زيارة عون لسورية في ذكرى مار مارون تشعل جدلا حول «مرجعية» الموارنة

صفير: فارق كبير بين زيارات رسمية وبين زيارات لدعم مصالح دمشق في لبنان

TT

تسبب إعلان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» ميشال عون عن أنه سيزور سورية في التاسع من الشهر الحالي للاحتفال بالذكرى المئوية الثالثة عشرة لعيد القديس مارون الذي أسس الكنيسة المارونية، في موجة ردود فعل محلية، خاصة أنه سيزور دمشق على رأس وفد يضم وزراء ونوابا وشخصيات، إضافة إلى النائب سليمان فرنجية.

وفيما يصر عون على إعطاء زيارته «الطابع الديني»، رفضت مصادر كنسية سورية اعتباره ممثلا للكنيسة المارونية خلال الاحتفالات، وأشارت في تعليق لوكالة «آكي» الإيطالية للأنباء إلى أن عون «سيشارك في الاحتفال جنبا إلى جنب مع كثير من رجال الدين المسيحيين من سورية ولبنان، في احتفال سيشهد حضورا رسميا سورية رفيعا». وأضافت: «على الرغم من تقديرنا للعماد عون ومواقفه الوطنية، فإنه لا يمثل مسيحيي الشرق ولا نستسيغ ما تتداوله بعض وسائل الإعلام التي تصفه بهذه الصفة».

وفي حين تحفظت مصادر البطريركية المارونية في لبنان على إصدار أي موقف بخصوص الزيارة، رفضت في اتصال مع «الشرق الأوسط» «الدخول في سجالات، لأن المطلوب من عون توضيح ظروف الزيارة والدعوة التي وجهت له على اعتبار أن الكنيسة المارونية في سورية تابعة للبطريركية في لبنان، انطلاقا من أن البطريرك نصر الله صفير هو بطريرك الموارنة لأنطاكية وسائر المشرق، ومن ضمنها سورية».

وكان صفير، وفي رد غير مباشر على الأمر قد أوضح في حديث أنه «لن يزور سورية إلا إذا أخذ الطائفة معه. وهذا الأمر صعب في ظل توجس المسيحيين من النظرة السورية إلى لبنان». وأضاف: «ماذا تغير في سورية لأزورها؟ أنا لا أقول بمعاداة سورية، نحن وسورية جاران، ولكن بين أن تكون هناك زيارات رسمية وبين أن تتحول الزيارات إلى سورية نحو دعم مصالح دمشق في لبنان فارق كبير جدا، فنحن لن نزور سورية إلا وطائفتنا معنا». وأشار إلى أن «خروج السوريين من لبنان أبقى على نفوذهم نتيجة تقيد البعض بوصايتهم، ولكن النضال يجب أن يستمر من أجل قيام الدولة». واعتبر أن «فرص الحرب قائمة باستمرار ما دام حزب الله يريد أن يقوم مقام الدولة»، وأكد أن «الطرف الذي يملك السلاح يستقوي على الآخرين». ورفض وجود جيشين في لبنان. ودعا إلى «مواصلة النضال حتى قيام الدولة التي لا تتسع إلا لجيش واحد هو الجيش الشرعي».

وقال النائب في «القوات اللبنانية» فريد حبيب لـ«الشرق الأوسط»: «لهذه الزيارة طابع سياسي أكثر مما لها من طابع ديني، على الرغم من محاولة تغليفها بطابع ديني. جاءت التعليمات إلى عون وفرنجية بصفتهما حليفي سورية للذهاب، وسيذهبان على هذا الأساس، وليس على أساس تمثيل لمسيحيي الشرق. ولا يمثل مسيحيي الشرق إلا البطريرك الماروني نصر الله صفير. وعون لا يمثلهم، حتى إنه لا يمثل مسيحيي لبنان، إنما فئة منهم».

وأشار إلى أنه «لا سابقة لاحتفالات بعيد مار مارون في سورية بهذا الشكل. صحيح أن القديس مارون هو الرمز الوجداني للطائفة، لكن الذي أسس الطائفة ونظم الكنيسة انطلاقا من لبنان هو مار يوحنا مارون، وذلك عندما لم تكن هناك دولتان هما لبنان وسورية».

إلا أن النائب في كتلة النائب سليمان فرنجية، سليم كرم رأى أن «زيارة فرنجية إلى سورية في أي مناسبة أمر طبيعي انطلاقا من العلاقة القديمة التي تربطه بعائلة الأسد، في حين أن العلاقة مع عون جديدة، وهي ضرورية كنوع من التنسيق بين الدولتين». وأشار إلى أن «عون لا يتباهى بأنه ممثل المسيحيين في الشرق، فهو يمثل مجموعة النواب في كتلته وجمهوره. وهو يؤسس للارتياح في العلاقة بين اللبنانيين والسوريين ولا يعتدي على صلاحيات أحد». واعتبر حبيب أن «خطوة عون هذه لا تؤثر على صفير، وإن كانت تصب في المحاولات المستمرة من حلفاء سورية للنيل من موقعه، إلا أنه ثابت وقوي في مواقفه ويقود الكنيسة خير قيادة ولا يتأثر بتوجيهات من خارج الحدود». وأضاف: «هم تعودوا خطف المناسبات لتفريغها من مضمونها الوطني».

أما كرم فقال إن «مبادرة عون وفرنجية للاحتفال بالذكرى في حلب سببها غياب أطراف ثانية كان يجب أن تتولى هذه المسؤولية». وأضاف: «قبل كل شيء وبصفة رسمية ليس مطلوبا من عون وفرنجية أن يلتزما بالبقاء في لبنان لإحياء ذكرى مار مارون. ولهما أن يذهبا حيث يوجد موارنة في الشرق الأوسط لحثهم على التقارب والتعاون. وقبل العتب على الزيارة هناك أسئلة عن عدم قيام البطريرك صفير بمبادرات لتحقيق المصالحة المارونية، فالأب الروحي للموارنة هو المسؤول عن رعيته».

وردا على سؤال عن دور عون حيال موارنة سورية سواء لجهة أوضاعهم في بلادهم أو علاقتهم بمرجعية دولتهم من جهة وبالموارنة في لبنان من جهة ثانية، يقول كرم: «لعب عون دورا رائدا في لبنان. والموارنة في سورية يرحبون بزيارته، فهي تعطيهم دعما رمزيا وتحول دون عداوات مع اللبنانيين».

لكن النائب في «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا رأى أن «عون ذاهب إلى سورية ليحتفل بعيد مار مارون ويفتتح محميّة، فهل سيفتتحها بمن حضر وسيبقى هناك؟». وأضاف: «المارونية في لبنان وليس عند مار مارون في سورية، والمسيحيون هم عرب أصيلون لبنانيون بامتياز».