أوكرانيا أمام 3 خيارات بعد انتخاب رئيسها اليوم

إقرار بفوز يانوكوفيتش أو ثورة جديدة أو تنظيم دورة ثالثة

مناصرون للمرشح الرئاسي يانوكوفيتش يراقبون بحذر أمام لجنة الانتخابات في كييف أمس (أ.ب)
TT

وسط أجواء تنذر بالتوتر، تبدأ اليوم في أوكرانيا الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة بين فيكتور يانوكوفيتش زعيم «حزب الأقاليم» وغريمته «أميرة الثورة البرتقالية» رئيسة الحكومة يوليا تيموشينكو. ويعد يانوكوفيتش الذي ألغي فوزه في الانتخابات الرئاسية في 2004 بتهمة التزوير إثر قيام حركة شعبية موالية للغرب، الأوفر حظا للفوز بالاقتراع بعدما تقدم على منافسته تيموشينكو بعشر نقاط في الدورة الأولى.

ويتوقع محللون ثلاثة خيارات بعد انتهاء التصويت اليوم، أولها فوز مرجح ليانوكوفيتش وقبول منافسته بذلك، أو نزول أنصار تيموشينكو إلى الشارع، أو تنظيم دورة ثالثة في حال كان الفارق بينهما ضئيلا. وتكاد استطلاعات الرأي تجمع على تقدم يانوكوفيتش بنسبة تتراوح بين 5% و20%، في حين يقول آخرون إن تطورات الأحداث في أوكرانيا ستتوقف إلى حد كبير على هذه النسبة، من منظور أن الفارق البسيط قد يعطي تيموشينكو وأنصارها مبررات التشكيك في النتيجة وتوجيه الاتهامات بالتزوير والمطالبة بإعادة الانتخابات مثلما جرى في عام 2004 بعد إعلان يانوكوفيتش فوزه على فيكتور يوشينكو الرئيس المنتهية ولايته.

ودانت تيموشينكو يوم الخميس الماضي التحضير لأعمال تزوير ووعدت بتعبئة الناخبين للنزول مجددا إلى ساحة كييف المركزية من حيث انطلقت «الثورة البرتقالية» عام 2004. وإذا كان هناك من يعتقد في احتمالات تكرار مظاهرات تلك الثورة، فإن هناك من المؤشرات ما يقول بصعوبة نجاح التجربة نظرا للاختلافات والتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية الأوكرانية وخيبة الأمل في الثورة البرتقالية التي انفرط عقد قياداتها ممن تحولوا إلى الاتهامات المتبادلة التي أسفرت في الأمس القريب عن هزيمة «زعيم الثورة» يوشينكو في انتخابات الدورة الأولى.

ويقول جليب بافلوفسكي رئيس «صندوق السياسة الفعالة» في موسكو، إن جماهير الثورة البرتقالية «انصرفت عن قيادات هذه الثورة بعد أن سئمت خلافاتها التي كانت في مقدمة أسباب تدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع تأييد الدوائر الغربية للقيادة الأوكرانية. وأشار إلى أن تهديدات تيموشينكو بالخروج إلى الشارع تعني ضمنا إحساسها بالهزيمة التي لا تريد الاعتراف بها.

ويستبعد بعض المحللين تكرار «الثورة البرتقالة» لاعتبارات مالية. ويقول المحلل السياسي كوست بوندارينكو من المعهد المتخصص في المشاكل الإدارية «إذا كان الفارق أقل من خمس نقاط فقد تنظم دورة ثالثة». وأضاف «لا يملك أي من المرشحين موارد مالية لثورة جديدة بسبب الأزمة الاقتصادية»، معتبرا أن ثورة 2004 كلفت نصف مليار دولار.

وقرأ محللون آخرون أن تهديد تيموشنكو بخيار الثورة يستهدف انتزاع مكاسب بعد هزيمتها المتوقعة. وقال يفجيني مينتشينكو، مدير «المعهد الدولي للتقديرات السياسية»، إن تيموشينكو لا تسعى من أجل الفوز بقدر ما تستهدف التشكيك في فوز يانوكوفيتش، مشيرا إلى تزايد احتمالات فوزه بفارق قد يزيد على 8%. وتوقع مينتشينكو أن تكون تيموشينكو تستهدف أيضا الضغط على يانوكوفيتش من أجل إعداد الظروف الملائمة لانتزاع أكبر قدر من المكاسب بما في ذلك ضمان بقائها في منصب رئاسة الحكومة.

وعن هذا الموضوع تحديدا يحتدم الجدل في الساحتين المحلية والإقليمية حول مدى وآفاق الصراع في الساحة السياسية الأوكرانية بعد الإعلان عن تنصيب الرئيس الجديد. وهناك من يقول إن الإعلان عن اسم الرئيس الجديد لن يكون ختاما للمعارك السياسية في أوكرانيا بقدر ما سيكون إيذانا ببدء جولة جدية من الصراعات داخل مجلس الرادا (البرلمان)، إذ إن يانوكوفيتش، في أغلب الظن، لن يستكين لبقاء تيموشينكو رئيسة للحكومة وسيسعى لإبدالها في حال فوزه بمنصب الرئيس من خلال حشد تأييد ممثلي الكتل البرلمانية في مجلس «الرادا» الذي يملك دستوريا حق تعيين رئيس الحكومة.

وأثناء الحملة الانتخابية، تبادل المرشحان الاتهامات ولم يقدما رؤية استراتيجية حول تنمية أوكرانيا بحسب الخبراء والصحف. وواجه المرشحان مشاكل مع القانون. فقد أمضى يانوكوفيتش ثلاث سنوات في السجن في صباه بتهمة السرقة والتسبب بجروح، وهي عقوبات ألغاها القضاء لاحقا لكنها لا تزال تنعكس عليه سلبا على الصعيد السياسي. وفي موازاة ذلك، تلازم تيموشنكو ملاحقات بتهمة السرقة في أوكرانيا ودفع رشاوى لمسؤولين في وزارة الدفاع الروسية رغم إغلاق الملف العام 2005 في ظروف غامضة.

ويسعى المرشحان إلى تحسين العلاقات مع موسكو التي تدهورت في ظل رئاسة فيكتور يوشينكو في السنوات الماضية وأثارت استياء أوروبا التي باتت رهينة الخلاف بين البلدين في ملف الغاز. ويطمح المرشحان أيضا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي، وخصوصا أن مسألة انضمام أوكرانيا إليه ليست مطروحة في الوقت الراهن على جدول أعمال بروكسل.