المالكي يلغي الجلسة الاستثنائية للبرلمان.. وهيئة التمييز تستمر بالنظر في الطعون

الدملوجي عضو القائمة العراقية لـ الشرق الأوسط»: نأمل أن لا يكون القضاء كماشة بيد السياسيين

المالكي يتحدث خلال اجتماع مع زعماء قبائل في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

سحب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس دعوته لعقد جلسة استثنائية للبرلمان لبحث قرار هيئة التمييز السماح بمشاركة مرشحين مستبعدين في الانتخابات النيابية، بعدما قررت الهيئة النظر في ملفاتهم مباشرة، وجاء في الرسالة التي وجهها المالكي للبرلمان: «إن مباشرة هيئة التمييز النظر في الطعون المقدمة ينفي الحاجة لعقد جلسة استثنائية».

وكانت هيئة المساءلة والعدالة التي حلت مكان هيئة اجتثاث البعث رفضت طلبات 517 مرشحا بتهمة الانتماء أو الترويج لحزب البعث المنحل والمحظور دستوريا، لكنها عادت ووافقت على قبول 59 منهم، غير أن الهيئة التمييزية المكونة من 7 قضاة وصادق عليها البرلمان، قررت السماح للمرشحين المستبعدين بالمشاركة في الانتخابات على أن تنظر في ملفاتهم بعد انتهاء عملية الاقتراع.

وجاء في رسالة المالكي «نشكر رئاسة ونواب البرلمان لاستجابتهم لعقد الجلسة الاستثنائية التي دعونا إليها»، وكان رئيس البرلمان إياد السامرائي دعا الخميس إلى جلسة استثنائية للبرلمان أول من أمس بناء على طلب المالكي لمناقشة قرار هيئة التمييز السماح بمشاركة مرشحين مستبعدين في الانتخابات، قبل أن يقرر مجلس النواب تأجيلها إلى أمس الاثنين، واعتبر المالكي في رسالته أن القرار السابق لهيئة التمييز بتأجيل النظر في الطعون إلى ما بعد الانتخابات شكل «تهديدا للعملية السياسية والتجربة الديمقراطية».

وكان بيان صدر عن مكتب المالكي السبت بعد اجتماع عقدته الهيئات الرئاسية الـ4، رئاسة الجمهورية والوزراء ومجلس النواب، ورئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود، خرج باتفاق على ضرورة «حسم ملف المستبعدين وفق القانون وتقديم الإيضاحات إلى الهيئة التمييزية، على أن تنجز الهيئة التمييزية مهامها في موعد لا يتجاوز بدء الحملة الانتخابية» المقرر انطلاقها في 12 من الشهر الحالي.

وأثار قرار هيئة المساءلة والعدالة استياء العرب السنة الذين يعتبرون أنفسهم مهددين بمزيد من التهميش والإقصاء مما قد يؤدي إلى إرباك عملية المصالحة الوطنية التي تشدد واشنطن عليها بشكل دائم، بدوره، أكد علي اللامي مدير هيئة المساءلة والعدالة لوكالة الصحافة الفرنسية أن «معظم المرشحين الذين شملهم قرار الهيئة قد استبدلوا بآخرين، من قبل كياناتهم السياسية والطعون التي يجري بحثها الآن تتعلق بـ177 مرشحا فقط».

وبلغ عدد الذين شملهم قرار هيئة المساءلة الذين قدمت أسماؤهم إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في وقت سابق، نحو خمسمائة. بدورها، أعلنت هيئة التمييز رجوعها عن قرار تأجيل النظر في الطعون المقدمة إليها إلى ما بعد الانتخابات، وفقا لمصدر برلماني. وأوضح أن مجلس النواب تلقى رسالة من هيئة التمييز جاء فيه أن «الهيئة عادت عن قرارها السابق بتأجيل النظر في الطعون المقدمة إليها، وقد باشرت الهيئة النظر بالاعتراضات».

وأكدت الهيئة أن المجال أصبح رحبا لرؤية الاعتراضات بعد تأجيل الحملة الانتخابية إلى 12 فبراير (شباط) الحالي.

وأفرز قرار الهيئة التمييزية ردود فعل مختلفة في الأيام القليلة الماضية، وعبرت ميسون الدملوجي عضو القائمة العراقية، عن أملها باستقلالية القضاء العراقي ومهنتيه العالية وحرصه على مستقبل العراق، موضحة لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل أن لا يكون القضاء كماشة بيد السياسيين» مضيفة «أن هيئة التمييز ستنظر بملفات المبعدين بحيادية وبما يتطلبه القانون والدستور».

