الصومال يتجه لإلغاء سفاراته في أوروبا ومناطق أخرى بسبب العجز المادي

قوات الحكومة الانتقالية والاتحاد الأفريقي تستعد لمعركة حاسمة ضد المتمردين في مقديشو

لاجئة صومالية في أحد المعسكرات في عدن بجنوب اليمن (رويترز)
TT

تدرس الحكومة الصومالية إغلاق عدد من سفاراتها بالخارج بسبب عجزها عن تسديد نفقات الطواقم الدبلوماسية في هذه السفارات. وقال وزير الخارجية الصومالي «علي جامع جنغلي» في تصريحات أدلى بها أمس، أن الحكومة اتخذت قرارا بإغلاق هذه السفارات بسبب نقص التمويل وتقليص عدد الطواقم الدبلوماسية في باقي السفارات التي ستستمر في العمل، لكنه رفض الكشف عن السفارات التي سيتم إغلاقها. وأضاف جنغلي «إن هذا القرار بسبب صعوبات مالية بحتة ولا يؤثر في العلاقات بين الصومال والدول المعنية».

وأفادت مصادر حكومية صومالية لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الإغلاق يشمل السفارات الصومالية في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وكذلك البعثة الصومالية لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف. وقال وزير الخارجية الصومالي «إن مجلس الوزراء يناقش هذه القضية، وسيُصدر قرارا نهائيا بهذا الشأن قريبا، وسننظر فيما إذا كانت بعض الدول الصديقة يمكن أن تساعدنا جزئيا في استمرار عمل هذه السفارات في بلدانها». معبرا عن أمله في أن تعود تلك السفارات إلى العمل بعد زوال المتاعب الاقتصادية، حيث إن عمل تلك السفارات مهم بالنسبة للحكومة الانتقالية».

وأرجع الوزير الصومالي هذه الخطوة إلى أسباب اقتصادية وقال «الحكومة الصومالية غير قادرة في الوقت الراهن على دفع تكاليف تلك السفارات، بسبب المتاعب والظروف الاقتصادية التي تعاني منها الحكومة الانتقالية».

وأضاف «على سبيل المثال، بالنسبة لسفارتنا في لندن كنا ندفع أكثر من 11 ألف جنيه استرليني شهريا، للإيجار فقط، ومن ثم فمن غير المعقول أن تظل هذه السفارات مفتوحة إذا كنا لا نملك التمويل الكافي». وأشار جنغلي إلى أن قرار إغلاق السفارات يشمل أيضا عدة سفارات في دول أخرى لم يرغب في ذكر أسمائها. ويرى المراقبون أن من شأن خطوة إغلاق السفارات الصومالية في الدول الغربية الكبرى، وخاصة تلك الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن أن تزيد من عزلة الحكومة الانتقالية التي تعتمد على المجتمع الدولي للحصول على نفقاتها اللازمة من أجل بقائها. الجدير بالذكر أن العديد من سفارات الصومال في الغرب كانت مغلقة منذ سنوات، بما في ذلك تلك الموجودة في واشنطن ولندن. ولن يشمل القرار إغلاق سفارتي الصومال في روما وبروكسل، حيث إنهما الوحيدتان اللتان ستظلان قائمتان في أوروبا. ومن المتوقع أن لا تتأثر السفارات الصومالية في الدول العربية بهذا القرار المرتقب لأن معظم هذه السفارات كانت تتلقى الدعم من الحكومات العربية للاستمرار في أعمالها منذ سنوات طويلة. على صعيد آخر تشهد العاصمة الصومالية مقديشو منذ اليومين الماضيين تحركات عسكرية غير مسبوقة من قبل قوات الحكومة الانتقالية وقوات الاتحاد الأفريقي استعدادا لمعركة حاسمة. ولوحظ في مقديشو تحركات جديدة للقوات الحكومية التي بدأت تحتشد في القواعد والخطوط الأمامية للقتال وفي مختلف المحاور من جنوب العاصمة إلى شرقها. وعلى الرغم من أن المعارك في مقديشو لا تعني سوى حرب شوارع ولا يمكن لأحد الطرفين حسم الصراع لصالحه بسهولة؛ فإن الحكومة مصرة هذه المرة على تطهير الفصائل المعارضة من العاصمة، ثم بسط سيطرتها على الأقاليم الأخرى تدريجيا. وأعلن وزير الأمن الصومالي «عبد الله سان بلولشي» أن الحكومة وضعت اللمسات الأخيرة لشن حرب حاسمة على المعارضة، وأن الهجوم الذي تنوي الحكومة شنه يشمل أيضا الأقاليم خارج العاصمة التي يسيطر عليها المسلحون الإسلاميون، وقال «الحرب ستبدأ في مقديشو، وفي هيران، وفي باي وبكول، وجيدو، وفي كيسمايو أيضا في آن واحد، لإسراع إنهاء المعركة» على حد تعبيره. ويستعد المقاتلون الإسلاميون المعارضون للحكومة لصد أي هجوم قد تشنه القوات الحكومية والأفريقية لحفظ السلام، وبدأوا بحفر المزيد من الخنادق الكبيرة في بعض الشوارع الرئيسية في العاصمة مقديشو، فيما يبدو أنه استعداد لخوض جولة جديدة من الحرب، حيث يعتقد المقاتلون الإسلاميون أن عملية حفر الخنادق الكبيرة في الطرقات الرئيسية يساعدهم على منع الدبابات والآليات العسكرية التابعة لقوات الاتحاد الأفريقي من الزحف على معاقلهم.

