أحمدي نجاد: حصلنا على تقنية الليزر وسنخصب اليورانيوم بنسبة 20%

غيتس يدعو لتضامن دولي للضغط على إيران.. وحيرة حول تناقض مواقف طهران بين يوم وآخر

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والمفاوض الرئيسي النووي الإيراني سعيد جليلي يتجولون في معرض تكنولوجيا الليزر في طهران أمس (رويترز)
TT

استمرارا لسياسة المواقف المتناقضة، طلب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، البدء في إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، لافتا إلى عدم التوصل إلى اتفاق حول تبادل الوقود النووي، بعد اختبار قوة مع الدول الكبرى استمر أكثر من ثلاثة أشهر. جاء ذلك بينما دعا وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إلى «تشكيل جبهة موحدة للضغط على الحكومة الإيرانية».

وقالت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية إن الرئيس محمود أحمدي نجاد أعلن حصول الجمهورية الإسلامية الإيرانية على تقنية تخصيب اليورانيوم بالليزر مشيرا إلى قرار طهران بإنتاج الوقود بنسبة 20 في المائة.

وجاء الإعلان أمس لدى افتتاحه معرض إنجازات التقنية الليزرية في طهران مؤكدا أنه أوعز لرئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي بإنتاج الوقود بنسبة 20 في المائة. وجاء ذلك الإعلان، الذي يعكس تصعيدا، بعد أيام من إعلان الرئيس الإيراني يوم 2 فبراير (شباط) الحالي استعداد إيران لتبادل الوقود النووي، وكذلك تصريحات منوشهر متقي وزير الخارجية باقتراب التوصل إلى اتفاق لحل المشكلة النووية. وفي إعلانه أمس شدد الرئيس أحمدي نجاد على أن إيران مستعدة لتبادل التعاون مع الدول الأخرى ولكن دون شروط مسبقة. وقال حسب وكالة أنباء «فارس»: «إن إيران حصلت على تقنية تخصيب اليورانيوم بالليزر ولكنها لا تريد استخدام هذه التقنية في الوقت الحاضر».

وأضاف قائلا: «إن استخدام الليزر في تخصيب اليورانيوم بإمكانه أن يزيد من سرعة التخصيب والدقة العالية في هذا المجال حيث يمكن تخصيب اليورانيوم بالنسبة التي يريدها البلد». وقال أحمدي نجاد: «الدول الكبرى بدأت تتلاعب بنا، ولو أنها بدأت أخيرا تبعث رسائل مفادها أنها تريد التوصل إلى حل».

وقال مخاطبا رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي الواقف إلى جانبه: «الآن، دكتور صالحي، ابدأ بإنتاج اليورانيوم (المخصب) بنسبة 20% بواسطة أجهزتنا للطرد المركزي». وكان أحمدي نجاد أكد في الثاني من فبراير الحالي أن «لا مشكلة» لبلاده في مبادلة الوقود، من دون أن يفصح عن شروطه.

وردت الدول الست بحذر على هذا الموقف، مطالبة إيران بـ«ترجمة أقوالها أفعالا».

بدوره، أعلن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أول من أمس أن الوكالة لا تزال تنتظر ردا من طهران.

وقال أحمدي نجاد أمس: «لا يزال باب النقاش مفتوحا، لم نغلقه»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن أي عملية تبادل بين طهران والدول الكبرى للحصول على وقود نووي يجب أن تكون «غير مشروطة».

وأكد من جهة أخرى أن طهران باتت تملك «القدرة على تخصيب اليورانيوم إلى أي مستوى بفضل تكنولوجيا الليزر» التي أضيفت إلى تكنولوجيا التخصيب بواسطة الطرد المركزي المستخدمة حاليا في إيران لإنتاج اليورانيوم ضعيف التخصيب. ولاحقا، أوضح صالحي أن الرئيس «طلب (من الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية) أن تكون مستعدة لإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين في المائة إذا لم توافق (الدول الست الكبرى) على التبادل». وقال: «حتى الآن، ثمة نوع من التفاؤل في المحادثات، لأن بعض البلدان تقدمت باقتراحات منطقية، ولكن لم يبق كثير من الوقت».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محلل غربي أن هذا الإعلان عبر التلفزيون «لم يشكل مفاجأة بحد ذاته لأن الرئيس سبق وأعلن في ديسمبر (كانون الأول) أن طهران ستأخذ هذا القرار» في حال رفضت القوى الكبرى تسليمها الوقود عالي التخصيب الذي تطالب به.

