض قبل الانتخابات تذكّر بعهد صدام

TT

يريد العراق فرض قيود جديدة على وسائل الإعلام، بدعوى مكافحة مواد إعلامية، يقول إنها تحرض على العنف الطائفي، في حين يقول منتقدو الخطوة إنها قد تعيد الرقابة الصارمة التي كانت مفروضة في عهد صدام حسين.

وتفرض الهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام هذه القواعد الجديدة قبل الانتخابات البرلمانية في السابع من مارس (آذار) المقبل. وحسب وكالة «رويترز»، فإن من بين البنود الواردة بهذه اللوائح، التي تثير قلق النقاد، اشتراط حصول جميع وسائل الإعلام والصحافيين على إذن للعمل في العراق من الهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام، وتقديم قوائم بأسماء جميع الموظفين والمعدات، والتعهد بعدم التحريض على الطائفية أو العنف.

وقال جويل سايمون، من لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «النتيجة التي خلصت إليها لجنة حماية الصحافيين هي أن هذه اللوائح تمثل محاولة صريحة وواضحة للسيطرة على وسائل الإعلام وتقويض استقلالها، والسماح للحكومة بفرض سيطرتها على البرامج الإعلامية».

ويضمن الدستور العراقي حرية التعبير وحرية الصحافة، ويقول مسؤولون في الهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام بأن اللوائح الجديدة تهدف فحسب إلى تحقيق قدر من النظام في صناعة تسودها الفوضى. ولكن الآثار المترتبة عليها تثير قلق المدافعين عن حرية التعبير ومنظمات الإعلام الدولية.

وما زال الالتحاق بشركات أجنبية أمرا محفوفا بالمخاطر بالنسبة إلى العراقيين، وتخشى وسائل الإعلام الغربية من أن تسليم قوائم بالموظفين يعرضهم للخطر من قبل الميليشيات والمسلحين، مثل تنظيم القاعدة أو عصابات الخطف. ولا يبلغ كثير من الصحافيين، الذين يعملون لدى وسائل إعلام أجنبية، جيرانهم بما يفعلونه.

ولا تتضمن اللوائح توضيحا للمقصود بإثارة النزعات الطائفية أو العنف، وبالتالي يمكن أن تستخدم لتكميم وسائل الإعلام، التي تنشر أعداد قتلى التفجيرات التي ترغب الحكومة في تقليلها قبل انتخابات مارس. وتتعرض وسائل الإعلام بصورة متكررة، بالفعل، لتهديدات بدعاوى قضائية ضدها، أو الطرد بسبب التباين بين أعداد ضحايا التفجيرات التي توردها نقلا عن مصادر في الشرطة ووزارة الداخلية، وبين الأعداد الرسمية للقتلى. ولا تحدد اللوائح الجديدة أيضا الشروط التي يمكن بموجبها رفض منح مؤسسات إعلامية تصريحا بالعمل في العراق. ويقول منتقدون إنها لا توفر على هذا النحو أي حماية من القرارات التعسفية، والتي تتخذ بدوافع سياسية.

وكان الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين يفرض قيودا صارمة على وسائل الإعلام من خلال وزارة الإعلام. وازدهرت الصحف ومحطات تلفزيون والإذاعة العراقية منذ الإطاحة به عام 2003. وفي لقاءات مع الصحافيين الأجانب، قال مسؤولون في الهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام إن الهيئة ستنشئ إدارة للمتابعة، لن تراقب فقط محاولات التحريض على العنف أو الطائفية، ولكنها ستراقب أيضا ما يعتبر أخطاء في التقارير الإخبارية. وأوضح مسؤولون في الهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام أن الصحافيين قد لا يتمكنون من الاحتفاظ بسرية مصادرهم، وهو مبدأ من مبادئ الصحافة في جميع أنحاء العالم، حيث سيتعين عليهم الكشف عن تلك المصادر من أجل الدفاع عن أنفسهم ضد الادعاءات بنشر أخطاء. وقال سايمون: «هذه اللوائح تشبه لوائح وسائل الإعلام السائدة في البلدان ذات النظم الاستبدادية».