طالب سعودي متهم بقتل أستاذه الأميركي يؤكد براءته

الزهراني ينفي.. والقاضي يرفض الإفراج عنه

TT

قال أول من أمس الطالب السعودي عبد السلام الزهراني، المتهم بقتل ريتشارد أنطون، أستاذه في جامعة بنغهامتون (ولاية نيويورك) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إنه غير مذنب، عندما مثل أمام محكمة مقاطعة «بروم» (في الولاية نفسها).

وفي إجراء أولي، سأله القاضي مارتن سميث «هل أنت مذنب أم لا؟» فرد «غير مذنب».

وقالت صحيفة «برس آند صن» التي تصدر في مدينة بنغهامتون نفسها، إن فريدريكا ميلر، محامية الزهراني، التمست من المحكمة الإفراج عنه بكفالة، لكن، رفض القاضي. وأمر بإعادة الزهراني إلى سجن مقاطعة «بروم»، حيث كان يحتجز منذ القبض عليه يوم قتل الأستاذ الجامعي.

ويواجه الزهراني تهما كثيرة، منها القتل بالدرجة الثانية، وتتراوح عقوبتها بين 15 و25 سنة، وتصل أحيانا إلى السجن مدى الحياة.

وكان جيرالد مولين، مدعي عام مقاطعة بروم، قال إن هيئة المحلفين في المقاطعة توصلت إلى أن الزهراني (45 عاما) تعمد قتل ريتشارد أنطون (77 عاما) المتخصص في الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية، في مكتبه في مبنى العلوم في الجامعة، وإن الأدلة كافية لمحاكمة الزهراني في قضية القتل العمد، طعنا بالسكين عدة مرات.

وأمس، قال تلفزيون القناة العاشرة في المقاطعة، اعتمادا على مصدر في مكتب المدعي العام للمقاطعة، إنه لم يحدد موعد لبدء المحاكمة، بعد هذه الإجراءات التقليدية أول من أمس. وأيضا أمس، كررت صحيفة «بايب دريم»، التي يصدرها طلاب الجامعة، أخبارا بأن مكتب الملحق التعليمي السعودي في نيويورك هو الذي استأجر المحامية فريدريكا ميلر للدفاع عن الزهراني. وأن المكتب اتصل بأهل الزهراني في السعودية، وبقريب له في الولايات المتحدة، وأبلغهم حرصه على تقديم الخدمات اللازمة للزهراني.

وأول من أمس، نشرت صحيفة «بايب دريم» الجامعية أن شرطة الجامعة والمدينة تحقق في محاولة حرق مقر مكتب اتحاد الطلاب المسلمين «إم إس إيه». لكن، قالت الشرطة إن ذلك ربما ليست له صلة بموضوع الزهراني. وكانت الشرطة أسرعت بإخراج سجادات صلاة صب عليها غاز ملتهب، عندما دخل طالب كان يريد الصلاة.

وقال معن سهيل، رئيس الاتحاد «يوجد خوف عند بعض الطلاب. كنا نعتقد أن شرطة الجامعة تقدر على حمايتنا»، هذه إشارة إلى أكثر من خمسين طالبا وطالبة مسلمين يدرسون في الجامعة وفي مناطق مجاورة. وقال سهيل إن باب مكتب الاتحاد كان غير مغلق للسماح للطلاب والطالبات بالصلاة. ويوجد المكتب في مبنى اتحاد طلاب الجامعة مع مكاتب لمنظمات وجمعيات أخرى. وقالت صحيفة «بريس آند صن» إنه رغم تقارير عن مرور الزهراني بضائقة مالية، فإن المحامية المتخصصة في القضايا الجنائية بمدينة نيويورك، فريدريكا ميلر، تدافع عنه. ولم تشر الصحيفة إلى من سيتكفل بمصروفات المحامية. وكان الزهراني، قبيل الحادث، طلب من جوشوا برايس، أستاذ في الجامعة نفسها، أن ينتقل من قسم الأنثروبولوجيا، إلى قسم «الفلسفة والتأويل والثقافة» الذي يديره برايس. وأيضا، طلب منحة مالية مقابل المساعدة في التدريس. شرح برايس ذلك في تفاصيل كتبها في موقعه على الإنترنت. وقال إنه، فعلا، كتب رسالة إلكترونية إلى بيل هافر، مدير الدراسات العليا بالجامعة، والمسؤول عن البرامج الأكاديمية. ووصفت الرسالة الزهراني بأنه «يائس من برنامج قسم الأنثروبولوجيا، ويخشى الطرد من البرنامج. وهو شديد التوتر، عندما وصف مشروع رسالته، ويرغب في الانتقال إلى قسم (الفلسفة والتأويل والثقافة)». وأضافت الرسالة «إذا كان ممكنا، فليتم منحه وظيفة مساعد تدريس حتى ينتهي من رسالته». بعد أن كتب برايس هذه الرسالة، وقبيل الحادث، قابل برايس الزهراني، وقال له إنه لا يزال يحاول مساعدته، لكنه لا يستطيع أن يعطيه إجابة محددة في ذلك الوقت. وأضاف برايس، في تفاصيل نشرها في موقعه على الإنترنت، أنه، بعد هذه المقابلة، ذهب لتناول الغداء مع بعض طلابه. وتوجه الزهراني إلى مكتب أستاذه أنطون. وفي أثناء تناول طعام الغداء تلقى برايس الرد من هافر، بأن الزهراني يقدر على الانتقال إلى قسم «الفلسفة والتأويل والثقافة». لكنه لن يستطيع الحصول على المنحة. حسب شرح برايس، لم يتلق الزهراني هذه الرسالة الأخيرة من برايس، لأنه، بعد عشر دقائق من وصول الرد، كان الزهراني في مكتب أنطون، حيث ارتكب الجريمة التي اتهم بها.

