مصدر عسكري لبناني: لا أدلة على وجود هيكل الطائرة والصندوق الأسود مع جثث الضحايا

وضع خطة عمل لاستكمال البحث عن الطائرة بعد انحسار العاصفة الثلجية

TT

هدأت عمليات سبر الأغوار بحثا عن هيكل الطائرة الإثيوبية التي سقطت في البحر قبالة الشاطئ اللبناني فجر الخامس والعشرين من الشهر الماضي، بسبب العاصفة الثلجية التي تجتاح لبنان والمتوقع انحسارها اليوم، حيث تستكمل السفن المتخصصة مهامها. إلا أن العمل لم يتوقف، فقد تم وضع خطة متكاملة، لبنانية ودولية، تتم من خلالها مطابقة ما أصبح متوافرا من معلومات ووقائع وأدلة حول حادث سقوط الطائرة وما أسفرت عنه عمليات البحث. وعقدت اجتماعات تقنية من أجل التحضير للمباشرة في أعمال البحث، خصوصا في النقطة التي رصد فيها الجيش اللبناني بالتعاون مع الفريق الفرنسي معطيات عن الطائرة تحتاج إلى متابعة.

وفي حين لم تتمكن فرق الإنقاذ من انتشال الجثة التي وجدت قبل يومين بين الصخور، أعلنت قيادة فوج إطفاء بيروت أن دورية الإنقاذ البحري التابعة لها تمكنت أمس من العثور على قطع من الطائرة الإثيوبية على شاطئ الرملة البيضاء وسلمتها إلى غرفة العمليات المستحدثة في قاعدة بيروت البحرية التابعة للجيش اللبناني.

وكانت عاصفة إعلامية قد سبقت العاصفة الجوية، وشنت جملة انتقادات لعمليات البحث عن هيكل الطائرة المنكوبة وصندوقها الأسود، وذلك بعد العثور على جثة الضحية ألبير عسال، وعلى جزء من حطام الطائرة في منطقة الناعمة في عمق منخفض، وشيوع أخبار عن العثور على هيكل الطائرة وجثث الضحايا، وصلت إلى حد التشكيك في جدوى وخلفيات مشاركة السفن الأجنبية في مسح المنطقة البحرية. وتمادت بعض وسائل الإعلام الإلكترونية في تحليلاتها لتشير إلى أن «السفن الأجنبية وتحديدا السفينة البريطانية أوشن إليرت، تقوم بمسح عسكري وجغرافي للشواطئ اللبنانية، في ظل تسريبات سابقة صدرت في صحف أميركية وبريطانية وإسرائيلية عن استخدام حزب الله الساحل الممتد من بيروت حتى الناقورة لأهداف المواجهة مع إسرائيل استنادا إلى تجربة الحرب الأخيرة، وعن حتمية وجود نفط خام بالقرب من الشاطئ اللبناني، وهو نفط يفوق جودة النفط العربي المستخرج راهنا».

إلا أن مصدرا عسكريا لبنانيا أبدى استياءه من استغلال الكارثة لأغراض سياسية، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل لكشف ملابسات كارثة الطائرة الإثيوبية التي سقطت بعد إقلاعها قبالة الشاطئ اللبناني يسير بشكل جيد وجدي. والمنطق يفرض أن يتم بهذا الشكل وفق خطط التزمتها الفرق العاملة في البحر، سواء البوارج الأجنبية أو تلك التابعة للجيش وفرق الإنقاذ والدفاع المدني. كل يقوم بما عليه من مسؤوليات». وأضاف أن «من يراقب عمليات البحث التي تقودها الحكومة اللبنانية مستعينة بكل الوسائل والجهات المجهزة لذلك بغية انتشال الضحايا والعثور على الصندوق الأسود ومعرفة سبب الكارثة، ويقارنها بكوارث مماثلة وقعت في دول تملك تقنيات عالية ولديها خلايا لإدارة الكوارث، يكتشف أن تلك الدول لم تنجز ما أنجزته الحكومة اللبنانية بمتابعتها الحثيثة رغم إمكاناتها المحدودة». وأبدى أسفه لأن «بعض المنظرين يستغلون الإعلام وينتقدون ما أنجز من دون أن تكون لهم قدرة عملية وفعالة على المساعدة. لكن هناك من يسعى إلى استعراض معلوماته، وهناك من يتبنى هذه المعلومات، وكأن السبق الصحافي، كما حصل في اليومين الماضيين، أهم من الحقيقة التي نسعى إليها من خلال مسؤولياتنا».

واعتبر المصدر المتابع لعملية البحث أن «العثور على جثة أو جزء صغير من الطائرة في مكان ما لا يعني بالضرورة وجود هيكل الطائرة والصندوق الأسود في ذلك المكان، فالمعروف أن الموج يجرف الجثث والأجزاء الصغيرة». وقال «السفينة الأميركية التقطت إشارات، لكن العمل لا يزال جاريا لتحديد النقطة التي يوجد فيها الصندوق الأسود. ورغم عاملي الطقس والوقت، فإننا نحاول الاستفادة من كل ظرف موات لمتابعة البحث في بحر وليس في مكان مقفل».

ومع توضيح الصورة تراجعت التحليلات وانحسرت الاتهامات، لتقتصر على «الجانب التقني»، لا سيما بعدما تبين أنه لم يتم العثور على هيكل الطائرة الإثيوبية المنكوبة، وبعد وصول الحطام إلى الشواطئ السورية، مما دفع وزير الأشغال والنقل غازي العريضي إلى التأكيد على «ضرورة توخي الدقة بنقل المعلومات لوجود تضارب في هذا الأمر، والتدقيق في أي كلمة، وعدم الذهاب بعيدا في التحليلات». ودعا إلى «احترام الناس ومعاناتهم، وعدم التطرق إلى التكاليف المالية التي قد ترتبها عمليات البحث، لأن وضح حد لمعاناة أهالي الضحايا المنكوبين يبقى أهم من المال».