وأضاف هذا المحلل: «من الصعب أن نفهم لماذا اختار الرئيس الإيراني القيام بهذا الإعلان اليوم بينما كان يؤكد مطلع الأسبوع أن ليس لدى إيران مشكلة لتبادل اليورانيوم، وفي الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية منوشهر متقي الجمعة عن قرب التوصل إلى اتفاق بشأن هذا الملف».

كما اعتبر خبير غربي ثان مقيم في طهران أن إيران منذ رفضها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اقتراح الدول الكبرى الست بإرسال اليورانيوم ضعيف التخصيب إلى روسيا ثم إلى فرنسا لتحويله إلى يورانيوم عالي التخصيب «أعلنت مواقف متناقضة معتمدة التوافق يوما والتهديد يوما آخر».

وتابع أن «الموقف الإيراني يفتقر إلى التماسك، إلا أن القادة الإيرانيين يأملون التمكن من تأخير فرض عقوبات دولية محتملة عبر السعي إلى بث الفرقة بين القوى الكبرى الست من دون أن تتخلى عن برنامجها النووي».

من جهته، قال المحلل الإيراني المستقل في طهران محمد صالح صدقيان إن «أحمدي نجاد يسعى إلى الضغط على الغربيين خصوصا الأميركيين منهم في حين أن متقي يتناقش معهم ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». كما قال مدير صحيفة «القدس» المحافظة غلام رضا قلندريان حسب وكالة الصحافة الفرنسية «الغربيون رفعوا الصوت عاليا بعد تصريحات الثاني من فبراير معتبرين أن إيران غيرت موقفها، إلا أن هذا غير صحيح». وأضاف أن طهران لا تزال مستعدة للتفاوض «إلا أن الغربيين عندما يتكلمون عن عقوبات فإن إيران ترفض الأمر وتعلن عن مواصلة برنامجها النووي».

وقال محلل غربي آخر إن على الرئيس الإيراني أن «يتحاور مع قسم من النظام يرفض أي تنازل في هذا الملف»، معتبرا أن هذه النقطة تزيد من «الارتباك الكبير» في المواقف الإيرانية.

وبعد ساعات على إعلان متقي الجمعة أن اتفاقا مع الدول الست «بات قريبا»، اتهم رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، المقرب من المرشد علي خامنئي، والمعروف بعدم حماسته للتوصل إلى اتفاق، الغرب بالسعي إلى «خداع طهران لانتزاع اليورانيوم المخصب منها».

وفي روما حث وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أمس القوى العالمية على العمل معا لممارسة مزيد من الضغط على الحكومة الإيرانية لكبح جماح برنامجها النووي. وقال غيتس خلال زيارة لروما إن العقوبات التي تستهدف الحكومة الإيرانية يجب أن تكون لها فعالية قصوى. وأضاف أن هناك توافقا دوليا لتجنب تعريض الشعب الإيراني لصعوبات أكثر من اللازم. وأضاف غيتس الذي ناقش القضية الإيرانية مع الزعماء الإيطاليين أن رد فعل طهران على مبادرات الولايات المتحدة والمبادرات الغربية كان مخيبا للآمال بشدة.

وقال في مؤتمر صحافي بروما مع وزير الدفاع الإيطالي: «إذا وقف المجتمع الدولي معا وضغط على الحكومة الإيرانية فإني أعتقد أنه سيكون هناك وقت كي تؤتي العقوبات والضغط ثمارهما». وتابع: «ينبغي لنا أن نعمل معا.. أعتقد أننا نستطيع جميعا بذل المزيد» دون أن يذكر دولا بالاسم.

وأحجم غيتس عن تحديد نوعية العقوبات التي يجب فرضها على إيران إذا رفضت التراجع، لكنه صرح للصحافيين قائلا: «من الممكن أن ينطوي تركيز الضغوط على حكومة إيران لا على شعبها على فرصة أكبر لتحقيق هذا الهدف». وأضاف: «رأينا ما يحدث داخل إيران»، في إشارة إلى تنامي احتجاجات الإيرانيين ضد الحكومة.

من جانبها قالت الحكومة البريطانية أمس إن خطط إيران إنتاج وقود عالي التخصيب لتشغيل مفاعل نووي ستخرق خمسة قرارات لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان: «الأنباء التي تفيد بأن إيران تخطط لتخصيب قدر من وقودها إلى مستوى 20 في المائة من التخصيب تثير بكل وضوح قلقا بالغا». وأضافت: «هذا سيمثل خرقا متعمدا لخمسة قرارات للأمم المتحدة. سنحتاج إلى التفكير مليا في ردنا بالاشتراك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وآخرين».