مع أنباء عن مقتل قائد طالبان باكستان .. شخصية جديدة تبرز داخل الحركة الأصولية

مولوي نور جمال يتسم بالوحشية ويقتل البشر وكأنه يذبح دجاجا

TT

قد تكون الأنباء الواردة التي ترجح أن قائد حركة طالبان الباكستانية لقي مصرعه في غارة جوية شنتها طائرة أميركية من دون طيار، ولم يتم تأكيدها بعد، تسببت بالفعل في بدء سباق على قيادة الحركة بين خلفائه المحتملين. وشوهد أحدهم في شريط فيديو أذيع هذا الأسبوع على قناة تلفزيونية خاصة وهو يجلد رجلين وشابا بالسوط.

ويُقال إن الرجل الذي أشرف على عملية الجلد هو مولوي نور جمال، من منطقة أوراكزاي القبلية، الذي، حسب سكان محليين، تولى مسؤوليات القائم بأعمال حركة طالبان الباكستانية. ولم يتسن التثبت من صحة ادعاءات السكان المحليين. وتنفي حركة طالبان الباكستانية حتى الآن مقتل قائدها حكيم الله محسود إثر جروح أصيب بها أثناء إحدى الغارات الجوية الشهر الماضي. بيد أن مسؤولين أميركيين وباكستانيين ذكروا أنهم على شبه يقين من أنه قُتل ودُفن. وسواء حل نور جمال محل محسود أم لم يحل، يبدو أن غياب محسود قد أتاح فرصة لنور جمال لتعزيز سلطته في أوراكزاي، وهي منطقة استراتيجية للغاية في المناطق القبلية.

وارتقى نور جمال إلى السلطة كقائد لحركة طالبان في منطقة كورام القبلية. وتم تقليده المسؤوليات الإضافية في منطقة أوراكزاي المتاخمة عندما بدأ الجيش الباكستاني هجومه على معقل الحركة في وزيرستان الجنوبية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وباعتباره القائد العام لحركة طالبان الباكستانية، يحظى محسود بنفوذ كبير في أوراكزاي، ممارسا قدرا كبيرا من السلطة هناك مثلما يتمتع في مسقط رأسه وزيرستان الجنوبية، أو حتى أكثر. ومنذ اختفاء محسود من على الساحة، ربما يسعى القادة العسكريون في أوراكزاي الآن لممارسة نفوذهم وإظهار استقلالهم. وكان نور جمال قريبا من محسود، وهو العامل الذي قد يصب في مصلحته في حال سعى لأن يحل محله. كما أنه معروف بارتكاب أعمال وحشية، وهذا ما ظهر في الشريط المصور.

وقال أحد السكان المحليين ترك كورام العام الماضي لأنه كان مطلوبا من جانب قوات نور جمال: «إنه يقتل البشر وكأنه يذبح دجاجا». وطلب هذا الرجل مع أحد السكان المحليين الآخرين عدم الكشف عن اسميهما خشية الانتقام. وبحسب تقارير مختلفة، كان نور جمال، وهو في أواخر العقد الرابع من عمره، يعمل مدرسا، وكان يؤم الناس في الصلوات داخل إحدى المدارس الدينية قبل أن يعينه محسود قائدا لحركة طالبان في كورام. وأوردت التقارير أن الشريط المصور، الذي نُقل عن طريق أحد الهواتف الجوالة، تم تصويره في قرية ماموزاي في منطقة أوراكزاي، وهي مسقط رأس الزوجة الثانية لمحسود، وكانت حاضرة عند وفاته، وفقا لتقارير غير مؤكدة. وتعد أوراكزاي أحد أهم المواقع الاستراتيجية في المناطق القبلية نظرا لقربها من الأجزاء الأكثر استقرارا في إقليم الحدود الشمالية الغربية وعاصمته بيشاور. ويقول مسؤولو أمن باكستانيون إن أوراكزاي أصبحت المعقل الرئيسي لحركة طالبان، خصوصا أن كثيرا من مقاتلي باكستان، الذين لاذوا بالفرار بعد العملية التي شنها الجيش الباكستاني في وزيرستان الجنوبية، لجأوا إلى هذه المنطقة. ونظرا لموقعها أصبحت أوراكزاي أيضا مركزا للقادة العسكريين الآخرين المتحالفين مع طالبان الباكستانية، ومن بينهم سكان محليون وكذا أعضاء في حركة طالبان من إقليم بنجاب. وأتى معظم المنتمين لما يسمى بطالبان بنجاب من جماعات طائفية محظورة بحثت أيضا عن ملجأ هناك. وفي العام الماضي، أسر مهندس بولندي في بنجاب ثم قُتل في النهاية في أوراكزاي.

وبعد تعقب معظم الهجمات في بيشاور والمناطق الأخرى في إقليم الحدود الشمالية الغربية وجد أنها نفذت على يد مسلحين في أوراكزاي. حيث يقيم المسلحون محاكمهم الخاصة وفي بعض الحالات يقومون بجمع الضرائب.

ويوجد في المنطقة أقلية شيعية كبيرة العدد، وأجبر الشيعة العام الماضي على دفع ضريبة إسلامية، ظاهريا لضمان أمنهم، وذلك ليظلوا في أوراكزاي. وكان الشيعة هدفا خاصا للأعمال الوحشية ولأعمال العنف من جانب أعضاء حركة طالبان، الذين ينتمون إلى مذهب سني متشدد.

وعثر على ثلاث جثث مقطوعة الرأس يوم الجمعة الماضي في جنوب أوراكزاي، تعود، بحسب أحد السكان المحليين، إلى ضحايا يشتبه أن حركة طالبان قامت باختطافهم. وقد يكون السبب في إذاعة الشريط المصور في الوقت الحالي مشاعر الاستياء المتصاعدة بين السكان المحليين ضد الأساليب الوحشية التي تتبناها طالبان، أو وسيلة لهم أو من جانب آخرين لتشجيع الجيش على فتح جبهة أخرى في منطقة سمحت اتفاقيات سلام وقعت في الماضي مع طالبان للمسلحين بتشديد قبضتهم عليها.