وبعد أن مثل الزهراني أمام المحكمة أول من أمس ونفى التهمة التي وجهت له، نشرت صحيفة «بريس آند صن» تعليقات طلبة وطالبات في الجامعة. وبينما ضخم بعضهم الحادث، وربطوه بشبكة إرهابية، قال آخرون إنهم مستعدون للانتظار لتسير العدالة مسارها.

وتساءلت كلمة صحيفة «بريس آند صن»: «ما هو الخط الفاصل بين الغضب والعنف؟ ماذا دار في عقل طالب عندما قتل أستاذا قضى جزءا كبيرا من حياته يعمل لنشر السلام والحب؟». لم تجب كلمة الصحيفة عن السؤالين، لكنها أضافت «ليست هناك مبالغة في القول إن وطننا ومجتمعاتنا وعائلاتنا تمر، خلال هذه الفترة، بمرحلة توتر لم نشهد مثلها في تاريخنا». وعن الزهراني، قالت الكلمة «وصف الزهراني بأنه كان يائسا. لكن هذه الأيام، يوجد اليأس في أعماق كثير من الناس». واشترك في النقاش كيث ليهي، مدير الجمعية النفسية في المنطقة. وقال «يملك كل واحد منا القدرة على وضع خط فاصل بين العمل السلمي والعمل العنيف. وليس سرا أن مجتمعنا فيه كثير من حوادث الانتحار. صار كثير من الناس يتخطون مرحلة اليأس إلى مرحلة العنف»، سواء بقتل أنفسهم أو قتل غيرهم.

وقال جيرالد مولين، مدعي عام مقاطعة بروم، حيث الجامعة، إنه لا توجد أسباب دينية أو عرقية وراء الحادث.

لكن، قال طالب مسلم في الجامعة رفض نشر اسمه «نكذب على أنفسنا إذا قلنا إننا لا نعرف السبب. في أغلبية الحالات المماثلة يكون الدافع دينيا أو عرقيا أو سياسيا. لا أعرف إذا كانت للجريمة صلة بالحروب الأميركية الإسرائيلية ضد المسلمين والعرب. لكن، أن يقول المدعي العام إنه لا يوجد سبب ديني أو عرقي أو سياسي ربما يحتم عليه ذلك منصبه الرسمي». وقال الطالب إن المدعي العام ربما يريد تحاشي مشكلات حصلت أخيرا في حالة نضال حسن، الطبيب العسكري الأميركي الفلسطيني الذي قتل، قبل شهرين من حادث الزهراني، 13 عسكريا في قاعدة «فورت هود» (ولاية تكساس).

ونشرت مجلة «ويكلي ستاندارد» اليمينية التي تصدر في واشنطن، تقريرا عنوانه «فرز المسلمين المتطرفين»، قالت فيه إن اعتقال الطالب الزهراني «مرة أخرى، يثير موضوع معرفة من هو المسلم المتطرف، ومن هو المسلم المعتدل، لأن النوعين صارا الآن يعيشان معنا في الغرب». واقترح التقرير على الأميركيين أن يستفيدوا من تقرير حكومي بريطاني صدر قبل ثلاث سنوات عنوانه «منع التطرف العنيف». وقال التقرير إنه «رغم أهمية المراقبة الأمنية، فإنه لا بد من كسب القلوب والعقول، ومنع الناس من اللجوء إلى التطرف العنيف». لكن، انتقدت المجلة الأميركية هذا الحل، وقالت إن «تشجيع القيم المشتركة وتقوية دور المؤسسات الدينية» كلمات عامة لن تحل المشكلة. وانتقدت المجلة القول بأن «سبب الإسلام المتطرف هو الظلم، وليس اختلافا عقائديا». واقترحت قانونا يصدره الكونغرس يكون الهدف منه هو «تحديد المسلم المتطرف حسب تفسيراته الدينية، واعتبارها خرقا لحقوق الآخرين، لحقوق الإنسان». في الوقت نفسه، كان الزهراني نشطا، ليس فقط في مجال التحضير للدكتوراه، الذي كان يشرف عليه ريتشارد أنطون، الأستاذ المتهم بقتله، ولكن، أيضا، في مجال نشر أبحاث علمية في دوريات أكاديمية أميركية، وقد اختار لرسالة الدكتوراه عنوان «أصوات مقدسة ومناظر مدنسة: الحواس والكونيات والمعارف في الثقافة العربية القديمة».