قال خالد الناصري، وزير الاتصال (الإعلام) المغربي، الناطق باسم الحكومة، إن المغرب يرفض بشكل قاطع أن تتوسع اختصاصات بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) لتشمل قضايا حقوق الإنسان، كما انتقد قرار الجزائر بناء جدار حول مخيمات تندوف (غرب الجزائر)، لمنع المغاربة الصحراويين من مغادرتها، معتبرا إياه «تصرفا يدعو إلى الاستهجان».
واعترف الناصري بصعوبة التكهن بنتائج الجولة الثانية من المفاوضات غير الرسمية في ضاحية ويست شيستر (شمال نيويورك) يومي 10 و11 فبراير (شباط) الحالي، على أساس أن الطرف الآخر ما زال متمسكا بمواقفه.
ونفى الناصري، الذي كان يتحدث أمس في لقاء صحافي، عقب انتهاء أشغال المجلس الحكومي، أن يكون كريستوفر روس، مبعوث الأمم المتحدة في الصحراء، عرض على مجلس الأمن توسيع صلاحيات بعثة «مينورسو» لتشمل متابعة قضايا حقوق الإنسان، معتبرا أن ذلك أمر مخالف للحقيقة، وغير صحيح. وأشار الناصري إلى أن الحكومة المغربية تستند على هذا النفي، انطلاقا من تكذيب صادر عن مكتب الأمم المتحدة، ومكتب الناطق باسم روس، الذي نسب إليه الناصري قوله «إن هذا الكلام مناف للحقيقة». وانتقد الناصري الصحيفة التي أشارت إلى هذا الخبر، متهما إياها بـ«ترويج الأباطيل».
وأضاف الناصري أنه حسب معلوماته، فإن روس لم يفاتح مجلس الأمن في هذا الموضوع، ولم تكن له نقاشات مع مجلس الأمن مدة سنة تقريبا، أي منذ أبريل (نيسان) الماضي، كما أن روس لم يقترح توسيع اختصاصات الـ«مينورسو»، مبرزا أن كل ما قاله روس حول هذا الموضوع، هو أن القضية متداولة في مجلس الأمن، مشددا على أن الجهة التي لها الحق في البت في هذا الموضوع، هي الجهة التي انتدبت الـ«مينورسو»، أي مجلس الأمن، الذي يعد الجهة الوحيدة التي لها الحق في تحديد اختصاصات الـ«مينورسو».
وانتقد الناصري الجهات التي تسعى إلى النيل من المغرب، بإقحام ملف حقوق الإنسان في نزاع الصحراء.
وكشف الناصري عن أن المغرب ما زال متمسكا بموقفه الثابت، الذي يرفض أن توسع اختصاصات «مينورسو» لتشمل قضايا حقوق الإنسان، لسبب بسيط هو أن المغرب مؤتمن على الصحراء، ويبني ديمقراطيته، ويؤمن لكل المواطنين في جميع مناطق البلاد الحريات، بما فيها حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان.
وفي غضون ذلك، قال مصدر دبلوماسي رفيع في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن مهمة قوات الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو» واضحة، وتكمن في تنظيم الاستفتاء، الذي لم يعد واردا، والإشراف على وقف إطلاق النار في الصحراء. واعتبر أن إضافة مهام جديدة إليها «غير ذات موضوع بالنسبة للمغرب».
إلى ذلك، انتقد الناصري قرار الجزائر بناء جدار لمنع سكان مخيمات تندوف من العودة إلى المغرب، حسب ما ذكرته بعض الصحف الجزائرية، إذ قال إن بناء جدار لمنع المغاربة الصحراويين الموجودين في تندوف من التحرك والتجوال وعودة بعض منهم إلى المغرب، الذي سيستقبلهم بالأحضان، دليل على الاستهتار الذي تتعامل به الجهة الأخرى من الحدود (الجزائر)، مع قضايا حقوق الإنسان.
وقال الناصري «إنهم يسمحون لأنفسهم بأن يلقنوا المغرب دروسا في حقوق الإنسان، وهم غير مؤهلين للقيام بذلك لا من قريب ولا من بعيد»، مشيرا إلى أن من يرد أن يعطي دروسا في حقوق الإنسان فيجب عليه التطرق إلى «السجن الكبير القائم تحت» السماء المفتوحة، الذي اسمه تندوف، والذي يحاصر بجدار سميك جديد، إذ يحاول من خلاله حراس سجن تندوف منع الصحراويين من الرجوع إلى المغرب.
وبخصوص توقعات الحكومة المغربية من نتائج الجولة الثانية من المفاوضات غير الرسمية، التي ستجرى الأربعاء والخميس المقبلين في نيويورك، قال الناصري إن التكهن بنتائج المفاوضات صعب، لأنه لو كان الأمر يتعلق فقط بقرار المغرب لحسم الأمر، معترفا بأن المغرب يوجد في نقاش صعب مع طرف آخر ما زال متشددا، ومتعصبا، ويعمل على إغلاق كل الآفاق، وهو نقاش سيعرف انفراجا بمجرد أن يهيمن على الطرف الآخر تعامل جديد ومقاربة جديدة، وروح إيجابية جديدة، مؤكدا أنه في حالة توافر قيادة جبهة البوليساريو على هذا الشرط، فإن المفاوضات ستمضي بسرعة كبيرة من أجل ربح كل الوقت الذي تم تضييعه في السابق.
على صعيد ذي صلة، قال بان كي مون، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، إن تسوية سريعة لقضية الصحراء «ستكون مفيدة للسلم والأمن في المنطقة».
إلى ذلك، أعربت فرنسا، التي ترأس حاليا مجلس الأمن، عن تأييدها لمبادرة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بتنظيم جولة جديدة من المباحثات غير الرسمية، بهدف إيجاد حل سياسي لهذا النزاع مقبول من لدن الأطراف.
وقال برنار فاليرو، الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، إن «فرنسا التي ترأس مجلس الأمن لشهر فبراير 2010، تدعم المبعوث الشخصي في هذا المسعى».
وذكرت باريس كذلك بالقرار 1871 الذي دعا فيه مجلس الأمن «الأطراف إلى اعتماد الواقعية والتحلي بروح التوافق حتى تدخل المفاوضات مرحلة مكثفة وجوهرية». يذكر أن أول اجتماع غير رسمي، خصص للإعداد للجولة الخامسة من المفاوضات، انعقد في أغسطس الماضي بالنمسا، تطبيقا لقرار مجلس الأمن رقم 1871 وضم، إضافة إلى المغرب، وفود الجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو.
ومنذ يونيو (حزيران) 2007، انعقدت أربع جولات من المفاوضات في مانهاست قرب نيويورك، وهو المسلسل الذي انطلق بفضل المبادرة المغربية الخاصة بتخويل الصحراء حكما ذاتيا.