«الغطاس» ألبير عسال عاد من البحر إلى مثواه الأخير

قضى والده حزنا عليه بعد سقوط الطارئة الإثيوبية المنكوبة

TT

تستقبل مدينة البترون (شمال لبنان) ظهر اليوم جثمان أحد ضحايا الطائرة الإثيوبية، ألبير جرجي عسال، الذي تم العثور على جثته يوم الثلاثاء الماضي، حيث يقام له استقبال شعبي حاشد وسط إطلاق الأسهم النارية وقرع أجراس الكنائس، وينقل النعش على متن قارب بحري خاص أعد خصيصا للمناسبة، ذلك أن البحر كان رفيق ألبير ووالده وأشقائه، فهو صياد ابن صياد، وغطاس ماهر.

وقد رفعت صور الضحية ألبير على السيارات والجدران وعلى جوانب طرق مدينة البترون، ورفعت الأشرطة والبيارق بيضاء في شوارع المدينة وعلى الميناء والسور الفينيقي، وأعلنت مدارس مدينة البترون عن إقفال أبوابها اليوم الجمعة حدادا، كما أعلنت جمعية تجار البترون عن إقفال المحال والمؤسسات التجارية من الـ2 بعد الظهر وحتى الـ5 مساء.

وشكل العثور على جثمان ألبير حدا فاصلا لانتظار أهالي البترون، بعدما تبين أن الجثة التي عثر عليها أول من أمس تعود إليه، وبات باستطاعة عائلته مواراته الثرى إلى جانب والده الصياد السبعيني الذي لم يتحمل قلبه الفاجعة فقضى حزنا عليه، ذلك أن جرجي عسال والد ألبير عسال فارق الحياة إثر أزمة قلبية، فهو لم يتحمل الفراق والانتظار بصمت.

وحكاية ألبير البالغ من العمر 51 عاما مع البحر طويلة، فهو كوالده «البحري العتيق غطاس ماهر وابن البحر»، كما يطيب لأبناء مدينته أن يصفوه، لذا حتى اللحظة الأخيرة التي قطعت الشك باليقين كان الأمل بالعثور عليه حيا يخترق الحزن والمعاناة، وفي حين أعلن أهالي باقي المفقودين في الكارثة عن وفاة أولادهم حتى قبل تسلمهم جثامينهم وشرعوا في تقبل التعازي فيهم وإقامة الصلوات على أرواحهم، رفض ذووه أن يصدقوا رحيله قبل العثور على جثته كدليل ملموس على وفاته، وكانت والدته لا تزال تنتظر عودة ولدها المفقود «لأن ألبير من الغطاسين الماهرين، وإذا لم يكن مشدودا إلى كرسي الطائرة بحزام الأمان، فأنا متأكدة من أنه سينجو».

لكن البحر خذل الأم المفجوعة، واستبدل الانتظار بمظاهر الحداد في المدينة الساحلية بعد التأكد من أن الجثة التي تم العثور عليها مقابل شاطئ خلدة تعود إلى ابنها ألبير عسال، وعمت مظاهر الحزن والأسى أجواء المنطقة مدينة وقرى وبلدات بترونية، ويفترض أن تتسلم اليوم عائلة عسال جثمانه من مستشفى بيروت الجامعية بعد ظهور نتائج فحص الحمض النووي ومقارنته بالعينة التي أخذت من والدته.

ولمأساة عائلة عسال أكثر من فصل مؤلم، فقد كان أنطوان شقيق الراحل جرجي عسال وعم ألبير، والذي هاجر إلى فنزويلا منذ نحو 50 عاما، قد وصلته أخبار الطائرة الإثيوبية التي كانت تنقل ابن شقيقه إلى مركز عمله، والتي سقطت في البحر، فقرر الحضور إلى لبنان ليشارك العائلة معاناتها، لكنه لم يكن يتوقع.