وحول تصريحات بعض المسؤولين التي طالبت البعثيين في دوائر الدولة بعدم الذهاب إلى مقار عملهم شددت الدملوجي «أولا أنا أحيي من خرج بالمظاهرات التي نددت بالبعث المحظور وأقف معهم في هذا التوجه، ولكن يجب أن أنبه المواطن العراقي إلى أن بعض السياسيين يريدون إلهاءهم عن القضايا الرئيسية التي تمسهم سيما فيما يتعلق بالبطالة وتردي التعليم والوضع الأمني المتردي» مطالبة «بأن يكونوا حريصين وأن لا يستسلموا للخدع التي يسوقها السياسيون إليهم في الوقت الراهن». وكان محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق قد أكد في كلمة ألقاها خلال مظاهرة حضرها أمام مقر مجلس محافظة بغداد «لا بد للبعث أن يأخذ جزاءه ولا يمكن السكوت على الخروقات التي تحدث في الدستور العراقي»، وقال أيضا: «إن البعثيين يريدون العودة إلى الواجهة مرة أخرى باسم الديمقراطية وهذه جولة أخرى مع البعثيين الذين ما زالوا يعملون ولديهم قنوات إعلامية، متهما مجلس النواب بالتراخي عن تطبيق قانون (المساءلة والعدالة)». من جانبه، أكد رشيد العزاوي، النائب عن جبهة التوافق وعضو لجنة المساءلة والعدالة في البرلمان، أن المدة مفتوحة أمام الهيئة التمييزية للنظر في الطعون المقدمة لها، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» «لم يحدد للهيئة وقت معين للانتهاء من ملفات المبعدين، فمن الممكن أن تستغرق وقتا أطول من الفترة التي حددت الخميس المقبل» مضيفا «فمن الممكن الانتهاء من عملها يوم الخميس، أو تحتاج إلى أن يمدد الوقت» وفيما إذا بدأت الحملة الانتخابية والهيئة التمييزية لم تكمل النظر بالملفات قال العزاوي: «إن المفوضية سوف تفتح المجال أمام المصادقة على أسمائهم من أجل البدء بالحملة الانتخابية المقرر إجراؤها في 12 من الشهر الجاري، على أن يبقى الآخرون (المشمولون بالإبعاد) لحين البت في قضاياهم» وحول المطالبة بإبعاد البعثيين من دوائر الدولة بحسب تصريحات محافظ بغداد شدد «ليس من صلاحيات محافظ بغداد إقالة أي موظف على اعتبار أنه جهة تنفيذية، تنفذ ما تقرره الجهات الأخرى (هيئة المساءلة والعدالة ومجلس المحافظة ومجلس النواب)» معتبرا تلك التصريحات «غير مدروسة سيما التصريحات التي أطلقها محافظ البصرة وبغداد» وطالبهم «بالالتزام بالقانون والدستور، سيما أن الجهة الكاشفة (المساءلة والعدالة) هي المسؤولة عن هذا الأمر» مبينا «أن القانون لا يشمل أعضاء الفرق الذين كانوا ينتمون إلى البعث المنحل بعد الانخراط بدوائر الدولة، إنما القانون يؤكد استمرارهم بالعمل على أن لا يتولوا منصب مدير عام فما فوق، أما فيما يخص أعضاء الشعب فيحالون للتقاعد ويبقى الذين يستثنون من هذا كله من قبل وزاراتهم المختصة والتصديق على طلباتهم من قبل مجلسي الوزراء والبرلمان».

ووافقت الهيئة على طلب الرئاسات الثلاث القاضي بالنظر في الطعون المقدمة من قبل المشمولين بقرارات هيئة المساءلة والعدالة قبل موعد انطلاق الحملة الدعائية للمرشحين للانتخابات الجمعة المقبل، وباشرت الهيئة عملها اليوم فعلا بمراجعة اغلب الطعون التي تقدم بها المرشحون المشمولون بإجراءات «المساءلة والعدالة». إلى ذلك قال المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني فرياد رواندوزي لـ«الشرق الأوسط»: «إن الكيانات السياسية قد أخذت درسا من قرارات الهيئة التمييزية، وإنها لن ترشح بعد الآن أسماء مشكوكا بها لدخول البرلمان العراقي الذي هو أعلى مركز للقرار السياسي»، وأضاف «هذه الكيانات قد تأكدت الآن باستحالة دخول البعثيين علانية إلى البرلمان العراقي أو الجهر ببعثيتهم، وهذه الخطوة من الهيئة التمييزية قد ضيقت الخناق على البعثيين من إمكانية عودتهم إلى مراكز القرار السياسي في العراق»، مشيرا إلى أن مفوضية الانتخابات ستدقق في المستقبل أيضا في كل الأسماء التي ترد إليها لتتأكد من عدم شمول أصحابها بإجراءات الاجتثاث.