رئيس محكمة الحريري: الضغوط السياسية لا يمكن أن تؤثر على المحكمة

عزا تأخر لوائح الاتهام إلى أن الجرائم الإرهابية أعقَد من جرائم الحرب

كاسيزي ونائبه القاضي رالف رياشي في بيروت (أ.ف.ب)
TT

اعتبر رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي أن «الجرائم الإرهابية» مثل اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري «أكثر تعقيدا» من «جرائم الحرب»، مؤكدا أن «الضغوط السياسية لا يمكن أن يكون لها أي تأثير» على المحكمة. وقال كاسيزي، الذي يزور لبنان حاليا، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية: «الجرائم الإرهابية أكثر تعقيدا بكثير من قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة». وأضاف: «في هذه الجرائم الأخيرة، تكون لدينا فكرة منذ البداية عن الهيكلية العسكرية التي ارتكبت الجريمة. وتقضي المهمة بالتعرف على المنفذين وإيجاد الرابط بينهم وبين النتيجة التي هي المجزرة المرتكبة ومن أمر بتنفيذها».

وأشار كاسيزي في المقابل إلى أن المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة إرهابية «تتعامل مع خلايا سرية لا توجد فيها سلسلة قيادة ولا هيكلية... كما أن أفراد المجموعات الإرهابية لا يكونون مستعدين إجمالا للإدلاء باعترافات لأنهم يعرّضون أنفسهم للقتل ربما على أيدي رفاقهم». وكرر أن «القضايا الإرهابية معقدة جدا».

وأُنشئت المحكمة الخاصة بلبنان بقرار من مجلس الأمن الدولي عام 2007، وهي المحكمة الدولية الأولى المكلفة النظر في جريمة إرهابية، وهو الوصف الذي أطلقه مجلس الأمن الدولي على جريمة اغتيال رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005 في عملية تفجير في بيروت أودت أيضا بحياة 22 شخصا آخرين. وكلفت المحكمة أيضا النظر في عمليات التفجير والاغتيالات التي وقعت في لبنان بين 2005 و2007، إذا ثبت ارتباطها باغتيال الحريري، وبدأت المحكمة عملها في مارس (آذار) 2009، وهي تتخذ من لاهاي مقرا لها.

وسبق إنشاءَ المحكمة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في جريمة اغتيال الحريري توالى على رئاستها ثلاثة قضاة: الألماني ديتليف ميليس والبلجيكي سيرج براميرتس والكندي دانيال بلمار الذي يشغل اليوم منصب مدعي عام المحكمة. وأصدرت لجنة التحقيق أحد عشر تقريرا عن عملها. وقد أثار التقريران الأولان ضجة كبرى، إذ أشارا بشكل واضح إلى تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين في الجريمة. وبعد انتهاء مدة عمل ميليس لم يشر أي من التقارير إلى سورية بالاسم في موضوع الشبهة. ومنذ تسلم بلمار الملف، صار التكتم التام عنوان التحقيق.

وأبرز ما توصل إليه التحقيق، بحسب تقارير اللجنة، أن «شبكة إجرامية» نفذت عملية الاغتيال، وهذه الشبكة، أو بعض أفرادها، مرتبطون باعتداءات أخرى نُفذت منذ عام 2004. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن كاسيزي رفض الخوض في أي موضوع مرتبط بالتحقيق، مؤكدا أنه لا يُفترض بالمدعي العام أن يطلعه على أي شيء قبل وضع قرار الاتهام. وقال ردا على سؤال إن «المحكمة قامت منذ إنشائها بعمل ضخم يهدف إلى تحضير كل شيء قبل صدور القرار الاتهامي، حتى عندما يصدر هذا القرار، تحصل المحاكمة والاستئناف بطريقة سريعة جدا وفعالة جدا».

وأشار إلى أن هذا العمل شمل كل البنية التحتية للمحكمة وتجهيز قاعة المحاكمة والتوظيف وإقرار نظام الأدلة والإثباتات وقواعد توقيف المشتبه بهم وإعداد ملفات للتعمق في الملفات القانونية. ويبلغ عدد العاملين في المحكمة حاليا 260 شخصا، معظمهم في مكتب المدعي العام. وأوضح كاسيزي أنه لا مهلة محددة لوضع قرار الاتهام، مضيفا أن «هذا القرار في يد المدعي العام الذي يصدر القرار بعد جمع كل العناصر الداعمة للاتهامات التي سيتم توجيهها».

وردا على سؤال عن احتمال تأثر عمل المحكمة بالمتغيرات الدولية قال كاسيزي: «لا أخشى بتاتا أي تسييس للمحكمة. لا يمكن للضغوط السياسية أن تؤثر عليها، لأن ذلك يعني نهاية القضاء الجنائي الدولي، وهذا لن يحصل». من جهة ثانية، أعلن كاسيزي أن ميزانية السنة الأولى من عمل المحكمة بلغت 51.4 مليون دولار سُدّدت كاملة، بينما حصلت المحكمة حتى الآن على التزامات بدفع 90% من ميزانية عام 2010 البالغة 55.4 مليون دولار. ويتكفل لبنان بـ49% من ميزانية المحكمة الدولية. بينما تأتي الأموال الباقية من تبرعات دول عدة أبرزها الولايات المتحدة ودول في الاتحاد الأوروبي.

وأنهي كاسيزي أمس زيارة إلى لبنان استغرقت أسبوعا التقى خلالها المسؤولين اللبنانيين في زيارة تعارف كما أعلن مكتبه. واستثنت الزيارة سعد الحريري لكونه معنيا بالقضية الموكلة إلى المحكمة.