ودعا الشيخ «حسن طاهر أويس» زعيم الحزب الإسلامي في خطاب أدلى به أمس الجمعة في أحد جوامع مدينة أفجوي (30 كم غرب مقديشو) – التي يسيطر عليها الحزب الإسلامي – دعا مجددا إلى الاستعداد لجولة جديدة من القتال ضد قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام وقوات الحكومة الصومالية. وقال أويس «ندعو المجاهدين إلى تعزيز صفوفهم وتكثيف هجماتهم ضد القوات الأجنبية حتى نرغم الصليبيين الغزاة على الرحيل من البلاد، وحتى يتم تطبيق الشريعة الإسلامية، لإعطاء الشعب الصومالي المسلم فرصة اختيار من يقودهم دون فرض قيادة مستورد عليهم». ويعيش سكان العاصمة مقديشو حالة من الخوف والترقب، جراء هذه التحركات وبدأ بعض السكان الفرار من منازلهم تحسبا لاندلاع معارك جدية بين القوات الحكومية، التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي، وبين المقاتلين الإسلاميين المعارضين.

على صعيد آخر شددت كينيا الإجراءات الأمنية على حدودها مع الصومال، بسبب المخاوف من عبور المسلحين الإسلاميين الحدود بين البلدين، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تشن القوات الحكومية التي تدعمها قوات الاتحاد الأفريقي هجوما واسعا ضد معاقل الفصائل المعارضة، وأفادت أنباء صحافية بأن قوات تابعة للحكومة الصومالية تعتزم شن هجوم على مناطق جنوب الصومال انطلاقا من داخل الحدود الكينية وقالت كينيا إنها قامت بنشر المزيد من القوات، كما قامت بزيادة الدوريات على طول الحدود خوفا من تسلل مقاتلين إسلاميين إليها في حالة شن الحكومة الصومالية هذا الهجوم على قواعد المسلحين الإسلاميين.

وكانت كينيا قد أغلقت حدودها مع الصومال منذ يناير (كانون الثاني) من العام الماضي؛ إلا أنها قامت بتعزيز قوات أمن الحدود في المناطق الحدودية بين البلدين، بعدما أطلق مسلحون إسلاميون صوماليون تهديدا بشن هجوم على كينيا، ومنذ هذا التهديد أخذت القوات الكينية في حالة تأهب قصوى تحسبا لأي هجوم محتمل من قبل المقاتلين الإسلاميين الذين يسيطرون على المناطق الحدودية الملاصقة لكينيا، وتم وقف تدفق اللاجئين الصوماليين الذين يفرون من الحرب في الصومال، الذين يحاولون الوصول إلى معسكرات اللاجئين في شرق كينيا. إلا أن كينيا قالت فيما بعد إنها تسمح للاجئين الصوماليين الفارين من القتال بدخول أراضيها والإقامة في مخيمات اللاجئين في داداب حيث يعيش قرابة 300 ألف لاجئ صومالي، ويسمح لهم بعبور الحدود بعد ما يتم التأكد أنهم لاجئون هربوا من العنف في الصومال.

وعلى الرغم من أن كينيا قامت عدة مرات بحشد قوات كبيرة على المناطق الحدودية بين البلدين ؛ لكنه في الوقت نفسه يتسلل الصوماليون إلى كينيا ويصلون إلى نيروبي دون ملاحظة قوات حرس الحدود الكينية.