نتنياهو يدعم ليبرمان ويعترض على توقيت تصريحاته.. ويبعث برسائل لدمشق عبر برلسكوني

وزير إسرائيلي سابق لـ «الشرق الأوسط»: التصريحات المتشددة قد تقود للانفراج مع سورية

شيخ درزي سوري يحمل صورة لبلدته في الجولان لدى وصوله إلى حدود القنيطرة بين سورية وإسرائيل (أ.ف.ب)
TT

طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي من وزراء حكومته، التزام الصمت إزاء سورية. وحسب مصادر إعلام إسرائيلية، فإن نتنياهو أصدر الليلة قبل الماضية تعليماته إلى سكرتير الحكومة تسفي هاوزر، للاتصال بأعضاء الحكومة ومطالبتهم بعدم الإدلاء بأي تصريحات بشأن سورية.

وجاءت هذه الخطوة بعد التراشق الإعلامي بين دمشق وتل أبيب والتلويح بالحرب، والتأكيد الإسرائيلي على لسان وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بأن الحرب إن وقعت هذه المرة فإنها لن تقتصر على إلحاق الهزيمة العسكرية بسورية، كما في كل مرة، حسب قوله، بل ستشمل إسقاط السلطة ونظام بشار الأسد.

وحسب المصادر الإسرائيلية فإن نتنياهو من حزب الليكود، التقى وزير خارجيته من حزب إسرائيل بيتنا، عقب تصريحاته النارية، في وقت لاحق من أول من أمس. وصدر عن الاجتماع بيان مشترك، أكدا فيه «أن إسرائيل تسعى من أجل السلام وتريد الدخول في مفاوضات مع سورية من دون أي شروط مسبق.. لكن إسرائيل في الوقت نفسه سترد بعنف وقوة على أي تهديد محتمل».

يذكر أن سورية تريد استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل التي كانت ترعاها تركيا، من النقطة التي انتهت عندها، لكن حكومة نتنياهو ترفض العودة إلى المفاوضات بشروط مسبقة.

وعلى الرغم مما جاء في البيان المشترك، فإن مساعدين لرئيس الوزراء قالوا، إن نتنياهو لم يوجه انتقادات لليبرمان على تصريحاته ضد سورية، ولكن اعتراضه كان على التوقيت الذي لم يكن موفقا، حسب قولهم. وقال المساعدون إن نتنياهو يقف وراء وزير خارجيته. وأضاف أحد المساعدين: «يجب التوضيح أنه لا انتقاد لوزير الخارجية»، وزاد: «أما إذا كان نتنياهو سيقول نفس الكلام في هذا الوقت.. فالجواب: لا».

وقال مساعد مقرب من نتنياهو: «إن رئيس الوزراء يدعم وزير خارجيته. في الأيام الأخيرة سمعنا تصريحات سورية خطيرة.. وأي طرف يهدد إسرائيل يجب أن يعلم جيدا أننا لن نتجاهل هذه التهديدات».

وكشف مسؤولون في مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء بعث برسائل إلى القيادة السورية عبر رئيس الوزراء الإيطالي، سلفيو برلسكوني، الذي زار إسرائيل مؤخرا، وكذلك وزير الخارجية الإسباني ميغل أنخيل موراتينوس، الذي زار تل أبيب أيضا في الأيام الأخيرة. وتفيد هذه الرسائل، بأن إسرائيل مستعدة للبدء في مفاوضات مع سورية.

لكن غالب مجادلة، وزير العلوم والثقافة والرياضة في حكومة إيهود أولمرت السابقة، لا يعتقد بأن نتنياهو يدعم تصريحات ليبرمان، لأن ذلك من شأنه أن يغضب وزير الدفاع إيهود باراك (من حزب العمل) الذي يدعو إلى العودة إلى طاولة المفاوضات مع سورية. وقال مجادلة لـ«الشرق الأوسط» إن وقوف نتنياهو إلى جانب ليبرمان وتصريحاته سيستعدي باراك، الأمر الذي يهدد ائتلاف الحكومة. وحسب المجادلة فإن باراك وحزب العمل هما اللذان يوفران الحماية لحكومة نتنياهو على الصعيد الدولي.

وناشد باراك، الذي كان قد حذر قبل بضعة أيام من أن غياب السلام مع سورية سيؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة، الرئيس الأسد، الجلوس إلى طاولة المفاوضات بدلا من تبادل التصريحات والشتائم، وأضاف بارك الذي كان قد عقد جلسات تفاوضية في واشنطن، وبرعاية الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، مع وزير الخارجية السوري آنذاك، فاروق الشرع، في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2000.

واعتبر باراك أن التهديدات غير مفيدة. وأضاف: «نحن نعمل من خلال القنوات الدبلوماسية لنزع فتيل التوتر. والأعمال هي التي تحدد نهاية المطاف.. لا الكلام». وقال: «إن إسرائيل تعتبر اليوم دولة قوية ورادعة بفضل حرب لبنان وعملية (الرصاص المصبوب) في قطاع غزة، مع ذلك أنه لا يجدر بنا إيهام أنفسنا لأن التحديات ما زالت ماثلة أمامنا، وعلينا العمل بإصرار من أجل التوصل إلى تسويات إن كان على الصعيدين الفلسطيني أو السوري».

وأوضح وزير الدفاع أن إسرائيل تسعى إلى إجراء مفاوضات مع سورية، وأن التوصل إلى تسوية معها يعتبر هدفا استراتيجيا بالنسبة لإسرائيل.

ويرى مجادلة من حزب العمل، أن التأزم والتصعيد في التصريحات سيأتي بالنتائج المعاكسة أي قد يقود إلى طاولة المفاوضات، وقال مستخدما مثلا عربيا: «ما وراء الضيق إلا الفرج». وأضاف قائلا: «إن نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين يعرفون جيدا أن لا مفر من التفاوض مع سورية، كما يعرفون أيضا الثمن الذي لا بد من دفعه وهو الانسحاب من هضبة الجولان».

ويرى مجادلة في تصريحات ليبرمان محاولة منه لكسب تعاطف اليمين اليهودي المتطرف والمتهور. والهدف الثاني، حسب المجادلة، هو عرقلة أي إمكانية للتفاهم بين من يؤمن بالسلام مع سورية.

إلى ذلك أعرب وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، عن قلقه إزاء التصريحات الإسرائيلية حول احتمالات الحرب مع سورية. وقال أبو الغيط إن تبادل التصريحات الحادة مؤخرا في هذا الصدد هو «أمر يدعو إلى الانزعاج، ويجب أن تتوقف».

وأضاف أن مصر تعارض تصاعد النبرة الإسرائيلية الحادة ضد أي دولة عربية وتلويحاتها بالحرب، ليس فقط من ناحية المبدأ، وإنما أيضا في ضوء التداعيات السلبية الكبيرة لتوتير الأجواء في المنطقة، في الوقت الذي تعمل فيه قوى إقليمية ودولية كثيرة، في مقدمتها مصر، على استعادة الأمل بتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.

وطالب أبو الغيط بإبداء القدر اللازم من التعقل والابتعاد عن التلويح بالمواجه العسكرية وتحويل الاهتمام والطاقات السياسية للعمل من أجل السلام والاستقرار.