دورية للشرطة الأفغانية تقتل 7 مدنيين عن طريق الخطأ

كابل : نعرض على طالبان «مساعدة وليس رشوة»

TT

قتلت دورية للشرطة الأفغانية سبعة مدنيين، اثنان منهم دون الثامنة عشرة، عندما أخطأت واعتبرتهم متمردين، بينما كانوا يجمعون الحطب عند غروب الشمس قرب الحدود الباكستانية، كما أفادت الشرطة أمس.

ووقع الخطأ أول من أمس في منطقة رايغ بين إقليمي شوراباك وسبين بولداك في ولاية قندهار (جنوب أفغانستان)، كما أعلن قائد الشرطة المكلفة الحدود الجنوبية الجنرال محمد رازق لوكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف الضابط أن الرجال الستة الذين كانت تتألف منهم الدورية، اعتقلوا. وقال الجنرال محمد رازق: «إننا نستجوب رجال الشرطة المسؤولين عن إطلاق النار، والتحقيق سيحدد ما إذا كان الأمر حصل عمدا». وبحسب الأمم المتحدة، فإن عدد المدنيين الذين قتلوا في أعمال عنف في أفغانستان حيث تقاتل القوات الأفغانية والأجنبية حركة طالبان المتمردة، بلغ أرقاما قياسية عام 2009. وأشار تقرير نشرته الأمم المتحدة في يناير (كانون الثاني) إلى مقتل 2412 مدنيا في 2009 مقابل 2118 العام الذي سبق، بينهم 70% ضحايا هجمات شنها عناصر طالبان وبخاصة عن طريق اعتداءات انتحارية أو قنابل يدوية الصنع. وتتهم حركة طالبان القوات الدولية والأفغانية بأنها مسؤولة عن هذه الخسائر المدنية، ويعتقد عدد كبير من الأفغان أنه كان يمكن تجنب هذه الخسائر لو لم يكن الجنود الأجانب موجودين في البلاد. وفي السابع من يناير (كانون الثاني)، رفضت حركة طالبان ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول أن المتمردين قتلوا من المدنيين ثلاثة أضعاف ما قتلت القوات الأجنبية والأفغانية. ومنذ ثلاثة أعوام، اتسعت رقعة حركة التمرد التي تشنها حركة طالبان على الرغم من الزيادة المستمرة في عدد الجنود الأجانب الذي بلغ اليوم 113 ألف رجل. من جهة أخرى أعلن وزير الخارجية الأفغاني زلماي رسول أن بلاده لن تدفع رشاوى لإقناع مقاتلين عاديين في طالبان لوقف القتال، لكنها ستساعدهم على إعادة الاندماج في المجتمع الأفغاني والعثور على وظائف. ورفض، في مقابلة مع وكالة «رويترز»، التلميح إلى أن «مقاتلي طالبان ربما يقبلون المال بموجب الخطة التي وافق مانحون غربيون على تمويلها في مؤتمر استضافته لندن الأسبوع الماضي، ثم يعودون بسهولة للانضمام إلى التمرد». وخلال مؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية في ألمانيا، أوضح بقوله: «لن نقدم رشوة لهم لوقف القتال. إذا جاؤوا وألقوا السلاح وأعادوا دمج أهلهم.. فهم يريدون العيش. ينبغي أن يقيموا حياة لإعالة أسرهم. لذلك من الضروري أن نوفر لهم مساعدة اجتماعية.. مثل الأرض والزراعة وأي شيء يحتاجونه.. حتى يبدأوا في التعلم والعيش حياة مناسبة. ليست المسألة دفع أموال أو رشوة لهم». ولفت رسول إلى أن متمردي طالبان الذين يقاتلون الحكومة الأفغانية وقوات حلف شمال الأطلسي «ليسوا جماعة متجانسة»، مضيفًا أن «هناك مقاتلين عاديين لا تحركهم دوافع مذهبية وليست لهم صلات بجماعات مثل تنظيم القاعدة، وأن هؤلاء الأشخاص يمكن جذبهم»، لكن في المقابل «هناك عناصر داخل طالبان الباكستانية وجزء من طالبان الأفغانية تربطهم علاقة أوثق مع القاعدة.. وهؤلاء لا يمكن دمجهم أو مصالحتهم .. ولذا ينبغي أن نقاتلهم». وفي مجال آخر، أكّد رسول أن العلاقات تتحسن مع باكستان التي تنظر إليها أفغانستان منذ فترة طويلة بعين الريبة بسبب علاقاتها بطالبان الأفغانية. إلى ذلك قالت حركة طالبان: إنها لن تبرم أي صفقة مع الحكومة الأفغانية أو الغرب لإحلال السلام في أفغانستان، وإن مقاتليها سيواصلون التضحية بأرواحهم لتحقيق نصر، يقولون، إنه بات قريبا. وفي مؤتمر عقد في لندن الشهر الماضي وجه الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الدعوة إلى طالبان للمشاركة في مجلس سلام ورسم خطط لاستمالة المقاتلين للنزول من التلال التي يتحصنون بها مقابل الحصول على أموال ووظائف. لكن طالبان تعهدت في بيان نشرته بموقعها على الإنترنت، الخميس، بأنها لن تتواطأ مع أحد. ولم يذكر البيان أي إشارة محددة للمحادثات التي اقترحها كرزاي. وكانت طالبان أبلغت «رويترز» في البداية أنها ستقرر قريبا هل ستشارك في المحادثات أم لا. ورفض الإسلاميون مرارا عروضا سابقة للمشاركة في محادثات قبل انسحاب جميع القوات الأجنبية من البلاد. وقالت طالبان خلال السنوات الثماني الماضية لم تظهر الإمارة أي استعداد للتواطؤ مع أي طرف فيما يتعلق بالجهاد والبلاد والمصلحة الشعبية والوطنية. وأضافت: والآن فإن طالبان ليست مستعدة لإبرام أي صفقة غير مشروعة وعديمة القيمة بشأن النصر الذي أصبح قريب المنال. وحمل البيان عنوان «قرار مؤتمر لندن غير القابل للتطبيق» وخاطب الداعين للاجتماع والدول المانحة. ويصف الغرب عملية استمالة المقاتلين المتشددين بأنها إعادة اندماج في المجتمع في حين توصف الجهود الرامية إلى إحلال السلام مع قادة طالبان بالمصالحة. ويدعم حلفاء أفغانستان الجهود الرامية إلى بدء محادثات مع طالبان ووعدت الدول المانحة بإرسال مئات الملايين من الدولارات لصندوق خاص بأموال للمقاتلين الذين سيعودون إلى المجتمع. وأصبحت الدول الغربية - التي تبحث عن مخرج من حرب مستمرة منذ ثمانية أعوام ولم تعد تعتقد أنها ستحل بالسبل العسكرية وحدها - أكثر استجابة من أي وقت مضى، للقيام بدور من أجل إعادة تأهيل طالبان. ولكن في وقت يشدد فيه المقاتلون قبضتهم على أجزاء كبيرة من البلاد ويوقعون خسائر قياسية بالقوات الأجنبية فإن المحللين يشككون في إمكانية موافقة المتشددين على إلقاء أسلحتهم. ولم تفلح برامج سابقة مماثلة إلا في استمالة القليل من المقاتلين. وفي الوقت نفسه تعهدت طالبان بالاستمرار في القتال.