الرئيس الصومالي يعين مبعوثا خاصا إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ 20 عاما

الصومال: شكوك متزايدة حول قدرة الحكومة على فرض سيطرتها على مقديشو

صوماليون من مدينة بلد شمال العاصمة مقديشو ينتظرون افتتاح مركز لتوزيع اللحوم تحت سيطرة حركة الشباب الإسلامية (رويترز)
TT

رغم أن السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد تروج منذ أربعة أشهر على الأقل لاعتزامها القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة السيطرة على العاصمة الصومالية مقديشو، فإن مصادر عربية وصومالية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إنه لا توجد على الأرض أية استعدادات حقيقية للقيام بعملية من هذا النوع.

لكن مصدرا عربيا واسع الاطلاع في مقديشو قال لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة الانتقالية تعاني من مشاكل مالية وإدارية كبيرة من شأنها إعاقة القيام بعمل عسكري كبير لطرد المتمردين الإسلاميين إلى خارج تخوم العاصمة. واعتبر أن الحديث الحكومي المتكرر عن عملية عسكرية وشيكة هو من قبيل التمنيات فقط، وقال «المطلوب توافر قوات عسكرية تستطيع الحفاظ على أية مواقع أو أراض تتمكن من احتلالها، وهذا لا يتوافر.. القوات الحكومية تضم عناصر غير متجانسة».

وأضاف «الموقف قلق ولا يستطيع أحد حسمه، إذا كان مطلوبا السيطرة على مقديشو ينبغي توافر قوات حكومية مدربة وتحظى بدعم من القوات الأفريقية»، لافتا إلى أن القوات الأفريقية قامت أخيرا بعملية انتشار محدودة لكنها سرعان ما عادت إلى مقارها. وقال «الحكومة الآن تدافع فقط عن مواقعها الحالية ولا تستطيع الحصول على مواقع جديدة، وإلى الآن ليس في مقدور الحكومة تحقيق أي نصر حاسم على المتمردين».

ولفت إلى انشغال قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، التي تضم نحو أربعة آلاف مقاتل من بوروندي وأوغندا، بالحفاظ على المواقع الثلاثة التي تتولى حمايتها (مقر الرئاسة والمطار والميناء)، مشيرا إلى أن هذه القوات لا تنتشر في شوارع مدينة مقديشو وتكتفي بالتواجد داخل مقار حصينة.

من جهة أخرى عين الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد، أمس، مبعوثا خاصا له إلى الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى إعادة العلاقات بين البلدين. وتم تسمية أبو بكر عرمان، مبعوثا رئاسيا خاصا إلى واشنطن.

وفي حال موافقة واشنطن تعيين عرمان بوصفه مبعوث الرئيس الصومالي الخاص إلى الولايات المتحدة، فإنها ستصبح أول مرة تعترف واشنطن بمبعوث صومالي يتم تعيينه من قبل الحكومات الانتقالية الصومالية المتعاقبة منذ عام 1991.

ويعني تعيين عرمان كمبعوث صومالي جديد لدى واشنطن بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة والصومال، وقضى عرمان، 49 عاما، معظم حياته في الولايات المتحدة، ويحمل جنسيتها، وهو ناشط بارز في أوساط الصوماليين في المهجر وخاصة الولايات المتحدة. ويأتي تعيين عرمان في الوقت الذي تدرس فيه الحكومة الصومالية إغلاق سفاراتها لدى عدد من البلدان الأوروبية، ومناطق أخرى بسبب عجز مالي.

وكان وزير الخارجية الصومالي، علي جامع جنيغلي، قال «إن حكومته غير قادرة في الوقت الراهن على دفع تكاليف تلك السفارات، بسبب المتاعب والظروف الاقتصادية التي تعاني منها الحكومة الانتقالية».

وقد أبدت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة باراك أوباما اهتماما ملحوظا بالوضع في الصومال وبحكومة الرئيس شريف شيخ أحمد. وخلال العام الماضي قدمت واشنطن مساعدات عسكرية للحكومة الصومالية بلغت 40 طنا من الأسلحة والذخيرة بقيمة 10 ملايين دولار. كما عرضت واشنطن في الوقت نفسه استعدادها لتدريب قوات الأمن الصومالية وتقديم مساعدات لوجستية أخرى. ومنذ مجيء الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد إلى السلطة، قررت الإدارة الأميركية التعامل مباشرة مع السلطة الرسمية الصومالية التي تراها واشنطن أفضل فرصة لتحقيق السلام والمصالحة والاستقرار في الصومال حسبما جاء على لسان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية جوني كارسون أكثر من مرة.

على صعيد آخر اتهمت الحكومة الصومالية إريتريا بمواصلة تسليح مقاتلي الفصائل الإسلامية المعارضة، على الرغم من العقوبات التي فرضها عليها مجلس الأمن الدولي لعرقلتها جهود السلام في الصومال. وذكر وزير الإعلام الصومالي، طاهر محمود جيلي، أن لدى حكومته أدلة قوية تظهر بأن إريتريا تواصل إمداد متمردي الفصائل الإسلامية المعارضة بالمال والسلاح في قتالهم للإطاحة بالحكومة الانتقالية. وأضاف جيلي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «حركة الشباب تحصل على مساعدات عسكرية من الأسلحة والذخائر، وغيرها من المعدات العسكرية من إريتريا التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي حتى بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي». وأضاف جيلي «إريتريا وتنظيم القاعدة يؤججان الأزمة في الصومال عن طريق إرسال مساعدات وشحنات عسكرية للجماعات المتمردة، ويتم استيراد تلك الأسلحة في ميناء كيسمايو (500 كم جنوب العاصمة مقديشو) الذي يسيطر عليه مقاتلو حركة الشباب».

واتهم جيلي إريتريا بانتهاك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على الصومال في عام 1992، وكان مجلس الأمن الدولي قد فرض عقوبات علة أسمرة في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تتضمن حظرا على استيراد الأسلحة وفرض عقوبات أخرى على شخصيات قيادية وعسكريين في الجيش وتجميد أرصدة شركات ستحددها لجنة قائمة للعقوبات. وكانت لجنة الأمم المتحدة لتسجيل مخالفات الحظر المفروض على الصومال قد قالت قبل صدور القرار إن إريتريا ترسل بالذخائر وتقدم دعما في الإمداد والتموين للمسلحين الإسلاميين في الصومال.

ودعا وزير الإعلام الصومالي المجتمع الدولي إلى الضغط على إريتريا وإجبارها على التخلي عن مساعدة المتمردين الذين يقاتلون من أجل إسقاط الحكومة الصومالية، كما طالب بتقديم المساعدات اللازمة للحكومة الصومالية لتتمكن من إعادة الاستقرار والأمن في البلاد، وتهزم من وصفهم بالإرهابيين.